أبونا الروحي بابا الاسكندرية
نقبِّل يديكم الكريمة سائلين لكم المزيد من الصحة والهمة في ظروفٍ لم تمر بها مصر ولا كنيسة مصر منذ ثورة يوليو 1952 حيث ضرب العنف والإرهاب هيكل الدولة في شكلها التقليدي: الشرطة والقوات المسلحة، وامتد بكل عنف الكراهية والبغضة إلى البشر والمباني ومؤسسات الدولة والكنائس وتطاول على القضاء والقانون، وعليك أنت شخصياً ومعك قيادات الأزهر الشريف، وراح جرَّاء ذلك ضحايا أبرياء من شعب مصر، سواء على الحدود في سيناء، أو في قلب وادي النيل في المنيا وغيرها من بلادنا الوادعة.
تمنيت أن تكون بابا الإسكندرية في أيام سلام وهدوء، ولكن الرجال يأتون مع العواصف، وفي قلب العاصفة يلمع دائماً القادة وأصحاب الرسالات.
ما يدعوني إلى كتابة هذه السطور هو ضرورة مواجهة الإعلام الذي ينسب نفسه إلى المسيحية، في الوقت الذي يسير فيه في ذات الطريق المدمر للإعلام السياسي الذي عرفته مصر تحت قبضة الحزب الوطني المنحل، والذي يسير على منواله جماعةٌ تنسب نفسها للإسلام ملوثةٌ أيديها بدم الأبرياء، وبالأكثر بالكم الهائل من الأكاذيب الذي اعتاد الإعلام السياسي على ترويجه.
أصبح من الواضح أننا نسير على ذات المنوال، وليس أدل على ذلك من أن قرار قداستكم بضم ثلاثة من الدارسين الذين تخصصوا في مجالات تحتاج إليها الكلية الإكليريكية يقابَل بعداء سياسي وبحملة أكاذيب لا تجوز في الحياة الكنسية.
في الكنيسة كل إنسان برئ تماماً إلا أن يُحاكَم، وأن تحدد محكمة كنسية تهمةٌ أو أكثر بدليلٍ لا يقبل الدحض، ولكن -كما تعرف قداستكم- كيف حورب الأب متى المسكين طوال 40 عاماً بالشائعات وبحملة مكثفة إعلامية لم يتجاسر الذين كانوا يقودون هذه الحملة -بالرغم منها- على محاكمة أعظم مَن خَدَمَ تراثنا المسيحي – الأب متى المسكين – بعد القديس كيرلس الكبير، بما يربو على 150 مجلد ومقالة، تُعد مراجع لكل من يدرس الكتاب المقدس والتاريخ الكنسي واللاهوت.
مشكلة الإعلام السياسي هذا، أنه يتصور أن الكنيسة تدار مثلما يدار حزب من الأحزاب، بأن كل قضية -مهما كانت- تنال مصداقيتها بحشد الأتباع وجمع الرعاع ودق الطبول عالياً بأن شخصاً ما مخالفٌ للإيمان، وأن عليه مآخذ عقيدية، أو أنه من تلاميذ هذا أو ذاك، وحشد الأتباع والمريدين لتأييد الاتهامات العامة التي ينقصها في كل حال الدليل؛ لأنها أولاً: غير محددة، وثانياً: لم تناقَش بواسطة أحد المتخصصين الذين درسوا اللاهوت أو التاريخ في معهد أرثوذكسي أو غيره.
ومن هنا صدر الحكم على مؤلفات الأب متى المسكين من خلال ما رسب ورشح من تراث شعبي قبطي هو مزيجٌ من البروتستانتية وتعليم حركات الإرساليات وبعض مقولات اللاهوت الكاثوليكي الذي وُلِد في أعقاب حركة الإصلاح الأوروبي في القرن السادس عشر، وهو ما شرحته في إيجاز وإنْ في صدق في الكتاب الأول والثاني في ردي على كتاب بدع حديثة للراحل الكريم قداسة البابا شنودة الثالث، نيح الله نفسه.
ولكننا لم نعد نقبل الحملة الإعلامية الكاذبة التي يروجها موقع إليكتروني ينفق عليه أحد الأساقفة المشهورين، وما نُشِرَ بخصوص الأخوة سعيد وجورج وجوزيف يشكِّل جريمة “السب العلني” الذي يجب أن يُحاكَم عليه الناشر أمام محكمة الجنايات؛ إذ لا توجد آليات كنسية لعلاج أكاذيب الإعلام الكاذب الذي أتقنه البعض من تقليدهم لبعض الفضائيات المنحطة التي كانت ولا تزال تقوم بدور تخريبي لعقول وثقافة شعبنا العظيم.
كيف يبدأ هؤلاء الأخوة خدمتهم، وهم محاطون بهذه الشائعات التي بدأت يوم أهديت لشخصٍ أفنى عمره في خدمة تراث الآباء ونشر الترجمات العربية له -الدكتور نصحي عبد الشهيد- درع قداسة البابا تواضروس الثاني، هذا الدرع الذي جاء مثل كوب ماء منعش بعد حر الشائعات التي لازمت بيت التكريس ومركز دراسات الآباء.
إنني أقترح على محبتكم إجراء لقاء علني مع نيافة مطران دمياط الذي أثار كل الاتهامات والإدعاءات التي طالت الأب متى المسكين وطالتني شخصياً -وكلها مسجلة- بحضور من يشاء من أعضاء المجمع المقدس. وأقول لقداستكم أن الحق حق، وأن علانية هذا الحوار، وأمام آباء المجمع المقدس وليس خلف أبوابٍ مغلقة، هو العلاج الوحيد لحملات الأكاذيب هذه.
وعلى الأنبا بيشوي أن يحزم أمره، ويقدم قائمة بالأخطاء والهرطقات حسبما هو متعارَفٌ عليه في جلسات المجامع المكانية والمسكونية، وسوف أتولى الرد عليه من عند الآباء حتى نقطع لسان الكذب، وتلتفت الكنيسة إلى شهادتها الحية وإلى علاج جروح الذين فقدوا منازلهم ومصدر رزقهم، وإلى بناء ما تهدم من كنائسنا وإعادتها إلى مجدها السابق.
أؤكد لقداستكم أن ترك هذه الأمور عالقة بهذا الشكل لا يخدم إلا الشيطان ولا يزرع الإيمان ولا يغرس الشهادة الحسنة، بل الشك والزيغ.
نريد اتهامات موثَّقة مكتوبة تستند إلى مراجع نُشرت، مشفوعة بالأدلة التي يراها الأنبا بيشوي تسند دعواه من كتابات الآباء، أو حتى من وجهة نظره هو حتى يمكن وضع الأمور في نصابها الصحيح. فإذا ما تراجع عن قبول هذا الحوار، فإنه يكون بذلك يؤكد كذب وتدليس كل من تجاسر على اتهامٍ عام غير محدد.
إن على الكنيسة أن تجد الوسيلة الناجعة لقطع لسان الكذب، درأً لِما عساه يترتب على لجوء المتضررين من ذلك إلى القضاء المصري يأساً من تحقق العدل في رحاب البناء الذي حجر الزاوية فيه هو عين الحق.
فحسب أصول وثوابت الأرثوذكسية، ما يُوصف بأنه مخالفٌ لعقيدة الكنيسة، هو ما صدر من حكمٍ في مجمع، وهو حكم يعتمد على مرجعية التسليم الكنسي – الكتاب المقدس – الآباء – شهادة الليتورجية – المجامع. أمَّا أن يوضع المتنيح البابا شنودة الثالث كمرجعية وحيدة في التعليم، فهذا تشيُّع وسلوك حزبي لم تعرفه الكنيسة طوال تاريخها الطويل الممتد عبر 2000 سنة. وما صدور مقالات أو كتيبات تحمل هذا العنوان مخالفٌ لعقيدة الكنيسة، إلا تأكيدٌ على أننا تركنا الحياة المسيحية الأرثوذكسية، وأصبحنا حزباً سياسياً يسير وراء رئيس الحزب، ولسنا الكنيسة جسد المسيح التي تتكون من رأسٍ حيٍّ في السماء وعلى الأرض هو الرب يسوع نفسه، وجمهور من المعلمين نذكرهم في صلواتنا مثل تحليل الخدام وفي الأعياد الخاصة بهم. وغنيٌّ عن البيان أن طلب شفاعة هؤلاء يعني -في أدنى ما يعنيه- أننا نتمسك بذات التعليم الرسولي الذي علَّم به أثناسيوس الرسولي وكيرلس الكبير وباسيليوس وغريغوريوس النيزينزي وغيرهم من آباء الكنيسة.
ولعله من عجائب الأمور أنه عندما ردد قداسة البابا شنودة الثالث عبارة نسطور التي يقول فيها إننا نأكل الناسوت فقط في الإفخارستيا، لم تقم الدنيا، ولم يتحرك سكرتير المجمع المقدس، ولم يعترض على ذلك أحد سوى موقع الدفاع عن الأرثوذكسية، بل ساد صمتٌ هو صمتٌ على خطأ الزعيم، ولكن في الكنيسة، الإيمان هو ميراث كل المؤمنين، ولا يملك أحدٌ مهما كانت رتبته أن يدعي أن الإيمان ملكٌ خاصٌ له.
كان أستاذنا نيافة الأنبا غريغوريوس -نيح الله نفسه- لديه كل الحق -وكان قد طاله لسان الكذب بلفحةٍ حارة – عندما طلب إنشاء محكمة كنسية تفصل في المنازعات والشكاوى التي تثار داخل الكنيسة، على اعتبار أنه ليست لدينا آلية يمكنها أن تتحدى الشائعات والاتهامات الكاذبة التي يبث سمومها الإعلام السياسي الذي يموَّل مما يقوم بإنفاقه بعض الأساقفة من أموال الأيتام والأرامل والمرضى والمضطهدين، ولعل إنشاء هذه المحكمة أصبح ضرورة الآن أكثر من أي وقتٍ مضى؛ لتفصل فيما لدينا من مشاكل تراكمت طوال 40 سنة، لم يتكفل الزمان بحلها، بل أصبح الزمان جزءً من المشكلة لأن التقادم يزيد الاحتقان ويرفع من درجة الكراهية والشيُّع.
سيدنا قداسة البابا تواضروس
أعتذر لمحبتكم عن هذه الرسالة العلنية التي تجيء في إطار تهنئةٍ صادقةٍ لقراركم الذي لا شك يزعج غير الأمناء والكذبة.
محبتي واحترامي لأبوتكم راجياً بركة صلواتكم.
ابنكم
جورج حبيب بباوي
25 أكتوبر 2013
5 تعليقات
في رأيي البابا اضعف من ان يتخذ مثل هذا القرار الخاص بالمحاكمه العلنيه .. و ربنا يخيب ظني
ارجو من قداسه البابا تواضروس الثاني توضيح علني بالنسبه لايبارشيه المحله الكبري لاننا تعبنا من اخذ الوعود هل راعينا وابينا نيافه الانبا متياس هيرجع لينا ولا لا لأن نيافه الانبا باخوميوس عندما كان في لقاءه معنا في دير الانبا بيشوي قال لنا بان الانبا متياس لازم يقف امام المجمع ويدافع عن نفسه والكلام ده محصلش وفي المجمع الي فات وقف الانبا بيشوي كعادته وبدأ بسرد اكاذيبه عن الانبا متياس كعادته وبسبب هذا تأجل موضوع الانبا متياس كالعاده نرجو الايضاح امام الجميع هل سيقف المجمع المقدس امام هرطقات الانبا بيشوي وامام اكاذيبه ام سيضع حلا جزريا لموضوع الانبا متياس ويطلب حضوره امام المجمع لسماع ايضاحه للامور المتعلقه به .
سلام المسيح يا أستاذنا (د/ جورج)
الخطاب قوي ومفعم بروح القوة والعلم الواثق والواضح . ولكن السؤال – وهو خالي من التشكيك – هل بعد إذاعة هذا الخطاب علانية سيمتثل البطريرك لعقد جلسة مجمعية بعد أن قمت بضرب 10 عصافير بحجر ؟
معروف عن حضرتك من زمان أنك حازم ولا تتنازل عن رأيك ومعتقدك بسهولة وقد تستخدم طريقة لا يرتضيها بعضهم( مثل الزجر مثلاً ) ويهاجمونك بسبب ذلك تاركين خطئهم ومركزين علي انفعالك…
أتمني أن الله يعطي الجميع نعمة .
سيدي الدكتور جورج ..
لقد قرأت مقالاتهم السخيفة وردهم الأسخف عليك. وتشيعهم لشخص قداسة البابا متناسين أننا جسد واحد ولم أجد في أتهاماتهم إلا نحاسا يطن أو صنجا يرن … فيهاجمون شخصك الكريم الذي احتمل حمل الجبال وأبى أن يتنازل عن الحق. ولم تحني ركبتك لبعل في الوقت الذي تنازل الكثيرون عن إيمانهم طمعا في منصب وفي مال.
أنه هؤلاء لا يهاجمون فكرا فهم أضعف من ذلك ولا يستطيعون أن يقدموا دليلا واحدا على فساد تعاليمك المستمدة من تعاليم الآباء. في الوقت الذي قدمت أنت ضدهم فساد تعاليمهم بادلة علمية لا تقبل الدحض. قدمت نقاط أساسية تهدم فكرهم وهم قدموا مجرد أتهامات ضبابية لا تستند إلى دليل ولا تقف على أرضية علمية حقيقية. فما المانع من فتح ملفاتك ومحاكمتك محاكمة عادلة؟؟ ما المانع؟؟؟ أنهم يخشون أن تفضحهم علنا. لذا يدبرون المكائد من خلف الكواليس ولا يواجهون كالرجال.
أنت كشفت كيف سقطا مطران دمياط والبابا شنودة نيح الله نفسه كيف سقطا في بدع نسطورية وبروتستانتية أصبغوا عليها عباءة الأرثوذكسية.
ولهذا الموقع المضل الذي لا يعبر عن “مسيحيى مصر” أسأل هل مهنيتهم الصحافية شجاعة كفاية بأن تجعلهم ينشروا نص الطعون المقدمة في ترشيح الآنبا بيشوي؟؟ لا لن يقدروا لأنهم ببساطة يكتبون بأسماء وهمية يديرها رأس الأفعى في الكنيسة الذي طمع في منصب الباباوية وأستخدم منصبه في إطلاق الفضائح والشائعات ضد مرشحي البابوية المنافسون له. (نعم كانوا بالنسبة له منافسون)
نعم أتكلم عن الأنبا بيشوي الذي لم ولن يتورع في أي شيء لهدم كنيسة المسيح من الداخل متشحا بلباس التقوى والأرثوذكسية .. لقد رأينا كيف فعل الإخوان هكذا في مصر والآن نراهم في صورة أخرى.
لا تلتفت لصحافة الفضائح درجة تالتة التي تنشر الأخبار طمعا في قارئ زيادة من هنا أو هناك التي تهتم فقط لزيادة عدد المتابعين. التي تستخدم الإثارة الصحفية والعهر الصحافي لتجد ممولين يدفعون في مساحاتهم الإعلانية الخالية حتى الآن.
هم يسعون فقط إلى المال وسبيلهم في ذلم العهر الصحافي.
أرجو أن لا تلتفت إلى هذا الهراء ولنبني كنيستنا بصلوات قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثاني الذي آثار شيطان الضلال برجوع التعاليم السليمة في مكانها الصحيح .. كان يجب أن نتوقع أن قرار تعيين أساتذة اللاهوت الحقيقيين سوف يثير حفيظة من تربعوا على عروش الجهل سنوات هذا عددها.
الرب يحفظ نفسك وروحك لتكون دائما منارة للتعليم الأرثوذكسي الصحيح
جورج حبيب بباوى علامة مميزة ومضيئة فى تاريخ الكنيسة، والدكتور جورج نفسه يشهد إنى حاولت كثيراً مع البابا شنوده فى إزالة طبقة الجليد التى تكونت منذ سبتمبر 1981 وقد قاربت المساعى التى قمت بها على النجاح وبالأخص بعد ما حصلت على خطاب رائع من د. جورج إلى البابا شنوده، لكن عدو الخير وأعداء الكنيسة أفشلوا جميع المساعى. وكانت محاولاتى مع البابا شنوده فى السر (جلسات خاصة) وفى العلن يشهد عليها الأنبا يؤانس الأسقف العام. لكن الأستمرار فى تصحيح الأفكار القديمة التى أستقرت على ما يربو 40 عاماً أمر مطلوب وحتمى، وإله السماء ينظر إلى كنيسته ويتولى رعايتها بمحبته الفائقة.
أقدم للدكتور جورج حبيب بباوى كل تقديرى وأحترامى ومحبتى وهو يعلم كم أحبه بالحقيقة. هذا الذى شهد عنه البابا شنوده نفسه سنة 1973 بإحدى الأجتماعات بالإسكندرية أن د. جورج بباوى هو أثناسيوس الجديد، وكنا فى مناسبة عودة بعض رفات البابا أثناسيوس. لكن الزمن يتغير!! للأسف الشديد. سوف تعود للكنيسة قوتها فى وحدة وتماسك أبنائها.
مينا بديع عبد الملك
أستاذ الرياضيات بهندسة الإسكندرية والجامعة الأمريكية بالقاهرة