صاغت المجامع المسكونية العقيدة الأرثوذكسية في الفترة ما بين 325م حتى 431م وهي الفترة التي انعقدت فيها المجامع المسكونية الثلاثة: نيقية – القسطنطينية – أفسس.
هذا يجعل من العقيدة الأرثوذكسية صوت الجماعة، وشهادة الجماعة، وميراث الجماعة. صحيحٌ أن بعض الآباء كان لهم دور المدافع والمحامي عن الإيمان مثل القديس أثناسيوس وغيره، ولكن لم يكن دور أيٍ من هؤلاء الآباء الكبار هو دور فرد واحد، بل كان دور هؤلاء الآباء هو “الشهادة” للحق من خلال الثابت، وهو “التسليم أو التقليد” الرسولي الذي استلموه من الآباء الذين سبقوهم، وهذا ما يؤكده هؤلاء القديسون في مؤلفاتهم.
وإذا كانت العقيدة الأرثوذكسية هي تراث الجماعة المسيحية “وميراث المسيح”، عندئذٍ يكون من الواضح أنَّ التفسير الفردي، كان ولا يزال هو بدايات كل الهرطقات التي ظهرت في التاريخ الكنسي.
فقد كانت الغنوسية تفسيراً خاصاً لأشخاصٍ جلبوا معهم الفلسفة اليونانية كقاعدة لتفسير الإنجيل على أساس “المعرفة الفلسفية” وحدها. فالخطر ليس في استخدام العلوم أو الفلسفة، وإنما الخطر هو أن تصبح مبادئ المعرفة وخُلاصة المعرفة الإنسانية وحدها هي القاعدة الوحيدة التي تشرح الإيمان الرسولي كله. وغني عن البيان أن الغنوسية ترفض قبول الإيمان الرسولي إذا اصطدم بالفلسفة، أو المبادئ الشائعة في الثقافة مثل تناسخ الأرواح، وشر المادة، وخلود الشر، وغيرها.
كذلك كانت الأريوسية تفسيراً خاصاً ينكر الممارسة الكنسية لسر المعمودية، وتنكر الأريوسية في النهاية “خلاص” الإنسان بواسطة تجسد الابن الوحيد.
وهكذا أيضاً جاءت النسطورية والأوطاخية وغيرهما تجسيداً للرأي الخاص الذي لا يقبل التعليم كله، بل يختار حسب أهواء صاحب المدرسة ما يتفق مع فكره الخاص.