تقديم
لا جدوى للحديث عن الحرية، للعبيد. ولا جدوى لمن عَبَدَ الحروفَ والألفاظ من أي حديثٍ عن المتجسد. ولا جدوى من أي حديث عن المحبة المتجسدة لعاشقي الشريعة الذين جعلوا من الله شريعةً وقانوناً وطقوساً …إلخ تلك هي آلهة المصريين التي لم تجعل هؤلاء قادرين على رؤية أنفسهم، ولا على شق طريق الحياة نحو الحرية.
لقد حوَّل يسوعُ التعليمَ كله إلى جسده ودمه. وهذا التحوُّل هو ما يعطى لنا في الإفخارستيا؛ لأن التعليم لم يكن سوى يسوع. وكل مَن عاش حالة الفصام بين الكلمة والحياة، ليس مسيحياً، أو هو مجرد منتسبٍ للمسيح.
-1-
شغلني حضورُكَ
في قلبي
عن جسدي
وعن النومِ
والأكلِ
وصبيةٌ حولي
يرقصون
على طبول الحروف
-2-
لولا نعمة الألوهة،
ما أحببتُكَ
لولا جُودُكَ
بكيانِكَ
ما صار لي وجودٌ أبدي
-3-
يحاربون الألوهة
كمَن يحارب الماء
خوفاً من الغرق،
فيموت من العطش
-4-
موتى الطبيعةِ
على مزمار الكلماتِ،
يزحفون
عيونهم على الورق
يا رب الحياة المتجسد
لم تكتب كتاباً
قالوا للقدماء قولاً (العظة على الجبل)
وقلتَ أنت حياةً وفعلاً (أنا أقول لكم)
ولكن عبيدَ الحروفِ
أعادوكَ كلمات
مصطلحاتٍ،
وأدلة
ضاعت حريةُ المحبة
بين فصول قيل وقال
-5-
قالوا
التألُّه
يحوِّل الإنسانَ إلى إلهٍ
نسبوا الجهلَ للواهبِ
النعمةُ تحول المائتَ
إلى خالدٍ
والخلودُ ألوهةٌ
مَن خلَّده اللهُ بالنعمةِ
لا يصيرشمساً،
بل يبقى شعاعاً
-6-
قالوا
التألُّه
يجعل لنا وجوداً في كل مكان
يا لجهل الرعاع
وعورة الكذب
هل خلَّدنا اللهُ لنزاحمَ الله،
أم الكلُّ فيه
ليصير الكلُّ في الله
الكلِّ (1كور 15: 8)؟
-7-
حضورُكَ
يهب أقنومكَ حياةً
تلاميذُ الورق والحبر
خافوا من محبتكَ
جعلوكَ فكرةً
تصول وتجول
ومن الورق والكتب
والحبر
بنوا مذابحَ
ذبحوا عليها
معارضيهم
-8-
لازلت غير متجسِّدٍ
في واقع الإنسانية الأليم
رغم أنك تجسدتَ
منذ ألفي عام؛
فقد تحوَّلتَ إلى عقائد
صِيغَت في قوالب،
فصارت حياتُكَ
أفكاراً في كتب
-9-
أخذتَ اللحمَ والدم
صرتَ حقاً إنساناً
مثلنا ما خلا الخطية،
لكننا نشرحُكَ فكراً
نمزِّقُ باللفظ اتحادكَ
نهجمُ بقسوةٍ على تنازلِكَ
ونضعك في قفصِ الفلسفة
-10-
لو كُنَّا حقاً نؤمن بكَ
لَوَجَدَ الاحترامُ لكلِّ إنسانٍ
مكاناً أبدياً
-11-
لو كُنَّا حقاً نحتفل بتجسدِكَ
حقاً، ودون مشاغبات الفكر
لفاضت محبتك لكل البشر
-12-
لكنك يا مَن تعرف الإنسانَ
لأنكَ عشتَ إنساناً
تومئ إلينا
وتهمس أحياناً
وترتِّبُ الأزمات
لعل صراخ الإنسانية
يكون ترياقاً للجحود
-13-
كلُّ إنسانٍ صار أخي
وكلُّ امرأةٍ هي أختٌ لكَ
جسدكَ ودمكَ هو كل إنسانٍ
وعطيةُ المذبحِ تجعلنا مثلكَ؛
لأننا من المذبح نأخذُكَ
لنصبحَ مثلكَ
دكتور
جورج حبيب بباوي
تعليق واحد
حقاً إن تلك اليد التي كتبت هذه الكلمات تخرج منها قوة عظيمة.
بل إن القلب الذي خرجت منه هذه المشاعر هو قلب يستريح فيه الله،و يملأه بحبه فيفيض بهذه المشاعر المتوهجة بحب الإله.باركك الله أيها الكاتب المعلم يا من تخرج من كنز قلبك جددا و عتقاء، تشبع بها نفوسناالعطشى إلي كلمة الحق.
كل عام و حضرتكم بخير أستاذنا الجليل الفاضل،حفظكم الرب بركة و منارة للكنيسة .