تتقدم أسرة الموقع بوافر التهنئة بالعام الميلادي الجديد 2014 لكل القراء والقارئات، ولشعب الكنيسة، وللوطن مصر، ولكل أسرة فقدت عزيزاً عليها في موجات الإرهاب، سائلين السلام والتقدم لكل مصري، ولأرض مصر، شعباً وجيشاً وشرطةً، ولكل الشرفاء الذين يحملون هموم الوطن ويعملون من أجل رفعة واسترداد مكانة مصر التليدة والعتيدة.
عندما نتذكر مرور الزمان، يجب علينا أن نقف برهةً لنستعيد التعليم المسيحي عن الزمان؛ لأن الحضارة القديمة استخدمت كلمتين: Chronos وهو الزمان الذي يُحسب بالأيام والشهور والسنين، أي الزمان المتتابع. والكلمة الثانية Kairos وهو زمان الاستعلان الإلهي، ولذلك يقول الرب يسوع: “قد كمل الزمان Kairos“، أي لم يعُد عمل الله يقاس بتتابع الأيام، أو المواسم، ولذلك بقية قول الرب: “واقترب ملكوت الله” (مر 1: 15)؛ لأن مُلْكَ الله لا يُحسب بالزمان Chronos بل يُحسب بالاستعلانات.
وفي قداس ذهبي الفم يقول الشماس للكاهن:
Kiros tou poiesai to kyiro
“إنه زمانٌ (أو وقت) يعمل فيه الرب”؛
لأن الذي يخدم الليتورجية هو الرب نفسه.
وكمال الزمان ورد أيضاً في غلا 4: 4، ولذلك “ملء الزمان”، ليس هو الوقت المناسب كما هو شائع، بل هو نهاية الزمان Chronos المتتابع الذي يُحسب بالمواسم؛ لأن اتحاد اللاهوت بالناسوت أبطل دورة الأيام. وأن يصل الزمان Chronos إلى ملئه؛ فلأن ملء اللاهوت حلَّ جسدياً في المتجسد ابن الله (كولوسي 2: 9)؛ لكي يملأ الكل: “وأنتم مملوءون فيه”، فقد صار لمن هو ملء اللاهوت، الرئاسة والسلطان على كل شيء (كولوسي 2: 9، 10)، وهو ما يعلنه الرب نفسه: “دُفِعَ إليَّ كل سلطانٍ في السماء وعلى الأرض” (مت 28: 17)، ولذلك يقول قداسنا: “عند صعودك إلى السموات جسدياً ملأت الكل بلاهوتك”.
لقد دخل الألم والحزن والوجع حياة أسرٍ كثيرة في مصر، حيث كشف فيها الطمع في السلطة عن وجهٍ قبيح متوحش، ودخلت مصر مخاض ولادة صعباً، ولكننا سوف نرى المولود الجديد، ألا وهو الشعب الذي أسقط -بالخروج الجماهيري غير المسلح- نظاماً؛ لكي يُولد حكم ودولة مدنية حديثة.
يا ليت ثقافتنا تفتح الباب للألم في سبيل التقدم، والمعاناة من أجل التجديد؛ لأن الانتحار بالأحزمة الناسفة ليس إلَّا هدماً وعدواناً فاشلاً، وقتلاً لأبناء الوطن دون سبب، سوى خدمة مطلب الحكم والسلطة والسيادة على الآخرين. والسيارات المفخخة وغيرها من أدوات القتل هي هدم لما يخدم، وتدمير لما يحفظ الأمن.
والاعتداء على الشرطة والقوات المسلحة والكنائس والأقباط هو كراهية وحقد لا يبني، ولعلنا نتذكر المثل القديم: “الفاحت نازل والباني طالع”، وهو ما يعبِّر عن حكمة شعب مصر القادر على البناء.
سلامٌ لمصر. سلامٌ للقوات المسلحة والشرطة. سلامٌ لشعب مصر العظيم. ورحمةٌ وسلامٌ للشهداء جميعاً الذين لن تغيب ذكراهم، بل ستبقى في ذاكرة الوطن.
مرة ثانية: كل عام وأنتم جميعاً بخير
دكتور
جورج حبيب بباوي