مع أسئلة القراء، رغم شتائم البعض
لعل أهم ما يواجهنا اليوم في حقل الدراسات اللاهوتية هو الآتي:
1- انعدام المنهج اللاهوتي الآبائي.
2- عدم توافر الكتب الدراسية الأرثوذكسية.
3- الدفاع المستميت عن بقايا لاهوت العصر الوسيط الذي يكاد يقتل الحياة الأرثوذكسية.
ولست أظن أنني قادرٌ – وحدي أو غيري منفرداً – على مواجهة سد هذه الاحتياجات: المنهج، والكتب الدراسية الأرثوذكسية؛ لأن هذا سوف يستغرق حياة هذا الجيل، وكذلك الجيل الذي تكوَّن خلال أزمات صدام التعليم الآبائي مع تعليم العصر الوسيط.
بارقة أمل
عندما أقرأ بعض ما يكتبه الجيل الجديد أحس بسعادة بالغة؛ لأنهم يسألون ذات الأسئلة التي كانت تواجهنا منذ ربع قرن، وتعذَّر الإجابة عليها في حينها بسبب المناخ العام الذي ساد الكنيسة، لكن هذه الموجة العارمة بدأت تنحسر الآن أمام كل بحث رصين، خصوصاً بعد توفر المراجع.
تصحيح ضروري
سؤال ورد من أحد الإخوة الذي لم يذكر اسمه، ولكن السؤال جدير بالاهتمام، يقول: أليست المحبة والرحمة من صفات الله؟ فإذا كانت المحبة – كما يقول كاتب هذه السطور أزلية، فالرحمة أيضاً أزلية، وإذا حاولنا أن نضع الرحمة – كصفة – في موضع أقل من صفة المحبة، دخلنا في نفق مظلم؛ لأنه – حسب عبارته – لا بد من تفعيل صفات الله الأزلية ..... إلخ لكي يكون الله أزلياً ..... إلخ
سؤال جيد، ولكنه يحتاج - قبل الإجابة - إلى تصحيح أكبر الأخطاء اللاهوتية التي وقع فيها جيلٌ يعتقد أن الله هو جوهر + صفات = الثالوث.
ودون أن نخوض في موضوع سبق نشره ودراسته، فقد كان أستاذنا الكبير د. وهيب عطا الله – الأنبا غريغوريوس هو صاحب العبارة المشهورة: "الأقانيم هي صفات جوهرية، بدونها تنعدم الذات الإلهية". وكان أستاذنا من الذين يفكرون جيداً ولا يتراجعون عن أصغر العبارات إلاَّ بعد اقتناع ... ومع حوار امتد لأكثر من عشر سنوات قدَّم د. عدلي شرابي أحد تلاميذ الأنبا غريغوريوس رسالة دكتوراه عن أقانيم الثالوث – لم أطلع عليها – وإن كان حوارٌ قصيرٌ مع الدكتور عدلي أمدَّني بالإحساس بأن أستاذنا العظيم الأنبا غريغوريوس بدأ يُعيد النظر فيما قاله من قبل.
ولعل أستاذنا الأنبا غريغوريوس الذي حرص على كتابة مذكراته يكون قد ترك لنا شيئاً يلقي الضوء على تصحيح أكبر الأخطاء اللاهوتية؛ لأن الآب ليس صفةً، ولا الابن أيضاً، وكذلك الروح القدس. هذه أسماء الأقانيم في الوحي نفسه، لا نملك أن ندرسها إلاَّ من خلال منهج الآباء الذين كتبوا في الثالوث، وبالعودة الدائمة إلى الكتاب المقدس.
ما هو الفرق بين صفة أو صفات معينة، وأقنوم
الأقنوم هو كيان متمايز خاص يشترك مع غيره من الأقانيم في كل صفات الجوهر الإلهي. وعندما استخدم الآباء مصطلح أقنوم Hypostasis كان لديهم الحس الروحي بالوجود والكينونة الذاتية للآب والابن والروح القدس. هذا الوجود لا يضاف إلى شيء اسمه الجوهر، فليس الثالوث هو أقانيم + جوهر = الثالوث
بل، الثالوث هو أقانيم تشترك في ذات الجوهر الإلهي الواحد. فالجوهر لا يضاف إلى الأقانيم؛ لأن الأقانيم تشترك في الجوهر الواحد، ولذلك جوهر اللاهوت أو حسب تعبير القديس بولس "ملء اللاهوت" الذي للابن هو ذاته للآب والروح القدس.
هذا يضعنا أمام حقائق هامة خاصة بالخلاص:
أولاً: الآب أرسل الابن. وهنا بنوة الابن الأزلية هي علاقة خاصة في الجوهر الواحد، شرحها معلمنا العظيم القديس أثناسيوس في المقالات الأربع ضد الأريوسية، فالابن له علاقة خاصة بالآب "هو مولود من الآب قبل كل الدهور" (قانون الإيمان)، أو حسب تعبير الرب نفسه "أنا منه لأني أعرفه" (يو 7: 29). هو رأى الآب، وهو والآب واحد (يو 20: 30).
هذا ضروري جداً للإيمان بالخلاص؛ لأن البنوة الأزلية هي التي سمحت لنا أن نكون أبناء الله (يو 1: 12)، فهي شركة في حياة الأقنوم الثاني، ومنها وفيها شركة في أقنوم الآب والروح القدس. هنا بالذات نحن لسنا أمام شركة في صفة من صفات الله.
والضجة والعاصفة التي أثيرت حول موضوع "الشركة في الطبيعة الإلهية" لا سبب لها إلاَّ أنهم لا يريدون أن يقبلوا أنها ليست شركة في صفات الله، بل هي شركة من خلال الابن الأقنوم المتجسِّد ومخلِّص الكنيسة. هذا الأقنوم هو "ابن محبة الآب"، والمحبة لا يمكن أن تبقى كمحبة إذا حدث ذوبان أو ابتلاع أو تلاشي على طريقة أوطاخي. المحبة تحفظ التمايز؛ لأن الآب والابن والروح القدس لا يتمايز أي منهم بصفة من صفات الجوهر مثل القدرة – المعرفة – الحكمة .... إلخ بل كلٌ منهم يتمايز بالصفة الأقنومية: الأبوة للآب – البنوة للابن – الانبثاق للروح القدس (رسالة القديس باسيليوس إلى أمفلوخيوس)، وتمايز الأقانيم يمنع حصول الإنسان على صفات جوهر الله؛ لأن شركتنا في الله حسب التعبير السائد عند الآباء هي اتصال محدود Schetikos أي شركة محدودة. وحدود هذه الشركة هي ذات حدود التجسد الإلهي للابن؛ لأن ما نُقِلَ من حياة إلهية من أقنوم الابن إلى ناسوته هو ميراثنا الأبدي، وهو بالتحديد:
الخلود
عدم الألم
عدم الفساد
معرفة الآب
وهذا هو سبب القيامة (العامة) في اليوم الأخير التي مصدرها قيامة المسيح يسوع ربنا.
ثانياً: المحبة علاقة خاصة داخل الجوهر الإلهي، هي علاقة الآب بالابن وبالروح القدس (راجع مثلاً رو 5: 5 ونلاحظ أن كلمات الرسول هنا هي التي جعلت القديس أغسطينوس يصف الروح القدس بأنه هو روح المحبة).
أمَّا الرحمة، فكما ذكرنا في موضع آخر هي علاقة الثالوث بالخليقة، هي علاقة خارجية من الثالوث تنسكب في الخليقة؛ لكي تحفظ الخليقة وتقودها نحو التجديد، بل هي عنصر أساسي في فداء البشر.
هنا عندما نميِّز بين علاقة أقنومية هي المحبة، وعلاقة خارجية هي الرحمة، فهذا لا يؤدي إلى "نفق مظلم"، ولكن علينا أن ندرك أن:
1- الآب لا يرحم الابن .... هذا تجديف.
2- لكن الآب يحب الابن، وهو "الابن الوحيد والمحبوب". هذه علاقة أقنومية أعلنت الآب والابن والروح القدس.
3- مع هذه العلاقة الأقنومية أُعلنت الرحمة كعلاقة الثالوث بالخليقة كعلاقة خارجية.
الله حرٌ لا يخضع للطبيعة
عندما نتحدث عن طبيعة الله، يجب أن يكون واضحاً أن الله لا تحكمه طبيعة يعمل من خلالها. وإذا لم يكن - في الأزل - لم يوجد من يحتاج إلى رحمة الله، فهذا لا يجعل الرحمة صفة معطلة؛ لأن هذا التصور خاص بنا وبالخليقة التي تعمل حسب "حدود الطبيعة".
أولاً: نحن كبشرٍ لنا طبيعة "معطاة"، أو "وُهِبَت" لنا طبيعة، فهي منحة، ونحن لا نملك أن نحيا خارج حدود هذه الطبيعة؛ لأن الوجود خارج هذه الطبيعة هو التعدي.
ثانياً: إننا كبشرٍ نذوق من آنٍ لآخر تسلط الطبيعة البشرية علينا، وخضوعنا لقوانين هذه الطبيعة هو ضرورة حتمية. فقد ترك القديس يوحنا القصير الدير وأراد أن يكون ملاكاً، ولكن الطبيعة أعادته إلى الدير لكي يأكل ويطلب الغفران. والقصص التي تروى عن النساك في بطولة إخضاع الطبيعة والتفوق عليها مثل عدم النوم أو الانقطاع عن الطعام تؤكد - رغم بطولة هؤلاء الآباء - أن الطبيعة تنتصر أخيراً.
لكن الله ليس له طبيعة "معطاة"، بل هو حر، وحرية الله – كما نعرفها من كتابات الآباء غريغوريوس النيسي والنزينزي وغيرهما – ليست حرية من يتفوق على طبيعته، بل هي حرية مَن هو كائن حر أزلي. كل أقنوم له ذات الطبيعة الإلهية، ولا يوجد فرق بين الأقنوم والطبيعة؛ لأن الطبيعة لا توجد بدون الأقانيم، ولا تضاف الطبيعة إلى الأقانيم، ولا تحدد حرية الأقانيم. هذه مسألة صعبة علينا، ولكن - حسب رؤية آباء القرن الخامس بالذات وما بعده مثل مكسيموس المعترف، وقبله القديس كيرلس الكبير – الطبيعة مُعلنة في الأقانيم، ولا تعلن الطبيعة الأقانيم؛ لأن الإنجيل ليس إعلان طبائع أو طبيعة، بل إعلان المحبة الأقنومية للثالوث هو إعلان لأقانيم. لذلك كل كلام عن "تفعيل صفات الله" هو في الحقيقية كلام عن طبيعة يخضع لها الله، ولها صفات تُلزم الله بالتصرف بشكل يناسب هذه الطبيعة أو لا يتعارض معها.
الطبيعة والإنجيل
هنا نأتي إلى سلسة من الأخطاء العقائدية وقع فيها لاهوت العصر الوسيط، وهي البحث عن الوسيلة التي ترضي طبيعة الله مثل تقديم فدية عن الإنسان أو التعليم بأن خطية الإنسان غير محدودة وتحتاج إلى فادٍ غير محدود ...إلخ هذه كلها تصورات إله خاضع لطبيعة، وهي تصورات نابعة من الفكر السياسي الأوربي لعصر الإقطاع؛ لأن الجريمة التي تُرتكب ضد "الأمير" ليست مثل الجريمة التي تُرتكب ضد أي فرد عادي من أفراد الشعب Commener. هذا التصور رتَّب تصوراً للخطية صاعداً بها نحو الإلوهة نفسها، أي صارت الخطية "غير محدودة"، أي عملاً إلهيا يمتاز بأنه غير محدود، وصارت "العقوبة" هي محور الكلام عن الخلاص، وليس "فداء" الإنسان من الموت الذي ساد عليه بسبب عصيان الوصية (تجسد الكلمة لأثناسيوس الرسولي فصول 3 - 6). وهنا بالذات جاء موضوع غضب الله، وهو الموضوع الذي لا وجود له في قصة السقوط (تك 3: 1 - 22)، ولا نجد إشارةً واحدةً لهذا الغضب، بل يكتفي الله بطرد الإنسان (تك 3: 24)، بل يذكر سفر التكوين إن الله "حزن"؛ لأن "شر الإنسان قد كثر في الأرض وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير، فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسَّف في قبله" (تك 6: 5). وحتى الطوفان لم يجئ بسبب غضب الله – كما يدعي لاهوت العصر الوسيط – بل "لأني حزنت أني عملتهم" (تك 6: 6). بالطبع التصق الغضب مع العقوبة، ولكن الكتاب المقدس نفسه لا يذكر فكرة العقوبة حتى في الإصحاح السادس نفسه الذي سجَّل لنا الطوفان. بالطبع نحن هنا أمام تغيير للنص، ولكن حشر كلمات في النص، وإرغام النص أو إخضاع النص للتغيير هو الذي خلق النظريات التي سادت اللاهوت النابع من عصر الإقطاع.
إذن كيف نفهم الطوفان؟
الجواب – حسب النص – هو "حزن وأسف الله نفسه" الذي يجعله يلاشي ما فعله دون غضب. هل هذا غضب؟ بكل تأكيد لا؛ لأن الغضب هو أن يفلت الزمام، وأن تثور العواطف وأن يدمر الغاضب ما لا يسره، ولكن نحن هنا أمام الخالق الذي – حسب إرادته – يريد أن يعيد ترتيب أوضاع الخليقة.
متى ظهر الغضب الإلهي في العهد القديم؟
الجواب الكتابي مع "العهد". وأول إشارة إلى الغضب الإلهي وردت في تث 3: 6 – 4: 21؛ لأنه، أي الغضب هو غضبي على الميراث (مز 78: 62)، وغضب على مسيح الرب، أي داوود؛ لأنه لم يسلك حسب وصايا الله، وهو ما ينجِّس العهد (مز 89: 38). وهذه هي رسالة سفر كامل، وهو سفر أشعياء الذي يذكر من دخل في عهد إسرائيل و"خان" إسرائيل العهد. ونحن هنا أمام خيانة شعب، وخطية شعب تعدَّى العهد، ومع هذا كله يقول ميخا النبي إن الله لا يحفظ غضبه إلى الأبد (ميخا 7: 18)، بل يقول الله لإشعياء "لأجل اسمي أُبطئ غضبي"، والترجمة الموحدة تقول "من أجل كرامة اسمي" (أش 48: 9)، بل يقول الله نفسه معلناً "محَّصتُكَ تمحيصاً كالفضة، وامتحنتك في كورة العناء (مصر)"، ولاحظ عزيزي القارئ "من أجل نفسي، من أجل نفسي أفعل هذا، لئلا يتدنس اسمي. وكرامتي لا أعطيها لآخر" (أش 48: 10 - 11).
ولذلك، وبسبب العهد يوصف الله بأنه بطئ الغضب (خر 34: 6 – أم 14: 29 – يونان 4: 2 – ناحوم 1: 3)، وبسبب العهد يقول المزمور في جرأة نادرة "إلى متى يا رب تغضب كل الغضب ... نجنا وأغفر لنا خطايانا من أجل اسمك" (مز 79: 9).
هل غضب الآب على الابن المصلوب؟
لا نجد عبارة واحدة تذكر غضب الآب على الابن، وحتى كلمات النبي أشعياء 53: 4 – 12 لا تذكر غضب الآب على الابن بالمرة، إذ لا ترد كلمة الغضب في الآيات التي تشير إلى آلام الرب يسوع:
"مجروح لأجل معاصينا"، كانت الجروح بواسطة الرومان.
"مسحوق لأجل آثامنا" لأنه احتمل الخزي وعار الصليب.
"تأديب سلامنا عليه" ، وهي في الترجمة الموحدة أدق بكثير "سلامنا أعده لنا"، ويظهر صدى ذلك في كولوسي 3: 15؛ لأن المسيح هو سلامنا.
وعدد 8 – حسب ترجمة الأمريكان مبهم جداً، إذ يقول: "من الضغطة ومن الدينونة أُخِذَ"، ولكن الترجمة الموحدة أفضل: "بالظلم أُخِذ وحُكِمَ عليه، ولا أحد في جيله اعترف به" (أش 53: 8). والحكم بالصلب جاء من بيلاطس وحنان وقيافا، وهو حكمٌ صدر ضد برئ وقدوس. وهنا لا تلتقي مشورة الله الأزلية بخطيئة بيلاطس وحنان وقيافا؛ لأن الابن المصلوب هو عند الآب الابن "المحبوب"، والمساوي له في كل شيء، بينما عند اليهود والرومان هو "فاعل شر"، بل "مجدِّف"، و "سامري وبه شيطان"، و "يُخرج الشياطين بقوة بعلزبول". الفرق ضخم جداً. لا يمكن أن يتساوى الآب مع اليهود والرومان. الهدف عند الآب هو خلاص الإنسان، وعند اليهود والرومان هو القضاء على عدو.
وغضب الآب على الابن هو خطأ لاهوتي فادح للأسباب الآتية:
أولاً: لأنه لم يرد عند الآباء جميعاً، ولا ذكره الرب يسوع، ولا الآباء الرسل.
ثانياً: يقسِّم أقانيم الثالوث إلى غاضب ومغضوب عليه، وهو أمن لا يستقيم بالمرة مع التعليم بوحدة الجوهر الواحد.
ثالثاً: لا هدف له ولا غاية منه؛ لأن خلاص الإنسانية لا يأتي من انقسام الثالوث.
رابعاً: تقديم الفدية لطبيعة إلهية غاضبة هو تعليم وثني لا أساس له في الأسفار الإلهية ولذلك يجب الإقلاع عنه.
هل دفع الابن المصلوب ثمن خطية آدم، أو هل صُلِبَ من أجل خطية آدم؟
هذه عبارة لا وجود لها في الأسفار المقدسة.
يقول رسول المسيح: "وأُعرِّفكم أيها الإخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به. المسيح مات لأجل خطايانا" (1كور 15: 1 - 3). وأيضاً "أُسلِمَ من أجل خطايانا" (رو 4: 5). ورومية 6: 1 – 14 يؤكد لنا أن المسيح مات من أجل خطايانا. وقد ذكر الرسول بولس آدم مرتين الأولى في رو 5: 12 – 21 والثانية في 1 كور 15: 22 – 25، ولكن الرسول لم يذكر إنَّ المسيح مات من أجل خطية آدم. إن عبارة مثل هذه، لو كانت جزءاً من الإيمان الرسولي لذكرها العهد الجديد. المسيح مات من أجل خطايانا جميعاً وليس من أجل خطية آدم وحده.
إن أي دراسة متأنية لرومية (5) سوف تكشف لنا أن المقارنة بين "خطية الواحد" التي جلبت الموت لا تقارن بموت وقيامة الواحد الذي جاء بفيض النعمة.
لماذا ولِدَ الرب من عذراء بغير زرع بشر؟
حسب تراثنا العقيدي والروحي الأرثوذكسي – الذي لم يأخذ بتفسير أغسطينوس الخاص بوراثة خطية آدم – وكما يقول القديس كيرلس الكبير وهو يجيب على سؤال هام "لماذا لم يأخذ جسده من زواج، فهو ليس ثمرة عرس، بل هو من العذراء الفائقة تجسَّد بالروح القدس حسب ما هو مكتوب قوة العلي تظللك (لو 1: 35)، فالله لم يحتقر الزواج، بل حفظ له بركةً خاصةٍ، لكن لماذا عندما تجسد الكلمة ولد من عذراء؟ تجسَّد بالروح القدس وليس من الزيجة؟ ... لقد جاء الابن وصار إنساناً لكي يحول طبيعتنا فيه هو، وابتدأ أولاً بالميلاد الذي جعله ميلاداً للحياة، فوُلِدَ هو أولاً من الروح القدس، وأنا أعني طبعاً جسده، لكي ننال نحن هذه النعمة، وتصل إلينا منه لكي نولد ليس من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله (يو 1: 13). وبالروح القدس تولد نفوسنا ميلاداً جديداً روحياً مشابهاً لميلاد ذاك الذي هو بالطبيعة وبالحق الابن، وبذلك ندعو الله أباً، ويؤهلنا هذا الميلاد الجديد أن نبقى في عدم انحلال؛ لأننا امتلكنا ليس طبيعة آدم الأول الذي فيه انحللنا (سقطنا)، بل طبيعة آدم الثاني ... ففيه قد وُلِدنا ميلاداً جديداً عندما نزل إلى حالتنا لكي يرفعنا إلى كرامته الإلهية ... هو أبوه، ولكنه أعطانا أباه السماوي كآب لنا كما هو مكتوب (يو 1: 12). أمَّا إذا أنكرنا – بسبب جهلنا – ميلاد كلمة الله الآب مثلنا بالجسد، والذي صار متقدماً في كل شيء (كو 1: 18) فعلى شبه من سوف نتجدد، ونولد من الله بالروح ..." (المسيح واحد – يناير 1987 ص 29 - 30).
هكذا ينظر الشرق إلى تجسد الرب نظرةً إيجابيةً، وهي تحوُّل الجنس البشري أو الطبيعة من آدم الأول إلى المسيح آدم الأخير؛ لأن الرب لم يأتِ لكي يعالج الخطية، أي المرض، بل الطبيعة التي أفرزت الخطية to treat the cause وهكذا يكتب معلمنا القديس كيرلس: "إن جسده، أي جسد الكلمة [باتحاد بلا افتراق] ... أعطانا نعمة البنوة، وأصبحنا نحن بذلك مولودين من الروح لأن فيه هو أولاً حصلت الطبيعة الإنسانية على هذا الميلاد الروحي ... وكما لبسنا صورة الترابي سوف نلبس صورة السماوي ... الإنسان الأول من التراب ترابي، والإنسان الثاني الرب من السماء، ولكن كما الترابيون مثل الترابي، كذلك سيكون السمائيون مثل السمائي (1كور 15: 49، 47، 48). ونحن ترابيون، فينا التراب من آدم الأول الترابي، أي اللعنة والانحلال ... ولكن نحن صرنا سمائيين، وأخذنا هذا في المسيح؛ لأنه هو بالطبيعة الله ... فوُلِدَ بالجسد من الروح لكي يجعلنا مثله ... ويصبح لنا بدايةً ثانيةً وأصلاً جديداً فيه" (المرجع السابق ص 31).
فداء الطبيعة الإنسانية في المسيح الابن المتجسد
لا زال الغموض يحيط بالطبيعة والأقنوم نظراً لعدم الاطلاع، وعدم الدقة في عرض تعليم الكنيسة الأرثوذكسية.
أولاً: أخذ المسيح له المجد الطبيعة الإنسانية = الجسد + النفس العاقلة. هذا تعبير عام عن التجسد، ولكن الجسد صار جسده، بمعنى أنه "تأقنم" بالاتحاد بكلمة الله الآب، فالجسد والنفس (معاً) ليسا أقنوماً إنسانياً يضاف إلى أقنوم الله الكلمة، بل الإنسان يسوع المسيح هو متأقنم أي له الوجود الإنساني الكامل، هو الإله الحق المتجسد الذي أخذ الناسوت، أو أخذت الطبيعة الإنسانية بدايتها من الاتحاد لا من الوجود البيولوجي الجسداني الذي ينشأ بالحبل والولادة – كما في حالتنا نحن – لأن بداية هذه الطبيعة الإنسانية لم تكن من الزواج، بل من الروح القدس. وقد استخدم الآباء منذ القرن الخامس في ردهم على كل من النسطورية والأوطاخية، وهي بدعة الطبيعة الواحدة(1 ) تعبيراً جديداً هو enhypostaton أي الكيان الذي لا وجود ذاتي له، ولكن نراه وندركه في الأقنوم؛ لأن الكلمة في en و hypostaton هي hypotasis وأقرب ترجمة عربية لها هي "تأقنم". واتحاد النفس بالجسد في الإنسان الواحد، أي الإنسان هو أقنوم مركَّب Composite وبالتالي الأقنوم الإنساني hpotasis sunthetos هو أقنوم مركب، ولكن النفس متأقنمة في الجسد، وكذلك الجسد، لكن الجسد لا وجود خاص له، وكذلك النفس لا وجود حقيقي خاص لها إلاَّ بالاتحاد بالجسد، ولهذا السبب صارت القيامة من الأموات هي رد الوجود الحقيقي للإنسان.
وعاصفة الاحتجاج على الشركة في الطبيعة الإلهية لها عدة مصادر بعضها غير مسيحي – سوف يجيء الوقت للكشف عنها – وبعضها ينطوي على عدم دراية وجهل بالتطور الدقيق في المصطلحات اللاهوتية الخاصة باتحاد اللاهوت بالناسوت، ولذلك نحيل القارئ إلى الفصل الثامن بالذات في كتاب الأب ما يندورف:
J.Meyendorff. Christ In Eastern Christian Thought.
فإذا لم يكن لنا وجود حقيقي بدون الله، ولا وجود خالد أبدي خارج المسيح، لذلك فإن تأقنم الإنسان بالشركة هو بكل يقين نمو الإنسان نحو عطايا الله الآب في الابن بالروح القدس مثل التبني(2 ) أو على نحو دقيق شركتنا في بنوة الابن، وهي شركة محدودة لأنها شركة تؤقنم الإنسان حسب مشيئة الله وليس حسب قدرة الإنسان، ومثال هذا التأقنم هو إنسانية المسيح يسوع ربنا,
هل نحن أقانيم؟
والجواب – بكل يقين – نعم؛ لأننا صورة الله ومثاله، وعبارة ابن عربي المشهورة التي أُخذت من المصادر المسيحية "الفرد فرد، ومتى أحب تأقنم"؛ لأن الوجود الحقيقي هو الوجود حسب المحبة، وهي قضية كبرى تنازل عنها العصر الوسيط في الكتابات اللاهوتية الرسمية، ولكنها ظلت حيةً مشتعلةً في كتابات النساك حتى في العصر الوسيط الأوربي نفسه مثل Meister Eckhart و Hadewijch ثم إلى الذروة في Anglus Silesius
وفي مصر يعد آخر معاقل لاهوت الآباء هو بولس البوشي أسقف مصر 1240 الذي تفضَّل الأب المستشرق سمير خليل اليسوعي بنشر مقالة في التثليث والتوحيد وصحة الديانة المسيحية – التراث العربي المسيحي – مجلد 4 – 1983م. وهذه بعض عبارات الأنبا بولس البوشي:
"إن الله لما خلق أبانا آدم، وجعله في الفردوس نهاه عن أن يأكل من عود المعصية ... قائلاً في اليوم الذي تأكل منه موتاً تموت ... وقول الله لا يكون باطلاً، بل كما إن الموت المحسوس افتراق النفس من الجسم؛ لأنه بافتراق الأفضل من الأدنى يكون الموت واقعاً بالأدنى. هكذا نفهم عن الموت المعقول أنه افتراق روح الله من نفس الإنسان، وهو أشد الموت وأشنعه ... فعند أكله من الشجرة نزع الله منه في ذلك الوقت روح قدسه وفرقها من نفسه التي بها كان سبب حياته المؤبدة (الأبدية) مع الله ... فمات بحق، ذلك اليوم الموت المعقول ... وهكذا نسله من بعده صائرون إلى التراب مثله" (المرجع السابق ص 210 - 231).
ملاحظة هامة
الأنبا بولس البوشي مثله مثل كيرلس الكبير وغيره من الآباء؛ لأنه يؤكد أن مفارقة الروح القدس هي "الموت الروحي"، أو "العقلي".
رداً على سؤال خاص بموت النفس
من الأنبا بولس البوشي ومن القديس كيرلس الكبير (راجع الخلاص كما شرحه القديس كيرلس – القاهرة – 2007 د. جورج حبيب بباوي) ندرك أن الموت حدث للنفس فعلاً وظهر ذلك في:
1- فقدان رؤية الله ومعرفته معرفةً حقيقيةً.
2- انقطاع الصلاة والتسبيح مع القوات السمائية.
3- عدم نمو الإنسان روحياً، وهو ما أثَّر على الجسد وجعله في وضع أضعف بكثير من النفس حسب عبارة الرب "الروح نشيط والجسد ضعيف".
لماذا لم يعد الإنسان إلى الفناء أو العدم؟
والجواب الصحيح هو صلاح الله، والإبقاء على الجنس البشري حتى يجيء المخلص ويرد الحياة الأبدية للبشر، ومن الموضوعات التي لم نرَ فيها بحثاً كاملاً أو دقيقاً هو نزول المسيح إلى الجحيم(3 ) الذي تعلنه صلوات كل الكنائس الأرثوذكسية؛ لأنه هدم قوات الجحيم، والجحيم ليست جهنم.
الأنبا بولس البوشي وتعليم الآباء
"وكل من أتى من نسل آدم ... لم يقدر أحد منهم بالجملة أن يوصل إلينا الحياة المؤبدة" (ص 214).
لماذا هذه الدقة؟
ويجيب الأنبا بولس البوشي:
"لكونها لم تكن في جوهره ...
لأن الحياة التي بها انتهاء لم تكن إلاَّ للذي بلا ابتداء ... ولم يكن كذلك إلاَّ الله الكلمة" (ص 214).
وهنا يجيب الأنبا بولس البوشي على سؤال عاصفة الحرب على الروح القدس، والشركة في الطبيعة الإلهية:
"فلم يكن كذلك إلاَّ الله الكلمة،
ولم يوصلها إلينا بلاهوته
لأننا لسنا من ذلك الجوهر الخالق الأزلي ولا نلائمه بشيء" (ص 215).
ماذا حدث إذن؟
"فشاء بتحننه أن يتجسد
واتحد بالجسد مع لاهوته
وأوصل الحياة المؤبدة إلى ذلك الجسد
ثم أوصلها إلينا كافة المؤمنين به
بالنسبة لذلك الجسد المأخوذ منا
... وهكذا خلَّص النفوس المعتقلة منذ البدء
التي تسلط عليها الشيطان بالمخالفة
فخلَّصها بالعدل لا بالقهر" (ص 216 - 217).
ولذلك لم يكن الدكتور هاني مينا يحارب عدل الله عندما كتب إنَّ أحد صفات العدل الإلهي أنه يخلِّص!!!
كيف جاءت الحياة الأبدية إلينا؟
يجيب بولس البوشي:
"ثم أوصل الحياة الأبدية للجسد المتحد به من البشرية بقيامته من الأموات
وأوصل إلينا نحن تلك الحياة
بالشبه الذي لنا مع الجسد المأخوذ من جنسنا ...
ثم زاد ... تفضله وشاء أن يجعل لنا الشركة والصلة مع ذلك الجسد المقدس ...
حتى تكون تلك الحياة المؤبدة التي صارت لذلك الجسد
تصير فينا بالكمال والحق طبيعية
فأعطانا أولاً روح القدس بالمعمودية ...
ثم بعد ذلك زادنا تفضلاً ...
فأعطانا جسده المحيي (يو 6: 51 - 52)
ثم عرفنا ما هو الخبز فقال:
والخبز الذي أنا أعطيه هو جسدي
حتى أنه زاد ذلك إعلاناً قائلاً
إن لم تأكلوا جسد ابن البشر
وتشربوا دمه ليس لكم حياة أبدية فيكم
وقوله فيكم يعني
أنها تصير في جوهركم
لا تكون خارجة عنكم ولا غريبة منكم
ولِمَ ذلك؟ فقال: لأن جسدي مأكل حق ...
وقوله مأكل حق؛ لأن لاهوته المتحد بجسده
هو قد اتحد بهذا الخبز المقدس وصيَّره بحقٍ لا بشبهٍ
ثم قال ما هو أعظم ... وكما أرسلني الآب الحي وأنا حيٌ من أجل الآب
كذلك من يأكلني يحيى من أجلي (يو 6: 57 الترجمة القبطية)
... فقال أولاً "الخبز المحيي" (يو 6: 51)
وعرفنا أن ذلك الخبز هو جسده بحق
ثم قال ثالثاً من يأكلني يعني أنه إله متجسد
ولم يفترق لاهوته من ناسوته
فمن ينال باستحقاق وإيمان
فهو يحل فيه
ويعطيه الحياة التي أعطاها للجسد المتحد به" (راجع ص 217 - 224).
ويؤكد الأنبا بولس بعد ذلك حقيقة قيامتنا بسبب قيامة الرب يسوع مؤكداً أنه لا توجد "قيامة عامة" حسب التعليم الشائع الآن، بل قيامة بالمسيح، وذلك بعبارة الرسول بولس: "قال الرسول: إنه عتيد أن يغير جسد ضعفنا ويصيِّره شبيهاً بجسد مجده، كفعل يده القوية الذي له يتعبَّد كل شيء (راجع فليبي 3: 21)، فإن لم يحل في الإنسان ما هو أشرف منه، وهو الروح القدس والسراير المحيية للإله الكلمة، فليس له نصيب ولا ميراث في تلك الملكوت المؤبدة" (ص 225 - 226).
الذين يأكلون الناسوت فقط
هم ليسوا فقط نساطرة – حسب عبارة أشهر نساطرة هذا الزمان: "يؤكل ولا يؤكل"؛ لكي ينفي اتحاد اللاهوت بنا ظناً منه أنه يوجد عاقل واحد يقول إن اللاهوت لا يؤكل، وعبارة الأنبا بولس البوشي عن كلمة الرب يسوع "جسدي مأكل حق"، تكفي، حيث يقول البوشي: "لأن لاهوته المتحد بجسده، هو قد اتحد بهذا الخبز المقدس وصيَّره بحقٍ لا بشبهٍ ..."
وفي نصٍ جميل، ربما يعود إلى ما قبل القرن العاشر يقول الأب صفرونيوس في أحد رسائله القصيرة عن تحول الخبز والخمر:
"نستدعي الروح القدس الذي كوَّن ذات الناسوت في رحم البتول والدة الإله، لا لكي يكون ناسوتاً جديداً؛ لأن للرب الواحد ناسوت واحد، بل لكي ينقل قوة حياة الله الكلمة إلى الخبز والخمر، وهي ذات قوة القيامة، وهي نفسها قوة الرب الذي تجلَّى على جبل طابور، والتي لم تكن نوراً مخلوقاً بل نور اللاهوت لأن النور كان أكثر بهاءً من نور الشمس حسب شهادة الأناجيل. وأمَّا الأكل، فهو شجرة الحياة؛ لأنه لا توجد وسيلة أخرى تُعطي لنا يقين التناول إلاَّ الأكل، فهو تنازل إلهي عظيم مثل تنازل الثالوث لكي يغسلنا في مياه الحميم الثاني الجديد أي المعمودية المقدسة. ونحن نقسِّم الجسد لا لكي نفصله، بل لكي يوزع ليس كأعضاء متفرقة مثل ذبائح العهد القديم، بل لكي يوزع جسداً كاملاً يعطي لنا الحياة الأبدية وغفران الخطايا والشركة في الطبيعة الإلهية، أي انتقال الطبيعة المخلوقة من العدم إلى نعمة الحياة الأبدية التي من الله الآب والتي لا تُعطى إلاَّ بواسطة الابن وبالروح القدس؛ لأن الروح القدس يفتح لنا كنوز التجديد وقوة الخليقة الجديدة التي أعطيت ميراث الحياة الأبدية في المسيح ...."
الشتائم
أحياناً أعيد رسالة الشاتم إلى مصدرها. لا رد على إنسان تجاوز أبسط وصايا المسيح، ولأن ما نكتبه هو للمسيح ومن أجل المسيح فلا مجال للشتائم بالمرة. ولكنني أقول لأكثر من إنسان ولا داعي لذكر الأسماء، إنني أتحدى أي إنسان يقتبس عبارة واحدة تمس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. ولكن للتاريخ، لم أكن أنا الذي بدأ بالهجوم على الأنبا شنودة، بل هو من وضع قائمة اتهامات كثيرة منها الجهل - عدم معرفة اللغة اليونانية التي لا يعرفها هو – عدم دراسة الآباء – محاربة لاهوت المسيح ...إلخ
استمرت هذه الحملة 25 سنة دون رد من جانبي حتى ظهر اسمي في مجلة الكرازة كواحد من اللذين انضموا إلى الأنبا مكسيموس، وأرسلت تكذيباً لم تنشره الكرازة، بل نشر وطني الدولي نفس التكذيب. ثم أُعيدت الاتهامات من جديد في كتب اللاهوت المقارن، ثم أُعيد نشرها بعد ذلك في "بدع حديثة". هكذا عشنا لنرى "البدع" تُحاكم في كتب، لا في مجامع، وبحكم يصدر من جانب واحد – دون حق الدفاع عن التعليم – دون أي فرصة للحوار ...
ومع ذلك لم أذكر كلمة واحدة عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بل كان كلامي كله موجهاً للأنبا شنودة، ولم أتهمه بالكفر كما أشاع الأنبا بيشوي، وكما رتبت بعض وسائل الإعلام في مصر لكي تقودنا جميعاً مثل قطيع من الغنم إلى مجزرة الاقتتال الداخلي.
وتبقى رسائل من يطلب الموت أو يصفني بالإلحاد ... إلخ تعبيراً يؤكد أننا لا نسعى وراء المسيح ... غفر الله للكل.
دكتور
جورج حبيب بباوي
ملحق
نزول الرب يسوع إلى الجحيم
قصيدة رقم 38 من أناشيد مار إفرام السرياني
(مجلد 13 آباء ما بعد نيقية ص 199)
أعددت عرشي في الجحيم
قام الميت وحطَّم عرشي.
يخافني كل إنسان، وأنا لا أخاف أحداً
الرعب والرعدة تأخذ الأحياء بسببي
السكون والسلام عند الأموات
ذُبِحَ إنسانٌ ونزل إلى الجحيم
فأخذها أسيرةً
لقد كنت أأسر كل البشر
أمَّا ابن الأسر الذي حاولت أسره
فقد أسرني
الذي أسرته قد تحرر
عاد إلى الفردوس
القرار
مباركٌ الذي أقام الأموات من الجحيم بالصليب
قرار نشيد 44 ص 208
لك المجد يا من باتضاعك تمجَّد آدم
وبموته قام آدم من الموت وعاد إلى الفردوس
قرار نشبد 46 ص 209 – 210
المجد لك يا من بانتصارك أخذنا قوةً
وبقيامته نتحدَّى الموت
المجد لك يا من بتواضعك قهرت الشيطان
وبتنازلك مجَّدت آدم الذي سقط
قرار نشيد 48 ص 211
المجد لك يا من بصليبك غلبت الشرير
وبقيامتك تمت لك الغلبة على الموت
قرار نشيد 65 ص 216
(بعد مراجعته على الأصل السرياني)
المجد لك يا من نزلت إلى العمق حيث آدم
وأصعدته من عمق الجحيم وأتيت به إلى عدن
قرار نشيد 67 ص 218
المجد لك يا من بذبيحتك فديتنا من اللعنة
وصار موته بدل كل موت
لكي يقيم الكل.
ولعل أهم ما يجب أن نردده مع مار إفرام هو قرار نشيد 37
مباركٌ الذي كسر شوكة الموت بصليبه
ولغة ما إفرام والرؤية اللاهوتية ليس لها علاقة بلاهوت العصر الوسيط الساتئد في كتابات قيادات كنسية معاصرة
قرار نشيد 39 ص 202
مباركٌ الذي جاء وحلَّ رباطات الخطية
لأن الرب يسوع لم يمت موت الخطاة، ولا دفع للآب فديةً، ولا قدَّم ترضيةً، بل خلَّص الأسرى، وفدى النفوس، وغلب الموت، هزم الجحيم، أعطانا الخلود.
(راجع دراسة الدكتور:
Thomas Bucnan: Blessed He Who Has Brought Adam From Sheol.ISBN 1- 59333- 228- 9 )
( 1) تعبير الكنائس الشرقية الأرثوذكسية هو "طبيعة واحدة متجسدة لله للكلمة"، وهو ليس التعبير الوحيد الذي استخدمه القديس كيرلس السكندري، بل هو واحد من عدة تعبيرات، ولكنه صار بمثابة مقياس للأرثوذكسية في الصراع ضد النسطورية. وقد قبل القديس يوحنا الدمشقي تعبير "طبيعة واحدة متجسدة"؛ لأن طبيعة المسيح الواحدة هي طبيعة حقيقية كائنة فعلاً لوجود حقيقي أو حسب تعبير يوحنا الدمشقي en atomw thewr oumene راجع Dialectic 3: 1021 المجلد 94 من مجموعة الآباء اليونانيين.
(2 ) نرجو من القارئ ملاحظة أن كلمة التبني ليست من مفردات العهد الجديد، بل حسب الأصل اليوناني uioV أي ابن ومنها جاءت كلمة uioqesia راجع رومية 8: 23 – غلا 4: 5 والأصح Sonship وفي القبطية وهي أدق ترجمة من الأصل اليوناني "البنوة" مثل روح البنوة.
(3 ) راجع قصيدة مار إفرام السرياني في آخر هذا الرد.
|