تسابيح الكنيسة ترافق رحلة الكنيسة الجامعة في غربتها على الأرض … هذه الرحلة تواجه مشاكل الهرطقات، والصراع الروحي الذي تدخله الكنيسة مع قوات الظلمة ومع المعتقدات الخاطئة. وكلما اجتمعت الكنيسة للتسبيح، فهي تجمع قديسيها الذين على الأرض، وقديسيها الذين في السماء. وكل عقائدها وشكرها وتمجيدها إنما ينصب في تسابيح الكنيسة، بل وتعكسه كنور صافٍ متلألئ بالفرح والانتصار وبالاعتقاد القويم أيضاً.
وهذا ما نراه بكل وضوح في صلوات التسبحة، وفي القطع الخاصة بالعذراء والتي يقف أمامها الإنسان، ليس كقطعة تاريخية ميتة، بل كنبضة حياة قويمة آتية من أعماق التاريخ محمَّلة بثمرة الإيمان الناضجة، وتفوح منها رائحة الحياة الجديد في المسيح. ولذلك، فإننا نقترب من هيكل الكنيسة الجامعة الذي وقف فيه آباء وشعراء ونساك، قادهم الإيمان الأرثوذكسي إلى هذه الصياغات الجميلة التي تحتاج إلى ترجمة عربية جيدة، وإلى إيقاع موسيقي معاصر بجانب الإيقاع الموسيقي الذي وصلنا من التراث.
نحن هنا أمام قطعة نادرة تبدأ بسقوط آدم حيث تشرح قطع يوم الاثنين المعصية ونتائجها وتتدرج حتى مجيء المسيح وموته وقيامته التي تصل إلى الذروة في قطع يوم القيامة أي يوم الأحد حيث تحتفل الكنيسة بالإفخارستيا ويقف الكل أمام المذبح لتناول الجسد المحيي والدم الكريم، ونصبح فعلاً كلُ واحدٍ منا “الخشب الذي لا يسوس”، أي البشرية عديمة الفساد.
هناك ثلاثةُ عناصر لا يجب أن نفصلها عن بعضها: المسيح، وأمه والدة الإله، والنفس التي قَبِلت الإيمان بالتجسد.
هذه العناصر الثلاثة يجمعها التسبيح الواحد الذي يقدِّم لنا سر حضور المسيح متجسداً، وما فعله في العذراء وما أفاضه عليها من نعم وعطايا لتكون نموذجاً لما سوف تناله الكنيسة وما يناله كل مؤمن. إذن نحن نسبح الله ونمجده وأمامنا نموذج حي فريد لعطاياه الإلهية وهي العذراء القديسة مريم. وكل تسبيح يقدم للعذراء إنما يقدم من أجل التجسد، فهو عمل الله الفائق الذي فيه وبه أحيا الله الجنس البشري.
إذن، تكريم العذراء يقع في دائرة الخلاص؛ لأنها الشاهد البشري الحقيقي على حقيقة وصحة تجسد ابن الله. فهي كما يسميها القديس كيرلس عمود الدين الوسيلة الإنسانية التي بها دخل ابن الله حياة البشر.
هذه الدراسة تأخذ أهم الموضوعات التي وردت في التسبحة السنوية الخاصة بالعذراء. ولم نكتب في موضوع Theotokos لأن غيرنا قد كتب فيه، وصار موضوعاً معروفاً.
وقد اخترنا بعض قطع التسبحة السنوية، وبعض قطع تسبحة كيهك والتزمنا بدراسة النصوص القبطية فقط، أمَّا ما جاء باللغة العربية، فهو موضوع آخر قد يجد فيه غيرنا ما هو مفيد.
إلهنا الذي جاء إلينا متجسداً من العذراء القديسة مريم يضع في قلوبنا بذرة التسبيح والصلاة لكي ننال بركة ونعمة وشركة مع جماعة القديسين.
2 تعليقان
سلام و نعمة
…………………….
أنا بس حبيت اسجل اعجابي الشديد…………..الكتاب رائع و رائع يا دكتور جورج مجهود حضرتك في تأصيل صلوات التسبحة القبطية…ربنا يثبتك في الأمانة الأرثوذكسية كمان و كمان.
لو سمحت يادكتور محتاج برنامج لقراءة اللغة القبطية
حيث ان الكتاب عند فتحه وجدته كله رسوم
ولم اتمكن من قراءته
ربنا يعوضك وشكرا