التعليم الرسولي عن العهد الجديد، أي يسوع:
يقول رسول المسيح بولس ما يلي:
* صار يسوع ضامناً لعهد أفضل (عب 7: 22)
* وسيطاً لعهد أعظم قد تثبَّت على مواعيد أفضل (عب 8: 6)
* وسيط عهد جديد (عب 9: 15) وبعد، كيف يمكن إخضاع هذا الجديد للقديم، أي كيف نخضِع أقنوم الله الكلمة لشرائع العهد القديم؟
أما عن العهد القديم، فيقول نفس الرسول:
– “إذ قال جديداً عتَّق الأول، وأما ما عتق (صار قديماً) وشاخ فهو قريب من الاضمحلال” (عب 8: 13).
بل يقول: “لو كان (العهد الأول) بلا عيب، لما طُلب موضع لثان”، ثم يقتبس (أرميا 31: 31). ولاحظ هنا عبارة “موضعٌ لثانٍ”؛ لأن المسيح له المجد “له كهنوت لا يزول” (عب 7: 24)، ولعل الآباء الكهنة الذين أخذوا مكان الرب يخجلون من كلمات الرسول؛ لأنهم هم خدام هذا الكهنوت، ولذلك في نفس الشرح الرسولي يقول الرسول عن الرب: ” قد حصل على خدمةٍ أفضل بمقدار ما هو وسيط أيضاً لعهد أعظم قد تثبت على مواعيد أفضل” (عب 8: 6).
إن الوعد بالميراث الأبدي هو سر عظمة العهد الذي له وسيط واحد هو ربنا يسوع المسيح، لا وسطاء كثيرون؛ ولذلك بمقارنة موت الرب بكل ذبائح العهد القديم حسب كلمات اصحاح 10: ذبيحة – قربان – محرقة – ذبائح خطية – لم يسر بها الله حتى في العهد الأول يقول الرسول: “التي تقدم حسب الناموس. ثم قال هنئذا آجيء لأفعل إرادتك يا الله فينزع الأول لكي يثبت الثاني” (عب 10: 4-9).
بالطبع يلزم لكل قارئ فطن أن يجمع مميزات العهد، ليجد أنها شخص:
– يسوع ضامن
– يسوع وسيط
– له كهنوت لا يزول
– قدَّم ذبيحةً أعظم من كل ذبائح العهد القديم.
يسوع رب الحياة، وشريعة موسى:
يقول بولس العائد إلى المسيح، في رسالة غلاطية التي كتبت ضد المتهودين أن هؤلاء هم “الأخوة الكذبة” (غلا 2: 9)، أي الذين دخلوا لكي يبحثوا عن الذي أخذ الختان وعن الذي امتنع (غلا 2: 5)، ولكن هل سبق لنا أن تحدثنا عن هذا الاسم؟
“اؤتمنت على إنجيل الغرلة كما أن بطرس على إنجيل الختان” (غلا 2: 7). ماذا كانت مشكلة بطرس رسول المسيح مع رسول الأمم، وهو أيضاً رسول يسوع المسيح؟ جاء يهود من اورشليم من عند يعقوب. رفض بطرس أن يأكل معهم، وحسب الأصل اليوناني “أن يشاركهم عشاء الرب”. لاحظ حتى التعبير العربي “يفرز نفسه” (2: 12) “خائفاً من اليهود الذين هم من الختان” (2: 13). لكن بولس لم يسكت ولم يقل عيب، هذا رسول أقدم مني، ورأى الرب يسوع وعاش معه، بل “لما رأيت أنهم لا يسلكون باستقامة حسب حق الانجيل قلت لبطرس قدام الجميع (لا خلف ظهره كما يفعل الجبناء) إن كنت وأنت يهودي تعيش أممياً لا يهودياً، فلماذا تلزم الأمم أن يتهودوا” (2: 14)، أي فيما يخص الأكل – الختان – شرائع التطهير؟
البرهان القاسي على رياء بطرس:
1- الإنسان لا يتبرر من خلال العلاقة الحقيقية الصادقة بأعمال الشريعة، بل بإيمان يسوع المسيح (غلا 2: 16). ويضع الرسول سبب إيمانه بالمسيح وهو اليهودي سابقاً: “آمنا نحن بيسوع المسيح لنتبرر بإيمان يسوع لا بأعمال الشريعة” (2: 16) لاحظ أن إيمان يسوع = أمانة وصدق يسوع للآب، وليس للشريعة.
2- اليهود يحسبون الأمم خطاة لأنهم لا يحفظون شريعة موسى (غلا 2: 15).
3- ما أعظم هذه القوة الصادمة لكل كبرياء ولكل تقوى الإنسان؛ لأنه بأعمال الشريعة لا يجد الإنسان طريق الحياة إلَّا لنفسه من نفسه لنفسه، ولذلك يقول لبطرس “بأعمال الشريعة لا يتبرر جسد (إنسانٌ) ما.
هنا محاكمة التقوى الكاذبة:
1- لا يمكن أن يضيف إنسانٌ بره حسب الشريعة إلى بر المسيح الذي لم يُمنح بواسطة الشريعة؛ لأن الشريعة تحكم بجرم وذنب الإنسان، بينما المسيح يعطي الحرية. لذلك يسأل رسول المسيح إننا إذا أضفنا بر الشريعة إلى بر المسيح نظل خطاة، وهنا ألا يصبح المسيح خادماً (دياكون حرفياً) للخطية؟
كيف يحدث هذا؟
يجيب رسول الرب على هذا السؤال الاعتراضي “إن كنت أبني أيضاً هذا الذي قد هدمته (الشريعة) فأنا أُظهر نفسي متعدياً الشريعة” (غلا 2: 19)، لماذا؟ لقد أطلق المسيح سراح كل الخطاة بموته المحيي وقيامته، وهذا ما هدم الشريعة تماماً، فإذا أعاد الرسول بولس بناء الشريعة التي هدمها، فهو يصبح متعدياً لأحكام الشريعة .. الشريعة أُبطلت؛ ولذلك يصل الرسول إلى خاتمة الحوار مع حركة التهود: “لأنني مت بالشريعة حسب الشريعة لكي أحيا لله” (غلا 2: 19).
2- ويختم بالحجة الأبدية: “مع المسيح صلبت”، المسيح الذي صُلب لأنه أبطل أحكام الشريعة، “فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ”، فهو قد قام ليس بقوة الشريعة، بل بقوته الإلهية.
3- أخيراً. “ما أحياه الآن كإنسان (في الجسد) فإنما أحياه في الإيمان”، أي في العطاء والجود الإلهي. عجيب هذا التركيب الذي احتار فيه علماء العهد الجديد في زماننا “إيمان ابن الله”، أي أمانة ابن الله لمحبته للإنسانية الضائعة التي مات لأجلها، وتفسير هذه العبارة هو قول رسول الرب: “إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي” (2: 20).
هل تسمع يا مَن تريد وضع شعب المسيح تحت حكم الشريعة؟
“لست أبطل نعمة الله، لأنه إن كان بالشريعة بر، أي علاقة صحيحة مع الله، فالمسيح إذا ً مات بلا سبب” (2: 21). لقد بَطُلَ الإنجيل برمته لو كان لنا خلاص بحفظ أحكام الشريعة.
هيا شمِّر عن ساعديك يا داعية التهود، وضَع حتى يسوع، رب موسى نفسه تحت الشريعة، لعل الوجه القبيح يظهر تحت نقاب التقوى المزيفة.
د. جورج حبيب بباوي
تعليق واحد
صباح الخير يا دكتور جورج . اري ان هذا المقال تعليق علي تعليقي علي مقال حضرتك السابق مباشرة علي السلفية الكهنوتية في كنيستنا القبطية – شكرًا لأدبك الجم . وتعيش وتعلمنا وتحرر افكارنا من ظلمة الجهل بالمسيح والمسيحية التي عانينا منها وللاسف ما زلنا نعاني .اكرر شكري والرب معك