في هذا الصوم الأربعيني كان الحديث طويلاً على غير العادة، وهذا بعضٌ منه. فقد أدرك القمص مينا المتوحد في ذلك الوقت أن التعليم الشائع عن الصوم انحصر في الانقطاع عن الأطعمة الحيوانية، والانقطاع عن الطعام حتى الساعة الثالثة بعد الظهر أو حتى غروب الشمس، وهو ما كان يمارسه هو بالفعل. وبذلك يكون هذا التعليم قد اكتفى بالسلوك الظاهر والنشاط الخارجي، أما ما يجب أن يحدث في القلب، فلم نسمع عنه شيئاً. صحيح أن ثمة توجيهات بالتوبة عن الكلام البطَّال والحلفان والشتائم وصون اللسان، والصوم عن الشرور … الخ. وصحيح أيضاً أن التوبة عن هذه الأعمال نافعة حقاً بكل تأكيد، إلاَّ أن مجرد الكف عن هذه الأعمال ليس مطلوباً في حد ذاته؛ لأنها – كما كان يقول الراهب المتوحد القمص مينا – مجرد مظاهر خارجية لمرض كامن في النفس، وهو اغتراب النفس عن الرب يسوع المسيح، وعدم الالتصاق به. فالسلوك الخارجي ليس إلاَّ علامةً على ما يحدث في الداخل، ومظهراً لما هو متأصِّلٌ في النفس ..
التعليم الروحي لقداسة البابا كيرلس السادس عن الصوم وجحد الذات
التعليقات
مواضيع ذات صلة
Related Posts
- من التعليم الروحي للبابا كيرلس السادس
لم يدرك الذين عاشوا مع القمص مينا المتوحد أنه كان قليل الكلام لا يميل إلى…
- عن التجسد
التجسُّد يمثل قلب وجوهر الديانة المسيحية. ولأن الله قد أعلن عن نفسه في الطبيعة الإنسانية،…
- حوار عن التجسد
صديقي إبراهيم من الذين يحبون البحث والدراسة والتعمق في فهم العقيدة المسيحية. وقد دار بيننا…