يمثل مارتن لوثر حلقةً أساسيةً في الفكر البشري بشكل عام، وقد أشار د. مراد وهبه أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس في مقاله بمجلة روز اليوسف إلى الدور الخطير الذي لعبته حركة الاصلاح الديني في اوروبا، واعتبر أن أهم ما يعيق العقل المصري أو العربي بشكل عام عن التقدم، هو أنه لم يبرز في الطراز الشرقي مَن نادى بالإصلاح الديني كلوثر. وإذا جاز لي أن أقتبس من المقالة المذكورة: فالدكتور مراد وهبه اعتبر أن حركة لوثر هي أهم مقومات العقل الاوروبي وبحسب تعبيره: هي النقلة الفكرية التي حدثت كنتيجة لحركة الاصلاح، فبعد ما كان العقل محكوماً صار العقل حاكماً. ولقد مهَّدت حركة الاصلاح، بلا شك إلى ما عُرف في الفسلفة الاوروبية الحديثة باسم “حركة التنوير”، وفتحت للفكر البشري كله ما أصبح متعارفاً عليه “بحرية الاعتقاد” وضرورة أن يُعلن الانسان عن رأيه دون خضوع لسلطة دينية. أعتقد أن هذا المقال جدير بأن نقف عنده لحظة، ليس في هذا اللقاء، ولكن ربما في لقاء آخر.
إن ما يربطنا بمارتن لوثر هو بلا شك ما حدث في اللاهوت المسيحي بشكل عام من تراجع عن المبادئ الاولية الاساسية التي كرزت بها الكنيسة في عصر لوثر، فلقد أصبح من الواضح بعد خمسمائة عام من الصراعات العنيفة التي مزَّقت أوروبا أن المسيحية كانت تواجه خطراً داخلياً نابعاً من داخلها، وهو ابتعاد الكنيسة عن التعليم الرسولي القديم عن النعمة وعن التبرير بالايمان. وأظن أنني لا أريد إطالة الكلام حول هذه النقطة، ولست أحتاج إلى أن أدخل في موضوع التبرير، فهو جزء لا يمكن عزله عن الإيمان الإنجيلي بشكل عام، وربما تعرفونه أكثر مني.
لكن النقطة الاساسية التي أريد أن أوجِّه حديثي إليها هي عن العشاء الرباني، فهي نقطة خاصة بنا في الشرق. فحركة الاصلاح تمثل تجديداً أساسياً في الفكر الغربي، وتمثل عودةً للمصادر الأولى للتعليم المسيحي، وهي الكتاب المقدس وتقليد الآباء. ونحن نعلم أن لوثر لم يكن يرغب في أن يبتعد كثيراً عن التقليد، ولكنه كان مشغولاً بمراجعة التقليد الكنسي على الكتاب المقدس، وهو عمل قام به آباء الكنيسة في فترات الصراع مع الهرطقات في الخمسمائة سنة الأولى، وتوَّقف بعد ذلك لأسباب يطول الكلام فيها. وربما تعلمون من دراسة الفكر المسيحي أن مشكلة اللاهوت المسيحي هي في ذلك المزج الذي حدث بين اللاهوت والفلسفة، ولقد حدث هذا هنا في مصر على يد الرواد الأوائل في مدرسة الاسكندرية. أكلمنضس وأوريجينوس وكلاهما اعتبر أن الافلاطونية المحدثة والتراث اليوناني عاملاً أساسياً لنشر رسالة الانجيل.
وفي الفكر الشرقي الارثوذكسي، بشكل خاص، الآباء الذين التزموا بالخط اللاهوتي غير الممتزج بالفلسفة، هم ثلاثة فقط، وهم القديس اثناسيوس الرسولي، والقديس كيرلس الأول عمود الدين، والقديس ايريناؤس أسقف ليون في فرنسا. أمَّا الباقون فقد اتبعوا المناهج الفلسفية في عرض الايمان المسيحي. وكان هذا يمثل بالنسبة للمثقفين المسيحيين في ذلك الزمان محاولة دخول المسيحية إلى معقل المثقفين في العالم اليوناني القديم. ومن هنا فلقد تعقدت كثيراً لغة اللاهوت المسيحي، وصارت لغة فلسفية أكثر تعقيداً عن لغة العهد الجديد. والفرق بين بولس الرسول مثلاً وبين العلامة أوريجينوس على سبيل المثال هو فرق جوهري ودقيق.
فإذا كان بولس الرسول، وهو يهودي، مغروساً في بيئة العهد القديم، قد استعان باللغة اليونانية وبالكثير من المصطلحات الشائعة في زمانه، فإنه صاغ الرسالة الإنجيلية عن المسيح في عبارات موجزة بسيطة واضحة ومألوفة لدى الذين يقرأونها، أمَّا بالنسبة للعلامة أوريجينوس فإن الخط الفلسفي جعله يقف على طرف نقيض من الرسالة البسيطة التي كرز بها بولس الرسول. ولعلي أشير هنا على وجه اليقين وبالتحديد إلى كتاب “المبادئ” وهو أول الكتب اللاهوتية التي نرى فيها المزج بين اللاهوت والفلسفة.
ويمثل الغرب “توما الاكويني” آخر مراحل المزج بين اللاهوت والفلسفة. فكل قضايا العقيدة تبدأ أولاً بعرض التحديدات الخاصة بهذه العقيدة كما جاءت بكتب أرسطو. إنه يبدأ بارسطو، وربما انتهى بالقديس بولس، ولكنه بكل يقين يبدأ بأرسطو ويضع كل التحديدات والمقولات أيضاً، ولقد ساد هذا في الغرب. ووصل اللاهوت إلى درجة من التعقيد الفكري الذي جعله يناقش كل القضايا الايمانية بمعزل عن المصدر الأول للتعليم في المسيحية وهو الكتاب المقدس. وهكذا، وقبل أن ندخل في موضوع العشاء الرباني عند لوثر والآباء، أريد أن أستعرض معكم بسرعة، الجدل الذي ساد اوروبا في القرن العاشر حتى عشية حركة الإصلاح حول العشاء الرباني نفسه، فهذه نقطة جوهرية تجعلنا قادرين على استيعاب ما قبل في القرن السادس عشر.
العالم عند أرسطو مكوَّن من ثلاث طبقات منفصلة: السماء، والأرض، والجحيم. وما يحدث في السماء هو مختلف تماماً عما يحدث على الأرض. ولذلك حتى عند أوغسطينوس، وهو آخر الحركة الآبائية في الغرب، صعد المسيح إلى السماء وجلس في مكانه. ففكرة اتصال السموات بالارض – وهي فكرة انشغل بها المتصوفون واللاهوتيون أيضاً – كانت فكرة أساسية لفهم ما يحدث في القداس. في الغرب، ومنذ القرن العاشر كان هناك بحث عن طبيعة جسد المسيح، والعشاء الرباني وكانت هناك فلسفة أرسطو التي أمدَّت اللاهوتيون والمفكرين بالكثير من الحقائق والأخطاء في نفس الوقت. وعند أرسطو، فإن كل شيء طبيعي ينتمي إلى الطبيعة المخلوقة لابد له من طول وعرض … إنه شيء مادي بحت، ولذلك فلقد ثار السؤال في الغرب: إذا كان المسيح جالساً عن يمين الآب، فمن الذي يُقدَّم للقداس الالهي؟ وإذا كانت الكنيسة جسد المسيح، فما هي العلاقة بين الأجساد الثلاثة؟ الجسد الموجود عن يمين الآب في الأعالي، والكنيسة جسد المسيح، وجسد المسيح في العشاء الرباني. هل هناك ثلاثة أجساد، أم جسد واحد له ثلاثة مظاهر؟ وهكذا من الجدل العقلي الذي لا ينتهي.
ولعلكم تعلمون أنه حتى هذه اللحظة، صليب عليه المسيح مصلوباً والكاهن يمسك بالكأس أثناء التقديس ويقرِّبه إلى جنب المسيح المطعون لكي يمتلئ الكأس بالدم وتدق الأجراس، ويعلم الناس أن المسيح قد ذُبِحَ في القداس الإلهي، وإنه يُذبَح كل يوم في كل قداس. وقد اثارت هذه الفكرة الكثير من التساؤلات منذ القرن العاشر. أحب أن أقول لكم مذكراً أن هذه التساؤلات لم يعرفها الشرق على وجه الإطلاق حتى القرن الثامن عشر – أي بعد حركة الإصلاح بمائتي سنة. فنحن أمام تساؤلات أساسية عن موضوع يُطرح من خلال فلسفة أرسطو ، ولذلك فالتعبير الذي ساد الغرب وهو “الاستحالة الجوهرية” هو تعبير مأخوذ أولاً من فلسفة أرسطو. فالتمييز بين الجوهر والعرض هو تمييز فلسفي بحت لا وجود له في الكتاب المقدس، ولذلك عند تقديس الخبز والخمر، وحسبما شاع في كتب اللاهوت الغربي قبل حركة الاصلاح، الذي يتغير هو جوهر الخبز، ويظل الشكل المرئي للخبز كما هو دون تغيير. أحب أن أذكِّركم أيضاً بأنه يوجد فرق أساسي بين “الاستحالة الجوهرية” وتعليم “الاستحالة” عند الآباء، وحتى في اللغة العربية المتأخرة التي استُعملت في مصر وفي الشرق العربي على وجه الاطلاق، تعبير “الاستحالة الجوهرية” يظهر في المؤلفات اللاهوتية العربية قبل القرن التاسع عشر، وتحت تأثير المبشرين الكاثوليك الذين نشروا كنائس كاثوليكية في الشرق. الاستحالة في الشرق موضوع غير محدد لفظياً وفلسفياً، ولذلك فإن الفرق الاساسي ليس في اللغة فقط، ولكن أيضاً في اللاهوت. فإذا تكلمنا عن “الاستحالة الجوهرية”، فنحن نتكلم عن قضية غريبة طُرحت على أساس المقولات التي جاءت في فلسفة أرسطو. ومن هنا فإن التساؤل عن الأجساد الثلاثة: عن الافخارستيا جسد المسيح، وعن الكنيسة جسد المسيح، وعن المسيح الجالس عن يمين الآب، هو تساؤل لا يمكن أن يجاب عنه من خلال الفلسفة، ولكن الاجابة عليه تأتي من خلال الفهم السري الذي يُعلن إيمانياً، والذي يتكون في داخلنا كرؤية شخصية ذاتية إلى أبعد الحدود الذاتية لأنها رؤية سرية غير محددة.
إن المسيحَ واحدٌ لا ينقسم، وهو في العشاء الرباني، وفي الكنيسة، وعن يمين الآب هو بذاته المسيح الواحد. هذا هو تعليم الشرق، ويؤسفني أن أقول إنه تعليم الشرق المهجور غير المعروف.
وفي الحقيقة إننا مدينون للذين أعادوا بحث هذا الموضوع في القرن العشرين، فهؤلاء قد أعادوا إلينا مفهوم الدم والجسد كما جاء في الكتاب المقدس وفي شكله العبراني القديم، غير المتأثر بالمقولات الفلسفية. فالدم ليس ذلك السائل المركب من الخلايا الحية الموجودة في أنسجة الجسم، والذي يقال طبياً إنه يوجد على الأقل احتياطي قدره كيلو جرام منه في الطحال. ولكن الدم هو الحياة، والجسد ليس الانسجة والعظام وما فيها من تركيبات الكيمياء الحيوية والعضوية وما إليه، ولكن الجسد هو الشخص، هو أيضاً الحياة. ولذلك فإن أكل الجسد وشرب الدم إن شئنا أن نستعمل تعبيرات المسيح نفسه والرسول بولس، هو بكل يقين الاشتراك في حياة المسيح. إن الكتاب المقدس في صورته البسيطة الواضحة لا يعطينا أكثر من ذلك. وكل من يحاول الوصول إلى نظرة كتابية تؤيد مذهبه في العشاء الرباني هو هرطوقي بكل يقين، فليس في الكتاب المقدس تعليم يمكن أن يُقدِّم بشكل يقيني إلاَّ أننا نشترك في جسد المسيح كما يقول الرسول بولس في 1 كورنثوس 10.
إن المأساة الحقيقية للاهوت المسيحي كانت ولا تزال هي المدارس الفلسفية التي استطاعت أن تتحصن بالمدارس اللاهوتية. وعلى هذا الاساس فالنقطة الاساسية التي تمثل نقطة الالتقاء بين لوثر والآباء هي رفض تعاليم “الاستحالة الجوهرية”. وهو رفض صحيح. كان لوثر يقول إن المسيح في الخبز ومع الخبز وتحت أعراض الخبز، فإذا أسقطنا كلمة “أعراض” بأعتبارها كلمة مستعارة من عند ارسطو، كان لوثر يعلم تعليماً شرقياً محضاً، وأعني بذلك التعليم الشرقي كما صِيغ في كتابات الآباء في الخمسمائة سنة الأولى، وليس التعليم الشرقي كما تطور بعد ذلك، وأنا لا أريد أن أعود إلى هذه النقطة، فأنا أثق بذاكرة المستمعين وأُحسن الظن بالذين يسمعونني. إذن فنحن نتكلم عن محاولة أساسية للعودة إلى التعليم البسيط عن العشاء الرباني دون الدخول في المعضلات الفلسفية التي طُرحت في الغرب من القرن العاشر. ولو استطعتم أن تقرأوا القداس القبطي بصبر وبطء، تستطيعون أن تلاحظوا أن فكرة حضور المسيح في العشاء الرباني تأخذ اتجاهين في القداسات عند الآباء. نحن شُغلنا في اللاهوت المسيحي منذ القرن العاشر هل يبقى الخبر والخمر على المائدة الالهية، أو يتحول إلى جسد المسيح ودمه، ولكن الشرق كان مشغولاً بموضوع آخر في التفسير السري أكثر مما يتحول الخبز إلى المسيح، وذلك بشبه حركة مضادة لما زاد في الكتابات اللاهوتية في القرن العاشر، ولذلك فإن الكاهن القبطي يبدأ الصلاة بقوله “أنت سبقت فجعلت ذلك خبزاً سمائياً” ولذلك علينا أن نمسك بالخطين الأساسيين: ألاَّ ننشغل بموضوع الاستحالة، وأن ننسى الموضوع الاصلي الذي عُرض في إنجيل يوحنا. وربما إذا تذكرنا أن المسيح في انجيل يوحنا كان يتكلم عن نفسه باعتباره الخبز الذي نزل من السماء، فهو يجعل ذاته خبزاً “أنا هو خبز الحياة من يأكلني يحي بي” هذه عبارات تمسَّك بها الشرق ولم يدخل في المعضلات الفلسفية واللاهوتية بعد ذلك. فلو أن الشرق ظل بمعزل – وفي عزلته الكاملة – دون اتصال بالغرب، ربما كان في قدرته أن يقدِّم اجابةً أخرى غير الاجابات التي سمعناها تتردد في الغرب بين قادة حركة الاصلاح وبين الكنيسة الكاثوليكية. ولكن عموماً مع العشاء الرباني ومع قضية الاستحالة الجوهرية كما نعرف من كتابات لوثر، نرى أربع معضلات أساسية يجب أن تُعالج في صبر واناه.
المعضلة الاولى: هي أننا نصارع مع اللغة اللاهوتية المعقدة الآتية من الفلسفة، وربما كان أفضل ما جاء به لوثر هو محاولة القضاء على اللاهوت المدرسي بمعضلاته اللغوية والفلسفية – ذلك اللاهوت الذي لم يقدر أن يعيش أو يعطي إجابة شافية عن المشكلات التي واجهت الكنيسة الرومانية في القرن السادس عشر، والمشاكل التي قادت حركة الاصلاح وبشكل خاص لوثر.
المعضلة الثانية: إن فكرة “الاستحالة الجوهرية” كما رآها لوثر هي مرتبطة بشكل دقيق بفكرة الكهنوت الروماني. وهنا أنبِّه إلى خطأ نقع نحن أحياناً فيه، لم يكن موجوداً عند آباء الكنيسة في القرون الأولى، وهو التعليم عن كنيستين: الكنيسة المنظورة والكنيسة غير المنظورة، كنيسة مجاهدة وكنيسة منتصرة. وهذا التعليم وُلِدَ في الغرب، وأدخل فكرة هرمية كهنوتية كما نراها في الغرب الكاثوليكي، فالمسيح رأس الكنيسة غير المنظورة – الكنيسة المنتصرة – البابا رأس الكنيسة المنظورة – الكنيسة المجاهدة. لكن التعليم المسيحي الذي صيغ في قانون الايمان النيقاوي هو أننا نؤمن بكنيسة واحدة، كما تقررت في كتابات توما الاكويني. وبالتالي فما يحدث في الكنيسة التي على الأرض – الكنيسة المجاهدة – لا شأن له بما يحدث في الكنيسة المنتصرة. إن البابا الروماني، وحتى هنا في مصر أيضاً، بابا الإسكندرية هو رأس الكنيسة المنظورة، وهذا تعبير أخذناه من اللاهوت اللاتيني، دون أن ندري. إن البابا هو رأس الكنيسة المنظورة وأنه يملك المفاتيح التي أُعطيت للقديس بطرس، ويستطيع أن يغلق السماء في وجه من يريد، ولذلك مع التعليم بكنيستين، ومع نمو السلطان الكهنوتي، كانت فكرة قدرة الكاهن وسلطانه على أن يحول الخبز والخمر، هي فكرة ضاربة بجذورها في اللاهوت الغربي، وصارت ضاربة بجذورها أيضاً في اللاهوت الشرقي بعد القرن الثامن عشر. وصار من المستحيل التصدي لهذه الفكرة إلاَّ بالعودة إلى التعليم القديم الذي شاع في الكنيسة الاولى. لأنه يوجد كاهن واحد في السماء وعلى الارض هو المسيح، ويوجد جسد واحد له رأس واحد، الكنيسة جسد المسيح التي لها رأس واحد هو يسوع المسيح. وبالتالي فإن ما يحدث في العشاء الرباني كان تدعيماً لفكرة الكنيسة وللسلطان الكنسي في تقديم ذبيحة الافخارستيا، الذبيحة التي تُذبح وتقرَّب من جديد في كل قداس. فالكاهن على الأرض هو كاهن يقرِّب المسيح مذبوحاً إلى الله الآب. وبالتالي فإن تعليم “الاستحالة الجوهرية” يجلب معه دون أن ندري، بقصد أو بسوء قصد السلطة الكهنوتية.
النقطة الثالثة: ولعل أكثر من انتبه إليها من المصلحين هو يوحنا كالفن، إن ما يحدث في الكنيسة هو من عمل الروح القدس. الأسرار الكنسية هي عمل من اعمال الروح القدس. واسمحوا لي أن أعود إلى هذه النقطة الاساسية التي انشغل بها الغرب والتي دخلت أيضاً في اللاهوت الشرقي بعد ذلك.
ما هو تعريف السر الكنسي؟ كما جاء في الكتب الإنجيلية العربية، حتى التي صدرت في العصر الحديث: إن السر الكنسي هو علامة محددة منظورة تحتوي على نعمة غير منظورة. وأريد أن أقول إن الآباء في الشرق لم يضعوا تعريفاً للسر الكنسي على وجه الاطلاق. الأسرار كما ناقشها الآباء في الشرق هي عمل من أعمال الروح القدس. لم يكن هناك تحديد أو تعريف للسر. لم يكن هناك أيضاً بحث في عدد الاسرار الكنسية، ولذلك فالشرق قد عرف مؤخراً بعد مجمع ترانت الذي أصفه بالمجمع المشئوم، الذي أغلق سبيل التقدم اللاهوتي أمام الشرق والغرب معاً. وقبل مجمع ترانت لم يكن هناك أسرارٌ سبعة في الكنيسة. كانت هناك أسرار، ولكن لم يكن هناك تحديد. ولكن هناك تساؤلات عن العدد، ومن هنا فلقد بات من الواضح أن تحديد السر الكنسي بأنه شيء منظور أو علامة منظورة يعطي للمؤمن في داخلها نعمة غير منظورة، يفتح باب الجدل الواسع لموضوع الاستحالة الجوهرية. إنني أُسجِّل هنا أن لوثر لم يبتعد كثيراً عن القديس اغسطينوس الذي وضع هذا التحديد، وقد صارع لوثر مع تحديد أوغسطينوس للسر الكنسي. ولكنهما لم يكتشفا ما جاء في التراث الشرقي. وهنا فالآباء – إذا أخذنا الآباء كما هم دون القراءة والدراسة التي سادت الشرق بعد القرن الثامن عشر – فإن الآباء يمكن أن يضيفوا إلى حياتنا وفكرنا اللاهوتي الكثير. فالآباء لم يميِّزوا بين العَرَض والجوهر، ولم يبحثوا في المنظور وغير المنظور، ولذلك فحتى في الشرق والغرب عندما كان الكاهن يقسم الخبز والخمر، فإنه يعلم يقيناً أن أصغر جزء فيه لا يجوز التصرف فيه بطريقة لا تليق، ولكن يجب أن يؤكل بالاسلوب الكنسي المتبع. فليس إذن من منظور أو غير منظور. ولعلي أضيف هنا موضوعاً لم يصادف الشرق بعد، ولم يأخذ حقه من الدراسة أيضاً في الغرب: إن الآباء وفي القداسات القديمة اعتبروا الخبز مثالاً لجسد المسيح. وكلمة مثال هي الكلمة اليونانية “تيبوس” tupos والذين يقرأون العهد الجديد باليونانية يعلمون أنها كلمة واسعة عند الرسول بولس، تعني النموذج أو الشيء الذي يخبر بشيء، وبالتالي فإن قداس القديس سيرابيون، وهو الصديق الحميم لأثناسيوس الرسولي، وفي قداس القديس باسيليوس، النص اليوناني – وهو مختلف كثيراً عن النص القبطي – هذا الخبز المقدس مثال لجسد المسيح، وبالتالي فعندما نكسر هذا الخبز ونشرب من هذه الكأس، فأننا نعيش الذكرى، ليس بالمعنى الموجود عند “زوينجلي” وهو الشائع في مصر بكل أسف، ولكن بالمعنى الشائع في الكتاب المقدس، فالذكرى هي حضورٌ. فالمسيح الحاضر في وليمة العشاء الرباني يعطي حياته للمؤمنين، ويتذكر المؤمنون، ليس من قبيل النسيان، وليس بعمل عقلي مجرد ما حدث على الصليب وفي القيامة، ولكنهم يتذكرون بالاشتراك في حياته ما فعله المسيح وما وهبه لأجلهم في الصليب وفي القيامة.
النقطة الرابعة: كان لوثر قريباً جداً من الآباء عندما اقترب كثيراً من علاقة العشاء الرباني بقيامة المسيح، وبذلك يكون قد ابتعد كثيراً عن اللاهوت المدرسي الذي حصر الإفخارستيا في صليب المسيح فقط. وهناك دراسات كثيرة معاصرة في القرن العشرين، ومع ذكرى الاحتفال بمرور خمسمائة عام على مولد لوثر، ربما كان في استطاعتنا أن نقدم هذه الدراسات باللغة العربية. إن الافخارستيا هي جسد المسيح الممجد، والعشاء الرباني يحمل لنا قوة القيامة. كان لوثر قريباً جداً من ذهبي الفم ومن باسيليوس الكبير ومن آباء الكنيسة الشرقية، عندما اعتبر أن العشاء الرباني يدخل في حياة الانسان ذكرى قيامة المسيح أيضاً.
لقد طرقنا عدة موضوعات في آنٍ واحدٍ، منها موضوع شائك لا توجد له مراجع في اللغة العربية والأمر يدعونا للأسف الشديد والحزن الشديد، ولا تزال رسالة الدكتوراة التي قُدِّمت في جامعة كمبردج عام 1970م عن تطور لاهوت الأسرار، وهي رسالة كتبتها بيدي الاثنتين لا تزال محفوظة في قسم المخطوطات، وعلى من يريد أن يطَّلع عليها أن يحمل إذن خطي مني، فما جاء في هذه الرسالة هي مجموعة من المفاجآت الغير سارة للشرقيين والغربيين معاً؛ لأننا على وجه يقين نعيش في عصر تحول عظيم في الفكر المسيحي بفعل ما جاءت به الحركة المسكونية.
إن التقُارب المسيحي يحدث بإرادتنا وبغير إرادتنا. يحدث بإرادتنا؛ لان الظروف المحيطة بالكنيسة المسيحية في العالم تفرض على المسيحيين جميعاً أن يعيشوا حياة المحبة كشهود أمناء لمحبة الله. وبغير إرادتنا؛ لأن علماء اللاهوت في الشرق و الغرب قد قالوا الكثير، واكتشفوا الكثير، ونبَّهونا إلى الكثير من الاخطاء التي وقعت فيها مدارس اللاهوت في التسعة عشر قرناً الماضية. وقد سررت عندما وصلني كتاب من جامعة أثينا كتبه الاستاذ اللاهوتي اليوناني الذي له احترام كبير في الوسط الارثوذكسي “كارمبرس” بعنوان الأسرار في الكنيسة الارثوذكسية، فحصر كافة الأسرار في سر كنسي واحد، هو سر زواج المسيح بالكنيسة. وهناك كتاب آخر للاهوتي يوناني معاصر حصر أسرار الكنيسة في سرين فقط. هذه الكتب وإن كانت سجينة اللغة اليونانية الحديثة، إلاَّ أن هناك ثمانية من طلبة الاكليريكية يدرسون في اليونان وسوف يتمكنون من ترجمة هذه الكتب، وقد قرأت الفصول الخاصة بالأسرار رغم أن معرفتي باليونانية الحديثة ليست جيدة، ولكنني قرأتها لأنني كنت أشعر أن هناك يداً تبرز للمعونة. فنحن قد نواجه جدلاً عريضاً في داخل كنيستنا المصرية، وأنا أعني بذلك كافة الكنائس المسيحية.
إنني أتمنى أن تكون في مصر كنيسة واحدة بلا انقسامات تستطيع أن تقدِّم الإنجيل حياً في حياة أعضائها. إن هذا عملٌ صعب يفوق قدرة الارادة الانسانية، ولكنه العمل الالهي والعطية العظمى من الله التي سوف تُعطى لنا إن حاولنا نحن أن نطرق باب النعمة الالهية؛ لان كل مَن يسأل يُعطى، ومَن يطلب يجد، ومَن يقرع يفتح له.
27 تعليق
أنا سعيد جداً بوجود مثل هذا الموقع على الانترنت
ولا أعرف أن أعبر عن مدى سعادتي عندما وجدت أنه هناك لا تزال هناك 7000 ركبة لم تنحن لبعل هذا الزمان.
لقد شاهدت حلقات برنامج “أين الحقيقة” ووجدت بها كثير من عدم الاتزان (للأسف) من كلا الاسقفان اللذان كانا ضيفان على مدى السبعة حلقات التي أذيعت عن الدكتور جورج بباوي.
وحزنت كثيراً جداً … لما ظهر في الحلقات تعبيراً على ضحالة وفقر الفكر اللاهوتي للكنيسة القبطية الآن … ومحاولة النيل من شخص الدكتور جورج بباوي سواء كان بالحق أم بالافتراء. فكانا بالحق هذان الأسقفان مثل حنان وقيافا في الماضي اللذان كانا يريدان قتل السيد المسيح سواء بوجه حق أم بدون.
هذا ما كان ظاهراً لي على مدى الحلقات.
لكن على ما أظن ان هذه الحلقات التي أذيعت على قناة أغابي كانت عليهما ولم تكن لهما لأنهما كانا يصححان لبعضهما البعض الكلام والأفكار… فكانا مضحكان أكثر مما توقعت (فشر البلية ما يضحك). ولقد كان الأنبا بيشوي يفتقر الى الشهادة حتى انه كان يستشهد بما يؤمن به مذيع البرنامج (الأصغر منه في السن والخبرة).
ولكن يخطر ببالي اقتراحاً الآن … أليس الدكتور جورج بباوي ما يزال على قيد الحياة … فلماذا لا يحاورانه؟؟ … وبعد ذلك يحكموا عليه إن كانا على حق أو يعتذرا لشعب الكنيسة وله… إن كانا على باطل.
أي اعتذار عن عدم الحوار هو غير مقبول … وأخاف كل الخوف أن لا يوجد هناك إلا سبب واحد وهو انهما ليسا على المستوى العقلي والنفسي والفكري واللاهوتي والروحي الذي يقدر على المحاورة أساساً سواء مع الدكتور جورج أو مع غيره.
أليسا هما من العقل والسن والفهم أن يقوما بما اقترحه الآن؟؟
أعود وأشكركم على جهدكم الرائع وليس لي سوى أن أدعي لكم بأن يعضدكم ربنا يسوع المسيح لما فيه الخير لكنيسته المحبوبة.
أرجو النشر … وأرجو نشر كل تراث الدكتور جورج بباوي … خصوصاً الليتورجي … لأنه على ما أظن أنه يمتلك تراثاً كبيراً من الكتب القيمة والأبحاث والدراسات اللاهوتية التي لا تقل عن مستوى كتابات الآباء العظام الأولين.
الرب يسوع يعوضكم ويرحم كنيسته في هذا الزمان الرديء.
أذكروني في صلواتكم.
المقال جميل ورائع يحوي فكرا لاهوتيا ابائياً ارثوذكسياً ، كما يحوي وعي بالحركة المسكونية و الإصلاحية علي مدي حقبة من الزمن .
تميز الكاتب بالوعي و الإدراك التاريخي مع التحليل الزمني و الفلسفي المتتابع مع اللاهوت .
من قراءتي لكتابات الدكتور جورج بباوي أجد التناقض في الفقرة الواحد واضح جلي وكلام في غير محله. كيف يكون لوثر هو من نقل أوروبا أو الكنيسة على الأقل لمرحلة العقلانية؟ وأين ذهبت جهود إراسموس؟ بجرة قلم يطيح الدكتور بباوي بجهود الناس الذين بقوا في كنيستهم وحافظوا على وحدتها ورفضوا الانصياع لتجربة حب الظهور مثل لوثر ومن حذا حذوه. أرى اعتراضات على التعاليم التقليدية في الكنيسة ولا أجد لها مبرر سوى الرغبة في حب الظهور ومن منطلق خالف تعرف. لست من أصول مسيحية وإنما أنا اخترت المسيحية باختياري الشخصي ومع ذلك يؤسفني حرص الدكتور بباوي على السعي على قدم وساق لأن يكون contra mundum وتتكرر ملحمة لوثر من جديد وهي انشقاق الكنيسة وشمات المسلمين بهم وهم يتندرون بكم ويقولون “تكفير مقابل تكفير”.
أرجو السماح لي من إدارة هذا الموقع الكريم أن أرد على الأخ الجزيل الإحترام Timothy Abraham في بعض النقاط التي تفضل سيادته وقام بطرحها في رأيه …. ولست أبغي شيئاً سوى الحوار البناء الذي يبني كل زوار هذا الموقع سواء الزوار المتحاورين أو القراء فقط.
عندي لك أسئلة أخي العزيز … أرجو أن تجاوب عليها بصدر رحب…
1- ين هو التناقض الموجود في المقالة؟ ارجو التوضيح ؟
2- وأين الكلام الذي في غير محله؟ … أرجو أيضاً التوضيح ؟
3- أما عن رأيك في أن لوثر هو من نقل أوروبا الى مرحلة العقلانية … فالمقالة لا تقول هذا الكلام على الإطلاق…فسؤالي هو إما ان يكون قد اختلط عليك الأمر … أم قرأت المقالة على عجالة … أم أنا الذي لا أعرف أن أقرأ العربية من أصله ؟؟؟ … ولكن إن ما ورد في المقالة كان عن حركة الإصلاح الديني ككل … خاصة أن ما أورده الدكتور جورج كان اقتباس عن الدكتور مراد وهبه أصلاً … وغني عن البيان أن حركة الإصلاح وإن كانت قد بدأت من مارتن لوثر إلا انها لم تنته عنده بل كمَّل ما بدأه لوثر آخرين … وهناك أيضاً من جاء بعد مارتن لوثر وانقلب على لوثر نفسه مثل “زوينجلي” ونادى بتعاليم لم يعلم بها لوثر أصلاً …. هذا أولاً .. أما ثانياً … من قال أن كاتب المقالة أي الدكتور بباوي أضاع بجهود الناس الذين بقوا في كنيستهم … أين وردت في المقالة ؟؟
أنا لا أدافع عن الدكتور بباوي إطلاقاً … أنا أصرح بهذا أولاً لئلا تتهمني بأنني أدافع عن شخص .. ولكن ما أتكلم عنه هنا يا أخي العزيز هو تاريخ … لا مجال للآراء الشخصية فيه … سواء كنت أنا أو أنت متفقان مع كاتب المقال أم مختلفان معه … فكلا الحالتين لك كامل الحرية في رأيك وأنا أيضاً.
4- ثم يا أخي العزيز أين حب الظهور في المقالة؟ ومن هو هذا المريض بهذا المرض؟ هل هو كاتب المقالة أم لوثر؟ … أم الاثنان واحد في رأيك؟
5- أن المنطلق الذي تتكلم عنه وهو خالف تُعرف … قد تكون على صواب لو أن هذا المنطلق يكون مبنياً على خلاف في آراء شخصية لا مرجعية لها … ولكن الخلاف عندما تكون له مرجعية أو أساساً لاهوتياً عقائدياً عاماً فلا يكون حتماً الخلاف فيه هدفه هو حب الظهور … فهذا اتهام لا أساس له من الصحة على الإطلاق … وذلك لأن الموضوع المطروح للنقاش ليس رأياً شخصياً.
6- لي سؤال لك … لماذا اخترت المسيحية كما أوردت في رأيك؟؟ هل لي أن أقول لك انك من الشخصيات المريضة بحب الظهور؟؟ هل كنت تؤمن بالمبدأ خالف تُعرف لذلك اخترت أن تنضم الى المسيحية؟ …. لا أريد رداً منك على هذا السؤال … وذلك لأن مجرد سؤالي لك سؤال كهذا .. لهو اتهام في حد ذاته لك ولي في آن واحد …. اتهام لك لأني أشكك في صدق نيتك … واتهام لي لأنني أدعي على نفسي بأن أعرف ما هو قصدك الحقيقي من الانتماء للمسيحية … وهذا لا أقدر أن أنسبه لنفسي … لأن الذي يعرف المقاصد الحقيقية في قلب الإنسان هو الله عز وجل … فهل أنت تدعي على نفسك معرفة حقيقة المقاصد والنوايا؟؟؟ … هل شققت عن قلب كاتب المقال الدكتور جورج لكيما تدعي عليه انه يحب الظهور ومريض بهذا الداء؟؟؟ … هوِن عليك يا أخي … دعنا لا نتهم ولا نجرح بعضنا بعضاً … ان كنت قد وجدت شيئاً ايجابياً في المقالة فهنيئاً لك ولي ايضاً به … وإن لم تجد شيئاً مفيداً … فاترك المقالة جانباً … ولكن اذا وجدت شيئاً يحتاج المراجعة .. فعليك بالرد المقنع ولتكن مراجعك ومصادرك في حوذتك.
7- في اعتقادي أن انشقاق الكنيسة لا يأتي بالخلاف اللاهوتي أو العقيدي وإنما بالكراهية والبغضة يأتي الانقسام والانشقاق … يا أخي العزيز لو اختلفنا سوياً في الرأي أو العقيدة ولكن ما زلنا نحب بعضنا بعضاً حباً حقيقياً .. فإن اختلافنا سوف يأتي بالتكامل وبكل ما هو ايجابي لكلانا… لكن ما رأيك في اثنان يعتقدان نفس المعتقد ويبغضان بعضهما البعض؟؟؟؟؟ الحقد والكراهية والبغضة هي التي تقسم الكنيسة حقاً ….
وأتذكر الآن قول القداس الإلهي في طلبة من ضمن طلباته (انعم على شعبك بالقلب الواحد) … القلب الواحد هنا يعني المحبة الحقيقية … ألا تتذكر معي عندما جاء التلاميذ الى ربنا يسوع وقالوا له اننا وجدنا أناس آخرين لا يتبعوننا يخرجون شياطين باسمك … اتذكر معي ماذا قال لهم رب المجد يسوع؟؟ قال لهم ما معناه أن ليست المشكلة في انهم يتبعوننا أو لا يتبعوننا … فليست المسألة سلطة شخصية وتبعية ذاتية ولكن المسألة هي اتباع الحق نفسه أي المناداة باسم وشخص ربنا يسوع المسيح. لأن المسيح يوحد الذين يتبعونه … ألم تسمع في القداس الإلهي انه جعلنا له شعباً مجتمعاً … ألسنا نتناول المسيح في الافخارستيا لكي نكون معه ومعاً جسداً واحداً وروحاً واحداً … وهذا طبيعي … لأنه ان كان هو الرأس ونحن الأعضاء فنحن … أي أنا وأنت اعضاء في جسد واحد … لأن الرأس واحد.
8- أما عن شماتة اخوتنا المسلمين التي تؤرقك … فلا تهتم بها كثيراً … لأن ربنا يسوع نفسه قال “أنتم ملح الأرض فإن فسد الملح لا يصلح بعد لشيء إلا ان يطرح خارجاً ويداس من الناس” … أرجوك يا أخي أن تهتم ان تصلح الملح (الذي هو أنا وأنت وكل الكنيسة) ولا تهتم بأرجل الناس التي تدوس الملح الفاسد… علينا أن نقبل محبة المسيح ونؤمن بسكناه فينا حتى نتغير ونخلع الانسان العتيق ونلبس الانسان الجديد حتى لا نداس من الناس.
أنا في غاية الأسف على الإطالة الغير مقصودة إطلاقاً … ولكنني يا أخي ارجوك أن تهون من على نفسك وأن تقرأ المقالة من جديد … لعلك ترى ما رأيت أنا فيها … فهدف الحوار وكل حوار هو أن ننمو معاً … وان نصحح لبعضنا البعض … سامحني واغفر لي من أجل محبة المسيح.
الأخوة مديرين الموقع سامحوني… أرجو النشر وأن تذكروني في صلواتكم.
يسعدني أن ارسل لكم رسالتي الاولى والتي اعبر لكم فيها عن عميق شكري وامتناني للجهد الذي تبذلونه من اجل اعادتنا الى الاصول اللاهوتية الابائية. أنا الان اقوم بدراسات عليا في كلية اللاهوت باليونان وكنت قد درست اللاهوت من جذوره باليونانية الحديثة وأستطيع ان اجزم ان أفكاركم وكتاباتكم، ايها الاستاذ المحترم جورج بباوي، لاتنفصم عن الفكر الابائي اللاهوتي. في كتب اللاهوت التي تدرس اليوم في اليونان، يلاحظ الدارس عودة الى التراث الابائي الروحي وخاصة فيما يتعلق بموضوع التأله والاسرار السبعة والى ماشابه من المواضيع اللاهوتية الشائكة والمختلف فيها بين الكنائس وفي الكنائس، وأنا سعيد بأن عدوى هذه العودة قد أخذت بالانتشار ومن أحد روادها هو أنتم يااستاذي المحترم.
اعذروني عن عدم ذكر اسمي الصريح لاسباب خاصة.
الرب يبارك في حياتكم وعملكم
لعل من أهم آراء اللاهوت المدرسي هو نظرية الاستحالة الجوهرية في الإفخارستيا (التي تعتمد على تقسيم أرسطو لكل الأشياء بوصفها مظهر “عرض” و جوهر ) وبذلك المنطق فإن في الإفخارستيا يتحول الجوهر إلى جسد ودم بينما يبقى المظهر أو العرض في صورة خبز وخمر وقد قوبلت تلك النظرية الفلسفية (التي قد أصفها بالعقيمة ) برفض واسع في صفوف الكنيسة الأرثوذكسية الخلقيدوينة إذ أن الإيمان الأرثوذكسي يتمسك بحقيقة الجسد والدم وأن الموجود على المذبح هو الطبيعة الواحدة لله الكلمة المتجسد وليست الإفخارستيا مجرد استحالة إو إرتقاء على مستوى الجوهر فقط , ولكنهم في رفضهم هذا لم يتطرفوا إلى الاتجاه المضاد فهم يؤمنون مثلنا أن هناك تحول في صلوات التقديس ولكنهم لا يستريحون إلى منطق المظهر والجوهر.
ولكن ما بالنا نحن الأقباط بذلك الجدل البيزنطي؟ لا أعرف, فقد ظلت كنيستنا تصلي وتنادي في الإعتراف الأخير ويصرخ كل كاهن حتى يومنا هذا ويقول :” جسد ودم عمانؤيل إلهنا هذا هو (الموجود على المذبح) بالحقيقة آمين.”
ولنا ملاحظتان:
1-بمراجعة النص اليوناني ( المستعمل في الكنيسة اليونانية) لقداس القديس باسيليوس وجدنا أن التعبير المستخدم ليس “تيبوس” ولكن أنتيتيبون” ومعناها , mirror image وهي تختلف عن مثال فمعناها صورة بالمرآة والفارق كبير خاصة إذا عرفنا إن هذا التعبير يقال عن الخبز والخمر قبل صلوات التقديس واستدعاء الروح القدس, أي أن الخبز والخمر نرى فيهما محبة الله وفداءه كأننا نرى في مرآة ولكننا سنأخذ الحقيقة الكاملة جسد ودم الله الكلمة المتجسد بعد حلول الروح القدس (وهو ما يتفق مع إيمان كنيستنا القبطية الأرثوذكسية)
2- القول إننا نتناول من الخبز والخمر يحمل في طياته إنكارًا لتحولهما إلى جسد ودم الرب خلافًا بما يقوله الكاهن : “وهذا الخبز تجعله جسدًا مقدسًا لك وما بهذه الكأس دمًا كريمًا للعهد الجديد الذي لك” والكلام واضح ولا يحتاج إلى سفسطة فالموضوع في الصينية والكأس هو الخبز والخمر قبل التقديس وجسد ودم حقيقي بعد التقديس
الي كوبتك فازر
قدسك قلت
—–
ولكن يخطر ببالي اقتراحاً الآن … أليس الدكتور جورج بباوي ما يزال على قيد الحياة … فلماذا لا يحاورانه؟؟ … وبعد ذلك يحكموا عليه إن كانا على حق أو يعتذرا لشعب الكنيسة وله… إن كانا على باطل.
——
نفس السؤال خطر في بالي بعد مؤتمر تظبيط – مش تثبيت – العقيده بتاع الفيوم عن ابونا متي
كانو فين من خمسين سنه فضل يكتب خلالها
لو حد عنده اجابه غير كلام محاربه الافكار و ليس الاشخاص ياريت يدلنا
و بصراحه حتي المونولوج اللي بيتعمل ادي انطباع ان بعض الاشخاص لم يقراو الانجيل من اساسه و يتكلمون فيه
ماركووو
اخ تيموثي
اهلا بيك هنا و ياريت تشاركنا بوجهه نظرك
انت قلت .
————–
. أرى اعتراضات على التعاليم التقليدية في الكنيسة
————–
ما المقصود بالتعاليم التقليديه
و ما هي الاعتراضات
لقد قرات في كتيب تم توزيعه مع مجله مرقس دراسه عن تطور الفكر الارثوذكسي و دور ابونا متي في اعاده اكتشاف الدراسات الابائيه
فالسؤال هنا هل بقاء الحال علي ماهو عليه انتظارا الي فرصه افضل في المستقبل لكي يعاد نشر هذه الدراسات بدعوى عدم التشتيت او الخوف من الخلافات؟
ماركووو
إن عقيدة الاستحالة الجوهرية(transubstantiation ) هى مفترق الطرق بين اللاهوت الأورثوذكسى بأصوله الابائية واللاهوت الغربى.النظرة الايائية الأصيلة هى أن المسيح خارج من هذا الكون ومغادر له،المسيح هو الكون الجديد هو الخليقة الجديدة التى نتحول اليها. لايتحول المسيح الينا بل نحن الذين نتحول اليه وهذه هى النقطة المحورية فى لاهوت الأسرار. نحن نصحب صورة وجودنا العتيق (من ماء وزيت وخبز وخمر ) نصحبها الى اللينورجية لنتجاوزها فى حركة الرمز المنطلقة والمتخطية لحدود الصورة.فى الاقخارستيا نأخذ خبزنا المهترئ المتشرذم المكسور ،نأخذ خمرنا المسكوب ،نأخذ هذه الصورة التى هى صورة وجودنا المتشظى المبعثر التائه فى الزمان والمكان وحين نصطحب تلك الصورة الى الليتورجية فاننا نتجاوزها ونتحرر منها الى الكيان الواحد ؛شخص المسيح.هذه اذن هى المفارقة العجيبة التى تصنعها عقيدة الاستحالة الجوهرية وهى بدلا من أن تصبح الليتورجية الافخارستية مناسبة للتحرر من صورة وجودنا العتيق نجدها تصبح مناسبة احتفالية لتكريس تلك الصورة، وبدلا من أن نتحرر بالخروج الى المسيح نأتى بالمسيح ونعزله ونحدده فى مجرد “جسم أسرارى”.دمتم فى المسيح.
ان الاعتقاد بالاستحالة الجوهرية هو بمثابة مؤامرة من أجل تصفية لاهوت الأسرار وواقع الأمر أن هذه العقيدة ترسب فى العقل الجمعى المسيحى أن السر الكنسى هو مجرد حدث أشبه بالسحر،ومن أجل أن ندحض هذه الاعتقاد ونكشف زيفه وفساده بات علينا أن نرصد الاختلاف فى المعنى والمضمون بالنسبة لثلاثة كلمات أساسية فى “لاهوت الأسرار” وهى:السروالصورة والرمز.
1- مصطلح:السر.
لايعرف العهد الجديد سرا من الممكن أن يكشف بالنعمة غير سر المسيح؛ فالسر الكنسى هو سر واحد وهو سر تحقق وجود الكنيسة كجسد للمسيح ويتضح هذا المعنى بجلاء شديد فى كتابات الرسول بولس. السر الكنسى هو الكشف لحقيقة صيرورة المؤمنين مسيحا واحدا ولامعنى لفردية السر لأنه فى المسيح لاوجود للجزء بمعزل عن الكل ولاوجود للعضو مالم يكن يعنى ذلك تحقق وجود الكيان كله، هذا عن الجدلية بين الفرد والجماعة فى السر الكنسى ولكن هناك جدلية أخرى بين الوحدة والتعدد فبالرغم من أن الغاية التى يكشفها السر هى الخليقة الجديدة أى الكنيسة الواحدة الكائنة فى كيان المسيح الواحد الا أن هذا لايتناقض مع التعددية التى يكشفها السر وما الاعتقاد بوجود سبعة أسرار الا كشف لسبعة اشباعات تملأسبعة احتياجات وجودنا العتيق عندما يقبل “سبعة أرواح الله المرسلة الى العالم” واذا افترضنا فرضا فاسدا بأن الروح القدس ينقسم الى سبعة ارواح بكون من الجائز حينئذ أن نقسم السر الكنسى الى سبعة أسرار منفصلة ومنعزلة كل عن الاخر !!!.ان سر المسيح سر كامل وفيما يمتلئ أحد الأسرار فان ذلك يعنى امتلاء الكل فمثلا من المستحيل تقبل صيرورة الانسان كيانا افخارستيا أى صيرورته عضوا فى جسد المسيح (فى سر الافخارستيا) مالم يكن يعنى ذلك صيرورته مولودا من الاب(أى امتلاء سر المعمودية) ؛والأمر أشبه بالأنابيب المستطرقة والتى ما أن يمتلئ أحد فروعها الا ويكون معنى ذلك امتلاء الجميع، وبنعمة الرب ستكون هذه الجدلية مجالا لحديث اخر.
2-مصطلح:الصورة.
الصورة هى صورة وجودنا العتيق هى الصورة الميتة الساكنة التى ننطلق منها فى حركة النعمة نحو تحقيق سر المسيح،وواقع الأمر هو أن اللاهوت الأورثوذكسى بصفة عامة هو لاهوت الصورة أو لاهوت الأيقونة والكلمة لاتشير فقط الى الأيقونات المعلقة على جدران الكنائس ولكن الأمر أعظم من ذلك بكثير فالليتورجية ايقونة والمناسبات والأعياد أيقونة، ويبلغ مضمون الأيقونة ذروته فى لاهوت السر الكنسى؛ والايقونة(الصورة) هى المنطلق الحركى للسر هى نقطة واقعنا الذى ننطلق منه فمثلا فى الافخارستيا نجد أن صورة وجودنا تحمل وجهين مختلفين: الوجه الأول هو وجه حدث “الأكل” كلغة بيولوجية تعلن تحقق الوجود من خلال الشركة فى الاخر”اى الطعام”،أما الوجه الاخر فهو الخبز المكسور المهترئ والخمر المسكوب وهذا الوجه هو وجودنا المتشرذم المنقسم والمبعثر فى الزمان والمكان، وأما غاية الافخارستيا هى أن نتجاوز هذه الصورة البائسة بوجهيها فننطلق من الطعام الوهمى الذى كل من يأكله يموت الى الطعام الحقيقى غير البائد وهنا تتجلى وتمتلئ رمزية الأكل فيتكشف لنا أن الأكل هو الولوج الى الحياة الأبدية فى المسيح وأن ماكان يعتبر قبلا أكل هو محض وهم، وأيضا فى الافخارستيا ننطلق متجاوزين صورة الوجود المكسور المشتت الى التموقع فى الوجود العضوى الواحد الكامل الممتلئ ؛شخص المسيح… وأيضا فى المعمودية نجد أن المياه هى صورة وجودنا التى هى أيضا تحمل وجهين متناقضين فالمياه هى المناسبة الأولى للحياة فى وجودنا العتيق وهى فى نفس الوقت مناسبة للموت
وأما غاية المعمودية هى أن تتجاوز هذه الصورة البائسة بوجهيها فننطلق من المياه كصورة للموت الى الموت مع المسيح وننطلق من المياه كصورة للحياة الى الولادة الجديدة التى يكرس فيها لنا بدء أبدى بالتبنى للاب .
3-مصطلح: الرمز.
لاتوجد كلمة تخص لاهوت السر الكنسى ينبغى أن يبذل الجهد المضنى فى سبر أغوارها مثل هذه الكلمة . ولكى ندرك بعض الادراك مفهوم هذه الكلمة دعونا نعود الى مسلمة أساسية وهى مفهوم مصطلح “النعمة” فنقول ان للنعمة وجهين: وجه الهى ووجه انسانى والنعمة فى قمة استعلانها يمكن التعبير عنها بمصطلحين مختلفين حسب منظور الرؤية ؛ فمن المنظور الالهى الانسانى تتجلى النعمة من خلال مصطلح “التجسد” ومن المنظور الا نسانى الالهى تتجلى النعمة من خلال مصطلح ” التأله:theosis “,واذا كان التجسد هو دخول الكلمة الى صورة وجودنا فان الحدث الموازى الذى فيه تشيع النعمة للجميع ( التأله) هوالخروج والتجاوز والتخطى لصورة وجودنا نحو الشركة فى الكلمة، وهنا فقط نستطيع ان نكتشف مدلول “الرمز”؛ فالرمز هو الحركة النعموية المتجاوزة للصورة العتيقة والتى تبلغ قمتها بالكينونة فى المسيح اى بتحقق امتلاء السر الكنسى .الرمز هو حركة تأله الانسان انطلاقا من صورة وجوده العتيق.
نحن اذن فى السر الكنسى لانحتفل بصورتنا العتيقة بل نحتفل بتخطى وتجاوز تلك الصورة ومن هنا نستطيع ان ندرك عمق المأساة التى يكرسها مصطلح “الاستحالة الجوهرية” والكارثة التى يصنعها مضمون هذا المصطلح هى احداث التماهى بين “الصورة” و “الرمز”و”السر” واختزال كل شئ فى الصورة يجعل من السر الكنسى أمرا لايمت الى المسيحية فى شئ.
دمتم فى المسيح.
رائع جداً هذا الشرح العميق عن مفهموم مصطلح السر والصورة والرمز
ما زال دكتور جورج لم يرد على تعليقي:
أنه بمراجعة النص اليوناني ( المستعمل في الكنيسة اليونانية) لقداس القديس باسيليوس وجدنا أن التعبير المستخدم ليس “تيبوس” ولكن أنتيتيبون” ومعناها , mirror image وهي تختلف عن مثال فمعناها صورة بالمرآة والفارق كبير خاصة إذا عرفنا إن هذا التعبير يقال عن الخبز والخمر قبل صلوات التقديس واستدعاء الروح القدس, أي أن الخبز والخمر نرى فيهما محبة الله وفداءه كأننا نرى في مرآة ولكننا سنأخذ الحقيقة الكاملة جسد ودم الله الكلمة المتجسد بعد حلول الروح القدس (وهو ما يتفق مع إيمان كنيستنا القبطية الأرثوذكسية)
الى الأخ/ tadros :
اسمح لى بالاشتراك فى الحوار والرد عى تعليقك اذا كان لا يزعجك الأمر.
كلمة “تيبوس” تعنى “النموذج” وقد استخدمت فى العهد الجديد بمعانى كثيرة مثل : القدوة والمثال والأثر والتمثال والصورة، وباختصار فان معنى الكلمة هو ” التجسيد لمضمون أو لمعنى معين فى صورة معينة”،وأما الحرف ( أنتى) اذا أضيف الى كلمة فهو يطفى عليها المعنى المقابل أو المعنى البديل أو المعنى المضاد ولذلك فان كلمة “انتيتيبوس”لاتعنى تجسيد المعنى فى الصورة ولكن تعنى انطلاق المعنى وتحرره من الصورة وتكميل رمزيته؛فبينما تحمل “تيبوس “مضمون ” الحضور فى الصورة” تحمل “أنتيتيبوس” مضمون ” حرية الرمز “.
وقد وردت كلمة “أنتيتيبوس” فى موقعين فقط فى العهد الجديد وهما :
1-لأن المسيح لم يدخل الى أقداس مصنوعة بيد (أشباه) الحقيقة،بل الى السماء عينها ،ليظهر أمام وجه الله لأجلنا.عب 9: 24 .
2–اذ كان الفلك يبنى، الذى فيه خلص قليلون،أى ثمانى أنفس بالماء. الذى (مثاله) يخلصنا نحن الان أى المعمودية. لا ازالة وسخ الجسد، بل سؤال ضمير صالح عن الله، بقيامة يسوع المسيح، 1 بط 3 :20 و 21 .
ما أريد أن أقوله هو أن الكلمتين وجهان لعملة واحدة وهما صحيحتان فى التعبير عن المائدة الافخارستية فكلمة “تيبوس” تعنى حضور المسيح الى الليتورجية الافخارستية وكلمة “أنتيتيبوس” تعنى استحضار المجتمعين فى الليتورجية الافخارستية ليشتركوا فى الكلمة كأعضاء فى جسد المسيح . الفرق بين معنى “حضور المسيح” ومعنى “استحضار الكنيسة” هو نفس الفرق بين “تيبوس”و”أنتيتيبوس”؛ لذلك فاننى لاأرى أن هناك اية مشكلة فى استخدام أى منهما كتعبير افخارستى.
دمتم فى المسيح.
الخبز و الخمر من منظور ثلاثية ( “الأيقونة” و “التيبوس” و الأنتيتيبوس” ).
1-مصطلح:” الأيقونة.
يعنى الصورة الاستاتيكية التى تمثل شبها معينا( likeness, image ) كما فى:( لمن هذه” الصورة”والكتابة؟ قالوا لقيصر…مت 22 : 19 – 21 ).وهو يختلف عن مصطلح ( مورفى )الذى يعنى الدلالة على طبيعة معينة (nature ) كما فى (الذى اذ كان فى “صورة” الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله .لكنه أخلى نفسه اخذا “صورة ” عبد صائرا فى شبه الناس. فى 2 :6 و 7 )
2-مصطلح:”تيبوس”
فى القاموس اليونانى للعهد الجديد( fourth revised edition ) تأتى احدى معانى الكلمة: النموذج المعيارى ( standard ) . اذن المصطلح يعنى “النموذج القابل للتطبيق” فهو لايعنى بأى حال الصورة المعزولة التى يمكن رصدها من خارجها . وفى لغة اللاهوت نحن لا نعرف نموذجا ينبغى تطبيقه فى الخليقة غير نموذج “المسيح”؛ فشخص الرب يسوع المسيح الممتلئ بكل أفراد الكنيسة هو ” النموذج ” (تيبوس ) ويتضح ذلك بجلاء عند الرسول بولس كما فى :
1- ( وجميعهم شربوا شرابا واحدا روحيا ،لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت “المسيح ” لكن بأكثرهم لم يسر الله ،لأنهم طرحوا فى القفر. وهذه الأمور حدثت “مثالا”(تيبوس) لنا، حتى لانكون نحن مشتهين شرورا كما اشتهى أولئك. ( 1 كو 10 :4 -6).
2-(الذين يخدمون شبه السماويات وظلها،كما أوحى الى موسى وهو مزمع أن يصنع المسكن. لأنه قال:”انظر أن تصنع كل شئ حسب “المثال (تيبوس) الذى أظهر لك فى الجبل ” ولكنه الان قد حصل على خدمة أفضل بمقدار ما هو وسيط أيضا لعهد أعظم، قد تثبت على مواعيد أفضل.(عب 8 : 5و 6).
اذن كلمة ” تيبوس ” هى” الصورة الديناميكية ” التى تحمل مضمونا وجوهرا يتخطى الصورة المجردة ، والكلمة المتجسد “شخص المسيح الممتلئ هو النموذج الذى يتم تطبيقه الان فى الكنيسة.
مصطلح :”أنتيتيبوس”
اذا كانت كلمة “تيبوس “تعنى “النموذج القابل للتطبيق” فان كلمة أنتيتيبوس” تعنى “النموذج المطبق بالفعل” ويؤكد ذلك مايدل عليه استخدام العهد الجديد للكلمة حصريا فى عب 9 : 24 وفى 1 بط 3 : 20 و 21 . وقد أشرت الى النصين فى التعليق السابق :
1-فى النص الأول نجد ان “الأنتيتيبوس ” اى النموذج الذى تم تحقيقه هو دخول المسيح الى الأقداس لأجلنا أى دخولنا نحن فى المسيح .
2- وفى النص الثانى نجد أن “الأنتيتيبوس” هو الرب يسوع المسيح الفلك الحقيقى الذى فيه يخلص جميع أفراد الكنيسة المنتصرين على الموت بالموت مع الرب اى بالمعمودية.
…الخلاصة:.
فى الافخارستيا يتم الكشف المزدوج للنعمة فيتكشف حضور الكلمة المتجسد الذى تعلنه كلمة “تيبوس” وهو حضور لايمكن استيعابه أو حصره فى “أيقونة الخبز والخمر” لأنه فيما هو حال فيهما فهو حال فى الكون كله وحال فى أبيه الذاتى والأمر هو ذاته مثلما كان الرب يسوع
يبدو كجسد منا بينما هو حال فى الكل ولاتشكل “أيقونة” جسده أى اختزال لكونه موجودا فى الكل
ويتكشف أيضا فى الافخارستيا حدث مواز اخر وهو يعد بمثابة استحقاق للحدث الأول؛أى حدث تطبيق النموذج الحاضر فى الليتورجية ؛أى تطبيق نموذج الرب يسوع بتحقق وجود أفراد الكنيسة
كأعضاء هو رأسها،وهذا الكشف الثانى الذى تكشفه الافخارستيا هو ماتعبر عنه كلمة “أنتيتيبوس”
اذن اختزال الأمر فى “أيقونة الخبز والخمر” هو تدمير لكل شئ فالافخارستيا تتجاوز وتتخطى أيقونة وجودنا العتيق حينما يتحقق نموذج انساننا الجديد ” الرب يسوع المسيح”.
———————————————————————————————-
فى انتظار تعليق نقدى من استاذى الدكتور / جورج حبيب.
——————–
دمتم فى المسيح.
… العلاقة بين مفهوم( الأيقونة ) و سر المسيح .
————————————————————
الكلمات الثلاثة الأساسية التى أعتقد أنه من المستحيل الغوص فى لاهوت الأسرار بدون تحديد النقاط الفاصلة بينها هى: 1-”السر” وهو سر المسيح أى سر تحقق وجود الكنيسة كجسد للمسيح؛ أى أن هذه الكلمة تعنى النموذج (تيبوس) الذى يريد الله تحقيقه فى الخليقة.
2-”الرمز”وهو حركة تحقق وتطبيق النموذج (أنتيتيبوس ).
3-الصورة(الأيقونة: من اللفظة اليونانيةeikon ).
————————————————–
الأيقونة هى حالة من الوعى البشرى يتم فيها استدعاء لحضور معين؛فأيقونة “قيصر” فى ( مت22 : 19 – 21 ) هى استدعاء لحضور سلطة “قيصر” فى ذلك الزمان وذلك المكان.
وأما على مستوى الحديث بخصوص لاهوت الأسرار فالأمر جد مختلف؛ففى السر الكنسى نحن لا نتقوقع فى نفس صورة وعينا العتيق ( تلك الصورة الزمانية المكانية ) بل ان غاية السر هى تحررنا منها والنقطة الجوهرية بل النقطة الحاكمة فى هذا الصدد هى أن وجود الصورة (الأيقونة)فى سياق رحلةالسرهو بمثابة نقطة الانطلاق للحدث.فالأيقونة هى نقطة السكون التى تنطلق منها حركة السر،ولاوجود لحركة الا من السكون. اذن هذه هى أيقونة وجودنا التى ننطلق منها الى سر المسيح. مفهوم الصورة فى اطار لاهوت الأسرار هو مفهوم ديناميكى يبدأمن مجرد الصورة المنظورة (التى هى صورة وجودنا العتيق ) لينمو وينضج فى ديناميكية وجهها العملى هو نمو وعينا الانسانى وتحرره من طبيعته الزمكانية المتشرزمة الى وعى كاثوليكى خارج عبودية الزمان والمكان هو مايعبر عنه الرسول بولس بمصطلح “ذهن المسيح”(1كو 2 : 16 ).
لذلك فاننا نبدأ انطلاقتنا السرية نحو التموقع فى المسيح من صورتنا نحن ؛من واقعنا البائس وعلى مسار رحلة السر يحدث التغير فى تلك الصورة الى أن نبلغ صورة هى النموذج ذاته الذى أراده الله فى الخليقة أى نموذج المسيح الممتلئ بكنيسته وهنا فقط يستعلن تمام السر (ونحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف،كما فى مراة، نتغير الى تلك الصورة(الأيقونة) عينها،من مجد الى مجد،كما من الرب الروح. (2 كو 3: 18 ).
الأيقونة المنظورة للسر هى حجاب وغطاء السر هى حجابنا عن المسيح الذى نخترقه ونتخطاه ونتجاوزه وننطلق منه وهذا الحجاب ليس بأى حال من الأحوال موقعا يتقوقع وينحصر فيه السر بل هو نقطة سكون موتنا التى ننطلق منها الى حركة وجودنا فى المسيح وهذا المفهوم للأيقونة هو الذى يكشف بشاعة عقيدة الاستحالة الجوهرية اذ أن مانحتفل به فى الليتورجية الافخارستية ليس هو الأيقونة المعزولة للخبز والخمر بل هو أيقونة وجودنا الجديد فىالمسيح الذى ننطلق اليه من أيقونة الخبز والخمر.
سر المسيح قد أصبح واقعا تاريخيا منذ لحظة التجسد ومنذ تلك اللحظة ظل السر مخفيا خلف حجاب أيقونة يسوع التاريخى التى كانت أيقونة لوجودنا البائس الفاسد بالطبيعة ومالبث أن أسلم يسوع عتيقه لمصيره الطبيعى حتى أعلن للتاريخ البشرى أيقونة الوجود البشرى الجديد المنتصر على الموت ، وفى الافخارستيا يستعاد نفس الحدث ليتكمل فى الكنيسة فيتكمل سر المسيح الذى انطلق فى التجسد ؛فتستعاد أيقونة جسد يسوع المصلوب فى صورة الخبز المكسور والخمر المسكوب وننطلق من هذه الأيقونة فنصير كنيسة.
الأيقونة ان لم تصر رمزا أى حركة تتجاوز محدوديتها كأيقونة منظورة فلا أمل فى شئ بخصوص مفهوم السر الكنسى ،لأن الرجاء المنظور ليس رجاء.(رو 8 : 24 ).
…دمتم فى المسيح.
————————————————————————
مازلت غير يائس فى الحصول على تعليق من استاذى الدكتور / جورج حبيب.
———–العلاقة بين مفهوم ” الأيقونة ” ومفهوم ” النعمة “.
_______________________________________________
هناك مفهوم فاسد يمثل أحد ارهاصات لاهوت العصر الوسيط ويمثل احدىالتأثيرات المأساوية للاهوت المدرسى على لاهوت الأسرار، وهو النظر الى الأسرار كوسائط للنعمة وهذا المصطلح بكل بساطة يختزل كل شئ فى الأيقونة المنظورة للسر جاعلا منها وسيطا للنعمة وبمجرد التعاطى من خلال أيقونة وجودنا المنظور مع ظاهر الوجود المنظور لذلك الوسيط ،يكون كافيا للحصول على النعمة فيكفى جدا أن نلتهم الخبز ونشرب الخمر حتى يكون معنى ذلك أننا أكلنا جسد المسيح وشربنا دمه !!!.
والمأساة فى هذا الطرح هى أن فعل” الأكل” ذاته كما تدركه طبيعتنا العتيقه هو مجرد أيقونة
.
وجودنا المنظورة والتى من المفترض أن تخضع لديناميكية النعمة التى يكشفها السر حينما نصير أعضاء فى جسد المسيح فيتكشف لنا حينئذ فقط أن شركتنا فى المسيح هى امتلاء لرمزية شركتنا فى الطعام التى كانت مطبوعة فى أيقونتنا العتيقة، وبالتالى فان الطعام المنظور ليس هو الطعام الحقيقى بل أن حدث وفعل “الاكل” هو الشركة فى كيان المسيح الذى يعنى الشركة فى الوجود الأبدى غير المنظور.
—-ثنائية “النعمة”و “وسيط النعمة” هى محض وهم لأن النعمة بطبيعتهاهى وسيط الهى انسانى ولانعرف فى اللاهوت المسيحىموقعا تسكن فيه النعمة غير (الوسيط الواحد بين الله والناس:الانسان المسيح يسوع،..(1 تى 2 : 5 ).
اذن: وسيط النعمة الوحيد هو ذاته نموذج الخليقة الجديدة المتحقق فى الكنيسة كجسدللمسيح.
– امتلاء سر المسيح بتحقق وجود الكنيسة الأبدى هو التعبير العملى عن الوسيط الوحيدللنعمة.
—-الحدث الذى تكشفه النعمة فى كمالها له وجهان حسب منظور الرؤية؛فمن المنظور الالهى الانسانى تستعلن النعمة فى حضور وحلول الكلمة فى الأيقونة البشرية؛أىفى سر تجسد الكلمة فى البشر الذى انطلق منذ ظهور أيقونة الرب يسوع التاريخى ويتكمل الان فى الافخارستيا بتكميل جسد المسيح، ومن المنظور الانسانى الالهى تستعلن النعمة فى “تأله” البشر أى تحرر الوجود الانسانى من الأيقونة العتيقة. اذن الكشف المزدوج للنعمة هو الحلول الالهى فى الأيقونة الانسانية والتحرر الانسانى من الأيقونة العتيقة، الحلول فى الأيقونة والتحرر من الأيقونة هما منظورا النعمة المستعلنة فى السر الكنسى وهما وجهان لعملة واحدة وليس هناك اى معنى لوجود منعزل لأى منهما ومن هنا نقول بأن حلول الروح القدس فى السر الكنسى انما له مدلول عملى واحد هو السكنى الأبدية للروح القدس فى هيكل الله المتحقق فى البشر أى الكنيسة،جسد المسيح،وليس هناك أى معنى للاعتقاد بأن أيقونة السر المنظورة هى مستقر لحدث حلول الروح القدس وسكناه بينما يجلس أفراد الكنيسة فى مقاعد المتفرجين فى انتظار التهام ماقد أصبح مقدسا.
دمتم فى المسيح.
السر الكنسى وجدلية” الوحدة والتعدد”
—————————————-
أولا: الواحدية .
——————-
سر المسيح هو واحد وهو تحقيق وجود الخليقة الجديدة الكائنة فى الكلمة؛ لذلك فان أى مجاولة لفهم حقيقة السر الكنسى بمعزل عن سر التجسد سوف تبوء بالتأكيد الى الفشل.
– ان الكلمة حينما لبس جسدا من طبيعتنا جاعلا منه رأسا للخليقة الجديدة فهو لم يعلن لنا أن غاية سر التجسد هى تحقيق لكيان هو مجرد رأس فقط بل أعلن فينا كمال النعمة بضمنا كأعضاء تنتمى لتلك الرأس.
-ان البعد “الكيفى” لسر التجسد قد بلغ قمته فى شخص الرب يسوع التاريخى ولكن هناك بعدا “كميا” للتجسد هو تكميل الكيان الجديد بتحقيق وجود باقى أعضاء الجسد الذى رأسه هو الرب يسوع التاريخى.
– لذلك نقول بأن السر الكنسى هوحركة سريان سر المسيح التى تنطلق من الرأس( الرب يسوع التاريخى) الى الأعضاء( أفراد الكنيسة المختارين ).
ثانيا: التعددية .
——————
– التعدد دائما هو موقف دفاعى يتخذه وجودنا العتيق للتغلب على فشله فى البقاء وذلك باستنساخ المزيد من صورة ذاته البائسه.
– التعدد أيضا يتجلى فى وجود عدة صور، كل صورة منها هى رسالة محفورة فى طبيعتنا و فحواها هو كشف لالبة تعتمدها طبيعتنا من أجل تحقيق الوجود الدائم.
– الالية الطبيعية هى حدث يتم فيه اشباع لأحد الاحتياجات الوجودية.
– الاحتياج الوجودى هو ذلك الفعل الذى اذا تم انجازه يتحقق الوجود.
–توصيف الوجود العتيق:
————————-
———- من حيث طبيعته هو:.
1- وجود ينشأ من العدم يقضل ارادة خارجة عنه.
2- وجود متغير غير ثابت فيه ننمو وننضج.
3-وجود ينحدر نحو العدم فى نهاية المطاف.
———— من حيث دوافعه هو وجود يسيطر عليه دافعان أساسيان هما وجهان لعملة واحدة: الرغبة و الخوف.
– للرغبة مستويان: المستوى الغريزى ومستوى الطموح والحلم بالمستقبل.
– هناك غريزتان أساسيتان بدون أى منهما ينهار الوجود: غريزة الجوع وغريزة الجنس.
– اذن سباعية احتياجاتنا الوجودية هى:
—————————————–
1- الاحتياج الى البداية من خارجه وهذا ما تعلنه ولادتنا فى هذا الكون.
2- الاحتياج الى الثبات والبقاء وهذا ماتعلنه طبيعتنا من خلال رحلة النمو والنضج.
3- الاحتياج الى العودة الى الوجود.
4-الاحتياج الى الشركة فى الاخر وهذا ما تعلنه غريزة الجوع فمن خلال الشركة فى الطعام من المفترض أن لانموت.
5-الاحتياج الى تجاوز الذات الى الاخر وهذا ما تكشفه غريزة الجنس .
6-الاحتياج الى حلم الأخذ الدائم وهذا ما يعلنه الطموح الانسانى اللانهائى.
7-الاحتياج الى دفع الموت وهذا ماتعلنه غريزة الخوف.
هذه الاحتياجات الوجودية هى التى يتم اشباعها فى المسيح:
———————————————————-
1- فالاحتياج الى البداية من الخارج هو ما يتم اشباعه فى المسيح حينما يصير الانسان مولودا من الاب بالتينى وهذا ما يكشفه سر المسيح ؛ سر المعمودية.
2- والاحتياج الى التثبيت والبقاء فى الوجود هو ما يتم اشباعه فى المسيح حينما يصير الانسان هيكلا للروح القدس وهذا ما يكشفه سر المسيح ؛سر المسحة(التثبيت).
3-والاحتياج الى العودة الى النموذج الأصلى للوجود هو ما يتم اشباعه فى المسيح وحينئذ يدرك ويقر بفساد طبيعته وهذا ما يكشفه سر المسيح؛سر العودة (سر التوبة).
4-والاحتياج الى الشركة فى الاخر هو ما يتم اشباعه فى المسيح حينما يصير الانسان عضوا فى جسد الكلمة وهذا ما يكشفه سر المسيح ؛ سر الافخارستيا.
5- والاحتياج الى تجاوز الذات وتحقيق الوجود فى الاخر هو ما يتم اشباعه فى المسيح حينما يتخلى الانسان عن ذاته العتيقه لايسا الذات البديلة ؛المسيح وهذا ما يكشفه سر المسيح ؛سر الحب (الزيجة).
6- والاحتياج الى الأخذ الدائم هو مايتم اشباعه فى المسيح فتتبدل الطبيعة البشرية الى العطاء حينما يعطى الانسان ذاته ذبيحة مرفوعة للاب وهذا ما يكشفه سر المسيح ؛ سر الكهنوت .
7-والاحتياج الى دفع الموت والشفاء من دائه هو ما يتم اشباعه فى المسيح حينما تنتقل الى الانسان حياة المسيح وهذا ما يكشفه سر المسيح ؛ سرالشفاء.
———————————————————————————————————–
دمتم فى المسيح.
” سبعة أرواح الله” و ” سباعية ” السر الكنسى.
————————————————–
هذا استكمال معمق لما سبق أن طرحته بخصوص ” جدلية الوحدة والتعدد فى السر الكنسى”.
– سر المسيح المخفى فى الكون والمعلن فى المسيح هو تحقيق وجود الكنيسة كهيكل أبدى للروح القدس ولأن الكنيسة هى الوجود الانسانى الجديد عديم الفساد فانه فى الكنيسة يستعلن اشباع كل احتياجات وجودنا العتيق فتستعلن مسحة كل أركان وجودنا بالروح القدس ؛ لذلك فان كل ركن من أركان عتيقنا ( السبعة ) انما يستعلن تجدده بالشركة فى الروح القدس على مستوى النعمة.
– كل ” أيقونة ” من أيقونات طبيعتنا العتيقة تمثل حلما مطبوعا فى تلك الطبيعة وهو لايتحقق أبدا الا بالشركة فى الروح القدس لذلك فقد أطلق الكتاب المقدس على كمال النعمة – التى فيها يتكشف تحقيق جميع احتمالات وجودنا – تعبير” سبعة أرواح الله المرسلة الى كل الأرض .( رؤ 5 : 6 ).
– كان النبى أشعياء هو أول من تنبأ عن هذا السر: ( ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله ويحل عليه روح الله روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب . ( أش 11 :1 ).
———————-
اذن هذه هى سبعة استعلانات شركة الروح القدس فى وجودنا الجديد فى المسيح فهو:
1- روح المشورة:
———————
المستعلن فى ” المعمودية ” الذى يكرس الولادة الجديدة ؛ ( وجميع الشعب اذ سمعوا والعشارون برروا الله معتمدين بمعمودية يوحنا. وأما الفريسيون والناموسيون فرفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم ، غير معتمدين منه . لو 7 : 29 و 30 ).
2- روح القوة:
—————
المستعلن فى” المسحة ” الذى يكرس تثبيت الوجود ؛ ( أخيرا يا اخوتى تقووا فى الرب وفى شدة قوته. البسوا سلاح الله الكامل لكى تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد ابليس . أفس 6 : 10 و 11 ).
3-روح الفهم:
————–
المستعلن فى التوبة الذى يكرس رؤية وكشف حقيقة العتيق ويكرس العودة للجديد الذى فى المسيح.
4-روح الله:
————
المستعلن فى” الافخارستيا” الذى يكرس شركة الكنيسة فى المسيح؛ ( بل كما اشتركتم فى الام المسيح، افرحوا لكى تفرحوا فى استعلان مجده أيضا مبتهجين. ان عيرتم باسم المسيح، فطوبى لكم، لأن ما للمجد وما لروح الله يحل عليكم. أما من جهتهم فيجدف عليه وأما من جهتكم فيمجد. ( ابط 4 : 13 و 14).
5-روح المعرفة:
—————–
المستعلن فى ” الزيجة”؛ سر الحب ، الذى يكرس معرفتنا للاب فى المسيح؛ ( أيها الاب البار، ان العالم لم يعرفك ، أما أنا فعرفتك، وهؤلاء عرفوا أنك أرسلتنى. وعرفتهم اسمك وسأعرفهم، ليكون فيهم الحب الذى أحببتنى به، وأكون أنا فيهم .( يو 17 : 25 و 26 ) .
6- روح الحكمة:
———————
المستعلن فى” الكهنوت” الذى يكرس انعتاق العقل الانسانى من سبى الزمن- سبى ديمومة الأخذ والخضوع لسطوة المستقبل – جاعلا من الانسان كاهنا يعطى ويرفع تقدمة ذاته للاب فى المسيح .(لأن حكمة هذا العالم هى جهالة عند الله، ….اذا لا يفتخرن أحد بالناس! فان كل شئ لكم : أبولس، أم أبولس، أم صفا، أم العالم، أم الحياة، أم الموت، ام الأشياء الحاضرة، أم المستقبلة. كل شئ لكم. وأما أنتم فللمسيح، والمسيح لله . ( ا كو 3 : 19 – 23 ).
7-روح التقوى:
—————-
المستعلن فى ” الشفاء” الذى يكرس انعتاق الانسان من عبودية الخوف الى مخافة الله .( ولكن ان تألمتم من أجل البر، فطوباكم. وأما خوفهم فلا تخافوه ولا تضطربوا، بل قدسوا الرب الاله فى قلوبكم، مستعدين دائما لمجاوبة من يسألكم عن سبب الرجاء الذى فيكم، بوداعة وخوف، . ( 1 بط 3 : 13 – 15).
——————————————————————-
– يكشف لنا سفر الرؤيا حقيقة الكنيسة ” كاستعلان سباعى ” للروح القدس فى الخليقة الجديدة؛ وذلك من خلال ” سبعة ” رسائل مرسلة للسبع كنائس فى اسيا :
1- روح الفهم المرسل الى كنيسة أفسس:
—————————————
– ( لكن عندى عليك : أنك تركت محبتك الأولى. فاذكر من أين سقطت وتب، واعمل الاعمال الأولى، والا فانى اتيك عن قريب وأزحزح منارتك مكانها، ان لم تتب.(2 :4 و5).
2- روح التقوى المرسل الى كنيسة سميرنا:
——————————————-
– ( لا تخف البتة فما أنت عتيد أن تتألم به . هوذا ابليس مزمع أن يلقى بعضا منكم فى السجن لكى تجربوا، و يكون لكم ضيق عشرة أيام. كن أمينا الى الموت فسأعطيك اكليل الحياة …من يغلب فلا يؤذيه الموت الثانى .(2 : 10 و11 ).
3- روح الحكمة المرسل الى كنيسة برغامس:
——————————————-
– (من يغلب فسأعطيه أن يأكل من المن المخفى ، وأعطيه حصاة بيضاء، وعلى الحصاة اسم جديد مكتوب لا يعرفه أحد غير الذى يأخذ. ( 2: 17 ).
4- روح المعرفة المرسل الى كنيسة ثياتيرا:
—————————————–
– ( لكن عندى عليك قليل: أنك تسيب المرأة ابزابل التى تقول أنها نبية، حتى تعلم وتغوى عبيدى أن يزنوا ويأكلوا ما ذبح للأوثان. وأعطيتها زمانا لكى تتوب ولم تتب. ها أنا ألقيها فى فراش، والذين يزنون معها فى ضيقة عظيمة ، ان كانوا لا يتوبون عن أعمالهم.( 2: 20 -22 ).
– (ومن يغلب ويحفظ أعمالى الى النهاية فسأعطيه سلطانا عل الأمم، فيرعاهم بقضيب من حديد ، كما تكسر انية من خزف، كما أخذت أنا أيضا من عند أبى، وأعطيه كوكب الصبح. (2 :26- 28 ).
5- روح القوة المرسل الى كنيسة ساردس:
—————————————–
– ( أنا عارف أعمالك ، أن لك اسما أنك حى وأنت ميت. كن ساهرا وشدد ما بقى، الذى هو عتيد أن يموت.( 3 : 1و2).
– ( من يغلب فذلك سيلبس ثيابا بيضا، ولن أمحو اسمه من سفر الحياة. (3 :5) .
6 – روح الله المرسل الى كنيسة فيلادلفيا:
—————————————-
– ( من يغلب فسأجعله عمودا فى هيكل الهى، ولا يعود يخرج الى خارج، وأكتب عليه اسم الهى واسم مدينة الهى ، أورشليم الجديدة النازلة من السماء من عند الهى واسمى الجديد. (3: 12).
7- روح المشورة المرسل الى كنيسة لاودكية:
——————————————-
– ( هذا يقول الامين الشاهد الأمين، الصادق، بداءة خليقة الله. (3: 14 ).
– ( أشير عليك أن تشترى منى ذهبا مصفى بالنار لكى تستغنى، وثيابا بيضا لكى تلبس، فلا يظهر خزى عريتك. وكحل عينبك بكحل لكى تبصر.(3: 18 ).
– ( من يغلب فسأعطيه أن يجلس معى فى عرشى، كما غلبت أنا أيضا وجلست مع أبى فى عرشه. ( 3: 21).
———————————————————————————-
——— رموز وجودنا .
—————————-
1- رمزية ( الولادة و المشورة ).
نخرج الى الوجود كأبناء ينتمون الى أصل هو جيل الاباء ، هكذا يفصح وجودنا البيولوجى عن أنه وجود له بداية خارجة عنه ، ولكن الواقع المأساوى هو أن كل من الاباء والأبناء يموتون ليبدو وجودنا فى النهاية عبثيا ، ولكن فى المسيح تبدو الصورة غير ذلك فالأصل يظل أصلا الى الأبد لأنه شخص الاب والأبناء يظلون أحياء الى الأبد لأن تلك هى مشورة الاب وارادته أن يشركهم فيه بالتبنى .
– وهكذا تستعلن المعمودية القراءة الصحيحة لرمزية” وجودنا بمشيئة خارجة عنا ”
2- رمزية( النمو و القوة ).
بعد أن نولد نخرج الى الوجود فى حالة ضعف . نتغير فى مسيرة نمو لنزداد قوة ويزداد ترسيخ وجودنا ولكن ذلك يتبدد فى النهاية . ولكن فى المسيح فقط يتحقق الثبات فى الوجود الأبدى بقوة الروح القدس.
– وهكذا يستعلن سر التثبيت القراءة الصحيحة لامتلاء رمزية احتياجنا الى وجود ثابت غير متغير.
3-رمزية ( وهم الوجود والفهم ).
يظل الانسان طيلة حياته لايتخيل أن الموت حقيقة بالنسية له بل يظن أنه زائر للاخرين وحدهم وأما بالنسبة له فهو خالد فى هذا الوجود. وحتى على المستوى الغريزى تستجيب طبيعتنا دائما لاى خطر بردود أفعال رافضة للموت حتى ولو كان هذا الموت اختيارا أقدم عليه منتحر.ولكن فى المسيح يدرك ويفهم البشر بشاعة حقيقة وجودهم العتيق، فى المسيح فقط يدركون أنهم كانوا وهما.
– وهكذا يستعلن سر التوبة القراءة الصحيحة لرمزية احتياجنا الى ترك هذا الوجود الوهمى ، الى ترك الموت ، الى العودة الى النموذج الأصلى للوجود، الى العودة للمسيح.
4-رمزية ( الأكل والشركة ).
نحن نأكل لنعيش وبدون الأكل نهلك جوعا ؛ أى أننا باشتراكنا فى ” الاخر” ، الطعام ،يتحقق وجودنا ولكن مأساة أيقونتنا هى أننا نأكل ولكننا نموت أيضا. ولكن فى المسيح فقط يتحقق لنا المأكل الحق بالشركة فى الحياة الأبدية التى وهبها لنا عندما جعلنا أعضاء فى جسده.
وهكذا تستعلن الافخارستيا القراءة الصحيحة لرمزية احتياجنا الى الشركة واحتياجنا الى الشكر على الشبع الأبدى.
5- رمزية ( العشق والمعرفة).
فى الحب يحاول الانسان تحقيق وجود ذاته من خلال معرفة الاخر وفى الحب يتخطى ويتجاوز العاشق ذاته بغرض الاتحاد بالاخر والبقاء فيه. والمعرفة هى بنية الرغبة الجنسية وما التعرى والرغبة فى كشف المستور الا التعبير الحقيقى عن الدافع المعرفى للجنس. ولكن ( واه من لكن ) للأسف تؤول الملحمة فى النهاية الى لحظة من اللذة وتختزل القضية فى مجرد الية لانتاج مزيد البشر الرازحين تحت هول المأساة. أما فى المسيح فالصورة مغايرة تماما حيث يصبح للبشر واقع معرفى صادق اذ يحققون وجودهم من خلال معرفة الاب الذى منه ينبع وجودهم الجديد الذى فيه قد تجاوزوا عتيقهم . وهكذا يستعلن سر الحب ” الزيجة” القراءة الصحيحة لرمزية شبقنا المعرفى. وهكذا أيضا نستطيع أن نفهم لماذا يؤثم الزنا كتابيا الى الحد الذى يتساوى فيه مع السحروعبادة الأوثان( رؤ 22 :15 ) ،اذ يصبح الأداة التى يتفسخ بها الرمز؛ باعلانه تعدد النبع المعرفى ، وهكذا يصبح الزنا من منظور اللاهوت المسيحى مرادفا لانكار المسيح ؛ فاذا كانت الكنيسة هى عروس المسيح ففى الخارج لايوجد الا الزناة.
6- رمزية ( الحلم و الحكمة ).
الحلم بالمجد الاتى هو صورة تمثل سبى العقل البشرى وعبوديته تحت نير سطوة المستقبل أى سطوة الانتظار الدائم للحلم المستحيل وهكذا يفشل ما تحقق بالفعل من أحلام فى تحقيق الاحساس بالشبع والوفرة ويظل الانسان دائما فى حالة من الاحتياج والرغبة فى الأخذ. ولكن فى المسيح فقط يصير للانسان وجود انى أبدى متحرر من سطوة المستقبل وانتظاره ؛ اذ لايوجد ، بعد، مستقبل من الممكن أن يأتى بجديد اخر غير الذى فى المسيح؛ فيتحرر العقل من عبودية الانتظار بالشركة فى الحكمة ( الكلمة)،وهكذايستعلن” الكهنوت” القراء الصحيحة لرمزية حاجتنا الى أن تتحرر عقولنا من عبودية انتظار الأخذ الى اختيارية العطاء اذ يتم تقديم الذات ورفعها كذبيحة مقبولة لدى الاب.
7- رمزية ( الخوف والتقوى).
فى لحظة الخطر يخاف الانسان، يهرب لينجو من الموت ولكنه فى النهاية يموت، ويفشل الخوف فى دفع الموت. ولكن فى المسيح ينجو الانسان من الموت ، وهو يدفع الموت ويهزمه ليس بالخوف العتيق بل بخوف الله اى التقوى ( انظر أع 10: 1و2 ) وذلك حيمنا يصير النسان شريكا فى الطبيعة الالهية هاربا من الفساد الذى فى العالم بالشهوة ( انظر 2بط1 : 3و4 ). وهكذا يستعلن ” سر الشفاء ” القراءة الصحيحة لرمزية حاجتنا الى ان نتحرر من عبودية الخوف ، بمواجهة الموت والانتصار عليه والخلاص منه فى المسيح.
——————————————————————————-
احتمالات وجودنا.
————————- أولا :بالنظر اليه كشريك فى الوجود الالهى:
1- الوجود كمضمون لتبنى الاب للانسان—————— هذا ما يستعلنه ” سر المعمودية “.
2- الوجود كمضمون للشركة فى الروح القدس ———— هذا ما يستعلنه ” سر المسحة ( التثبيت) “.
3- الوجود كمضمون للشركة فى جسد الابن ————— هذا ما يستعلنه ” سر الافخارستيا “.
————————- ثانيا: بالنظر اليه كخلاص من الوجود العتيق:
4- الوجود كمضمون للترك والعودة ———————– هذا ما يستعلنه ” سر التوبة “.
5- الوجود كمضمون لتجاوز الذات الى الاخر————- هذا ما يستعلنه ” سر الحب( الزيجة)”.
6- الوجود كمضمون لمواجهة الموت وهزيمته————– هذا ما يستعلنه” سر الشفاء “.
7- الوجود كمضمون لتقديم الذات كمحرقة وكذبيحة ———- هذا ما يستعلنه ” سر الكهنوت”.
—————————————————————————–
— الخلاصة:
————–
– سر المسيح هو ذلك الواحد الذى فيه يشترك الجميع ( الافخارستيا)، صائرين أبناء للاب ( المعمودية) بقوة الروح القدس ( المسحة) ، عائدين الى النموذج الأول الذين خلقوا عليه ومن أجله( التوبة) ؛ عندما يتجاوزون وجودهم الزائل منجذبين الى الاب( الزيجة) فيهزمون الموت الذى لطبيعتهم ( الشفاء) ، رافعين هذه الطبيعة العتيقة كذبيحة ومحرقة مقبولة لدى الاب ( الكهنوت).
——————————————————————————
دمتم فى المسيح.
وما رأيكم في توقيت لفظ أنتيتيبون قبل التقديس وليس بعده
كمال السر الكنسى.
———————-
– سر المسيح هو سر كامل فيه يتم تكريس الوجود الانسانى عديم الموت، ذلك الوجود الذى يمثل صورة (أيقونة) للثالوث الأقدس؛أى صورة للوجود الالهى ؛ فكما يحقق الله وجود ذاته بأن ينبع وجوده من الاب ليستقر فى الابن فى شركة الروح القدس الذى هو روح الاب وروح الابن، هكذا أيضا ينبع الوجودالانسانى بالنعمة من الاب بالعضوية فى جسد الابن فى شركة الروح القدس. هذا هو اذن سر المسيح الذى يتحقق فيه استعلان سر الثالوث الأقدس فى الخليقة.
– لذلك فاننا نقول بأن سر المسيح هو سر واحد وهوسر كامل.
– سر المسيح( كياننا الجديد المتحقق فى المسيح) هو جوهرواحد فى عدة صور، كيان واحد فى سبعة أيقونات هى سبعة امتلاءات لسبعة “رموز احتمالات “وجودنا العتيق.
– كل أيقونة هى كشف كامل لسر المسيح ؛ بمعنى أنها استعلان كامل للوجود الجديد ولاتتكامل الأيقونات فيما بينها بل أن كل أيقونة هى كل سر المسيح ، هى كل الوجود الجديد، هى كل الحدث ، هى كل النعمة، وما تعدد الأيقونات الا استعلانا لكمال النعمة باستيفاء اشباع جميع الاحتياجات والاحتمالات التى يتحقق باشباع أى منها وجودنا.
– فوجودنا الجديد فى المسيح تكشفه بالكامل ( وعلى حدة) كل من:
—————————————————–
1- أيقونة: صبغة ” البدء الأبدى”:
وذلك حينما تمتلئ ” رمزية احتمال وجودنا بالولادة” فيتكرس لنا فى المسيح بدء أبدى وولادة أبدية ونتقبل الى الأبد وجودنا نابعا من شخص الاب ، شخص البدء المطلق ، صائرين أبناء له باشتراكنا فى الابن المتجسد وهكذا يصطبغ وجودنا بصبغة الولادة اللانهائية . هذا هو سر المسيح،هذا هو سر الصبغة ، هذا هو سر المعمودية.
2- أيقونة :” مسحة التثبيت”:
– وذلك حينما تمتلئ “رمزية احتياج وجودنا الى الثبات والبقاء” فيتكرس لنا فى المسيح وجود ثابت غير منحل وذلك بفضل قوة الروح القدس الذى يمسحنا مسحة أبدية جاعلا منا كنيسة أى هيكلا أبديا له.هذا هو سر المسيح الذى فيه يمسح الجميع، هذا هو سر الميرون.
3- أيقونة : ” العودة”.
وذلك حينما تمتلئ ” رمزية احتياجنا أن نعود الى النموذج الأصلى” فيتكرس لنا فى المسيح وجودنا الحقيقى الذى أراد الله لنا أن نكونه وهنا وفى المسيح فقط تتوفر لنا الرؤية والفهم لندرك كم كنا بؤساء فاسدين فنعترف بتلك الحقيقة المتكشفة فى ضوء النموذج. هذا هو سر المسيح ،هذا هو سر العودة ، هذا هو سر التوبة والاعتراف.
4- أيقونة ” الشركة “.
وذلك حيما تمتلئ ” رمزية احتياجنا للشركة فى الطعام ” فيتكرس لنا فى المسيح الشركة الحقيقية فى حياة الكلمة المتجسد ، صائرين أعضاء فيه وفيما تتحقق شركتنا معه فانه تتحقق أيضا شركتنا فيما بيننا . هذا هو سر المسيح ، هذا هو سرالشبع الأبدى وبالتالى فهو سر الشكر على الشبع الابدى، هذا هو سر الافخارستيا.
5- أيقونة ” الحب الزيجى “.
وذلك حينما تمتلئ ” رمزية شبقنا المعرفى فى تجاوز ذواتنا واتحادنا بالاخر” فيتكرس لنا فى المسيح كيان يتبنانا فيه الاب فتتحقق فينا الى الأبد ” أنثوية ” الخليقة التى يفيض عليها وجودها الجديد النابع من رجلها ورأسها الرب يسوع.هذا هو سر المسيح، هذا هو سر الزيجة.
6- أيقونة ” التقدمة”.
وذلك حينما تمتلئ “رمزية احتياجنا الى الوفرة والأخذ اللانهائى ” فيتكرس لنا فى المسيح وجود الغنى الكامل الذى به نتحول الى العطاء لدرجة أننا نقدم ذواتنا العتيقة قربانا وذبيحة الى الاب مشتركين فى موت الرب ، فنستحق أن ننضم الى باكورتنا الصاعد الى السماء ، الرب يسوع. هذا هو سر المسيح ، هذا هو سر تقدمة الذات، هذا هو سر الكهنوت.
7- أيقونة “مسحة الشفاء”
وذلك حينما تمتلئ ” رمزية احتياجنا الى دفع الموت والخلاص منه” فيتكرس لنا فى المسيح الوجود عديم الموت بفضل العضوية فى جسد الحياة ذاته؛ أى جسد الكلمة” وبذلك تتحقق الوسيلة الوحيدة للخلاص من الموت والشفاء منه ، بل والوقاية الأبدية منه وذلك من خلال التدبير الايجابى الذى للنعمة، وهكذا تمسح طبيعتنا بمسحة عدم الموت . هذا هو سر المسيح ، هذا هو سر الشفاء من داء الموت.
— السر الكنسى وجدلية ” الفرد ” و ” الجماعة”.
————————————————–
– سر المسيح هو سر الجماعة ، سر الكنيسة المستوعبة فى شخص الكلمة المتجسد . لذلك فان السر الكنسى ليس مجرد أداة للتقوى الفردية ولكنه حدث التكريس المتزامن والمتلازم لكل من وجود الفرد ووجود الجماعة وذلك بفضل الطبيعة الخاصة للعلاقة بين الفرد والجماعة المقصودين ؛ ومفهوم الخصوصية هنا هو علاقة الانتماء العضوى بين الطرفين؛ فتحقيق وجود العضو هو تحقيق لوجود الجماعة بنفس القدرلأن وجود الجماعة ليس مجرد اجتماع لمجموعة من الأفراد المنعزلة عن بعضها ولكنه وجود لجسد واحد يضم فى كيانه الكثرة الكثيرة من الأعضاء.
– الكنيسة شخص رأسه المسيح وفيما يتحقق وجود عضو من أعضاء جسد المسيح، فان الشخص الكامل يصبح أقرب للتحقق بقدر الاضافة التى أضافها وجود ذلك العضو.
-النقطة الجوهرية فى فهم العلاقة بين الفرد والجماعة فى السر الكنسى هى تحرير مفهوم الكنيسة ذاته من ” المأسسة ” ( أى تحريرها من مجرد كونها مؤسسة انسانية متمايزة ومعزولة) ؛ فالكنيسة ليست هكذا لأنها بكل بساطة هى الوجود الانسانى الجديد فى المسيح؛ هى الخليقة الجديدة؛ هى الكون الجديد.
1- فى سر المعمودية، وفبما يصطبغ وجود الفرد الانسانى بصبغة الولادة الأبدية-أى صبغة القبول اللانهائى لوجوده كشريك بالنعمة فى الابن الذى يقبل سرمديا وجوده الذاتى من أبيه- فان ذلك يعنى أن الجنس البشرى الجديد فى المسيح ( الكنيسة) انما قد أصبح ابنا للاب ؛ قد تم تبنيه من لدن الاب ( شخص البدء المطلق)… فى” المعمودية” تتكشف حقيقة الوجود الانسانى الجديد كحالة من البدء اللا نهائى ، كحالة من الولادة الأبدية .
2- فى سر المسحة ( التثبيت) وفيما يتحقق للفرد الانسانى وجود ثابت وباق بمسحة الروح القدس – أى وجود روحانى عوضا عن الوجود النفسانى الفاسد والمنحل- فان ذلك يعنى ان الجنس البشرى فى المسيح ( الكنيسة) انما قد أصبح هيكلا أبديا للروح القدس…فى” المسحة ” تتكشف حقيقة الوجود الانسانى الجديد كوجود روحانى أى كشريك فى الطبيعة الالهية.
3- فى سر التوبة وفيما يتحقق للفرد الانسانى العودة الى الوجود الذى قد سبق أن خلق من أجله- فيترك واقعه البائس معترفا ومقرا ببؤسه- فان ذلك يعنى أن الجنس البشرى فى المسيح ( الكنيسة) انما قد أصبح عين النموذج الأصلى الذى خلق من أجله… فى ” التوبة” تتكشف حقيقة الوجود الانسانى الجديد كنموذج أراده الله منذ البدء.
4- فى سر الشركة وفيما تتحقق ” شخصنة ” الفرد الانسانى أى صيرورته شخصا حرا – بعد أن كان مجرد رقم ينتمى للطبيعة العتيقة- بصيرورته عضوا فى جسد المسيح ، فان ذلك يعنى ان الجنس البشرى فى المسيح (الكنيسة) انما قد أصبح شخصا جامعا لكل الشخوص وكل شخص يساهم فى تلك الشركة بهوية خاصة متمايزة غير متكررة وغير قابلة للتبديل أو الالغاء… فى الافخارستيا تتكشف حقيقة الوجود الانسانى الجديد كوجود شخصى وليس مجرد طبيعة حية.
5- فى سر الحب الزيجى وفيما يتحقق للفرد الانسانى التخلى عن أنانيته وعن تمركزه حول وجوده العتيق – فيتجاوز ذاته الى معرفة الاب فيتحقق وجوده الأبدى – فان ذلك يعنى أن الجنس البشرى الجديد فى المسيح ( الكنيسة) انما قد أصبح وجودا يحققه جميع أفراده بالتخلى عن كياناتهم العتيقة؛ فيتم- فى شبق معرفى أبدى- التحقيق المتبادل لوجود الذات، فى الاخر( بين المسيح والكنيسة)… فى سر الحب الزيجى تتكشف حقيقة الوجود الانسانى الجديد كوجود معرفى.
6- فى سر الكهنوت وفيما يتحقق للفرد الانسانى تقدمة عتيقه كمحرقة يشترك بها فى موت الرب- فيتحقق له عوضا عنه وجوده الجديد – فان ذلك يعنى أن الجنس البشرى الجديد فى المسيح (الكنيسة) قد أصبح صعيدة مقبولة لدى الاب وفى المسيح يصبح كل عضو كاهنا يرفع تقدمة ذاته مستمدا كهنوته من رأس الكيان الذى هو رئيس الكهنة ،الرب يسوع المسيح… فى سر الكهنوت تتكشف حقيقة الوجود الانسانى الجديد كقربان مقبول.
7- فى سر مسحة الشفاء وفيما يتحقق للفرد الانسانى الخلاص من الموت والشفاء من دائه بل والوقاية الأبدية من شوكته- بالشركة فى حياة الكلمة المتجسد- فان ذلك يعنى أن الجنس البشرى الجديد فى المسيح( الكنيسة) قد أصبح حرا من عبودية الخوف التى من الموت… فى سر الشفاء تتكشف حقيقة الوجود الانسانى الجديد كوجود عديم الموت.
———————————————
دمتم فى المسيح.
رسالة الى الدكتور / جورج حبيب.
————————————
– بادئ ذى بدء ، اسمحوا لى أن أنحنى أمام قامتكم العلمية العملاقة؛ عرفانا بجميلكم ، فأنا أحد تلاميذكم المجهولين بالنسبة لكم ، وقد تتلمذت على كتبكم منذ مايقترب من الثلاثين عاما . وقد كانت تلك الكتب بمثابة الضالة المنشودة لذهنى المتمرد على مايسمع فى الكنيسة، عشقت فكر الاباء ، لاسيما أثناسيوس من خلالكم ، وأدعى أنه فى خلال رحلتى للبحث عن الحقيقة قد تبلورت لدى ذهنية لها رؤية لاهوتية ذات مرجعية ابائية.
– تنطلق قناعاتى من اعتقادى بأن تراث الاباء العظماء لاسيما ” أثناسيوس ” هو الأساس لأى فكر لاهوتى مسيحى صحيح، ولكن قضية بعث هذا التراث وجعله متاحا للعامة لاتشكل بالنسبة لى قمة المراد؛ فالقضية أعظم من مجرد ذلك النجاح الأفقى (ان صح التعبير) ؛ فتراث الاباء- حتى وان افترضنا جدلا أنه قد أصبح متاحا للكافة ومتقبلا من الجميع- فانه يبقى مجرد الأساس الذى من المبتغى ومن المفترض أن تشيد عليه شواهق معرفتنا اللاهوتية فى ضوء كل مايتيحه العلم الحديث من معطيات ومن امكانات.ومن هنا تظهر المفارقة المؤلمة ؛ ففى الوقت الذى ينبغى فيه أن نستثمر ذلك التراث فى معالجات معرفية حديثة، فاننا نجد قوى الظلام والجهل رافعة معاولها وعازمة على دك ذلك الأساس وجعله أثرا بعد عين !.
– اننى أعتقد بأن الفرق بين اللاهوت الميسحى وسواه من دروب المعرفة الانسانية هو أن ” الفكرة المسيحية” لاتعتمد المفردات والتفصيلات ولكنها تقدم الادراك الهيكلى للحقيقة؛ فالمعرفة هى كشف عن المسيح ذاته، وأى معرفة صادقة هى فى النهاية استعلان للكلمة الذى به كان الكل؛ لذلك فاننى أجد ذاتى غير متخيل لمسيحية بدون المسيح! . اننى أعتقد بأن أى طرح لأى نقطة لاهوتية – مالم يكون كاشفا فى النهاية للنعمة المعطاة فى التجسد- فهو طرح بعيد عن اللاهوت المسيحى؛ فعلى سبيل المثال كيف نشرح الأسرار بمعزل عن التجسد وكيف نفهم القيامة والصعود بدون أن نفهم العلاقة العضوية بين كل منهما والتجسد؟.
– اننى أعتقد بأن الذهن اللاهوتى الراجح هو الذى يمتلك القدرة على الرؤية التوحيدية للحقيقة ( unification) ،وربما كان غياب مثل هذه الذهنية لعصور طويلة هو السبب الرئيس فى انحراف اللاهوت الغربى عن المسار الصحيح وفى سبيه للاهوت الشرق، وفى ظهور ذهنية تفتيتية فاقدة تماما لرؤية شاملة ،وهيكلية للحقيقة وهى ذهنية اللاهوت المدرسى والتى مازالت كنيستنا القبطية، حتى الان أسيرة لها.
– اننى أعتقد بأن النظرة ” التصنيمية” نحو تراث الاباء ، هى نظرة بعيدة عن الصواب ؛ فهذا التراث ، على أهميته القصوى ينبغى أن لا ينظر اليه كسقف للمعرفة المسيحية، وواقع الأمر ان تلك النظرة انما هى بمثابة الوجه الاخر لذات النظرة الاقصائية له، فعظمة المعرفة المسيحية هى فى ديناميكيتها وفى جديدها الدائم ؛ فحتى الحياة الأبدية هى سعى معرفى لانهائى نحو الاب .
– بلا أدنى شك فان اجتهادات الاباء هى خميرة الفكر المسيحى الصحيح ولكنها ليست كل عجينه !؛ فالحقيقة المسيحية أفق لايمكن ادراكه فى هذا العالم ولكن ماهو مطلوب هو مطاردة هذا الأفق حتى الموت.
– ومن منطلق ماسبق فاننى قد احتفلت جدا بهذا الموقع( COPTOLOGY )، واندفعت للمشاركة بالتعليقات على المواضيع المختلفة فى مدونة ” مساحة حرة” ،ولدى حلم بأن يتحول هذا الموقع الى منبر للابداع الفكرى المسيحى وليس الى مجرد أرشيف لبعض الأفكار المتناثرة، المختلفة . ان موقعا بحجم الدكتور / جورج حبيب ، لابد أن يكون بمثابة أكاديمية للابداع اللاهوتى ، يتخرج فيها تلاميذ نجباء لأستاذ عظيم. ان مثل هذا الحلم ليس بالحلم المستحيل بالنسبة الى مقاتل بحجم جورج حبيب، يستطيع أن يلتحف بعبائة استاذه واستاذنا ليرفع راية الحق فى مواجهة العالم كله صائحا : وأنا ضد العالم.
– اننى قد ساهمت بكثير من التعليقات فى مدونتكم ولكن بخصوص هذه الصفحةعلى وجه التحديد ( لوثر والعشاء الربانى) ، فقد طرحت رؤية شبه متكاملة للاهوت الأسرار، وقد تبدو هذه الرؤية مختلفة وربما صادمة للثقافة الشعبية السائدة ، والتى لاترى فى الأسرار الا اعادة لانتاج أعمال الناموس القديمة ولكن بنكهة مسيحية!.
اننى أرى أن للمسيحية سرا واحد هو سر المسيح، وهو سر الكون وهو سر الكنيسة ذلك السر الذى كان مكتوما منذ الدهور وابتدأ كشفه بظهورالرب يسوع ، رأس الخليقة الجديدة ( الكنيسة) وتتسع دائرة كشفه الان بانضمام باقى أعضاء الكنيسة حتى مايكتمل مجئ الرب( المستوعب للكنيسة) وحينئذ فقط يكون قد أظهرسر المسيح بالكامل.
ان السر الكنسى ليس حدثا نعمويا جديدا ولكنه حركة انطلاق سر المسيح من الرأس ( الكلمة المتجسد) الى الأعضاء. السر الكنسى هو الاستحقاق الانى للتجسد.
– فى نهاية تلك الرسالة أتقدم اليكم برجاء حار بأن تتفضلوا بالتعليق النقدى العلمى على رؤيتى المطروحة على هذه الصفحة ، وهذا هو كرم الأستاذية الذى لاينقصكم.
– دمتم صوتا للحق ، دمتم فى المسيح.
انى ارى ان هذة المقالة بعيدة كل البعد عن العقيدة الاورثوذكية فالكاهن يقول فى القداس (اومن واعترف الى النفس الاخير ان هذا لالجسد المحيى الذى اخذة ابنك الوحيد ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح من سيدتنا وملكتنا كلنا والدة الاله القديسة الطاهرة مريم وجعلة واحدا مع لاهوتة بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ال……خ)ليس ذكرى كما يذكر الدكتور جورج وانصح الاخوى الذين علقوا على المقال ان يستقوا تعاليمهم اللا هوتية من مصادر موثوق منها مثل كتب البابا شنودة معلم المسكونة وشكرااااااا
كل ما هو في عقيدة البروتستانت هو للتخلي عن سلطة الكنيسة وعن البابا وعن التقاليد الكنسية ، فأين في التقاليد المسيحية أو في الإنجيل يقول بأنك تدعي القسيس أخ ؟
فالمسيح لم يبني كنيسة على أيمان بطرس، لكن على بطرس نفسه: لأنه قال له وَأَنَا أَيْضاً أَقُولُ لَكَ: أَنْتَ صَخْرٌ. وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا! وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ: فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ، يَكُونُ قَدْ رُبِطَ فِي السَّمَاءِ؛ وَمَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ، يَكُونُ قَدْ حُلَّ فِي السَّمَاءِ (متّى 16؛18). صَّخرٌ في الآرامية كيفا ، لأن المسيح تكلم الآرامية . كيفا ليست مؤنث أو مذكر فبالآرامية ليس هنالك مذكر أو مؤنث لكلمة كيفا. فقول البروتستانت بأن المسيح بنى الكنيسة على الصخرة صغيرة باليونانية petrous مؤنث، أي أيمان بطرس فقط وليس على بطرس، هو ترجمة مغلطة . وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي قال يسوع في متّى 16؛17 (ولم يقل كنائسي، ففي الولايات المتحدة الأمريكية فقط يوجد 27 ألف نوع كنيسة، لعدة ترجمات للكتاب المقدس . لما بدئه مارتن لوسر بقسمه الكنيسة ، وعلى التزايد كل يوم . )
أما بالنسبة لسلطة البابا المتتالية يسوع عبر عن ذلك برمز المفتاح وبتسليمه هذه السلطة المتتالية من بابا إلى بابا عبر الأجيال، ففي إنجيل متّى الفصل 16 أعطى السلطة لنائبه على الأرض كما تكلم النبي أشعيا في الفصل 22 ،22 وأجعل مفتاح بيت داود على كتفه يَفتَحُ فلا يُغلقُ أَحَد ويُغلِقُ فلا يَفتحُ أَحَد. المفتاح لا يعني السلطة فقط ولكن انتقال هذه السلطة من رآسة إلى رآسة. هنا العلاقة بين جذور العهد القديم والذي فعله المسيح مع بطرس بعدما اعترف بالمسيح بقوله ” أنت المسيح ابنُ الله الحَيّ ” متّى 16؛16) وبدوره المسيح سلم بطرس رآسة الكنسية على الأرض : سأُعطيك مفاتيح ملكوت الَّسَّموات . فما رَبَطتهُ في الأرض رُبِطَ في الَّسَّموات . وما حَلَلَته في الأرض حُلَّ في السَّموات ” (متّى 16-19)
يقول البروتستانت: ليس من المفروض أن نصليّ للعذراء والقديسين ولماذا تذهب لغير المسيح … ؟
الجواب على ذلك هو بأن يسوع المسيح بنفسه صلىَّ لموسى والنبي إيليا عندما تجلى على الجبل أمام بطرس ويعقوب ويوحنَّا
(متى 17؛ 1-8) : وبعد ستة أيام مضى يسوعُ ببطرس ويعقوب وأخيه يوحنَّا ، فانفرد بهم على جبلٍ عالٍ وتجلَّى كالشمس، وتلألأت ثيابه كالنور. وإذا موسى وإيليا قد تراءيا لهم يكلمانه فخاطب بطرس يسوعَ قال: ” يا ربّ حسنٌ أن نكون ههُنا . فإن شئت ، نصبت ههُنا ثلاث خيم : واحدة لك وواحدة لموسى وواحدة لأيليا “
قول البروتستانت بأنه ليس هنالك مطهر ولكن فقط الجنة وجهنم …وليس من الداعي الصلاة للموتى :
الكنيسة الكاثوليكية تعلم عن هذا التعليم الدينين بالتالي: الكنيسة تعطي الاسم المطهر للتنقية الأخيرة ، مختلفة جداً عن الذين لعنوا . الكنيسة صيفت هذا التعليم الديني للإيمان بالمطهر خاصةً في مجامع الكنسية (مجمع فلورنس سنة 1439، ومجمع ترنة سنة 1563… ) التقاليد الكنسية تشير إلى نصوص في الكتاب المقدس ، الذي يتكلم عن نار التطهير في :
(1قورنتس 3/15-16) وَمَنِ احْتَرَقَ عَمَلُهُ، يَخْسَرُ، إِلاَّ أَنَّهُ هُوَ سَيَخْلُصُ؛ وَلكِنْ كَمَنْ يَمُرُّ فِي النَّارِ. أَلاَ تَعْرِفُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَأَنَّ رُوحَ اللهِ سَاكِنٌ فِيكُمْ؟
وفي رسالة القديس بطرس الأولى 1: 7
” إِلاَّ أَنَّ غَايَةَ هذِهِ التَّجَارِبِ هِيَ اخْتِبَارُ حَقِيقَةِ إِيمَانِكُمْ. فَكَمَا تَخْتَبِرُ النَّارُ الذَّهَبَ وَتُنَقِّيهِ، تَخْتَبِرُ التَّجَارِبُ حَقِيقَةَ إِيمَانِكُمْ، وَهُوَ أَثْمَنُ جِدّاً مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي. وَهَكَذَا، يَكُونُ إِيمَانُكُمْ مَدْعَاةَ مَدْحٍ وَإِكْرَامٍ وَتَمْجِيدٍ لَكُمْ، عِنْدَمَا يَعُودُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ ظَاهِراً بِمَجْدِهِ.”
ويسوع المسيح في إنجيل متى 12:31 ، عبر عن غفران الخطايا في الحياة بعد الموت بقوله:
وَأَمَّا التَّجْدِيفُ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ ، فَلَنْ يُغْفَرَ. وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً ضِدَّ ابْنِ الإِنْسَانِ، يُغْفَرُ لَهُ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ كَلِمَةً ضِدَّ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ، لاَ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَلاَ فِي الزَّمَانِ الآتِي.
والصلاة للموتى متبع منذ العهد القديم، ففي كتاب سفر المكابيين الثاني: بعنوان الذبيحة عن الموتى الفصل 12: 46 ” ولِهذا قَدَّمَ ذَبيحَة عنِ الأَموات ، لِيُحَلُّوا مِنَ الخَطيئة .”
مقال اكثر من رائع تحياتى