السماء ليست مسافة.
كانت هكذا قديماً، عندما كنا نجهل الله.
بتجسد الابن وموته وقيامته صار الحي إلى الأبد، يسوع يملأ السماء بحضوره، حمل الناسوت إلى السماء، وملء السماء، ليس كماً ولا حتى نوعاً، بل تحقيق غاية أبدية. صار حضورنا فيه كاملاً، حضوراً يفوق كل الحدود. هو رأس وبداية، وهو الحياة الإلهية المتجسدة. صرنا فيه الحياة الإنسانية المتألهة. وعندما يتأله الإنسان يظل وجوداً معتمداً على النعمة؛ لأن الثالوث أحبَّ الإنسانية، وجعل الإنسان محبوبه الذي لأجله تجسد الابن، ومحبة الثالوث ثابتة تحفظ المحبة. دخولُك السماء بالجسد، قال عنه رسولك: “لتظهر أمام وجه الله لأجلنا” (عب 9 : 24)، ليس كوسيط فقط، بل لأن “الله هو الذي أشرق نور معرفة مجده في وجه يسوع المسيح” (2كو 4 : 6).
إنه ذات الوجه الإلهي المتجسد الذي يحمل صورتنا أمام وجه الله الآب. لاحظ -أخي القارئ- أن “وجه” هي “شخص أو Prosopon أو أقنوم”، هو يظهر أمام وجه الآب بذات الإنسانية الممجدة التي نالت المجد من الآب والابن والروح القدس، جعلت حضور المتجسد (وجه يسوع) يحمل معه كل ما للإنسانية من أوجاع وآمال، من تعب وخلاص، من صراع وتقديس، يأتي بما هو أرضي إلى السماء. ويحفظ ما هو سمائي لكي يوهَب للأرض.