جاءت كل التشريعات الأوروبية ثمرةً للتشريعات الرومانية السابقة واللاحقة للمسيحية. وفي مصر خضعت الكنيسة المصرية لأحكام القانون الروماني حتى الفتح الإسلامي. وتشهد الوثائق القانونية تطبيق الشريعة الإسلامية على الأقباط في: المواريث – الزواج وهما الدائرتين اللصيقتين بالحياة المدنية بشكل واضح لا يمكن إنكاره.
الخطاب الديني، والخطاب السياسي – المعنى التاريخي لكلمات الرسول بولس في رومية 13- 1 – 7
التعليقات
مواضيع ذات صلة
Related Posts
- الملكوت في تعليم الرب وتعليم القديس بولس الرسول
تعليم الرب عن الملكوت في العهد الجديد، هو تعليمٌ يختلف عن كل توقعات اليهود اختلافاً…
- تعليم الرب كما صاغه الرسول بولس في رسالته إلى أهل غلاطية - 1
تعد الرسالة إلى غلاطية من القطع اللاهوتية التي تحتاج إلى عدة دراسات هامة. في هذه…
- تعليم الرب كما صاغه الرسول بولس في رسالته إلى أهل غلاطية - 4
ييتعرض الرسول بولس في رسالته إلى أهل غلاطية إلى فكرة السلطة والعبد والعبودية، فما هو…
تعليق واحد
رأى سياسى فى أتجاة فصل الدين عن الدولة
دكتور جورج
اسمح لى بعرض ما أراه فى تلك المسألة السياسية, بحسب تعليمى المحدود, فأنا لا أقرأ باليونانية القديمة كما أنتم تفعلون, ولهذا فلربما يأتى عرضى هذا محدوداً, بحسب الكتب والمراجع التى أُتيحت لى لأقرأها, لأن الكثير من أصولنا اللاهوتية لم تترجم بعد للعربية, ومع هذا فأننى أستطيع الأدعاء بأن هذا العرض متفقاً ومنسجماً مع الأنجيل والتاريخ.
أولاً:
رومية ١٣
عدد ٤ ( لأنه خادم الله للصلاح. ولكن إن فعلت الشر فخف, لأنه لا يحمل السيف عبثاً اذا هو خادم الله منتقم للغضب من الذى يفعل الشر.)
عدد ٦ ( ……. اذا هم خدام الله مواظبون على ذلك بعينه.)
فالرسول هنا يتكلم عن شخص حقيقى وليس مجرد مفهوم عن السلطة, وقد أطلق عليه رتبة خادم الله للصلاح, و خادم الله منتقم للغضب, بدون أدنى تعرض لأمكانية فساد الحاكم نفسه, وشروره المحتمل وقوعها فى المستقبل القريب.
ثانياً: عدد ٣ و ٤
( أفتريد أن لا تخاف السلطان, أفعل الصلاح فيكون لك مدح منه. لأنه خادم الله للصلاح.)
نرى هنا بأن كلمة خادم عائدة على السلطان, أذن تعبير “سلطان” لا يقصد به سلطة فقط, لأنه لا فصل بين السلطان كشخص والسلطان كمفهوم سياسى سلطوى. فالأنجيل لا يفرق ….. لأنه لا يعنيه الأمر, فهو ليس بكتاب للعلوم السياسية ليفرق بين تلك المصطلحات الخاصة بعصور التقنين.
وقد تفضلتم بأقرار مفهوم السلطة بحسب قاموس العهد الجديد اليونانى. على إنه يعنى
( السلطة السياسية, ولذلك توصف بالعليا وبالتحديد الحكام, والاصل فى اليونانية يطلق على حكام ولايات الامبراطورية.)
نستنتج من ذلك:
– بأن الأنجيل لم يفرق بين السلاطين العليا من جهة والحكام من جهة أخرى.
فالسلطة وجمعها سلطات “وهو لم يذكرها”, أى فى رومية ١٣…. وسلطان وجمعها سلاطين ” وقد تحدث عنها”, … وحاكم وجمعها حكام ……. تأتى جميعاً فى سياق واحد لأداء ذات المعنى والهدف. فالأنجيل لا يميز بينهم جميعاً, وهذا لا يعتبر قصوراً لغوياً, بل لأجل التأكيد على أقصاء الكنيسة بعيداً عن التيار السياسى العام, الخرب والفاسد فى أغلب أوقاته.
ثالثاً:
شرح القديس يوحنا ذهبى الفم لهذا الجزء من رسالة رومية, جاء ليفصل بين مفهوم السلطة, وشخص الحاكم أو السلطان, إلا إنه لا يخرج عن كونه, فى رأيِ, عن محاولة لأبداء فكر سياسى لم يتعرض له الانجيل.
فذلك التمييز بين مفهوم السلطة, وشخص السلطان, نرى إنه مجرد مفهوم سياسى بحت, إلا أن تلك المحاولة تفتح المجال واسعاً أمام الخلط بين الدين والسياسة, ليُشرِعَ لأمكانية إتهام السلطان بالفساد, بدون المساس بمفهوم السلطة التى من الله.
وهذا يضاد ما نصلى به فى ليتورجيتنا, فنحن نصلى من أجل الحكام والرؤساء جميعاً, بدون أدنى تمييز من جهة الصلاح أو الفساد. فالحكم على فساد حاكم ما, هو مهمة سياسية بالدرجة الأولى, وليس للكنيسة باع فيها ولا نصيب, وإلا صارت الكنيسة تصلى من أجل الفاسدين !
أذن إمكانية تقييم تصرفات وأفعال الحكام من فسادها أو عدمها, لا يمكن أن تكون سوى إمكانية سياسية بحته غير ممنوحه للكنيسة نهائياً.
رابعاً:
هل التاريخ الليتورجى الكنسى يحتفظ لنا بوقائع تؤكد على الفصل بين مفهوم السلطة, وشخصية السلطان ؟!
– فأباءنا ككنسيين ليتورجيين يخضعون لجميع الحكام بدون تمييز, مصليين من أجلهم بدون أدنى أتهام بالفساد, لأن الرب قادر أن يخرج من الجافى حلاوة, لأن ( قلب الملك فى يد الرب, كجداول مياه حيثما شاء يميله ) أم ١:٢١.
– إلا أن أبائنا كسياسيين كانوا من أعظم وأحكم وأشجع ثوار فى مواجهة الظلم والأستبداد, من خلال المشاركة الفعالة فى الأتجاهات السياسية العامة وليس من خلال الكنيسة وقنعاتها, كما حدث فى ثورة البشموريين قديماً, وثورة ٢٥ يناير حديثاً.
لنتأكد بأن الأنسان المسيحى يستطيع أن يحيا على مستويات كثيرة بدون خلط ولا أمتزاج ولا تغيير, ليعطى كل ذى حق حقه.
فلم نسمع عن أباء من خلال حياتهم الكنسية الليتورجية قبلوا السلطة كمفهوم, ورفضوا الحاكم كانسان فاسد.
فأن صح إدعائى التاريخى هذا, فسيكون بذلك شرح ذهبى الفم مجرد رأى وفكر سياسى, ليس له من واقع كنيستنا تأصيلاً.
فهل لأننا كنيسة تقليدية أبائية, سنقبل إضافة مفاهيم وأفكار جديدة للأنجيل, لم توجد به من الأساس ؟ ! !
خامساً:
نعم صحيح بأن الحاكم الشرير الذى لا يحكم بالعدل غير مقبول عند الله, إلا ان ضابط الكل يفعل ما يريد, فهو الجالس على كرة الأرض وليس أنا ! فأنا كأنسان ليتورجى, أصلى من اجل الجميع بدون ادنى توجس بالفساد, فالله لم يبادر بأعلان موقفه من هذا الفاسد, فأشرق شمسه على الاشرار والابرار, أفأبادر أنا المسكين بأعلان ما لم تعلنه السماء فى ليتورجيتنا.
ولكننى كعضو فى المنظومة الاجتماعية السياسية العامة الكبيرة, التى تشمل الجميع, سواء الليتورجيين أو غيرهم, أحارب الفساد على القدر التى تسمح بها المنظومة السياسية بحسب الدستور والقوانين واللوائح والاعراف, وما تقرره الجماعة لأصلاح ما قد فسد بفساد الطاغية.
وأما إن وقع الخلط – وهذا ما لا أتمناه – دخلت الكنيسة لجحيم الصرعات والتصفيات السياسية, ولأجل انها غير مجهزة لخوض مثل هذة الصراعات, فهى ستكون كفيلة بالقضاء عليها تماماً.
سادساً:
العلامة أوريجينوس يقول: ” ….. نحن المسيحيين نعترف ونوقر قانون الطبيعة كملك اذا كان هو نفسه قانون الله, ونعيش بموجبه, ونرفض القوانيين التى هى ليست قوانيين الله.”
فعملية رفضنا للقوانين التى ليست من الله. تمثل باباً خلفياً آخر للخلط بين الدين والسياسة. فليس من مهمة الكنيسة رفض القوانين ولا حتى تقيمها لمعرفة مصدرها. ففى أحلك العصور أضطهاداً وظلماً خضع أبائنا لتلك القوانين والسلطة والسلطان معاً, بالرغم من فسادهم جميعاً, ليصبروا ويصلوا بنقاء قلب وضمير, لينتظروا الحين المعين لأكتمال غليان الشعوب – الامر الذى يستغرق زمناً طويلاً – لأنتاج ثورة قادرة على تغيير الظلم. فيشتركوا فيها من اجل اصلاح المجتمع وتنميته من اجل حياة افضل للجميع.
سابعاً:
وبالرغم من تشابه طريقة واسلوب إدارة جلسات المجامع المكانية والمسكونية, مع التشريع الرومانى مثلاً. إلا انها لا تدل باى حال من الاحوال عن تشابه إمكانيات الكنيسة مع الأمكانيات السياسية, من حيث مثلاً حرية النقد. فالكنيسة لا يمكنها تقديم نقداً وإلا صارت شريكاً سياسياً لما يدور من فساد, اليوم بالاعتراض, وغداً بالمشاركة الفاسدة.
ثامناً:
من الواضح من كل ما سبق ….. بأن فكر الفصل التام بين الدين والسياسة عند الأباء, انما مر بمراحل نمو كثيرة, استغرقت وقتاً أطول بكثير مما نعتقد, لهذا السبب يمكننا العثور على أقوال أباء قديسين كثيرين, يقدمون هذا الخلط الغير متعمد بطريقة لاهوتية, فى حين انها تصنف اليوم فى الجانب السياسى البحت, من العلوم السياسية الخالصة, الذى ننأَ بكنيستنا عنه, فى أثناء مسارها الكنسى الفكرى التطورى العام.
تاسعاً:
وقد شهد بالحق الشهيد يوستينوس كما تفضلتم بذكر هذة الشهادة الرائعة هكذا : ( ….. بأن ما لقيصر لقيصر, وما لله لله, نحن نعبد الله وحده, ولكن ما هو خارج عن دائرة العبادة, فأننا بفرح نخدمك ……” أى السلطان بدون تمييز منا بالفساد”, …… معترفين بك أمبراطوراً وحاكم البشر.)
وأخيراً …. تغاضى عن قصور ذهنى, وقلة مراجعى, وضيق وقتى. وأنا أعلم تمام العلم بأن محاولتى النقدية هذة, لن تكون سوى تأكيداً على أستاذيتكم المعهودة, وسعة علمكم, ومحبتكم الأبوية للجميع, لتزيدنى بالأستمرار من الأستفادة من كتاباتكم اللاهوتية, والتى نهلتُ منها دائماً عبر سنين طويلة, بقدر ما أعطانى الله من شهيةً وهضماً وفهماً ووقتاً. صلى من أجلىِ.