إن غياب هذه الذبائح في الليتورجيات الأرثوذكسية ليس مجرد مصادفة. ذلك لأن قلب وجوهر الطقس والعقيدة الأرثوذكسية لا يمكن أن تشرحه ذبائح العهد القديم تلك. ولقد أوضح القديس بولس الرسول والقديس أثناسيوس الرسولي هذه الحقيقة. فرسالة العبرانيين ١٠ تتكلم عن أن الله لَمْ يُسَرّ و لم يطلب أصلاً ذبائح الشريعة الموسوية ”لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا .. بِمُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ لِلْخَطِيَّةِ لَمْ تُسَرَّ (الله لم يُسرُّ بها) .. ذَبِيحَةً وَقُرْبَانًا لَمْ تُرِدْ (الله لم يطلبها) وَلكِنْ هَيَّأْتَ لِي جَسَدً (تجسُد المسيح)“. و يشرح ق. أثناسيوس في (الرسالة ١٩من رسائل عيد القيامة عام ٣٤٧م) كيف أن الشريعة لم تأمر أولاً وفي البداية بتقديم الذبائح، و أنه لم يكن هذا هو تدبير الله الذي أعطى الشريعة أن تُقَدَم له المحرقات ”لأَنِّي لَمْ أُكَلِّمْ آبَاءَكُمْ وَلاَ أَوْصَيْتُهُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ جِهَةِ مُحْرَقَةٍ وَذَبِيحَةٍ.“ (ارميا ٢١:٧). ولكنه أوصى الشعب بأن يعرفوه أنه الإله الحقيقي وكلمته، وأن يحتقروا هؤلاء الآلهة الكاذبة التي تُدعَي كذباً آلهة. وأظهر الله ذاته لشعبه بشكل ظاهر، وجعلهم يعرفون أنه هو الذي أخرجهم من أرض مصر. ولكن عندما إختاروا أن يعبدوا البعل وتجاسروا على أن يقدموا الذبائح لمن لا وجود لهم ونسوا المعجزات التي تمَّت في أرض مصر، وعِوضاً عن الحَمَل (الفصح) الذي أُعطِيَ لهم أن يقدموه، تعلموا كيف يذبحون للبعل، بل وفكروا في العودة إلى مصر، هنا فقط جاء الناموس بالوصية الخاصة بالذبائح وحتي يتعلموا كيف يعبدون الله حسب وصايا الناموس وبذلك يتركون الأوثان.
الصليب وذبائح العهد القديم في اللاهوت الشرقي الأرثوذكسي (1)
التعليقات
مواضيع ذات صلة
Related Posts
- الفرق بين العهد القديم والعهد الجديد
أقل ما يمكن أن يقال في الفرق بين العهدين هو أن العهد القديم هو عبارة…
- البعد الإضافي للاسم في يونانية العهد الجديد
للاسم في يونانية العهد الجديد خصوصية غير متاحة في اللغة العربية، على الأقل. فيتميز الاسم…
- العنف الدموي في العهد القديم
كثيراً ما سمعت وقرأت هذا التساؤل عن العنف في العهد القديم، ومن ذات التساؤل يستنتج…