في المقال السابق عرضنا بشكلٍ عام، كيف رقد في الرب عمالقةٌ عِشنا معهم وعرفناهم؛ البابا كيرلس السادس، والقمص بيشوي كامل، وآخر العمالقة القمص شنودة الأنبا بيشوي الذي عرفه عدد كبير من أبناء الكنيسة في المهجر، وكان مثل قداسة البابا كيرلس السادس يصلي قداسًا كل يوم، وكان مثالًا للمحبة والخدمة. ورقد من العظماء الذين كانوا أنوارًا للرب في جيلنا القمص ميخائيل إبراهيم الذي سمعته وسمعه معي عددٌ كبير يقول لنا أثناء الاعتراف: “الله يسامحني ويسامحك”. هؤلاء جميعًا كما ذكرت الرسالة إلى العبرانيين “مشهودٌ لهم بالإيمان”، ومع ذلك لم يمنع تناولهم عنهم المرض والموت.
التسليم الكنسي
من الرب يسوع نفسه، وفي حديثٍ طويل في الإصحاح السادس من إنجيل معلمنا القديس يوحنا، استلمنا الوعد بالقيامة وبنوال عطية الحياة الأبدية. ومن الإنجيليين الآخرين متى ومرقس ولوقا استلمنا تأسيس العهد الجديد وغفران الخطايا . ولم يقدم الرب، حسب شهادات الإنجيليين، ولا في أطول حديث (يو 6) أي إشارة مباشرة إلى الشفاء الجسدي، ولكن التسليم الكنسي غرس هذا التعليم لأن غفران الخطايا يؤدي كما في معجزات الرب نفسه إلى الشفاء. لكن علينا أن نلاحظ أن الشفاء هو عمل إرادي للرب نفسه، ولا يترتب بشكل مباشر لأننا لا نستطيع أن نقيِّد الرب ونفرض إرادتنا عليه لمجرد أننا صلَّينا. ما هو ثابت في التسليم الكنسي هو أن إرادة الرب تظهر في المعجزات -التي طالبنا منذ زمن طويل- بإحالتها إلى لجنة طبية تفحص التقارير الطبية قبل وبعد المعجزة للتحقق من كل حالة على حدة.
عمل الرب يسوع في الإفخارستيا
– الشفاء الروحي من مرض الموت، فهو المرض الحقيقي الذي جلب كل الأمراض. قوة الرب تظهر في تطهير النفس من هذا المرض، وفي تحرير الوعي من الخوف من الموت، وتقديس الكيان الإنساني كله نفسًا وجسدًا. الموت مرضٌ يشبه السرطان، قد لا نشعر به في البداية ولكن له أعرض، أولها التسجُّس بشأن محبة الله الفائقة، وثانيها الخوف من العقاب، وثالثها الخوف من الموت، وبشكلٍ عام وبدون تفاصيل، سيطرة الخوف على الوعي وسيادته، ورابعها سيطرة الكراهية وحب الانتقام.
– يجب ترتيب فهمنا للتسليم الكنسي، وكلمة ترتيب هي كلمة آبائية akoulosia تضع ما هو إلهي أول كل شيء. القيامة هي عمل الله ولا دخل للإيمان في القيامة، بمعنى أن قيامة الأموات ليست من ثمار الروح القدس، ولا هي من ثمار الإيمان، فهي عمل الرب يسوع الذي لا دخل للإرادة فيه.
– قيامة الإنسان المسيحي لنوال مجد القيامة هي تجلي نعمة الرب في الحياة الآتية حسب عبارة الرسول: “الذي سيغيِّر جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده، بحسب استطاعته أن يُخضِعَ كل شيء لنفسه” (فيلبي 3: 21)، و”عمل استطاعته” ليس عن الإرادة الإنسانية، بل هو عمل الرب نفسه.
– ما يخضع لإرادة الرب وحسب مسرته يُستعلَن في الصلوات، وهو ما وعد به الرب يسوع بنفسه، مثل: “خذوا كلوا هذا هو جسدي … هذا هو دمي”. فما يُوهَب في السرائر، إنما هو بوعد إلهي لا دخل للإرادة الإنسانية في تأسيسه لأنه عمل الرب نفسه.
– في سر مسحة المرضى، الشفاء حسب مسرة الله. والواقع يؤكد شفاء بعض المؤمنين وعدم شفاء البعض، والكنيسة لا تستطيع أن تُخضِع إرادة الرب لها.
الرب يسوع وجسده
– النعمة الإلهية توهَب لنا لأنها مؤسَّسةٌ وثابتةٌ باتحاد الرب بجسده، الكنيسة. هذا الاتحاد يُؤسِّس العطاء الذي لم يأتِ حسب إرادة البشر، بل حسب إرادة الرب نفسه. فلم يكن لنا إرادة في تجسد الرب، ولا في صلبه، ولا في قيامته وصعوده. كل هذه الأفعال هي أعمال الرب نفسه التي وَهَبَت لنا الاتحاد بالرب. بهذه الأعمال وحَّد الرب ذاته بالكنيسة؛ فأعطاها الميلاد الجديد بميلاده، والحرية والفداء من الدينونة والموت بموته، والحياة السمائية بصعوده. وأعطانا الرب المعزِّي، الروح القدس لكي ينقل إلينا هذه الهبات، وهو ما نراه في استدعاء الروح القدس لكي ينقل إلينا حياة وعمل الرب نفسه.
أخيرًا: ليس لدينا شك فيما وعد به الرب يسوع، ولكن مسرته هي الغالبة والمؤسِّسة لكل عطية.
الإفخارستيا والشفاء
التعليقات
مواضيع ذات صلة
Related Posts
- الإفخارستيا - 3 (ذبيحة الإفخارستيا)
عندما ندخل إلى الكنيسة، نتوجه أمام الهيكل عند المذبح ونسجد ونرشم علامة الصليب؛ وذلك لأننا…
- الإفخارستيا - 3 (ذبيحة الإفخارستيا)
عندما ندخل إلى الكنيسة، نتوجه أمام الهيكل عند المذبح ونسجد ونرشم علامة الصليب؛ وذلك لأننا…
- الإفخارستيا - 3 (ذبيحة الإفخارستيا)
عندما ندخل إلى الكنيسة، نتوجه أمام الهيكل عند المذبح ونسجد ونرشم علامة الصليب؛ وذلك لأننا…