عندما أعلن الله الوصايا العشرة، ورسم الرسول بولس الحدود العشرة للمحبة (1كو 13: 1 – 7)، جعل الروحُ القدس معالم الحياة الجديدة الناهضة من أوجاع الموت (أع 2: 24) عشرةً، مُعلناً لنا أن ختم هذه الحياة هو في يسوع المسيح الرب الحي الواهب الحياة والقيامة.
أولاً: التجسُّد حقيقةٌ أبديةٌ
وُلِدَ كلمةُ الله الابن الوحيد بالجسد.
ألَّم وصُلِبَ بالجسد.
مات ودفن بالجسد.
قام جسده حياً إلى الأبد لا يسود عليه الموت (رو 6: 9).
بل غَلَبَ الموتَ.
صار تجسُّدُه أبدياً.
ثانياً: شركةٌ بلا انفصال
لأنه اتحد بالناسوت وحوَّله في كيانه الإلهي إلى جسدٍ حي، وجسدٍ محيي (صلاة الاعتراف). صار اتحاد اللاهوت بالناسوت اتحاداً أبدياً لكي يفتح بالقيامة باب الحياة؛ لأنه غلب الموت وداسه، فصار باكورة الراقدين مُعلناً إتحادنا الأبدي بالثالوث القدوس؛ لأن باب الحياة قد فتحه الرب. ليس حياةُ انفصال وعزلة، بل حياة شركة أبدية كانت عند الآب (1يوحنا 1: 2). وأُعلنت لنا كشركة أبدية بالقيامة.
ثالثاً: الزمان الجديد
كانت عبادة العهد القديم عبادةُ أعيادٍ ومواسم، وانتظار مواعيد الصلاة والتطهيرات. كان الزمان فاصلاً بين الله والإنسان؛ لأن دورة الأيام حددتها الشريعة القديمة التي كانت – حسب وصف الرسول بولس – “خدمة الموت” (2 كور 3: 7)، لكن جاءت “خدمة الحياة”، الحياة التي لا تموت، والتي لا زمان فيها؛ لأن “ملء اللاهوت يحل جسدياً” (راجع كولوسي 2: 9) لكي نمتلئ من الله (كولوسي 2: 10)، فأغلق التجسُّدُ باب الزمان والمواسم، ورَسَمَ تجسُّدُ رب المجد نهاية الزمان. ولذلك يقول الرسول: “لما جاء ملء الزمان” (غلا 4: 4)، أي عندما توقَّف الزمانُ عن أن يكون له دورٌ في استعلان النعمة؛ لأن “الحياةَ أُعلنت” (راجع 1يوحنا 1: 2)، الحياة التي لا تستطيع الأيام أن تقيِّدها. أغلق التجسد باب الزمان؛ لأن زمان الإتحاد أي الزمان الجديد قد بدأ باتحاد اللاهوت بالناسوت، لاهوت رب المجد بالإنسانية لكي يبدأ زمان الحياة، وهو الزمان الجديد حيث يقول يسوع الحي: “ها أنا معكم كل الأيام والى انقضاء الزمان القديم أي الدهر” (متى 28: 20). هو معنا لأنه حيٌ، ولأن الحياةَ المعلنة فيه لم تعد تُعلن حسب مواسم وأوقات بل حسب المحبة الفادية.
رابعاً: الكنيسة جسد المسيح الحي
نحن ننضم إلى جسدٍ واحدٍ، هو جسد المسيح المحيي (1كو 12: 13)، وهو انضمامٌ لا يأتي منَّا نحن، بل بالمعمودية المقدسة السِّر الأول الذي به نجتمع مثل اجتماع أعضاء الجسد الإنساني (1كو 12: 12) التي لا انفصال فيها، ولا يوجد بينها انشقاق. نحن ننضم إلى الجسد الواحد، يسوع المسيح الذي بسبب قيامته أعطى الكنيسة أن تكون جسده الحي، الذي ينال فيه وبه وبالروح القدس الحياة التي لا تموت، الحياة غالبة الموت أي قيامته المجيدة؛ لأن الموت يفصل ويبدِّد، والقيامة توحِّد وتجدِّد. الموتُ انحلالٌ زمانيٌ وفسادٌ، والقيامة حياةٌ ومجدٌ. الموتُ ظلمةٌ وسيادة الخطية، أمَّا القيامة فهي نور وحرية مجد أولاد الله (رو 8: 21)، لذلك لا تجمعنا بالرب الواحد قوة جسدانية زمانية محدودة، بل قوة الحياة التي تأتي من ملء اللاهوت الحال دائماً وأبدياً في جسده غالب الموت. وهو اجتماع الاتحاد، لا اجتماع عابر يغلبه الموت، ولذلك وصف الرسول الأموات حسب الجسد بأنهم “الراقدون بيسوع” (1 تسالونيكي 4: 14)؛ لأنه اجتماع الحياة الذي يوحِّد الفرقاء، حيث تسري قوة القيامة من الرب المحيي، روح يسوع الذي أقام يسوع من الموت، وهو ذات الروح المحيي الذي يقيم الأموات بالخطية (كولوسي 2: 12) لكي يسكن فيهم أحياءً بيسوع إلى الأبد. ولذلك، الكنيسةُ هي جسد المسيح الحي، ولكنها ليست جسد المسيح المحيي؛ لأن قوة الحياة هي في جسد يسوع الحي بالآب والذي له حياة في ذاته” (يوحنا 5: 26).
واجتماع أعضاء الجسد هو تعبير استخدمه الآباء من قبل، لا سيما القديس كيرلس السكندري؛ لأن التعبير “اجتماع” جاء من هبة الله الآب لنا، وهي اجتماع اللاهوت بالناسوت، اجتماع الاتحاد؛ لأن الكلمة “اجتماع” تؤكد اختلاف الطبيعة الإلهية عن الطبيعة الإنسانية وتؤكِّد أيضاً تنازُل وتواضع الابن الوحيد لكي “يسكن بيننا” (يوحنا 1: 14)، ولكي – بهذا الاجتماع – يصبح هو الرأس الذي “يجمع الذين في السماء والذين على الأرض” (أفسس 1: 22) مؤهِّلاً إيانا نحن البشر أن يكون لنا اجتماع أبدي في شركة الحياة الأبدية. كل هذا ثبُت بالقيامة؛ لأننا لا نتَّحد بجسدٍ ميِّتٍ، بل بمَن هو الحياة والقيامة. ونحن نتَّحدُ للحياة؛ لأن الحياة التي فينا من يسوع المسيح ربنا لا تموت (يوحنا 11: 26).
خامساً: المعمودية سر الانضمام للحي
لأننا ذكرنا المعمودية المقدسة “سر الحميم الجديد” والاغتسال الروحي الذي فيه تغتسل النفس والجسد معاً للحياة الجديدة، فقد أعطت القيامة للمعمودية المقدسة ثلاث قوى جديدة، كل قوة منهم لم تكن لدينا نحن البشر من قبل:
القوة الأولى:
الثبات في حياة خالدة لا موت فيها مستمدة من اتحادنا بالمسيح الذي قام لكي تعطي قيامته الثبات في حياة الخلود.
القوة الثانية:
تجلِّي الطبيعة الإنسانية بنور حياة الدهر الآتي، أي المجد الإلهي الذي في المسيح لكي نعاين الله الثالوث على النحو الذي ذكره الرب يسوع في (رؤ 3: 21)، أي أننا سوف نجلس على عرش الآب نفسه كما جلس هو نفسه على عرش أبيه، معلناً بذلك طبيعة وراثة ملكوت السموات؛ لأن المُلك الأبدي ليس لطبيعةٍ مهددةٍ بالموت، بل لطبيعةٍ خالدةٍ نالت خلود المسيح.
القوة الثالثة:
سلطان التبني (يوحنا 1: 12)، وهو سلطانٌ أبديٌ من سلطان الابن غالب الموت؛ لأن هذا السلطان كان مستحيلاً لمن هو بالطبيعة مخلوق، لكي يمنح كل مؤمن به بنوة لا مجال فيها لعبودية الطبيعة؛ لأن عبودية الكائن الحر (أي الإنسان) للخطية هي التي هدمت حريته، لكن الآن، أعاد المسيحُ إلينا – بالقيامة – حرية الحياة غير المقيدة بقيود، وإنما الحياة الحية بالمحبة. فالمحبة بلا قيامة ليست محبة كما أن القيامة بلا محبة ليست قيامة.
“نحن الآن أولاد الله”، هكذا قدَّم الإنجيلي عطية الحياة الجديدة، ولكن القيامة جاءت لكي تعلن لنا “ولم يظهر بعد ماذا سنكون، ولكن متى أُظهِر المسيح الرب سنكون مثله لأننا سوف نعاينه كما هو” (1يوحنا 3: 2).
سادساً: المسيح الكاهن والشفيع
يقول الرسول إن المسيحَ حيٌ، ولذلك فهو في كل حين يشفع فينا (عب 7: 25). ولماذا ربط الرسولُ شفاعة الرب بالقيامة؟
أولاً، لأن بالقيامة صار للرب كهنوتٌ لا يزول بالموت؛ لأن الموت أزال كهنوت العهد القديم (عب 7: 23 – 24)، لكن الآن صار يسوع هو “أمس واليوم وإلى الأبد” (عب 13: 8 ) حياً قام كراعٍ للخراف بدم العهد الأبدي (عب 13: 20).
وإذا أعدنا كلمة دم إلى معناها في العهد القديم، أي “الحياة”، يمكننا صياغة كلمات الرسول كالآتي: “بالحياة الأبدية كعهد”، أو “بحياةٍ هي العهد الأبدي”. هذه محاولة لترجمة أقوال الله بواسطة أقوال الله، فما هو كهنوت المسيح؟ وما هي شفاعته؟ ولماذا يستمد الكهنوت والشفاعة مكانتهما عند الآب من القيامة؟ الجواب هو في العودة إلى اكتشاف حقيقة وأبعاد عمل المسيح. فقد فعل هو كل شيء نحن نعجز عنه، فعل كل شيء بمحبة ونحن لم نكن نفكر أو نطلب هذه المحبة، بل هو أعلنها لنا.
كهنوت المسيح ليس فقط في الشفاعة أي الوساطة بين الله والبشر، بل هو أيضاً في خدمة الأسرار الكنسية التي هو كاهنها الوحيد، الذي يعطي هذه الأسرار بواسطة الخدام الذين يأخذون هذه الخدمة منه لا لكي يكونوا وسطاء، بل خداماً. وقد حفظت لنا الليتورجيات الأرثوذكسية مفردات “الخدمة” و”الخادم” مؤكِّدةً أن المسيح الحي هو الخادم الحقيقي للأسرار؛ لأن الأسرار هي حياة المسيح نفسه، وهي شركة في ملء نعمته (يوحنا 1: 16)، أي التحول العظيم والأخير للجنس البشري الذي نُقل من الموت للحياة الأبدية بالشركة في المسيح يسوع نفسه.
سابعاً: الاسم المحيي
في طقسنا القبطي وعلى مدار الأسبوع نجد تسبحةً لاسم ربنا يسوع تحت الاسم القبطي القديم “إبصالية”. هذه القطع السبعة هي خُلاصة الخبرة اللاهوتية النسكية حيث تؤكِّد لنا مصادر الرهبنة القبطية أن “صلاة يسوع” نشأت في الإسقيط، أو برية القديس مكاريوس. ما هي علاقة القيامة بالاسم؟ السؤال ضروري لأنه يكشف عمق الإيمان بالقيامة، والحضور الدائم للرأس في الكنيسة، جسده:
“ظلل عليِّ بظل جناحيك يا ربي يسوع أعنِّي.
……..
أنت تعرف أفكاري وتفحص كُليتي.
يا ربي يسوع أعنِّي” (إبصالية الأحد الثانية).
هذه عبارات مختارة من كثير يعبِّر عن الالتصاق الشخصي بيسوع الحي:
“حلوٌ هو نيرك وحِملُك خفيف، يا ربي يسوع أعني”.
هذه طلبة التلميذ الذي يتبع معلمه.
ثم يأتي دور الكاهن والشفيع حيث تجتمع الكنيسة لتبارك اسم الرب يسوع وتقول:
“لكي نسبحك مع أبيك الصالح والروح القدس؛ لأنك أتيت وخلصتنا”.
وفي إبصالية الاثنين نجد الله كائنٌ أمام الصديقين
“والله كائن أمامهم،
واسمه القدوس في أفواههم كل حين” (إبصالية الاثنين).
إنها الرؤية الروحية (الثاؤريا) التي تجعل الاسم يعبِّر عن خبرة الاتحاد، ومن ثمَّ تأتي الإفخارستيا:
“الله هو عمانوئيل،
الطعام الحقيقي،
شجرة الحياة العديمة الموت.
ولذلك السبب نفسه:
“تجمعي فيَّ يا كل حواسي
لأُسبِّح وأُمجِّد ربي يسوع
يسوع هو ربي.
يسوع هو إلهي
يسوع هو رجاء المسيحيين” (إبصالية الاثنين).
ونعمة الاستنارة التي تعطى في المعمودية تشرق فينا:
“فليكن اسم الرب فينا
ليضيء علينا في إنساننا الداخلي” (إبصالية الاثنين).
ومجد المسيح معلن في الليتورجيا
“يقوم حولك الشاروبيم والسارافيم
ولا يستطيعون أن ينظروك.
ونحن ننظرك كل يوم على المذبح
ونتناول من جسدك ودمك الكريمين” (المرجع السابق).
وهل توجد تعبيرات أقوى من هذه الكلمات الرقيقة:
“تغيب الشمس والقمر في زمانهما
وأنت هو أنت وسنوك لن تفنى” (إبصالية الاثنين).
لا يتسع المجال لعرض التعليم اللاهوتي في كل الإبصاليات، لكن نكتفي بالفقرة التالية من إبصالية الثلاثاء:
“تعال إلينا اليوم يا سيدنا المسيح
أضئ علينا بلاهوتك الفائق (العالي)”.
لأن الامتلاء من اللاهوت، هو الامتلاء من الحياة الجديدة عديمة الموت.
“أرسل لنا هذه النعمة العظيمة
التي لروحك القدوس المعزِّي”.
وعندما نرى كلمة الباركليت، أو المعزِّي، فالكلام هنا هو عن أقنوم الروح القدس، وهو ما يثبت أن الجدل الذي أثير عندنا منذ ما يزيد على ربع قرن كان نتيجة إهمال دراسة صلوات الكنيسة.
في بداية رحلتي الطويلة توقفت عند هذه الفقرة:
“اسمك القدوس يا ربي يسوع ..
هو يكون لهم طعامَ حياةٍ
تقتات به نفوسهم وأجسادهم” (إبصالية الثلاثاء).
ولأننا نجد أن الخبرة خاصة بالنُسَّاك والمتوحِّدين، وكان أب اعترافي هو القمص مينا المتوحد، فقد سألته إذا كان يرى أنه من الضروري أن أفهم هذه الكلمات. فقال بالحرف الواحد:
“إن فكر الجوع، والشعور بالجوع يأتي من الاهتمام الزائد بالجسد”. وشدَّد على تعبير “فكر الجوع”. وقال: “إن الإنسان الذي يمتلئ بالروح القدس ويعاين مجد المسيح، ينسى نفسه وجسده، وقد تمر عليه ساعات، وربما أيام وهو لا يدري، حتى تعيده رحمة الله ونعمته إلى حياته الأرضية، حتى يتعلم كيف يسلك بخشية وتواضع”.
ثم سألته عن معنى العبارة:
“هو يكون لهم ينبوع ماء حياة حلواً
في حناجرهم أكثر من العسل”.
فقال: “إن نعمة القيامة وتذوُّق حياة الدهر الآتي تُعطى لنا في الرب، أو في اسم الرب؛ لأن اسمه حي، أمَّا اسمُ أي خاطئ، فهو ميت (رؤ 3: 1). لذلك أُطلب هذا الاسم حتى ترتوي نفسك ولا تعطش لماءٍ يأتي من الأرض”.
هكذا نصلي للاسم الحي، للاسم الحي الذي هو نهر ماء الحياة:
“مجرى الماء هو مخلصنا ربنا يسوع المسيح
والملازمون له تحيا نفوسهم” (إبصالية الأربعاء)
………
لأن “المحبة التي تكلم من أجلها الرسول القديس
هي اسم الخلاص الذي لربنا يسوع المسيح”.
فالمحبة التي جعلت الجسد يقوم حياً معلناً لنا الحياة الأبدية.
ثامناً: الجسد المحيي والدم الكريم
القيامة والإفخارستيا حقيقة واحدة لا يمكن فصلها. وإن كان الفصل بينهما قد تم في لاهوت العصر الوسيط لأسباب فلسفية وحضارية، إلاَّ أننا نلاحظ أن الأداء اللاهوتي السكندري يبلغ أقصى قوته في القدَّاسات القبطية، لا سيما قداس القديس غريغوريوس، أو قداس الابن. فمنذ أول عبارة تقال حتى النهاية ترتفع الصلوات إلى مَن هو “كائنٌ في حضن الآب“، والذي عندما صَعِدَ “ملأت الكُلَ بلاهوتك“، والذي يوزِّع بنفسه الجسد والدم؛ لأن الخدمة هي “بصحبة وشركة مسيحك“، ولأن الصلاة – سواء كانت في قدَّاسات للآب، أو للابن – ما هي إلاَّ التماس للحياة غير المائتة التي “أشرقت للضالين“، ولنور القيامة الذي أشرق في أرض الأموات، ولذلك لا زال التقليد الكنسي القديم ظاهراً في إنجيل باكر، وهو دائماً إنجيل القيامة، أي بشارة الرب لنا بالحياة.
إذن، بدون القيامة لا توجد لدينا ذبيحة، ولذلك يسمي القديس غريغوريوس النـزينـزي الإفخارستيا بـ “ذبيحة القيامة”؛ لأنها عطية الحياة التي تفيض من ينبوع الحياة.
تاسعاً: الأعياد والتذكارات الحية
لو سألنا أنفسنا لماذا يقام القداس الإلهي في كل الأعياد السيدية وغيرها؟ لكان الجواب كالآتي:
إن المسيحَ، رأسُ الكنيسة يجمع تحت رأسه الواحد الذين في السماء والذين على الأرض (أفسس 1: 10)، وهو قد وزَّع حياته لكي يجمع الكل فيه أعضاءً حيةً، ليس فقط القديسين، بل والقوات السمائية أيضاً التي تشترك معنا في الصلاة، وإن كانت لا تشترك معنا في التناول من الذبيحة؛ لأنها هبة الآب لنا في ابنه يسوع المسيح.
إن اجتماع الرأس بالأعضاء هو “اجتماع إفخارستي”، وهو الحياة التي تسري في الكل. وعليما أن نلاحظ أن البخور يُقدَّم للرب، ولوالدة الإله القديسة مريم، ثم يوحنا المعمدان، ثم الآباء الرسل، والملائكة، والشعب، وهذه هي صورة أو أيقونة وليمة الحياة، حيث يجلس الملك والملكة عن اليمين، ثم باقي المدعوين. لذلك، فبسبب وليمة الحياة، أي جسد الرب القائم بقوة، والذي نقض أوجاع الموت (راجع أع 2: 24)، نحن ننضم إلى القديسين انطونيوس وأثناسيوس وباخوم وذهبي الفم ورئيس الملائكة ميخائيل وكل القوات السمائية، لكي نصير معاً تحت رأس واحد هو يسوع المسيح الذي يجمع كل في وليمة الحياة الإفخارستيا التي يوزع فيها الرب جسده ودمه على الكل.
عاشراً: وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي
لم نسمع ولم نقرأ إلاَّ القليل جداً عن الموت الروحي، رغم أهمية ذلك القصوى. وذلك لأننا لا نزال ندور في حلقة مفرغة، وهي حلقة الموت البيولوجي الذي نشترك فيه مع كل الكائنات الحية.
لكننا نموت مع المسيح في المعمودية، وندخل أسبوع الآلام إنطلاقاً من صلوات الجنَّاز العام الذي يقام في نهاية قداس أحد الشعانين، وهو الأمر يجعل قرار منع صلاة الجنَّاز عن البعض قراراً بلا قيمة بالمرة؛ لأننا نشهد “جنَّازنا” كل سنة، وبالتالي يصبح قرار منع الجنَّاز ليس إلاَّ حملة تشهير لها حساب عند الله.
ونحن ننتظر قيامة الأموات؛ لأننا قمنا “مع الرب، وفيه، وبه”.
“معه”؛ لأنه يعطي لنا هذه الشركة.
“وفيه”؛ لأن الطبيعة الإنسانية قامت فيه حسب كلمات التقوى الأرثوذكسية في صلاة القسمة:
“ونحن الجلوسُ في الظلمةِ زماناً، أنعم علينا بنور قيامته من قبل (بواسطة) تجسده الطاهر. فليضيء علينا نور معرفتك الحقيقية لنضئ بشكلك المحيي”.
“وبه”؛ لأنه هو حسب كلمات أوشية الإنجيل: “وأنت هو قيامتنا كلنا“.
ونحن نتلامس مع هذا الاستعلان العظيم في ثلاثة أشكال متنوعة:
أولاً: في الثبات في الإيمان رغم الضيقات والتجارب والمعاناة التي نمر بها. لأننا ننال ثباتاً في المسيح الحي لا يعود إلينا، بل إلى قوة الحياة التي تعمل فينا رغم الظروف التي تحيط بنا.
ثانياً: في الإيمان بانتصار المحبة المصلوبة التي يقاومها المجتمع ويحاربها بكل ما يملك من أسلحة تدمير وأسلحة إغراءات .. ومع ذلك يبقى الإنسان قادراً على محبة الأعداء والصفح.
ثالثاً: في الرجاء الذي لا يُغلب؛ لأن الإيمان يرى أبعد من كل أفاق الظلم والظلمة والقهر والاعتداء. آفاق الإيمان أرحب، وهي التي تعبِّر عنها الكنيسة في تحليل الآباء الكهنة: “أحكم للمظلومين“.
والله دائماً يتمهل، ولكنه له حساب غير حسابنا .. والانتظار أعظم؛ لأن حسب كلمات الرسول “الرجاء لا يُخزى” (رو 5: 5).
كل عام وأنتم بخير
د. جورج حبيب بباوي
عيد القيامة – إبريل 2007م
8 تعليقات
تعليق على رسالة القيامة… هناك نقطة لاهوتية دقيقة جدا بخصوص القيامة فى اطار الخريستولوجىوهىأن القيامة لم تكن حدثا تعسفيا طارئا اقتحم قبر يسوع فى فجر الأحد ولكن القيامة كائنة كواقع جديد فى الكون منذ أول لحظة لتجسد الكلمةأى فى الصورة الأنسانية الجديدة المستورة خلف أول خلية من عتيق يسوع فى رحم العذراء وظلت حقيقة القيامة سرا مخفيا طيلة سيرة يسوع الى أن توارى عتيقه فى القبر ولم تكن لتعلن هذه الحقيقة الثورية فى تاريخ الكون الا بعد أن يجتاز يسوع اختبار التحدى الذى فشل كل من قبله فى اجتيازه وهو اختبار الموت لذلك كان الصليب وكان الموت حتى بعد أن يظفر الموت بأقصى مايستطيع من غنائم أىصورة الوجود الفاسد الذى لعتيق يسوع ،تعلن المفاجأة الثورية للتاريخ وهى أن هناك صورة جديدة للوجود الأنسانى لم يستطع الموت أن يدنو منهاوالغريب أن هناك مشهدا قد تم فيه اختراق حجاب السرية هذا وقد أظهر فيه يسوع الصورة الانسانية الجديدة القائمة من الموت لثلاثة من خواصه وقد كان حريصا أن يوصيهم بكتمان السر ؛ كان هذا فى مشهد التجلى. دمتم فى المسيح.
تعليق ثان على رسالة القيامة… لاتوجد قيمة مسيحية او نعمة قد نالها الأنسان فى المسيح من الممكن فهمها خارجا عن التجسد ومن هذا المنطلق ينبغى لنا أن ندرك أن القيامة هى قانون التجسد-ان جاز التعبير- فالوجه الاخر لتجسد الكلمة هو قيامة الجسد وعليه فالقيامة هى المرادف العملى للمصطلح الابائى العبقرى” التأله” theosis ,وأيضا القيامة هى المرادف للافخارستيا لأن قيامة الجميع فى المسيح هى مسحة الحياة المنطلقة فى الحركة الأفخارستية من خمير المسحة ورأسها الرب يسوع التاريخى الى جميع المزمع أن ينضموا أليه كأعضاء وهكذا يختمر الجميع بالقيامة فيعتلن تمام سر الشركةأى اكتمال جسد المسيح.دمتم فى المسيح.
تعليق ثالث على رسالة القيامة… يرتبط فى المنظور الشعبى مفهوم القيامة مع مفهوم مجئ الرب والعجيب أن المفهومين من المنظور اللاهوتى العميق هما وجهان لعملة واحدة ولكن بالتأكيد لاتتقاطع الرؤية اللاهوتية الصحيحة مع الرؤية الشعبية. قيامة يسوع المنتصر على الموت أعلنت للتاريخ التدشين الأبدى لمفهوم”الربوبية”ففى يسوع صارت البشرية محفوظة الى الأبد فى الكلمة ولكن لأن يسوع فيه يحل كل الملء فهو مركز الربوبية ورأسها والأمر العجيب والمدهش هو أنه فيما تنطلق القيامة افخارستيا من جسد يسوع الى جميع الأجساد لتضم الجميع فى جسد واحد فان دائرة الربوبية تتسع لتبلغ الحد الأقصى لاتساعها حينما يكتمل ملء المسيح أى حينما يتحقق الوجود الكامل للكنيسة. مصطلح”مجئ الرب” لايعنى الحضور الجغرافى للرب يسوع التاريخى فى نقطة نهاية الزمان ولكنه يعنىاستحضار جميع أعضاء الكنيسة لينضموا الى الرب يسوع بفضل قوة القيامة المنطلقة منه والتى تستهدفهم كل واحد فى زمانه هكذا يمتلئ معنى الربوبية، هكذا يجئ الرب.دمتم فى المسيح.
تعليق رابع على رسالة القيامة… الاعتقاد بثنائية الحياة الأبدية والقيامة اعتقاد لاتعرفه المسيحية فالقيامة هى بوابة الزمن الجديد، بوابة الزمن الأبدى . قبل التجسد كانت عجلة الزمن العتيق المتقادم من حلقات الماضى والحاضر والمستقبل كانت فى قسوة مهلكة تهرس كل مخلوق فى كوننا ولكن بمجرد تجسد الكلمة صلب الزمن العتيق فيه وتوقف الى الأبد عن الدوران وأصبح الزمن لحظة انية أبدية، أصبح الزمن هو “الان اللامنتهى” ولأن طبيعة ذلك الزمن العجيب هى اللحظة المتجددة الى الأبد فانه لافرق بين الحياة الأبدية والقيامة لأنه فى زمن “الان الدائم” المتجدد لايوجد فرق بين بوابة الدخول:القيامة،والمدخول اليه:الحياة الأبدية.دمتم فى المسيح.
حدث ليلة القيامة
بينما أتأمل حال الكنيسة في هذة الليلة المباركة أخذتني غفوة نوم لم تكن في الحسبان. وفجأة ابرق نور شديد ات من بعيد, وظهر شخص اعرفة جيدا من صورتة المشهورة في كنائسنا فصرخت قداستكم كيرلس الاسكندري. اما هو فاجابنى بايمائة فهمت منة انة هو بشحمة ولحمة.
فسألتة عن سبب ظهورة. فأجاب باقتضاب : انتم اجبرتموني على الظهور. فقلت: ماذا حدث؟ هل جئت لتهنئتنا بعيد قيامة الرب.
قال القديس كيرس: اي عيد يابني, لقد جئت هنا لكي اتحقق من حقيقة ما يقال عن كنيسة الاسكندرية العظمى.
قلت في زهو: نحن على ما يرام يا أبانا.
قال: على ما يرام, لقد اخترت ان أظهر لك لأنك صريح في أرآئك, لاتحاول أن تخدعني.
قلت بحذر: قداستكم تعلم جيدا ما وصلت الية كنيستنا من نشاط وكرازة وكنائسنا مكتظة بالمصليين.فأنا لا أكذب.
قال والملل ارتسم على وجهه البهي: يا بني, ما زلت تلف وتدور, فلا تتضايق ان شرعت في الرحيل.
لقد شعرت بأنني سوف اتسبب في ضياع فرصة الحديث مع واحد من أفضل بطاركة الاسكندرية.
قلت لة وأنا اعتدل في جلستي: هل تريدني ان اتحدث عن الذي يدور من نقاش بين د جورج والبابا. قال: نعم
قلت:هل يهمكم هذا الامر, أنتم الان في السماء مع رب المجد.
قال مبتسما: مش يمكن حكمتوا علي شخصي بأنني في مكان آخر غير السماء, فأنتم هذة الأيام تحكمون على الناس وتكفرونهم بدون وجة حق.
فقلت لة بلغة الواثق: لقدت ذهبت بعيدا يا أبانا, الا أنت, الا أنت, أنتم حماة الايمان, نحن لا ننسى جهادك ضد المدعو نسطور, لقد جاهرت بالمسيح الواحد, أنت صاحب تعبير والدة الالة امام النساطرة, صحيح اوريجانوس قالها قبلك, لكن الحق انكم أعطيتم ثقل لاهوتي لهذا المصطلح.
قال:جميل ما تقولة, لكن ما ليس جميل هو خطابكم الموجة للناس في الكنيسة يدل على أنكم لا تعرفون شيئا عن المسيح الواحد.
قلت باستهجان: كيف تقول عنا هذة الاقوال, ما زلنا يأبانا نحمل شعلة الايمان, أرجوا ان تتحققوا من التقارير التي تصلكم.
قال:تقارير, تقارير, ما هي اللغة الجديدة التي سيطرت عليكم , أنتم تتكلمون بلغة المباحث والمخابرات, والتسجيلات والصوت والصورة.
قلت محاولا تهدئة الموقف:دعنا ننظر للموضوع بدون مبالغة.
قال متحفزا: وأنا موافق.
قلت: مازلنا نصلي مستخدمين نفس النصوص الليتورجية التي استلمناها منكم, أظن أن هذا الأمر حسن جدا.
قال: وما فائدة هذة النصوص وأنتم تجاهرون بعكسها.
قلت متحديا: كيف تبرهن علي ذلك؟
قال: أستطيع أن ابرهن على ذلك بكل سهولة, ولكنني ينبغي علي الرحيل فورا لأمر هام.
قلت صائحا: كيف تتركني ياأبانا في هذة الحالة المضطربة, أنتم تتكلمون بثقة ولكن من غير دليل, من فضلك لا تتركني.
قال والدهشة مرتسمة على وجهة: يا بني انت لا تفهم, الأمر مستعجل, وعلى العموم سوف أعطيك شيئا تتطلع علية حتى مجيئي المرة القادمة.
قلت متلهفا: اعطني اياة.
ومددت يدي لكي أخذ منة شيئا ملفوفا كأنة كتاب. وعندما هممت بنزع اللفافة صعقت من الدهشة لقد كان كتاب: بدع حديثة لقداسة البابا شنودة الثالث
التفت يمينا وشمالا لأبحث عنة, لكنة أختفي.
تعليق خامس على رسالة القيامة…… قيامة المختارين المنضمين الى كيان المسيح هى حدث تراكمى انطلق منذ لحظة التجسد ويتكمل الان لينتهى مع نهاية الزمان والمكان .كان حسد يسوع الخاص القائم من الموت هو الرصيد الأول من الحساب التراكمى للقيامة ،ولكى ندرك جيدا تراكمية القيامة اسمحوا لى أن أسلط بعضا من الضوء على عبارتين من رسالة بولس الرسول الأولى الى كورنثوس: 1-(فانه اذ الموت بانسان،بانسان أيضا قيامة الأموات.لأنه كما فى ادم يموت الجميع،هكذا فى المسيح سيحيا الجميع.ولكن كل واحد فى رتبته: المسيح باكورة ،ثم الذين للمسيح فى مجيئه.وبعد ذلك النهاية،..(15 :21 -24 )،…ومفتاح فهم هذا الاقتباس هو كلمة”رتبته”والكلمة تعنىالترتيب الزمنى أو الأقدمية الزمنبة”طغمة” وهى كلمة من أددبيات الحياة العسكرية ولكن مفادها هنا هو أن القيامة المنطلقة افخارستيا من لحظة التجسد وحتى لحظة نهاية الكون انما تمسح لحظات الزمن مختطفة المختارين كل واحد فى زمانه الخاص الذى ظهر فيه فى هذا الوجود تحدث هذه العملية فى نمط تراكمى نهايته هى امتلاء كيان المسيح بجميع أعضائه …2- ( فانكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس، تخبرون بموت الرب الى أن يجئ…(11 : 26 )…(كلما أكلتم..وككلما شربتم..)هى التراكمية الافخارستية التى تعنى مزيدا من انضمام أعضاء جسد المسيح أى مزيدا من رصيد القائمين من الموت وعمليا تعنى مزيدا من المشتركين فى موت الرب( تخبرون بموت الرب)؛ الفعل هنا لا يعنى مجرد اذاعة خبر بل يعنى المناداة الذاتية به والمعايشة له(katangalo )،.الملحوظة الأخيرة على هذا النص هى الحرف “الى أن” وهو فى الأصل اليونانى لايعنى الاشارة ألى توقيت زمنى بل يعنى تقاطعا لحدثين متلازمين والأمر أشبه بالساعة الرملية التى ما أن ينتهى حدث تفريغ الغرفة العليا الاويكون معنى ذلك هو امتلاء الغرفة الأخرى.والتأويل العام للعبارة هو أن الانضمام الافخارستى لأعضاء المسيح انما هو حدث تراكمى نهايته هى تحقق الوجود الكامل الممتلئ للمسيح اى تحقق مجئ الرب؛أى تحقق قيامة الجميع. دمتم فى المسيح.
تعليق سادس على موضوع “القيامة”……مفهوم ” الزمن الجديد ” هو التعبير العملى عن القيامة.قبل التجسد كان تاريخ الكون،ولاسيما التاريخ الانسانى انما تجره قاطرة محددة فاعلة هى قاطرة “المستقبل” وعلى مستوى الوعى البشرى ،سواء على المستوى الفردى أو على المستوى الجماعى(أى التاريخ الأنسانى) فان كل سعى فى الحاضر ا نما هو مربوط بأمر ما يراد حدوثه فى المستقبل وحتى على المستوى الدينى ظلت البشرية طوال تاريخها(قبل التجسد)،محدقة نحو المستقبل تنتظر اللحظة التى يحضر فيها الكلمة ليسكن فى طبيعتها فتسكن فيها الحياة.كانت لحظة التجسد هى اللحظة الوحيدة فى تاريخ الكون التى من الممكن اعتبارها “المستقبل”،وبحدوث التجسد انهارت “سطوة المستقبل” وأصبح كل مايلى لحظة التجسد من زمن حتى نهاية الكون هو بمثابة زمن خادم مستعبد للحظة التجسد وهو مقهور على أن يأتى بكل ما فيه من أعضاء مبعثرة لتنضم الى رأسها وباكورة انتصارها “الرب يسوع التاريخى”.زمن المسيح هو الزمن الحاضر وبعد المسيح لايوجد أى معنى لكلمة “المستقبل”.القيامةأو الحياة الأبدية هى تعبير عن لحظة حاضرة لانهاية لها ولامستقبل يستطيع أن يأتى ليجعلها ماضيا. زمن المسيح هو العهد الجديد وكلمة “الجديد” تعنى أنه سيظل جديدا أبدا ولن يعتقه اخر.انه زمن” الان اللامنتهى”.لحظة التجسد هى لحظة الاختراق لزمن الكون والقيامة التى استعلنت فيها هى الزمن الجديد الذى يبتلع الزمن الكونى كله ….والان اسمحوا لىأن أتخذ بعدا جديدا فى حديثى فأقول بأن مفهوم تسكين حركة الزمن وصيرورته حاضرا فقط انما هو حلم مطبوع فى أعماق وجودنا العتيق وهذا ماتكشفه العلوم الطبيعية الحديثة لاسيما علم الفيزياء النظرية فهاهو العبقرى “أينشتين” فى النظرية النسبية يكشف أمام الوعى البشرى لأول مرة فى التاريخ أنه بازدياد الحركة يتباطأ الزمن والافتراض أنه بالوصول الى سرعة الضوء (وهو خط أحمر فى النظرية)فان الزمن يتوقف تماما عن التقادم صائرا زمنا انيا أبديا وهذا ماأطلقت عليه شخصيا”حلم أينشتين المحظور” ،وهذا هو الحلم الذى تحقق فى المسيح اذ أن الصورة الانسانية الجديدة التى أعلنت للتاريخ فى فجر القيامة هى الصورة التى صلب فيها الزمن العتيق وتوقف الى الأبد عن التقادم بفضل الكلمة الذى هو شخص الحركة المطلقة الذى به يحيا ويتحرك ويوجد الجميع …أرجو أن لاتكون الاشارة العلمية فى هذا التعليق مسارا للصدمة أو الدهشة السلبية فاننى على قناعة بأن للمعرفة نسيج واحد أو مايمكن أن نطلق عليه “نظرية وحدة المعرفة” وما الفصل بين اللاهوت والفلسفة والعلم الطبيعى الا فصلا تعسفيا يفتقر الى النظرة الشاملة المستوعبة للوجود ؛فالمعرفة هى الشركة فى شخص الكلمة الحال فى الكل وليس هناك أى مفردة من مفردات الوعى البشرى من الممكن أن تكون بمعزل عن شخص “الكلمة”،واننى أعتقد بأن عباءة “اللاهوت”هى العباءة الأرحب والأوسع التى تستوعب عباءة أخرى هى” الفلسفة” والتى بدورها تستوعب “العلم الطبيعى “.
ملحوظة أخيرة : هذا هو التعليق السابع عشر لى فى مدونة مساحة حرة فى مختلف الموضوعات المطروحة واننى أتوجه بالرجاء الى أستاذى الدكتور جورج حبيب بالتفضل بتعليق نقدى علمى ولو بكلمات بسيطة تكون بمثابة ضوءأخضر للاستمرار أو لتصحيح المسار وايضا لتعم الفائدة باشاعة الحوار فى المدونة .دمتم فى المسيح.
مئات من الأسئلة التي كانت تدور بذهني و التي جعلتني لا اطيق التعاليم الكنيسية و جدت إجوبتها عندكم و عرفت ما هو التعليم القويم و ما هو التعليم غير القويم …. و عرفت ما هي الأرثوذكسية …. لأ أدري لماذا كنت أتسأل كل هذه الأسئلة و لماذا لم استسغ تعاليمهم و كلماتهم و عظاتهم … و لكن الأن أدرك لأنها لم تكن الحق …. بسببكم احترمت ترتيب و نظام و صلوات كنيستي … فاشكركم و أتمنى من الرب يسدد خطاكم …