يتحدث الدكتور جورج بباوي في هذه المحاضرة الصوتية عن الأصول اللاهوتية لقضية الطلاق والتطليق في المسيحية، من منطلق تاريخي وآبائي ومن وجهة نظر القانون الكنسي. فقد كان الزواج المسيحي”مدنيا: في بداية إنتشار المسيحة وحتى القرن الخامس أيام الدولة الرومانية، ثم تبع ذلك مباركة الكنيسة لهذا الزواج. مع ذكر لبعض آراء الآباء المتباينة في مثل هذه القضية.
محاضرة يعقبها بعض الأسئلة
5 تعليقات
للدكتور القس إكرام لمعي – نقلاً عن مقال نشر بجريدة الشروق على حلقتين بتاريخ 4/7/2010، 11/7/2010
-1-
الزواج والطلاق في المسيحية منذ القرن الأول وحتى بداية القرن الحادي والعشري
كان لحكم المحكمة الإدارية العليا، بإرغام الكنيسة على تنفيذ الزواج الثاني للمطلق لاثنين أحدهما طلق والآخر خلع وقع مدوي, حيث أعلن قداسة البابا شنودة رفضه للحكم وإعلانه عدم التنفيذ وذلك لأن هذا الحكم يتعارض مع وصايا الكتاب المقدس التي تعلن: «إن من تزوج مطلقة يجعلها تزني، وإن الذي طلق بسبب علة الزنا لا يحل له الزواج من بعد لأنه لا يؤتمن على أسرة حتى لو تاب عن خطيئته».
من هنا أردنا إن نعود إلى التاريخ الكنسي منذ بداية المسيحية وحتى اليوم لكي ندرك هل كان موقف الكنيسة منذ البدء كما هو الآن أو كما يحاولون إقراره اليوم؟ أم أنه اختلف في السنين الأخيرة؟
بدايةً، ومن قراءة عامة للتاريخ نلاحظ أن الكنيسة لم تكن تتحكم في أمر الزواج والطلاق حتى القرن الخامس، لكن بدأ الحديث عن هذه القوانين في الكنيسة مبكرا عن هذا، ليس لأن الدول التي تعيش فيها الكنيسة اعترفت بالكنيسة كالمصدر الوحيد للزواج والطلاق، لكن العكس، فقد كانت الكنيسة منذ بدايتها تعيش في ظل القانون المدني الروماني الذي كان يحكم العالم عندئذ، وهذا الأمر متفق تماما مع كلمات السيد المسيح: «أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله».
وحديثه الدائم بأنه لم يأت مشرعاً: «من أقامني عليكم قاضياً أو مقسماً»، ولذلك آمن المسيحيون الأوائل أنه لا يوجد ما يسمى بالشريعة المسيحية، وأن المبادئ المسيحية العظمى يطبقونها اختيارياً في داخل تجمعاتهم، ودون فرضها على المنتمين للجماعة بالقوة وسلطان الكنيسة، فكل فرد بحسب قدرته الروحية على تحقيق تعاليم السيد المسيح السامية جدا، وبرجوعنا للكتاب المقدس لم يذكر أن السيد المسيح قام بعقد قران أحد من أتباعه أو لأي إنسان.
وفى سفر أعمال الرسل، الذي يحكى تاريخ التلاميذ، لم يقدم أي إشارة إلى أن تلاميذ المسيح قاموا بتزويج أحد من الناس أو تطليقه، ولكن هناك إشارات لمعالجة بعض المشاكل في هذا الشأن، مثل لو أن الزوج الذي كان وثنيا أو يهوديا وصار مسيحيا ورفضت الزوجة الدخول في المسيحية أو العكس فبماذا يكون الموقف؟ وكان رد بولس الرسول انه إذا أراد المختلف أي الذي بقى في ديانته ولم يصبح مسيحيا أن يفارق فليفارق في سلام، أما الطرف الذي صار مسيحيا فليس عليه أن يفارق، وهنا قمة قبول الآخر المختلف في الزواج المختلط، وأيضا وبسبب التسيب في المجتمعات الوثنية.
أكد بولس الرسول على الزواج بواحدة بحسب فكر المسيح، ورفض الطلاق؛ لأن الرجل والمرأة بزواجهما صارا زوجا وزوجة وما جمعه الله لا يفرقه إنسان، وتحدث عن هذا السر قائلا: هذا السر عظيم ولكنى أقوله من نحو المسيح والكنيسة، أي ارتباط المسيح بالكنيسة (شعبه)، وليس بسبب أن الزواج قد قام بعقده كاهن يحمل السر، والزواج الذي من الله هو الذي يستمر للأبد، أما الزيجات التي من إبليس أو بسبب مصلحة أو لأسباب أخرى فهي لم تحمل صفة سر حتى لو كان الذي قام بتوثيق العقد رجل دين.
وهكذا استمر الحال، فلم تتدخل الكنيسة في قوانين الدولة للزواج وكان أعضاؤها يخضعون للقانون العام للدولة، إلى إن أعلن الإمبراطور قسطنطين الإمبراطور الروماني في القرن الرابع أن ديانة الدولة هي المسيحية، فاندفع الآلاف للدخول في المسيحية دون معرفة مبادئها، وهنا بدأت الكنيسة في وضع قوانين للزواج والطلاق، لكنها لم تكن ملائمة إلاَّ لمن هم داخل الكنيسة، وباختيارهم ذلك إذا لجأوا للكنيسة لحل مشاكلهم بغض النظر إن كان الزوجان بعد توثيق عقود زواجهم مدنيا يطلبون بركة الكنيسة من عدمه.
والبركة كانت أن يمر الموكب من أمام الكنيسة. ويخرج الأسقف ويحييهم من بعيد مباركا لهم، أما ما هو لدينا موثقا في رأى قادة الكنيسة في الزواج كوثيقة أولى فهو رأى العلامة أوريجانوس (185 – 254م) في كتابه شرح إنجيل متى وفى الجزء الخاص بالزواج والطلاق قوله: إن سماح بعض رؤساء الكنائس بتزويج المرأة المطلقة أثناء حياة زوجها الأول مضاد لوصية الإنجيل إلا أن لهم عذرا في ذلك حيث إنهم يتقون شرورا أعظم يمكن أن تحدث لو تشددوا في أمر الوصية، ويقصد أوريجانوس بالشرور الأعظم هنا هو ترك الديانة المسيحية والارتداد للوثنية، ويقول القديس غرغوريوس الثاولوغوس النزينزى في القرن الرابع الميلادي في القانون رقم 50 من مجموعة قوانين قيصرية الجديدة: «إن شريعتنا تحرم الطلاق وان كانت الشرائع المدنية تحكم بخلاف ذلك، ونحن لا نعاقب بعد ذلك الذي يتزوج ثانية لأن الزواج أفضل من الزنا في الخفاء».
وفى كتاب «التدبير الإلهي في بنيان الكنيسة» يقول نفس المصدر السابق: «إن الواقع المتردي لحالة المؤمنين على مدى التاريخ جعل رجال الكنيسة يقفون أمام مشكلة الزواج الثاني للمطلقين والمطلقات موقف التردد وعدم الإجماع على رأى موحد، وهنا من يحرم وهناك مثل القديس باسيليوس لا يحكم حكما جازما ضد من يعقدها لأنها أفضل من الزنا».
ونحن هنا نلاحظ أن هذه المسألة (الزواج والطلاق) على طول التاريخ لم تكن توضع تحت بند الإيمان والكفر مثل رفض التوحيد والتثليث أو طبيعة السيد المسيح.. إلخ، لكنها توضع تحت بند خطايا يمكن تجاوزها تجنبا لخطايا أعظم، وعلى الكنيسة أن ترعى أولادها وتحتضنهم وتعلمهم وتجد لهم حلولا ناجحة، ولا ينطبق هنا القول: «ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس».
والذي تكرر كثيرا هذه الأيام بمفهومها الضيق، لكنها تنطبق بالمفهوم الواسع أننا ينبغي أن نطيع الله الذي يريد رحمة بأولاده أكثر من إطاعة الناس الذين يتشددون، فتفقد الكنيسة كل يوم الكثير من أتباعها، خاصة أن الكنيسة اليوم تعطى تصريحا بالزواج الثاني للطرف المظلوم، والسؤال هو كيف نتأكد من هو الظالم ومن هو المظلوم؟! فكل شخص يدافع بالقول إنه مظلوم، والأكثر ارتفاعا في الصوت، والأكثر علاقات والأكثر أوراقا يستطيع أن يكون مظلوما وهو ظالم.
ماذا حدث من القرن الخامس وحتى العاشر؟
بداية من القرن الخامس وحتى الثامن استمرت الكنيسة في مباركة الزواج من خلال الموكب الذي يمر قرب الكنيسة وخروج الأسقف للتحية والبركة في الزواج الأول، لكن البركة محرمة في الزواج الثاني المنعقد بعد الترمل، وفى القرن الثامن تقرر أن يتم تبادل الرضا بين العروسين علنا بالكنيسة، وقد أصبح كذلك لأنه في القرن السابع تم الفتح الإسلامي لمصر على يد عمر بن العاص والذي أرسل كتابا بالأمان للبطريرك بنيامين يقول فيه: «فليحضر آمنا مطمئنا ويدير حالة بيعته وسياسة طائفته». وهكذا أصدرت الوثائق من الدولة الإسلامية الواحدة تلو الأخرى بان البابا مكلف بتنظيم الشأن الداخلي لجماعته من زواج وطلاق وميراث، وهو ما لم يحدث في أي بلد آخر في العالم، حيث إن الإسلام ينص «وإذا جاءك أهل الكتاب فاحكم بينهم بما يدينون»، وبناء عليه قررت الكنيسة أن يلتزم كل عروسين بتبادل الرضا علنا بالكنيسة.
وبعد القرن الثامن وحتى العاشر تم تغير مهم في موقف الكنيسة فأصبح لا يحتفل بالزواج عند باب الكنيسة، بل بحسب طقوس معينة حددتها الكنيسة، وكان هذا يعقب العقد المدني والذي كان ساريا قانونيا بدون الكنيسة.
ماذا حدث من القرن الـ11 حتى القرن الـ19؟
لم يصبح الزواج قضية كنسية خالصة إلا في القرن الحادي عشر، فقد أدخلت طقوس الزواج ضمن القداس الإلهي، وهكذا أصبح دور الكاهن جازما في إعطاء الخطيبة لزوجها، وفى بعض الأحيان يعطى الزوجين كل واحد للآخر، أو يكتفي بترأُس الحفل، لكن حتى ذلك الوقت لم يكن الزواج المنعقد خارج حضور الكاهن غير صحيح أو فاسد.
ومن الجدير بالذكر أن تعبير «سر الزيجة» أطلق لأول مرة في القرن الـ11، فقد أضيف هذا السر لأسرار الكنيسة كرد فعل لمن كان ينادى في ذلك الوقت بأن الزواج الكنسي يساوى الزواج المدني وانه لا فرق بينهما، وهنا صدرت وثيقة رسمية تعلن أن الزواج سر بجانب المعمودية والعشاء الرباني والتوبة، وصدر كتاب كنسي يقول: «لا يجوز أن يعقد الزواج خارج الكنيسة بل في داخلها في مكان لائق بالقرب من المذبح وأمام كاهن رعية الخطيبة». ومن ذلك اليوم صار كل زواج لا يتم هكذا لاغيا من وجهة نظر الكنيسة، وبسبب هذا السر رفضت الكنيسة الأرثوذكسية أي زواج خارجها واعتبرته نوعا من الزنا.
ويقول أحد المؤرخين المعتمدين: إن كل الطقوس التي استخدمت داخل الكنيسة من أعمال قانونية وعربون وخاتم ومهر وتشابك بالأيدي ووضع المنديل وغيرها أخذت من حياة الناس وحضاراتهم وعاداتهم وتقاليدهم والتي عاشت الكنيسة بينهم، وليس من الكتاب المقدس، وكل ما هنالك تحول كل ذلك إلى طقس مقدس داخل الكنيسة.
وفى نهاية القرن الثالث عشر ظهر أول قانون للأحوال الشخصية للمسيحيين بعنوان «المجموع الصفوي» يتضمن القوانين التي جمعها العلامة الشيخ الصفي أبى الفضائل ابن العسال، وسوف نرجع لهذا المرجع من خلال كتاب جرجس الأيغومانس (القمص) فيلوثأوس عوض والذي كان رئيس الكنيسة المرقسية الكبرى بالقاهرة، وقد اعتمد عليه البابا كيرلس الرابع أبو الإصلاح عام 1867م لإصدار قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين.
-2-
لا يوجد نص مسيحي يقول لا طلاق إلا لعلة الزنا
البابا كيرلس الرابع أبو الإصلاح وقانون الأحوال الشخصية
في عام 1867 خاطبت وزارة الحقانية البطريرك كيرلس الرابع أبو الإصلاح عن أسباب الطلاق في المسيحية فكلف الأيغومانس (القمص) فيلوثأوس عوض بإعداد لائحة، وبعد أن انتهى من اعتمدها البابا كيرلس الرابع وقدمها للوزارة.
فماذا فعل الأيغومانس فيلوثأوس عوض والذي دعاه قداسة البابا شنودة في جريدة وطني الصادرة الأحد 23/8/1987 قائلا: إنه أستاذ أستاذي ويقصد بأستاذه حبيب جرجس.
لقد قام القمص فيلوثأوس بالعودة إلى كتاب المجموع الصفوي الذي يتضمن القوانين التي جمعها العلامة الشيخ الصفي أبى الفضائل ابن العسال في القرن الثالث عشر وبنى عليه ما سماه الخلاصة القانونية في الأحوال الشخصية لكنيسة الأقباط الأرثوذكسيين، وقد جمع كل ذلك ابن فيلوثأوس ويدعى جرجس فيلوثأوس عوض ووضع ملحقات له كانت الطبعة الأولى عام 1896 والثانية 1913 والأخيرة 1933م، وهو ما نعتمد عليه في بحثنا هذا.
يقول في المادة 18 الأحوال الشخصية (الطلاق وفسخ الزيجة): «في الدين المسيحي لا يوجد طلاق بل فسخ زيجة المتزوجين والتفريق بينهما ليصح للمؤمن منهما أن يتزوج بمن يريد الرب فقط».
أسباب فسخ الزيجة
فالموت حقيقة هو مفارقة النفس العاقلة للجسم الترابي، ولو قتلا، من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد، أما الموت حكما فهو الحكم بإلحاقه بالموتى كما في المفقود أو كمن حكم عليه جنائيا بالموت أو النفي أو السجن المؤبد أو أخذ في الأسر وحكم بأنه لا يعيش أكثر من هذه المدة أو نفته الكنيسة من شركتها وقطعته واعتبرته مائتا من عضويتها سواء كان لتغييره دينه أو لعدم إطاعته لأوامر الكتاب والسير حسبما تقضى الأوامر من حسن المعاشرة والقيام بما يجب عليه حال قيام الزوجية.
وأيضا إذا غاب أحد الزوجين عن وطنه بالأسر أو بغيره بحيث لا يعلم مقره ولا حياته من عدمها واستمر أمره هكذا مجهولا من خمس سنوات إلى سبع سنوات، ولم يحتمل قرينه الانتظار أكثر من ذلك ويرغب بعد مضى هذه المدة بالتصريح له بالزواج فيجاب إلى ذلك، بشرط أن يتحقق لدى الرئيس الشرعي غياب الزوج الآخر سبع سنين أو أقله خمس ولم يظهر له خبر كل هذه المدة ولم يكن لقرينه احتمال أو رغبة في الانتظار أكثر.
إما إذا كانت حياة الغائب أو الأسير محققة غير مشكوك فيها ومقره معلوما فلا يفسخ الزواج اللهم إلا إن طالت المدة، أعنى تجاوزت السنوات السبع، أو إذا ثبت أن الغائب قد تزوج، أو كان الغائب هو الرجل ولم يبعث لامرأته النفقة وتشكى الفريق الآخر من ذلك، فللرئيس الروحي تدبير أمره من جهة الزواج، حسبما تستدعيه حالته مما لا يضاد الشرع.
وكذلك إذا حكم على أحدهم بحكم جنائي وجب إبعاده عن وطنه أو إقليمه، فإن كانت مدة الحكم لا تزيد على سبع سنوات فالزواج باق وانتظرت عودته، وإن كانت تزيد على ذلك زيادة لا يتحملها قرينه أو كان الحكم توقع بالإبعاد مدة عمره بحيث لا ترجى عودته، فالخيار لقرينه أن شاء الزواج بآخر يصرح له بذلك بعد ثبوت الموجب، والنتيجة أن يعتبر في حالة الغائب المجهول أمره أو المعلوم مدة من خمس سنوات إلى سبع، ومتى عبرت ولم يطق قرينه الاحتمال ورغب الاتصال فللرئيس الروحي إجابته، وذلك بالتطبيق لما ورد بالعدد الثالث من التطاوس (البند) الحادي عشر وما ورد في القانون الكيرلسى، ونصه: إن الكتاب المقدس يقول صراحة إن المرأة مرتبطة بالرجل مادام حيا. فإن ثبت موته ولو حكما ترخص للباقي بالزيجة، أما إذا ثبت بقاء الغائب على قيد الحياة انتظره الآخر حتى يعود.
وعليه يكون فسخ الزيجة بموجب هذه الأسباب محتما وما يسرى على الرجل يسرى على المرأة:
أما إذا كان الخلاف صادرا من أحدهما دون الآخر ولم يكف المخالف عن فعله لا بالنصح ولا بالتوبيخ ولا بالتأديب الروحي، وثبت للرئيس امتناعه عن قرينه وانحرام هذا القرين من حقوقه الشرعية الزوجية، واستمر الفريقان منفصلين عن بعضهما وتوسط الكهنة ورئيس الكهنة في ذلك ولم يهتد المفترى منهما ويرجع عن شره، ورغب المظلوم حله من رباط الزيجة، وترجح بالنظر الدقيق أنه لا وسيلة لامتزاجهما ثانية، فحينئذ للرئيس الروحي أن يجرى ما صرح به القانون ونصه: إن ما جرى بينه وبين زوجته شر وكانت هي الظالمة، فليصبر عليها ويرفق حتى يصلح أمرها، وإن لم يطق وتفاقم شرها فليتوسط بينهما القسيس الكبير، وإن لم تطع فليتوسط الأسقف مرة واثنتين، وإن لم تطع فليتبرأ الأسقف منها، ومباح للرجل إن أراد الترهب أو العزوبية فله ذلك، وإن لم يكن قادرا ورغب الزواج فله ذلك. أما إن كان الرجل هو الظالم لزوجته ويطلب إقامة الشر معها لكي يفارقها، فلا يقبل منه ذلك ويجبر على مصالحتها، وإن خالف ذلك فليمتنع من شركة السرائر ودخول الكنيسة حتى يتوب.
الزنى أو الفسق
وما يلحق بذلك:
لائحة 1938:
لم تخرج لائحة 38 عن لائحة 1867 للبابا كيرلس الرابع أبو الإصلاح ونصها نجده في مجموعة 1955 التالية، وهى المجموعة التي تقدم بها المجلس الملي لوزارة العدل تمهيدا لإصدارها كقانون يطبق نصوصه على الأقباط الأرثوذكس بعد صدور القانون 462 لسنة 1955 بإلغاء المجالس الملية، ولكن نصوص هذه المجموعة لم يأخذ بها القضاء بل أخذ بنصوص مجموعة 1938، وأيدت محكمة النقض والإبرام في أحكامها هذا الاتجاه وقد حصرت هذه المجموعة أحكام التطليق فيما يلي:
ويجوز للزوجة أن تطلب الطلاق إذا أصيب زوجها بمرض العنه وثبت انه غير قابل للشفاء، وكانت الزوجة في سن يخشى عليها فيه من الفتنة، ولم يكن قد مضى على الزواج 5 سنوات.
إلا أن المحكمة عادت إلى قصر التطليق على علة الزنى، عدم زواج المطلقين، وذلك بالقرار الباباوى رقم 7 في 18 ـ 11 ـ1971.
ونص القرار:
والقرار الباباوى رقم 8 والخاص بعدم زواج المطلقات ونصه:
والمرأة المطلقة إما أنها طلقت بسبب زناها، أو لسبب آخر غير الزنى، فإن كانت قد طلقت بسبب زناها فإن الإنجيل المقدس لا يسمح لها بالزواج مرة ثانية بحسب النصوص المقدسة التي أوردناها، إذ إن هذه المرأة لا يمكن أن تؤتمن على زواج جديد، أما إن كانت قد طلقت لسبب غير الزنى، فإن هذا الطلاق يعتبر باطلا بسبب وصية الرب في الإنجيل، ويكون الزواج الذي حاول الطلاق أن يفصمه لا يزال قائما، فأن تزوجت تكون قد جمعت بين زوجين وتعتبر زانية بحسب وصية الرب.
ملاحظات أخيرة:
بعد هذا البحث المطول علينا أن نلاحظ ما يلي:
أولا: أن تشويه لائحة 1938 على أساس أن الذي أقرها علمانيون وأن البابا يؤانس الذي وضعت في عهده كان ضعيفا وفرضت عليه اللائحة، وغير ذلك مما سمعناه وقرأناه ليس دقيقا، لأنه تبين أن لائحة 38 جاءت معتمدة أساسا على لائحة 1867م التي أعدها القمص فيلوثاؤس عوض، واعتمدها البابا كيرلس الرابع أبو الإصلاح، والتي اعتمدت على المجموع الصفوي للشيخ ابن العسال من القرن الثالث عشر، الذي اعتمد بدوره على تاريخ طويل بدءا من القرن الأول.
ثانيا: إنه على طول التاريخ، اعتبرت الكنيسة الموت الحكمي سببا في الطلاق، وهو الغياب من خمس لسبع سنوات دون معرفة المصير لأحد الزوجين، أو إذا حكم على أحد الطرفين بالسجن بالأشغال الشاقة أو السجن أو الحبس لمدة سبع سنوات، أو إذا أصيب احد الزوجين بجنون مطبق أو مرض معد يخشى منه على سلامة الآخر على أن يطلب الطلاق الطرف المتضرر بعد مرور ثلاث سنوات على المرض، أو إذا اعتدى أحد الزوجين على حياة الآخر واعتاد إيذاءه إيذاء جسيما يعرض صحته للخطر، أو الفرقة لمدة ثلاث سنوات.
ثالثا: أيضا اعترفت الكنيسة بالزنى الحكمي على طول تاريخها
رابعا: إن القول بأن السيد المسيح قال إن لا طلاق إلا لعلة الزنى وأن من يتزوج بمطلقة يزن.. إلخ تماما مثل القول لا تقربوا الصلاة، لا يوجد نص يقول لا طلاق إلا لعلة الزنى، لكنه يقول إن من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزنى، ومن يتزوج مطلقة فإنه يزنى متى 5:31 ولكن هذا النص يتضح ويفسره المسيح في نفس الإنجيل في الإصحاح 19 إذ يقول إنجيل متى وجاء إليه الفريسيين ليجربوه (يسوع المسيح) قائلين له هل يحل لرجل أن يطلق امرأته لكل سبب؟ وكان هذا السؤال لان الرجل اليهودي كان يطلق امرأته بالإرادة المنفردة لكل سبب وأي سبب، لذلك كان السؤال عن الطلاق بالإرادة المنفردة للرجل، وكانت إجابة السيد المسيح: «من طلق امرأته إلا بسبب الزنى وتزوج بأخرى يزن»، والرد هنا إن ليس على الرجل أن يطلق امرأته بالإرادة المنفردة إلا إذا وجدها متلبسة بالزنى، أما الطلاق لأسباب أخرى فلابد من الحوار مع الزوجة، وهذه إجابة السؤال.
وقال لهم: إنه من البدء خلقهما ذكرا وأنثى، وإن ما جمعه الله لا يفرقه إنسان، قالوا له: فلماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلق؟ قال لهم: إن موسى من أجل قساوة قلوبكم إذن لكم أن تطلقوا نساءكم، ولكن من البدء لم يكن هكذا. لم يقل المسيح إن موسى أخطأ، لكنه قبل الطلاق إذا توافرت قساوة القلب وهذا الذي ترجمه القمص فيلثاؤس بعمل الشر للآخر وإيذائه، وترجمته لائحة 38 باستحالة العشرة، أما عن الزواج الثانى فقد قال السيد المسيح تكملة للحوار: إن المطلق الذي يتزوج بأخرى يزنى والذي يتزوج بمطلقة يزنى، قال له تلاميذه: إن كان هذا أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق إن تزوج فقال لهم: ليس الجميع يقبلون هذا الكلام. أي هناك من يرفضه لأنه صعب بالنسبة له، والسيد المسيح يقبل الاثنين، من يقبل ومن يرفض.
ثم قال السيد المسيح: من ينظر لامرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه، وإذا طبقنا حرفيا هذه الكلمات يصبح الطلاق في المسيحية سهلا جدا.
خامسا: إن هناك مبدأ أساسيا في المسيحية يجب كل المبادئ الأخرى هو الغفران، ولقد قال السيد المسيح لتلاميذه ومنهم الرسل بطرس ويوحنا ويعقوب: ما تربطونه في الأرض يكون مربوطا في السماء وما تحلونه في الأرض يكون محلولا في السماء. وقال لهم أيضا: صلوا قائلين: وأغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا، وأردف: لأنه إن لم تغفروا للناس زلاتهم لن يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم، أي لا توجد خطيئة بلا غفران مدى العمر، وإذا رفض التلاميذ أن يغفروا للناس لن يغفر الله لهم.
سادسا: لقد فرق الأنبا غرغوريوس بين الطلاق والتطليق كما جاء في كتاب شريعة الزوجة الواحدة تأليف قداسة البابا شنودة، ويقول الأنبا غرغوريوس أسقف التعليم إنه لا طلاق في المسيحية لكن يوجد تطليق، والتطليق يسمح بالموت الحكمي والزنى الحكمي.. إلخ
سابعا: لم يحدث في التاريخ أن طلب أحد الباباوات من الدولة أن يقتصر طلاق المسيحي على علة الزنى فقط، وأن يُرفض الزواج الثاني إلى الأبد، فما يحدث ألان يتم لأول مرة منذ ألفى عام.
ثامنا: إن القول بعدم زواج المطلق بسبب الزنى مدى الحياة يتنافى مع حقوق الإنسان وليس من المناسب القول إن مبادئ حقوق الإنسان أعلى من الوحي المقدس الذي جاء لأجل الإنسان كما عبر السيد المسيح قائلا إن السبت لأجل الإنسان وليس الإنسان لأجل السبت. أي إن الوصية في خدمة الإنسان وإسعاده وليس العكس.
تاسعا: إننا نحتاج أن نعرف هل نعيش دولة دينية أم مدنية؟
فإذا كنا دولة مدنية فهل يوجد قانون مدني لكل أفراد الشعب تصدره الدولة ويبقى اختياريا لكل المصريين مثل تونس وتركيا ولبنان وأمريكا وأوربا.. إلخ وهنا ينضج البشر ويكون لهم حق الاختيار بدلا من الوضع الحالي والذي فيه تعامل الكنيسة أولادها معاملة الأطفال أو المعوقين فهي التي تعرف ما ينفعهم وما يضرهم وما لا يعلمون. في النهاية نهدى هذا البحث للمستشار ممدوح مرعى وزير العدل والمستشار المهذب الخلوق عمر الشريف رئيس لجنة القانون الموحد لغير المسلمين ورؤساء الطوائف المسيحية ولأعضاء لجنة القانون الموحد ولجموع الشعب المصري من مسلمين ومسيحيين.
تنزيل الملف
Sherouk_Mariage_Divorcing.pdf
من فضلك هل المطلق يحق لة الرسامة في اى درجة كهنوتية…..؟
ما هو المرجع اذا كان نعم او لأ….
كمسلم كنت أرى في إباحة بعض الطوائف المسيحية للطلاق نوع من التحرر من الكتاب المقدس لا غير، وبعد قراءة هذا المقال أستطيع ان أقول ان موقف المجيزين للطلاق قائم على فهم أعمق لنصوص الإنجيل
المقال أكثر من رائع ولكن توثيق المصادر غير جيد، بالإضافة الى ذلك، أظن ان قفز الاستتاذ لمعي الى القرن الثالث واعتبار العلامة أوريجانوس أول من يخوض في المسالة، اراه قول غير صحيح، فقد سبقه أغناطيوس الأنطاكى ففي رسالته الى بوليكاربس الفصل الخامس دعا الى مباركة الأسقف للزواج
But it becomes both men and women who marry, to form their union with the approval of the bishop, that their marriage may be according to God
أعلم ان هناك خلاف حول رسائل أغناطيوس ولكن الأمر غير محسوم
ولكم الشكر
god fill u
في القرون الثلاثة الأولى كان الزواج يتم حسب قوانين الدولة الرومانية وببركة الأسقف، كما يقول القديس الشهيد أغناطيوس الأنطاكي (+ 108) «واطلب أن يكون الاتحاد في الزيجة بموافقة الأسقف حتى يكون الزواج حسب الرب» (رسالته إلى بوليكاربوس فصل 1:5). لكن إبتداء من القرن الرابع وصاعدًا شدد الأباء على قدسية الزواج؛ ولأن سر الشكر هو المحور الذي تقوم عليه الأسرار والحياة اللتورجيا بالتالي فإن الزواج كان يتم خلال القداس الإلهي. ثم فُصلت خدمة الزيجة عن خدمة القداس الإلهي في القرن التاسع