ليس تجسّد ابن الله فكرة أو نظريّة، انه، كما يقول الأب سرج (بولغاكوف): “حدث وقع مرّة في التاريخ، ولكنه يحوي كل ما في الأزلية من قدرة واستمرار”، ويتابع: “هذا التجسد الدائم… يشكل الكنيسة”، وهذا يعني انه يشكّلها ويؤلّهها. وذلك أن تجسد ابن الله يَهدف إلى رفع الإنسانية إلى الله (وهذا ما تسمّيه كنيستنا: التأله théosis) نرتّل في الأسبوع الرابع من الصوم الأربعيني المقدس: “إن الإله كلمة الله لما شاء أن يؤلِّه الإنسان تجسَّد منك يا نقيّة وشوهد بشرًا” (قانون صلاة السحر، الأودية السادسة). هذا التعليم العظيم، وأعني التلازم بين تجسد الإله الكلمة وتأله الإنسان هو مألوف، في الكنيسة الأرثوذكسية، منذ عهد الآباء الأوّلين الذين ردّدوا مرارًا أن: “الله صار إنسانا ليصير الإنسان إلها” (القديس إيريناوس أسقف ليون والقديس اثناسيوس الكبير…)، وأن الإنسان خُلق وأُمر “بأن يُصبح إلها” (القديس باسيليوس الكبير). ولعل ما يفسر اعتبار عيد القيامة “عيد الأعياد وموسم المواسم” هو أن ابن الله الوحيد حقّق في موته وقيامته تألُّه الإنسان، ذلك أننا، بآلامه، تسربلنا (نحن المائتين) “جمال عدم الفساد”، ونُقلنا، بقيامته، “من الموت إلى الحياة ومن الأرض إلى السماء” (من صلوات عيد الفصح).
أساس هذا التعليم هو تأكيد الكتب المقدسة أن الإنسان خلق على “صورة الله ومثاله”، وأنه دعي ليعيش مع الله (المثلث الأقانيم) وفيه، ليشاركه مجده ويتّحد به، ليصير -بالنعمة الإلهية- ما هو الله عليه بالطبيعة. وهذا، كما ذكرنا، هو هدف التجسد، فالرب يسوع اتّخذ طبيعتنا ليجعلنا “شركاء الطبيعة الإلهية” (2بطرس 1: 4)، ولا شك في أن قصد الرسول في قوله هنا، هو أنه يجعلنا شركاء القوى الإلهية وليس الجوهر الإلهي. فبين جوهر الله “الذي لا يدنى منه” ونعمته “غير المخلوقة” فرق جوهري. يقول القديس كيرلس السكندري: “ما الطبيعة والقوة شيئا واحدًا”. فالشركة مع الله هي، تحديدًا، اتّحاد بالقوى الإلهية (وهذا ما ثبّته، بقوة، في القرن الرابع عشر، القديس غريغوريوس بالاماس اسقف تسالونيكي). وهذا يبعد عن البحث كل أشكال “الحلولية” التي تنبذها الأرثوذكسية نبذًا كليًا. ولا يخفى أن الاتحاد بالله الذي لا “يندمج فيه الخالق والمخلوق في كيان واحد”، كما يقول المطران كاليستوس (وير)، ليس هو حدسًا أو استدلالاً، وإنما اتحاد حقيقي. يبقى الله هو الله، والإنسان إنسانا متميّزا -وليس منفصلا- عن الله.
ولكون الإنسان الواحد مركبًا من نفس وجسد، فإن التألّه يخصّ كيانه كلّه جسده ونفسه (أنظر: رومية 12 :1؛ 1كورنثوس 6: 19). ما من شك في أن تأله الجسد لا يَكمُل قبل اليوم الأخير، غير أن طلائعه يمكن أن يختبرها الإنسان، في هذه الحياة، في جسده المنظور (كما نرى في حياة بعض القديسين الكبار): في إخلاصه لله ومشاركته في الأسرار الكنسيّة… يقول القديس مكاريوس: “في يوم القيامة، يأتي مجد الروح القدس من الداخل، مزيّنًا ومغطّيًا أجساد القديسين، ذلك المجد الذي كانوا يتمتّعون به قبلا كظلّ مختبئ في نفوسهم…”. وهذا يجعلنا نفهم السبب الذي يدفع الأرثوذكسيين إلى تكريم ذخائر القدّيسين أو بقاياهم، وذلك أنهم يؤمنون بأن نعمة الروح القدس المستقرة في أجسادهم -وهم في هذه الحياة- إنما تستمر في بقاياهم بعد رقادهم، وتاليا بأن الله يستعمل تلك الذخائر المقدسة للتعبير عن قدرته الإلهية. وما يزيد هذه العقيدة جمالا على جمال هو أن الكنيسة الأرثوذكسية تؤكد أن الخليقة أيضا -وليس جسد الإنسان فقط- في اليوم الأخير، سوف تخلص وتتجلّى (رومية 8: 19-22؛ رؤيا يوحنا 21: 1).
لقد أعطى تجسدُ ابن الله الإنسان ما أراد أن يحصل عليه آدمُ الأول من دون الله. كان آدم يتوق إلى التأله وظنّ انه يمكنه أن يصل -وحده- إلى مبتغاه، فسقط “وضلّ عن الطريق”. ما من شك في أن الله كان في تصميمه أن يتأله الإنسان، فهو ما أراده عبدًا بل شريكًا في حياته الإلهية. غير أنّ “التألّه” لا يمكن أن يصل إليه بشر من دون الاتحاد بِمَن هو وحده مصدر “كل عطيّة صالحة وموهبة كاملة”. نرتّل، في خدمة سَحَر عيد “بشارة والدة الإله”، هذا الكلام الذي يوضح ما نقوله في هذا السياق: “اليوم ينكشف السر الذي قبل الدهور، وابن الله يصير ابن البشر، لكي انه باتّخاذه الأدنى (أي: الطبيعة البشرية) يهبني الأفضل (أي: التألّه). لقد خاب آدم قديمًا فلم يصر إلهًا كما اشتهى، فصار الإله إنسانًا لكي يصير آدم إلهًا”.
صَفوَة الكلام أن عقيدة التألّه هي من روائع تعليم الكنيسة الأرثوذكسية، وهي تلائم كلّيًا تعليم الكتاب المقدّس وآباء الكنيسة. فالله الذي أرسل ابنه لينقذنا من الخطيئة ويخلّصنا من كثافة الجسد، يريدنا أن نشاركه، أحرارًا، في نِعَمِه التي نختبر قوّتها وفعلها في توبة نسعى إليها في كل يوم، وانخراط واعٍ في حياة الكنيسة وحبٍّ لله والإخوة الذي مات المسيح عنهم، حبّ هو، في حقيقته، مِرقاتنا إلى السماء.
23 تعليق
الأخوة الأحباء المسئولون عن هذا الموقع
أنا لا أقدر أن أعبر لكم عن سعادتي وعن مدى فرحي عندما قرأت هذه المقالة المشوقة لله الذي أحبنا في ربنا يسوع المسيح بهذا الكم وبهذا الكيف.
أنا على علم بأن هذا الموضوع المطروح الذي اوردتموه عاليه هو موضوع الساعة… ولا أعرف كيف تبشر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالايمان بالسيد المسيح رباً والهاً ومخلصاً وفادياً بدون أن يكون هذا الموضوع هو بؤرة تعاليمها اليومية في الاجتماعات التي تملأ كل كنائسنا ليلاً ونهاراً.
أن تأليه الإنسان في المسيح يسوع لهو مركز (سُرة) الليتورجية القبطية لمن يعي ويفهم. وان هذا هو ما نقتبله في الأسرار لا سيما في المعمودية والافخارستيا.
أرجو أن أسأل الذين يرفضون الشركة في الطبيعة الالهية أو التأليه الذي هو صميم ايماننا الارثوذكسي سؤالاً واحداً …
ماذا نقتبل في المعمودية؟
بنوة مخلوقة، وبنوة شرفية، وبنوة روحية،أم بنوة الهية، بنوة أزلية، بنوة في الثالوث القدوس؟ …
لو قلنا انها بنوة مخلوقة، وشرفية وهي مجرد بنوة روحية فإذاً يكون الابن نفسه الذي نأخذ منه هذه البنوة هو مخلوق وابناً للآب بنوة شرفية وليس ابناً للآب بالطبيعة. وهذه يا أخوة هرطقة أريوس بذاتها.
فلابد يا أخوة ان لا نرفض هذا التعليم بل نقبله لأن سيدنا يسوع المسيح هو ابن الآب بالطبيعة وبالجوهر … فهو واحد مع الآب في الجوهر كما يقول قانون الايمان … فهو يهبنا بنوته في المعمودية ولا يهبنا شيئاً آخر خارج ذاته يُسمى بالبنوة الشرفية…. وإلا كيف يكون هو بكراً وسط أخوة كثيرين؟؟ ألا تتذكرون قول سيدنا له المجد لتلاميذه عندما قال اذا كنتم وانتم اشرار تعرفون ان تعطوا اولادكم عطايا جيدة فكم بالحري أبوكم الذي في السموات يعطي الروح القدس للذين يسألونه. …. ما معنى هذا الكلام ؟؟؟ لماذا لم يقل سيدنا له المجد ان ابوكم الذي في السموات يقدر ان يعطي عطايا جيدة للذين يسألونه بدلاً من أن يقول يعطي الروح القدس للذين يسألونه؟؟؟
الجواب هو ان الله ليس مثل البشر … فعندما يريد الله ان يعطي فهو يعطي من ذاته هو .. ومن طبيعته هو .. فليس لدى الله جعبة أخرى أو خزينة خارج عن ذاته يصرف منها للبشر الذين يسألونه … ولكن لديه ذاته وطبيعته .. فهو يعطي روحه القدوس… أفضل عطية يمكن ان يعطيها لنا .. فيا جود الله وصلاحه … ومثلها أيضاً قال الانجيل انه هكذا أحب الله العالم حتى أعطى ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به… فالله يعطينا ابوته وبنوته وروحه حتى نتحد ببنوته (سيدنا يسوع المسيح من خلال الأسرار) بواسطة روحه فنكون فيه شركاء مجد ميراث الآب. فنكون في داخل الثالوث وليس خارج عنه فنضمن بالمسيح الحياة الإلهية الكائنة الى الأبد.
أليس يا أخوة هذه هي الشركة في الطبيعة الالهية التي يرفضها هراطقة هذا الزمان الرديء؟
هذا هو جود الله وصلاحه فهو يعطي من ذاته دون ان ينقص … ويشركنا فيه دون ان يدركه عيب او نقص … فنحن بعد اتحادنا بسيدنا يسوع المسيح من خلال ايماننا به وبتناولنا من الأسرار الإلهية لا نكون نجسين بل قديسين وبلا لوم …
فهو بعد أن يغسلنا ويقدسنا (في المعمودية والميرون) ويضمنا له ويوحدنا به (في الافخارستيا) يقربنا لأبيه الصالح فيه هو لكيما ينسكب علينا الروح القدس كما ينسكب على الابن أزلياً وبذلك نكون شركاء المسيح في الحب الأزلي المتفجر من قلب الله الآب والمستقر في الابن الوحيد الذي يوحدنا به لكيما ننال ذات المجد وذات الروح من الله الآب.
فعلى كل من يرفض الشركة في الطبيعة الالهية أو التأليه في المسيح يسوع … عليه أن لا يصلي الصلاة التي علمها سيدنا يسوع المسيح لتلاميذه وهي “أبانا الذي في السموات”.
أعتذر جداً على الإطالة في تعليقي هذا ولكن هذا ما أحيا به يا أخوة من خلال ممارستي للأسرار التي تخطف عقلي من جمالها وروعتها والذي لا أقدر أن اعبر عنه طول ما حييت على هذه الأرض.
الله الذي أحبنا وقهر الموت لأجلنا وأقامنا معه وأجلسنا في السموات معه على عرش أبيه يبارككم ويعضدكم لنشر ايماننا الارثوذكسي … ايمان الآباء القديسين الذي يجهله الكثيرين جداً في عصرنا هذا …
أرجو من مديرين هذا الموقع المحترم ان يوضحوا من هو كاتب هذه المقالة الرائعة. هل هو الدكتور بباوي أم آخر؟؟
اذكروني في صلواتكم لكيما أحيا أميناً لمحبة سيدنا يسوع المسيح الذي له كل مجد وكرامة فينا الى الأبد.
من عظات أبينا القديس مقاريوس الكبير…
العظة السابعة عشر من كتاب عظات القديس مقاريوس الكبير صفحة، ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد، صفحة 179، المركز الأرثوذكسي للدراسات الأبائية، مؤسسة القديس أنطونيوس – الطبعة الرابعة
مسحة الروح القدس
“مسحة المسيحيين الروحانية ومجدهم، وأنه بدون المسيح يستحيل الخلاص وتستحيل الشركة في الحياة الأبدية
1- المسيحييون الكاملون الذين حسبوا أهلا للوصول إلى مقاييس الكمال والالتصاق جدا بالملك (المسيح)، هؤلاء يكرسون أنفسهم دائما لصليب المسيح. وكما كانت المسحة في أيام الأنبياء هي أثمن من جميع الأشياء إذن أن المسحة جعلتهم ملوكا وأنبياء، هكذا الأشخاص الروحيون الآن، الذين يمسحهم بالمسحة السماوية فإنهم يصيرون مسحاء بحسب النعمة، فيكونون هم أيضا ملوكا وأنبياء للأسرار السماوية.
هؤلاء هم أبناء وأرباب وآلهة، مأسورون ومستعبدون لنعمة الله، ومستغرقون في العمق، مصلبون ومكرسون.”
أطلب من الدكتور جورج توضيح موقفه بدون مواربة من الـاله هل اتحادنا هو على مستوى الطبيعة أم على مستوى الطاقات والنعم لأن ما ورد بالمقال يتعارض مع اعتبار الكنيسة طبيعة متحدة بالله (وأكرر طبيعة) مما نادى به الفريق المفروز من الكنيسة
يقول آباء الكنيسة أن المسيح الذي حل فيه كل ملء اللاهوت جسديًا وهذا الحلول ليس كما الحلول في القديسين
كما أود ان أستوضح:
1- الاتحاد الأول: هو اتحاد اثلاث أقانيم في جوهر واحد (دون الوقوع في السابيلية البغيضة)
2- الاتحاد الثاي أقنومي جوهري طبيعي كما وافق على ذلك آباء العائلتين الأرثوذكسيتين بين اللاهوت والناسوت الخاص بالمسيح في شخصه
وهذان النوعان لم ينكرهما الأسقفين
3- الاتحاد الثالث : اتحاد على مستوى الإنرجيا والخاريس بين الله والبشر والكنيسة, وقد تأكدت أنه لا يوجد من ينادي في الكنيسة اليونانية أن الاتحاد بحسب الطبيعة (كاتا فيزين)
وكلام المطران زيزولاس يتفق مع تعاليم بالاماس بأنه نشترك في حياة الأقانيم (أو الطاقات)
أما كلامكم فيلتبس على الكثيرين فهمه ويحتاج إلى إيضاح أكثر وأكثر وتحديد مفاهيم بطريقة أكثر دقة حيث قلتم: لا وجود لجوهر الله خارج الثالوث وهو ما يتفق مع مفهوم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أما القول : وتجسد الكلمة أهلنا للأتحاد في الطبيعة الإلهية أي الثالوث
فيطرح تساؤل الله : طبيعة متأقنمة والانسان أيضًا له طبيعته الخاصة المتأقنمة فما الفارق بين التجسد واتحاد اله بباقي البشر وليس بالجسد خاصته الذي أخذه من المسيح
شكرًا
الأخ العزيز تادرس
أولاً: تتقدم أسرة الموقع لك بالشكر الجزيل على اهتمامك ومتابعتك. ويهمنا هنا أن نضع أمامك بعض النقاط:
1- مقال “الكنيسة الأرثوذكسية كنيسة التجسد والتأله”، ليس بقلم الدكتور جورج بباوي، وإنما كما هو منوه عنه أنه منقول عن نشرة رعيتي التي تصدرها ابرشية جبيل والبترون بلبنان، وقد أرسله أحد الأخوة الأحباء للإشارة إلى أن الكنيسة الأرثوذكسية بعائلتيها تؤمن بالتأليه، وأنه ليس بدعة، وإنما هو تعليم الآباء القديسين.
2- بالرغم من التفرقة بين الجوهر والطاقات، نود أن نلفت النظر بشدة إلى أن تعامل الله مع البشر لم يخرج بعد عن دائرة “السر”، فالكلام عن حلول الروح القدس في الإنجيل هو كلام بسيط لا يتطرق إلى ما إذا كان هذا الحلول جوهرياً أو أقنومياً، بالطاقة أم بالجوهر إلى آخر كل هذه الثنائيات، فما يزال عمل الله تحوطه الرهبة والسرية، وبالتالي الكلام عن الجوهر والطاقات هو كلام في تفاصيل لم تعلن في الكتاب المقدس.
3- لعلك لاحظت في مقال لوثر والعشاء الرباني أن الكنيسة الأرثوذكسية تتكلم عن “استحالة الخبز والخمر”، دون تصنيف ما إذا كانت هذه الاستحالة جوهرية أو غير جوهرية، وإنما تحتفظ بالإيمان الثابت بأن “هذا هو الجسد المحيي الذي أخذه ابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح”، وذلك دون أية إشارة إلى جوهر وعرض. وهو ما يعني في كل الأحوال الاحتفاظ بعمل الله السري الذي يفوق الوصف والإدراك. واكبر دليل على ذلك ما ورد في صلاة القسمة القبطية لقداس القديس باسيليوس “اللهم الذي قدس هذه القرابين الموضوعة بحلول روحك القدوس عليها وطهرتها”، فحلول الروح القدس هنا على القرابين، هو حلول غير موصوف بأنه أقنومي أو جوهري أو بالطاقة، ولكنه تعبير بسيط عن الثقة في عمل الله من خلال الروح القدس دون الدخول في هذه التفاصيل.
4- علَّم الآباء أن اتحاد اللاهوت بالناسوت في شخص ربنا يسوع المسيح هو على مستوى الاتحاد الأقنومي، أمَّا اتحادنا نحن بالله فهو على مستوى النعمة، وليس ذلك خوفاً من تحول الطبيعة البشرية إلى طبيعة إلهية، لأن هذا لم يحدث حتى على مستوى شخص ربنا يسوع المسيح، فلم يتحول فيه الجسد إلى الطبيعة الإلهية، وإن كان قد تمجَّد بمجد عدم الفساد والتأله الذي أخذه المسيح لحسابنا في جسده نتيجة اتحاد اللاهوت بالناسوت في شخص الابن. والقول بغير ذلك ينفي محبة الله للبشر، لأن تحول الطبيعة البشرية إلى طبيعة إلهية فضلاً عن استحالته، هو تعليم لا يعلن محبة الله لأنه ببساطة يعني فناء الطبيعة البشرية، في حال ان الله يريد أن يخلص هذه الطبيعة من الموت والفساد ويقيمها إلى حياة الأبد في الابن الوحيد.
5- تكلمتم في رسالتك الأخيرة عن الحلول وقلتم أن آباء الكنيسة يقولون إن المسيح الذي حل فيه كل ملء اللاهوت جسديًا وهذا الحلول ليس كما الحلول في القديسين. وبعد ذلك تكلمت عن الاتحاد وذكرت ثلاثة أنواع من الاتحاد، وقلت أن :كلامكم فيلتبس على الكثيرين فهمه ويحتاج إلى إيضاح أكثر وأكثر وتحديد مفاهيم بطريقة أكثر دقة حيث قلتم: لا وجود لجوهر الله خارج الثالوث وهو ما يتفق مع مفهوم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أما القول: وتجسد الكلمة أهلنا للاتحاد في الطبيعة الإلهية أي الثالوث، فيطرح تساؤل الله: طبيعة متأقنمة والانسان أيضًا له طبيعته الخاصة المتأقنمة فما الفارق بين التجسد واتحاد اله بباقي البشر وليس بالجسد خاصته الذي أخذه من المسيح
ولا نعتقد أن هناك مشكلة لديك في مسألة الحلول أو الاتحاد، وإنما المشكلة هي في عبارة “لا وجود لجوهر الله خارج الثالوث”، وفي الحقيقة أنه لا يمكن أن تبحث عن الله خارج الله، وبهذا المنطق تصح عبارة لا وجود لجوهر الله خارج الثالوث. كما تصح عبارة “لا وجود لجوهر الطبيعة البشرية خارج الإنسان”، فالله هو الوحيد الذي يعبر عن طبيعته، وكذلك الإنسان هو الوحيد الذي يعبر عن طبيعته. وعندما نقول أن الله واحد مثلث الأقانيم، فالمعنى هو “أن الله ليس ثلاثة أشخاص مثل أشخاص البشر، ولكن الاقنوم هو الشخص الذي لا يوجد منفرداً أو لا يوجد وحده، بل يكمِّل وجوده شخصٌ آخر، وهكذا الأقانيم الثلاثة، هم ثلاثةُ أشخاصٍ يجمعهم الجوهر الإلهي الواحد الذي بدونه لا يمكن لأيٍ منهم البقاء أو الوجود، ولأن الجوهر الإلهي واحدٌ، أصبح كل أقنوم من أقانيم الثالوث كاملاً وحياً وكائناً بسبب اشتراكه في حياة الأقنومين الآخرين، وهذا بالضرورة يجعل الله واحداً لأن كل أقنوم ليس إلهاً مستقلاً، ولكنه إلهٌ بسبب اشتراكه في صفات وحياة الأقنومين الآخرين، فالآب هو الله ولكن ليس بدون الابن أو الروح القدس، ونفس الوضع ينطبق على الابن وعلى الروح القدس” (راجع حوار عن الثالوث المنشور على الموقع).
أما عن القول بأن “تجسد الكلمة أهلنا للاتحاد في الطبيعة الإلهية أي الثالوث”، وبالتالي يثور التساؤل عن الفارق بين التجسد واتحاد إله بباقي البشر وليس بالجسد خاصته الذي أخذه من المسيح باعتبار أن الله طبيعة متأقنمة والانسان أيضًا له طبيعته الخاصة المتأقنمة؟ فإننا نعود ونؤكد على أن في المسيح يسوع يحل كل ملء اللاهوت جسدياً على مستوى الاتحاد الأقنومي بحيث أصبح أقنوم الكلمة هو مركز الشخصية في شخص المسيح يسوع، وبالتالي يصح أن نقول أنه طبيعة واحدة من طبيعتين، وبالتالي يلخص المسيح يسوع كل البشرية في شخصه باعتباره البكر بين الاخوة، أما على مستوى كل إنسان فالاتحاد يتم على مستوى النعمة، فيذوق كل إنسان على حدة نعمة حياة الله مع البشر التي اقتناها لنا المسيح في جسده.
عزيزي الأخ تادرس أنا سعيد جداً بهذا الحوار القائم بيننا وأرجو أن تكون مشارك دائم معنا في الحوار إذا كان لديك أية استفسارات أو تعليقات أخرى كما أرجو أيضاً ان لا تشعر بأي حرج في أن نتابع الحوار سوياً.
كما أرجو أيضاً أن يكون الحوار بناءً وايجابياً لكيما يستفيد منه كلانا وكل من يزور هذا الموقع لمجد ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح.
العزيز:
قلتم في ردكم : ” علَّم الآباء أن اتحاد اللاهوت بالناسوت في شخص ربنا يسوع المسيح هو على مستوى الاتحاد الأقنومي، أمَّا اتحادنا نحن بالله فهو على مستوى النعمة، ”
وهو ما يتعارض كلية مع الوارد في كتاب دكتور جورج بباوي (الشركة في الطبيعة الإلهية) : عن الاتحاد القنومي بين الله والبشر
وهذا هو بيت القصيد
وفي يقيني أن الأزمة الحالية وضعت الكنائس الأرثوذكسية بعائلتيها في كفة وفكر دكتور جورج في كفة أخرى
فالعائلة الخلقيدونية تتحدث عن الاتحاد بالمسيح على مستوى الطاقات وتسميه الثيئوسيس في مفهوم أرثوذكسي عميق وهو ما لا ترفضه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حيث أعلن نيافة الأنبا بيشوي أن الكنيسة تؤمن بعقيدة الإنرجيا ( الموجودة في تعاليم إيريناؤس واثناسيوس وباسيليوس وصاغها في صورة محددة غريغوريوس بالاماس) وإن كانت الكنائس الغير خلقيدونية لا تستعمل تعبير الطاقات إنما تعبير النعمة ( ويؤكد دارسي الكتاب باليونانية على الاستعمال المتبادل والمتماثل بين نعمة “خاريس” وقدرة وطاقة ” إنرجيا”)
خلاصة القول أننا لا نختلف في الحرف إذا فهمت المعاني
أي أن كنيستنا وأبائها لا يرفضون المصطلح (حيث قال أبونا تادرس يعقوب في كتابه الذي وافق عليه المجمع المقدس الطبيعة والأقنوم : أن بعض الآباء يسمون الاتحاد على مستوى النعمة بلثيئوسيس) إنما يرفضون استخدامه بفكر الاتحاد الإقنومي.
فالفكر الأرثوذكسي يتحدث عن اتحاد على مستوى النعمة ( التعبير المفضل عند الأقباط) أو الطاقة ( التعبير المفضل عند الأروام) كما أعلنتم أنتم أيضًا في ردكم و قلتم : ” علَّم الآباء أن اتحاد اللاهوت بالناسوت في شخص ربنا يسوع المسيح هو على مستوى الاتحاد الأقنومي، أمَّا اتحادنا نحن بالله فهو على مستوى النعمة، ” وهو ما يتعارض مع فكر دكتور جورج الذي علم بالاتحاد الأقنومي
وكما قلتم: ولكن اتحاد اللاهوت بالناسوت في التجسد هو اتحاد أقنوم الابن الكلمة بكل ملء اللاهوت بناسوته المأخوذ من العذراء مريم وهو وضع خاص بالابن المتجسد. اما حلول النعمة فهو على قدر حاجة وعلى قدر استيعاب الطبيعة الانسانية، اما حلول ملء اللاهوت في التجسد فهو حلول مطلق وتام واتحاد حقيقي لا تنطبق علينا خواصه بالمرة.
وهذا هو عين الأرثوذكسية لكنها تتعارض أيضًا مع ما قاله دكتور جورج :” العلاقة الجديدة مع الآب في ابنه يسوع المسيح بالروح القدس هي التي تسمح لنا بأن نقترب من اللاهوت بقدر اقتراب الناسوت من اللاهوت في الرب الواحد يسوع المسيح” ص 10 و11 من كتابه الشركة في الطبيعة الإلهية
الحل الآن هو أن يتخلى دكتور جورج عن لفظ الاتحاد الإقنومي ويلتزم بعقيدة الأرثوذكس الرسمية شرقًا وغربًا على أساس غريغوريوس بالاماس ذو الجذور الإنجيلية والآبائية كما أوضحنا سالفـًا
ويقيني أن شخص بعلم دكتور جورج الغزير سوف ينظر بعين البحث والفحص في تعليقنا كما سينظر بكل تواضع -الذي أتمنى أن يمنحه الله له ولنا- في طلبنا بمراجعة موقفه حرصًا على الكنيسة ووحدتها في ظروف هي الأصعب من نوعها على مدار التاريخ
ولي رجاء أخير هو التوضيح بدقة :
1- هل هذا هو الموقع الرسمي لدكتور جورج
2- هل الأراء التي يكتبها الويب ماستر هي آراء دكتور جورج
3- أود ا اتعرف على الويب ماستر شخصيًا عن طريق بريدي الإلكتروني المكتوب إذ أستشف غفيه استقامة ومنطقية في الآراء ربما لا تتوافر كثيرًُا في تلك الأيام.
مناقشه رائعه
تسجيل متابعه و اعجاب
Dr.Gorge:Please HOW CAN THIS PROBLEMS WITH THE CHURCH LEADERS CAN be solve???…I love my church,I love every one in the name of my saviour Juses Christ,I love church leaders and respect them….But now we are as opts in a very bad time…GOD have mercy upon-us
الأخوة الأعزاء رجاء نشر تعليقي هذا المدون كحواراً مع عزيزي الأخ تادرس.
أرجو منك الآتي:
1- عندما تريد أن تقتبس اقتباساً من أي كتاب ومقالة أرجو ان تورد الإقتباس كاملاً بكل أمانة …
2- ارى في حديثك تناقضاً واضحاً … لم يقع فيه حضرة الدكتور جورج بتاتاً … كما تريد أنت ان تتهمه به… لماذا؟
لم يقل حضرة الدكتور ان اتحادنا مع الله هو اتحاد أقنومي كما تدعي عليه حضرتك… وانما قال: ”العلاقة الجديدة مع الآب في ابنه يسوع المسيح بالروح القدس هي التي تسمح لنا بأن نقترب من اللاهوت بقدر اقتراب الناسوت من اللاهوت في الرب الواحد يسوع المسيح” ص 10 و11 من كتابه الشركة في الطبيعة الإلهية …. فأين الاتحاد الأقنومي هنا بالله عليك ؟؟؟؟
لماذا هذا الافتراء … والطامة الكبرى انك انت الذي أوردت الاقتباس … كفاكم افتراءً على الرجل في غيبته … ألم يقل القديس بولس الرسول اننا أعضاء جسد المسيح؟؟ فهل القديس بولس هو سبب الأزمة التي نحن فيها الآن؟؟؟ وان كان هو سبب الأزمة فعليكم أن تحرموه وتجردوه هو الآخر .. أصل الحرومات دلوقت على قفا من يشيل وأبو بلاش كتر منه.
ان كنت يا عزيزي تريد ان تستفهم عن شيء فرجاءً اطلب الايضاح بدون اتهام موجه.
العلاقة المقصودة هنا يا عزيزي كما وردت في رومية 8 عدد 38 أن علاقتنا بالله أصبحت لا رجعة فيها كما أن التجسد لا رجعة فيه. كما ان التجسد لا انفصال فيه هكذا نحن في المسيح لا يقدر أحد من هذه الخليقة ان يفصلنا عن الله في المسيح يسوع…. يا عزيزي استفتي قلبك .. هل لابد لنا عندما نتكلم مع بعضنا البعض أن نورد النص بحرفه من الكتاب المقدس لكي نفهم ما هو المقصود… المأزق الحقيقي يا عزيزي اننا جعلنا المسيحية اسلاماً جديداً … وجعلنا من الانجيل قرآناً جديداً … علينا ان نحفظه ولا نفهمه… !!!! (الحرف يقتل) ان كان في انجيل أم في قرآن أم أي شيء آخر.
المأزق الحقيقي يا عزيزي تادرس اننا فهمنا المسيحية على انها فكرة ومذهب وعقيدة نظرية ولم نحياها كحياة يومية وشخص نتعامل معه ونحبه ويسكب فينا من حياته سكيباً … ان كان اختلافنا اليوم الذي تريد أنت ان يكون مرجعه هو حضرة الدكتور جورج … ليس الاختلاف هو على ألفاظ .. وأن يكون اتحادنا هو اتحاد اقنومي أو شخصي أو حتى أي اتحاد آخر من أي نوع آخر … المشكلة يا عزيزي تادرس أن ما نريد أن نعلمه للشعب في الكنيسة هي أن تصبح كنيسة بلا مسيح … كل العظات الآن أصبح محورها الخطية والاثم والذنب … ياعزيزي لقد أصبحت الخطية غير محدودة في تعليم المعلمين في هذا الزمان الرديء … نحن الوحيدين في العالم الذين ألهنا الخطية وجعلناها غير محدودة كالله نفسه … أليست هذه مصيبة وخيبة علينا جميعاً … الإسلام لم يؤله الخطية والاثم كما تألهت في تعليمنا … كل التعليم أصبح تعليم ذاتي محض .. أين المسيح؟ أين عمل الروح القدس فينا؟ أين شرح الأسرار كحب مسكوب يوماً بعد يوم؟ أين التعليم الأرثوذكسي عن التوبة والنعمة بدلاً من التعليم المتأسلم في داخل الكنيسة عن التوبة النصوحة؟؟؟؟؟
لقد أصبحنا نكفر بعضنا البعض ولم نقتن في أنفسنا ابداً مخافة المسيح في أن من نحاوره في الأول والآخر هو عضو في جسد المسيح له كرامته وهيبته ان حتى لو أخطأ أو سقط…
لقد أصبحنا نتصيَّد لبعضنا البعض الأخطاء كما لو كنا وحوشاً مفترسة تنتظر من يسقط لننهش لحمه … في صالح من كل هذا؟؟؟؟؟ أقول هذا ليس لك أنت فقط بل لكل من يؤمن بالمسيح أكان ارثوذكسيا أم كاثوليكياً أم هندوسياً أم أي شيء آخر !!!!!!!!!!!!!!
الويل لمن يتكلم فالسكين جاهز …. الويل لمن يفكر فالساطور حاضر … الويل ثم الويل ثم سيل اللعنات والحرومات حاضرة … الحرومات يا عزيزي أصبحت الآن جماعية واللي ما يشتري يتفرج… شفت الجمال والحلاوة اللي احنا فيها دلوقت … ايه رأيك؟؟
أعتذر يا عزيزي إن بدر مني شيء في تعليقي قد ضايقك بعض الشيء … ففي الأول والآخر نحن أعضاء في جسد واحد … ويعز عليَّ جداً أن أرى الأعضاء تنهش في بعضها البعض في نصرة البعض الآخر …
أشكرك على سعة صدرك وما أرجوه هو أن نتمهل في إصدار الحرومات والاتهامات على بعضنا البعض. فلسنا مستفيدين شيئاً..
أنا لا اقصد في حديثي معك أن اصادر رأيك فأنت حر وفي كامل حريتك في كل ما تريد أن تقول … ولكن ما أردته ان يكون حواراً مفتوحاً … ليس أكثر… وأن نبني بعضنا بعضاً بالايمان المشترك … فهذا هو ما يخفي علينا الآن … انا لا أكتمل بدونك وأنت لا تكتمل بدوني … كما قال سفر الرؤيا.
أخي العزيز تادرس لك مني انحناءة محبة لشخصك الكريم.
” في حقية الأمر أن إتحادنا بالله ليس فيه ذوبان بل أنه إتحاد أقنومي وهذا ما صلاه الرب يسوع ”
كان هذه هو رد الويب ماستر المعبر عن رأي الدكتور جورج علي مداخلتي, وهذا هو المفهوم من الاقتباس المأخوذ من كتاب الدكتور جورج: الذي يقول : بقدر (أي على نفس المنوال)
العلاقة الجديدة مع الآب في ابنه يسوع المسيح بالروح القدس هي التي تسمح لنا بأن نقترب من اللاهوت بقدر اقتراب الناسوت من اللاهوت في الرب الواحد يسوع المسيح”
كما أنني لا أغتاب دكتور جورج في غيبته بل أطلب منه الايضاح بكتابات دقيقة
وأنا لا أناقش سياسات هنا, حيث أنني أتسائل من و جهة نظر لاهوتية بحتة
مع كامل تقديري لكم
أتمنى أن ننتهي من هذا الموضوع بالرجوع إلى روح الاتضاع
أخي العزيز تادرس
أرجو قراءة مقالة الدكتور جورج “ما المقصود بعبارة شركاء الطبيعة الإلهية” الموجودة في مدونة الموقع.
لعلها تكون اجابة شافية وايضاح كافي وبكتابة دقيقة ومن وجهة نظر لاهوتية بحتة.
أسرة الموقع الأحباء
لكم مني كل تقدير وشكر على هذا الموقع المتجدد باستمرار
ولحضرة العالم الجليل الدكتور جورج كل تقدير واحترام.
ولكنيستنا القبطية المحبوبة
لك مني كل أسف وحزن لأنك لم تعلمي زمان افتقادك ولم تستفيدي بكل كنوزك بل طمرتيها مثل الرجل الذي طمر وزنته وذهب ليتسول من هنا وهناك.
قلبي ينزف عليك كل يوم عندما يرى أوراق التين كبيرة وكثيرة والكنائس مملوءة بالرخام والزخارف وأولادك ليس لهم ما يستر جسدهم … فما بالك بأرواحهم.
ياحسرتي عليكي بما فعله الأغبياء بك
لتقرأؤا ما تؤمن بها الارثوذكسية فى كل المسكونة
http://orthodoxlegacy.org/HumanEdificationPopovitch.htm
اللاهوت يحتاج إلى تعبيرات دقيقة,دون مواربة أو تمييع للحقائق
إما اتحاد أقنومي أو إتحاد على مستوى النعمة
والإجابة إما بالإختيار الأول أو الثاني
الأول هرطقة والثاني أرثوذكسية
الاتحاد على مستوى النعمة ( الذي أطلق عليه بعض الآباء تألهًا) لم يعارضه المجمع المقدس لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية ( راجع كتاب الطبيعة والأقنوم ص 12 للقمص تادرس يعقوب )
الاتحاد الاقنومي لا ينادي به أحد لا في الكنائس الأثوذكسية الغير خلقيدونية
ولا في الكنائس الخلقيدونية : حيث يتبعون تعاليم القديس غريغوريوس بالاماس المستمدة من تعاليم اثناسيوس وكيرلس عن الطاقات الإلهية وتميزها عن الجوهر الإلهي, فالجوهر الإلهي لا يخترق والطاقات الإلهية غير مخلوقة مثلها مثل الجوهر ولكنها ليس الجوهر
الاخ العزيز تادرس انا لاافهم علاقة كلمة اتحاد اقنومي بمفهوم الاتحاد الجوهري ان كلمة اقنوم معناها شخص ولا تعني ابدا جوهر فحينما يقول قائل اتحاد اقنومي فهو اتحاد شخصي بشخص الكلمة كما نقول ان الروح يحل بالاقنوم اي معناها انه يحل كشخص كما في القداس الكيرلسي التاكيد علي شخصانية الروح القدس وليس كخادم او مجرد قوة , فالاتحاد الاقنومي تعني الاتحاد الشخصي الخاص بشخص الكلمة ارجو ان اعرف اذا كنت توافق علي كلمة الاتحاد الشخص مع الله ام لا , فالاقنوم(يوبستاسيس) ام الجوهر (اوسيا) ولم يقل احد اننا نتحد بالله اتحاد جوهري ولكنه اتحاد شخصي وارجو ان نرتقع فوق الحروف لانه كما علم قديسنا اثناسيوس ان الايمان كائن قبل اللغة
توجد نقاط اختلاف واتفاق بين المصطلحات الآتية: بروسوبون- فيزين- هيبوستاسيس- أوسيا,
وهو ما تناوله القمص تادرس يعقوب في بحثه الطبيعة والأقنوم (1990)
ويوجد استعمال متبادل بين الأسيا والهيبوستاسيس بين الأباء فيما قبل مجمع نيقية وما بعده ولقد اتفق كل الآباء من عهد اأثناسيوس حتى غريغوريوس بالاماس ( من أباء الكنيسة اليونانية ولكن للأسف بعد الانقسام) اتفقوا على أن هناك نوعان من الاتحاد اتحاد جوهري أقنومي طبيعي بين اللاهوت والناسوت في كيان المسيح ( مع تسليمنا بالاختلافات بين الثلاث مصطلحات) أما بيننا وبين الله فهو اتحاد بالنعمة وفي الطاقة إذ إن التجسد ليس كما حلول الله في القديسين
أما عن الإفخارستيا فحلول الروح القدس هو حسبما أعتقد هو حلول أقنومي
سؤالي الان الي العزيز في الرب تادرس هل توافق علي كلمة الاتحاد الشخصي بشخص الكلمة ام ترفضه , لنترك الكلمات التي نختلف حولها
اتفق الآباء منذ القديم على أن تعبير الاتحاد اللإنومي يستخدم فقط للتعبير عن اتحاد لاهوت الابن بجوهره وبأقنومه وبطبيعته وبشخصه وبصفاته الجوهرية والذاتية مع الناسوت الخاص به المأخوذ من جسد العذراء, وعلى هذا الأساس تمت لاتفاقات اللاهوتية بين العائلتين الأرثوذكسيتين
حيث يتمسك الخلقيدونيين بتعبير الاتحاد الأقنومي
ويتمسك الغير خلقيدونيين بتعبير : طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد ( القديس كيرلس)
وفي عام 1990 تم الاتفاق أن التعبيرين مقبولين لدى كلتا العائلتين
وأن كليهما يعبران عن الإيمان الأرثوذكسي الأصيل
الاتحاد الشخصي غير الطبيعي ولا الجوهري ولا الإقنومي : هو لب الإيمان الأرثوذكسي وهو ما لم ينكره البابا ولا المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية
أما مصطلح اقنوم فيستعمل استعمالًا متبادلاً مع الجوهر
فبالرجوع للأصل اليوناني والقبطي للآيه التي تتحدث عن الابن بوصفه بهاء مجد الله ورسم جوهره , نجد أن جوهره هنا في الأصل ( هيبوستاسيس)
إلى الخ العزيز تادرس
لماذا ترفض الإتحاد الأقنومي وتوافق على الإتحاد الشخصي؟ وكلاهما نفس المعني
فأقنوم الكلمة هو الذي سبق فأتحد بالبشر وأصبح لنا في أقنوم الكلمة وجود، بالنعمة.
إذاً الإتحاد الذي سبق وفعلة الرب من خلال أقنوم الكلمة في البشر هو إتحاد أقنومي.
وأنا أفهم تخوفك من تعبير “إتحاد أقنومي” أي اننا نصير اقنوما رابعا في اللاهوت، وهذا لا وجود له في اللاهوت الشرقي ولا الغربي وهو الذي يجعل الإنسان مساويا لله في كل شيء. بل ويجعل الله غير كاملا ليزداد بأقنوما إضافيا مساويا للكلمة.
وانا أعتبر أن الكنيسة حاليا تحاول أن تحارب هذا الفكر معتبرا ان الدكتور جورج ينادي به، وهذا غير صحيح
ولكننا نتشبه بأقنوم الكلمة المتجسد، وليس بأقنوم الكلمة فقط، فإن إتحادنا بالله هو من خلال إتحاد الكلمة بنا أولا ليرفعنا – بالنعمة – إلى المجد الذي له قبل إنشاء العالم. وهو مجد إلهي غير محوى.
إذا الإتحاد الأقنومي هو الإتحاد أقنوميا بالله في الكلمة وبالنعمة ولا مجال أن نتساوي بأحد الأقانيم في الثالوث ولا فكر الدكتور بباوي ينادي بهذا ولا الكنائس الخلقيدونية وغير الخلقيدونية تنادي بهذا.
وشكرا لأسرة الموقع على هذا الموقع الجميل
الفصل الأوّل
هويّة المسيحيّ والنموّ الجماعي والشخصي
أوّلاً: الهويّة المسيحّية
الموضوع الذي نريد أن نتناوله في هذا الكتاب هو “هويّة المسيحي”، بمعنى تقديم البطاقة الشخّصّية للمسيحيّ، لكي يعرف هويّته شخصيته الأساسيّة. فحينما يفقدُ الإنسان هويّته، يفقد معها معرفته بأصوله وجذوره أي ماضيه، وبالتاّلي يصبح حاضره مشوشاً متخبّطاً لا معنى له ولا طعم. وإذا كان حال الحاضر هكذا فكم بالأحرى يكون المستقبل ؟ أظن أنّه لن يكون هناك وجود له على الإطلاق. إن إنسان هذا العصر يعيش حياة التخبّط، غير مدرك لجذوره العميقة، غير واعٍ لتصرفاته في الحياة. يشعر بأن لا مستقبل له حيث لا أمل، ولا رجاء… إنسان يعيش خبرة كهذه : كيف تكون حياته؟ وما شكلها ؟
لهذا السبّب أريد أن أذكّر المسيحيّ بهويّته حتّى يرجع إلى ذاته، ويكتشفها، بل ويعيشها بقناعة وإيمان وحب ورجاء، ليكون شاهداً لحقيقة يجهلها البعض بسبب فقدان الهويّة، ممّا أتاح الفرصة للبعض أن يطالبوا المسيحية بالانسحاب من الوجود، لأنّها صارت في حالة إفلاس، ولم يَعَدْ لديها ما تقدِّمه لإنسان هذا العصر، فعليها أن تُغلق كنائسها أو محوّلةً إيّاها إلى متاحف، واضعةً كتابها المقدس مع المخطوطات الأثريّة، كسائر الكتب الأخرى التي طواها الزّمُن جانباً، إنّه لمِنْ الأفضل للمسيّحية، أن تترك السّاحة أو الميدان لغيرها من الأديان القادرة أن تقدّم شيئاً ما لإنسان هذا القرن، الذي يعيش في أزمة أقضت به إلى اغترابات مختلفة.
وأريد أن أوضّح ذلك مْن خلال قصة صغيرة : في أحد الأيام وَجَد فلاّح نسراً صغيراً على الأرض يئنّ بين حيّ وميّت. فتأثَّر لحاله وأخذته الشّفقة، فَحَمَله إلى بيته واعتنى به. وحين استعاد صغير النّسر عافّيُته، وضعه الفلاّح في عشّ الدجّاج ليعيش معها. ثلاثُ سنوات مضت، والنسّر في العش يلتقط الحَبّ بمنقاره المعقوف طوال النهّار، ويرفع رأسه عالياً حين يشرب الماء. وكان يهاب الديّك، كونه سيد العش. بالّرغم من جناحيه القويّين ومخالبه الحادّة. فيطأطئ رأسه حين يمرّ أمام الديّك. ويحثّ الخطى إلى زاوية آمنة.
وروي الفلاّح قصّة النسّر على صديقه العالِم وأنهاها بقوله: ” لقد أحببّتُ هذا النسّر كثيراً، فحوّلت طباعه إلى طباع دجاجة لكي يبقى عندي آمناً، يأكل ويشرب من دون عناء “.
لم يَقْبَل العالِم هذا الكلام، وأصرّ على أنّه من المحال أن يتحوّل نسر إلى دجاجة أبدأً. واحتدّ الجدال بين الاثنين، فعقدا الرَّهان على أن يبذل العالِم جهده ليعُيد إلى الجارح ما فقد، وينسيه ما اكتسب. ودخل العالِم في اليوم التّالي إلى عش الدجّاج، وأخرج النّسر وأمسكه بين راحتيه، ورفعه نحو السّماء وقال: ” أنت نسر، ملك السمّاء. مدّ جناحيك وطِْر ثم قذفه نحو الأعلى، لكنَّ النّسر لم يعرف كيف يستخدم جناحيه، فسقط على الأرض، وصرخ من الذُّعر، وجرى ليختبئ داخل العش، وهو يرتعد خوفاً. وبعد يومين، أخذ العالِم النسّر إلى الحقول البعيدة، وأعاد الكرّة. لكنَّ النسر سَقَط ثانيةً على الأرض، وتعفّر ريشُهُ بالتُّراب، وركض هارباً من العالم، تارةً نحو اليمين وأخرى نحو اليسار، على طريقة الّدجاج.
وأخذ العالِم النّسر بعد أسبوع إلى قمّة جبل عالٍ، ووقف على حافّة الهاوية، وأمسك الّطائر كما فعل في المرّات السّابقة وصاح به: ” أنت نسر، ومكانك في السمّاء، في الأعالي. لأجل هذا ولِدتَ وفي سبيله تموت، فطِر عزيزاً أو مُتْ كريماً بطلاً. ورماه من أعلى: فرفرف النسّر بجناحيه هلعاً، وقوّس ظهره مقرّباً ذيله من رجليه استعداداً لملامسة الأرض. لكن الفجوة كانت عميقة. فأعاد النسّر إلى ظهره استقامته، وضرب الهواء بجناحيه الكبيرين، فكفّ عن السّقوط. وصفّق ثانيةّ، فارتفع نحو الأعلى. مكرّراً حركاته فطار، عندئذ صرخ صرخَة ردّد الوادي صداها، ودار في الفضاء دورتين، ثم توجّه نحو القرية، وانقضّ على عش الدجّاج حيث كان. فرأي من عليائه الدجَاجات تنقر الحبّ بهدوء. وحين اقترب منها، رآه الدّيك منقضاً، فهرب والدجّاجات خلفه، واختبأوا في زوايا العش المظلمة. فضرب النّسر الهواء بجناحيه وارتفع. وعاد إلى الانقضاض ثمّ الارتفاع مرّتين. وفي المرّة الثّالثة، صَرَخَ صرخةً عظيمةً اجتاز بها الغيوم، ولم يَره أحد منذ ذلك الحين.
تقديم الموضوع: يتكوّن موضوعنا من:
أولاً – أصول وجذور هوَّية المؤمن
ثانياً – هوَّية ناضجة
– معرفة سامية
– ملء الله
– مظاهر فقدان الهوَّية
– الخلاصة
أصولَ وجذورّ هويّة المؤمن
لاكتشاف هذه الهويّة، لابُدَّ لنا مِن وقفة عميقة لبعض الأحداث التي تُعْبَرُ عن محطات أساسّية في تاريخ الخلاص.
1) قصة الخلق التي من خلالها نكتشف جذوَر الإنسان: لأنَّ الخلق هو فيضَ من محبَّة الله الثالوث، ونتيجة للحبَّ المُتَبَادَل بين الآب والابن والروح القدس. وفي الخلق تتجلّى هويّة الإنسان من حيث إنّه كائن حيّ عاقلّ، ناطقَ، حَّر ومُريد، لقد خُلق الإنسان على صورة الله في الحبّ والبرّ والقداسة، ويمكن القول أيضاً بإنّه على صورة الابن الوحيد يسوع المسيح، ونستطيع أن نكتشف أيضاً هويّة الإنسان من خلال هذه الآية: ” ثم جبل الرّبُّ الإله آدمَ من تراب الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفساً حية” ( تك 7:2 ) تتضمّن عبارة “من تراب الأرض” أنه ليس ثمة شيء ممّيز في المواد الكيميائيّة التيّ صُنعنا منها، فهي طين وماء والقليل من البروتين، فليس ثمّة شيء كثير في أجسادنا الطبّيعية. فما الجسد إلاّ شكلٌ خارجيّ لا حياة فيه، إلاّ عندما ينفخ الله فيه “نسمة حياة” وعندما يسترد الله هذه النَّسمة الواهبة للحياة، ترجع أجسادنا مرةً أخرى إلى التُّراب. وعليه فإّن حياة الإنسان وقيمته هما من روح الله. وهذا يُبّين بصورة واضحة حاجَتنا الدَّائمة إلى الله. وعندما نبحث عن معنى كلمة ” نَفَخَ” المذكورة هنا، لا نظن تلك النفّخة الخارجيّة التيّ تخرج من فم الشَّخص. هذه النفخة تخرج من أعماق الله لتعبِّر عن كيانه، وإذا جاز التعّبير أقول إنَّ هذه النفخة هي جزء من كيان الله وضعه في الإنسان. أو أن بهذا المعنى يصبح الإنسان جزءاً من كيان الله، ويستمد الإنسان وجوده وحياته من الله. ولا يستريح الإنسان إلاّ في كيان الله. فالإنسان خَرَجَ من كيان الله، وبعد مسيرة الحياة، لا يرتاح، ولا يجد مكانه، إلاَّ في قلبِ الله. الأمر الذي حمل الأديبَ اللبنانيَّ جبران خليل جبران في كتاب النبي ليقول: لا تقلْ إنَّ الله في قلبيّ بل قُلْ إني في قلب الله.
أكبر هوّية للشّخص البشريّ تكمن في هذه الدَّعوة وهي دعُوة الحوار مع الله ، دعوُة الشَّركة مع الله (راجع1م1:1 –6 ) وهذا ما أكّده أيضاً المجمع الفاتيكانيّ الثّاني.
بقوله ” إن أسمى مظاهر كرامة الإنسان تتمثّل في دعوته للاشتراك في حياة الله. وقد وجه الله هذه الدعّوة للإنسان في الحوار منذ بدء الخليقة . إذ إن الإنسان قد وُجدَ لأنَّ الله قد خَلَقَهُ بالحبّ، وبنفس الحبّ يستمر في منحه الوجود. والإنسان لا يعيش مَلَء حياته وفقِ الحقيقة إلاّ إذا عَرَفَ هذا الحبَّ بحريته، واضعاً نفَسُه بين يديَّ خالقه. لكنَّ الكثيرين منْ معاصرينا لا يشعرون بهذه النِّعمة، بل ينكرون علناً هذه العَلاقة التي تربط الإنسان بالله، إلي حدّ أصبح معه الإلحاد آفة من آفات زمننا تستحق البحث باهتمامّ كبير ” دستور راعوي ” الكنيسة في العالم المعاصر ” رقم 19 فالإنسان بطبيعته وبفطرته لا يستطيع أن يجد له مُسْتَقرًّا إلا في قلبِ الله. كما أنّه لا يجد لذاته هويّة تمّيزه إلاّ في عَلاقته بالله.
الإنسان مخلوقَ على صورة الله: “فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خَلَقَه ذكراً وأنثى خلقهم” تك 27:1، وبالتّالي صورةُ الله مطبوعةَ في الخليقة، وقد وقعت تحت الظّل أو صارت محتجبةً بسبب الخطيئة.
” ذلك البرّ الذّي يمنُحُه الله على أساس الإيمان بيسوعَ المسيح لجميع الذّين يؤمنون. إذ لا فرقَ، لأنّ الجميع قد أخطأوا، وهَم عاجزون عن بلوغ ما يمجّد الله فهم مبرّرون مجاناً، بنعمته بالفداء بالمسيح بيسوع الذي قدَّمه الله كفارةً، عن طريق الإيمان، وذلك بدّمه” (رو 22:3-25).
” ولهذا فكما دخلت الخطيئة إلى العالم على يد إنسان واحد، وبدخول الخطيئة دخول الموت، هكذا جاز الموت على جميع البشر لأنَّهم جميعاً أخطأوا” (روم 12:5
2) بحضور المسيح وموته وقيامته: أعاد الآب خَلْقَ الإنسان من جديد “فإنّه إذا كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة: إنّ الأشياء القديمة قد زالت، وها كلُّ شيء قد صار جديداًُ” (2كو 17:5). أعاد المسيح إصلاح وتجديد وخلق الإنسان مرةً أخرى، بل يمكننا أن نقول أن المسيح أعطى للإنسان لمعاناً وجمالاً أكثر ممّا كان عليه قبل الخطيئة. حيث نستطيع أن نقول : ” أنّ عمل المسيح الفدائيّ جعل الصورة والأصل قريبين في حياة الإنسان. فقد أظهر صورة الله الكامنة في الإنسان، وهكذا صار الإنسان على صورة خالقه ابن الله” .
” لأنّ الذّين سَبَقَ فعرفهم، سبق فعينهم أيضاً ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو البكر بين أخوة كثيرين” رو 29:8.
” إنّ هدف الله النهّائيّ لنا هو أنّ يجعلنا مثل المسيح “أيُّها الأحباء، نحن الآن أولاد الله. ولا نَعْلَم حتىَّ الآن ماذا سنكون، لكنَّنا نعلّم أنّه متى أظْهِرَ المسيحُ، سنكون مثله، لأننَّا سنراه عندئذٍ كما هو” (1يو 2:3).
وعندما نزداد شبهاً به نكتشف ذواتنا على حقيقتها، الصورة التي خُلْقنا لنكون عليها. إنّ قيمتنا الذّاتّية كمؤمنين، مبنيّة على حقيقة الله محبّة الذي ويدعونا أبناء له. فنحن أبناؤه الآن وليس فيما بعد في المستقبل البعيد فقط، إنَّ معرفتنا أننّا أبناء الله تشجّعنا على أن نحيا مثل يسوع، الحياة المسيحيّة هي عملية الزيادة في التّشبّه بالمسيح، ولن تكتمل هذه العمليّة إلاّ حين نراه وجهاً لوجه.
” ونحن الآن ننظر إلى الأمور من خلال زجاج قاتم فنراها بغموض. إلاَّ أنّنا سنراها أخيراً مواجهةً. الآن أعرف معرفةً جزئيةً. ولكنّني عندئذٍ، سأعرف مثلما عُرفت” (1كور 12:3)
“الّذي سيحول له جسدنا الوضيع إلى صورة مطابقة لجسده المجيد، وفقاً لعمل قدرته على إخضاع كلِّ شيء لنفسه” (فيل 21:3).
لكن معرفتنا بأّن هذا هو هدفنا الأسمى تدفعنا أن نحيا الحياة الّتي تزداد كلّ يوم تشبُّهاً بالمسيح. ويتحّدث بولس الرسول قائلاً: ” ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح ” (2كو 18:3).
إنّ المؤمنين هم رسالة المسيح التي يعرفها ويقرأها جميع البشر، كلُّ المؤمنين يتأمّلون ويعكسون، كمرآة، مجَد الله أو مجد المسيح. ” الذين فيهم إله هذا الدهر أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تُضيء لهم إنارة إنجيل المسيح الذي هو صورة الله” (2كو 4:4)
المسيح هو صورة الله. أولاً كإنسان مثل جميع الناس، ثمّ كصورة الله النمّوذجيّة ونستعمل عبارة واحدة لندل بها على ناسوته ولاهوته. وهنا نجد أنّ الفكرة العظيمة التيّ أراد القديس بولس أن يبرزها ويؤكّدها هي أنّنا في يسوع المسيح نرى الله. قال يسوع: “الذي رآني فقد رأى الآب” (يو 9:14). عندما كان بولس يكرز لم يكن يقول: “انظروا إليّ”. ولكنه كان يقول: “انظروا إلى يسوع المسيح” وفيه سترون مجد الله وقد أتى إلى الأرض في صورة يستطيع الإنسان أن يراها ويفهمها،فالمسيح هو أيقونة الآب، وهو الذي يعكس حقيقة الآب. وهكذا المؤمن هو أيقونة المسيح، حيث يعكس حقيقة المسيح للعالم.
يتحوّل المؤمن إلى شخص المسيح، ويَدُلُّ هذا التحّوّل على امتلاك “شكل” جديد هو نتيجة ثباته في المجد، حيث إن الله يفيض ويفيض ذاته. من هذه الوجهة يصبح المجد قريباً من الصّورة (أيقونة) التيّ تنطبق على المسيح فتعبّر عن كيانه (إنّه ملء صورة الله وكمالها) ووظيفته (إنه الواقع الذي يكشف الله للإنسان). والتحوّل الّذي موضوعه المؤمنون هو بداية تطّور سيحدّد مسيرته.” لذلك لا نفشل بل وإن كان إنساننا الخارج يفنى فالداخل يتجِّد يوماً فيوماً. لأن خفة ضيقتنا الوقتية تُنشىُّ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدياً ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي تُرى بل إلى التي لا تُرى. لأنّ التي تُرى وقتية وأمَّا التي لا ترى فأبدية”( 2كور 16:4-18)
الإنسان الخارجيّ (الظّاهر) ينحطّ ،ويسير نحو الفساد، والإنسان الدّاخليّ (الباطنيّ) يتجدّد يوماً بعد يوم. حين زاد بولس “من مجد إلى مجد”، فقد عبّر عن تحوّل متدرّج يربطنا بالمعموديّة “فدُفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أُقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلُكُ نحنُ أيضاً في جدة الحيوة. لأنَّهُ إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصيرُ أيضاً بقيامته عالمين هذا أنَّ إنساناً العتيق قد صُلب معه لبطل جسد الخطية كي لاَ نَعُودَ نُستعبد أيضاً للخطيَّةِ” (روم 4:6-6) أو بالعشاء السّريّ، فكلّ احتفال إفخارستيّ يربط المؤمن بمجد ذلك الذّي لا يُعطى ما يملك فقط بل يعطي في الوقت ذاته كيانه بعد أن بَذَلَه من أجلنا.
هوية ناضجة
توجد علاقة أكيدة بين دعوة المسيحيّ وهويتّه الجديدة، فمَنْ ُيْقَبلُ شخصَ المسيح في حياتِهِ يمنحه هويّةً جديدةً هويّةً ناضجةً في الحبّ والحياة، وهذا ما نفهمه من الشّاهد السّابق ومِن صلاة القديس بولس:”بسبب هذا أَحني ركبتي لدى أبي ربنا يسوع المسيح الذي منه تُسمى كُلُّ عشية في السموات وعلى الأرض. لكي يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم وأنتم متأصلون ومتأسسون في المحبة حتى تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرضُ والطولُ والعمق والعلو” ( أف 14:3-19). تقَّدم صلاة الرّسول مضموناً ملموساً ليتنازل الرب فيعطيهم أن يعبروا مرحلة جديدة في حياتهم المسيحيّة: أن يتقوّوا في نمو كيانهم، ويواصلوا بناء بيتهم الدّاخليّ. لهذا يلجأ بولس إلى الرَّبِّ لكي ينال مثل هذا النمّو. ويدل على أصل هذه العطية الإلهية وهدفها: “غنى مجده” ثّم نضوج الإنسان الباطنيّ.
فالرّحمة والنّعمة الإلهيّة تحقّقان العمل الفدائيّ بـ “غفران الخطايا”، وتوصلانه إلى مرحلة جديدة تعرف فيها سرَّ مشيئته “في كل حكمة وفهم” (أف 7:1-8؛ راجع روم 23:9؛ أف 18:1؛ 4:2-7). إنّ مجد الله الفيّاض ينتقل إلى الإنسان فيقويه وينميه. ويصوّر هذا العمل الإلهيّ في عبارتين تشرحان النتائج الحاصلة في قلب المؤمنين عَبْرَ تشبيهين: تشبيه النمّو البشريّ ، وتشبيه القوّة التي تقيمُ في الإنسان إقامةً مستمرة.
نحن أمام صورة الشّاب الذّي ينمو إلى أن يصل إلى قامته. وعبارة “الإنسان الباطن” التي دلّت في الرسائل السابقة على الطابع العقليّ لدى الإنسان، فقابلت الطابع العابر والمائت، قابلت “الإنسان الخارجي” (روم 22:7؛ 2كور 16:2) هذه العبارة تقابل هنا “الإنسان الجديد” الذي خُلق في المسيح يسوع خلال المعمودّية (أف 13:4، 22، 24؛ راجع كو 9:3) إنّ المسيح القائم مِنْ الموت بقدرة الله قد أقيمَ فأعطانا هذه القدرة الإلهيّة التّي هي روح القداسة كما يناله المؤمنون (روم 4:1). لهذا تعود بشكل واضح إلى “قوة روحه” هذه التي تقوّي المؤمنِ بما أنّ المسيح حاضر في تقوية المسيحيّ لكي يُنَّضَجُه، فلا نتعجّب إن عُرضت هذه المرحلة الجديدة من الحياة وكأنّها مرحلة بها “يحلّ المسيح في قلوبكم” (أف 17:3) نجد هذه الفكرة أيضاً في “مع المسيح صُلبتُ فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ. فما أحياه الآن في الجسد فإنما أحياه في الإيمان إيمان ابن الله الذّي أحبني وأسلم نفسه لأجلي ” (غلا 20:2). بفضل الإيمان أظهر المسيحيّ عملَ مجدِ الله، بفضل إيمان الإنسان البالغ، وهذا الإيمان يصبح مفتاح النمّو كما كان في ما قبل مفتاح التّنشئة المسيحّية.
وقبل أن يَعْبُر المسيحيون هذه المرحلة بتقبلهم عطيّة الله الجديدة، وقد أقيموا على أرض صلبة، أقيموا على الحبّ، و نالوا منذ الآن ثباتاً ومتانةً. فالحبّ هو الأرض الطيبة والخصبة التيّ فيها يتجذّر ويتأصّل وينغرس المسيحيّ. والحبّ هو الأرض الثابتة والمتينة التي تُؤَمِّنُ له أساساً حقيقيًّا. إن الحب الذي أظهره الله في المسيح يسوع، قدّم لنا أساساً ثابتاً ومستنداً كاملاً، وقد جاءت ساعة الاستقرار النهّائيّ، السّاعة التّي فيها نقيم في الحبّ. فالحبّ يدعونا إلى الحبّ وهكذا يكون تبادل بيننا وبين الله.
المعرفة المسيحية الساميّة أف 18:3-19
إنّ معرفة الحياة العميقة لدى حاملي السرّ، لا تنحصر في اللذّين تكرّسوا مِِنْ أجل الخدمة، فجميع المسيحيّين يتوقون إلى هذا الهدف وإليه يصلون: فالله يعطي الجميع عمق الإيمان هذا الّذي صاروا به متّحدون ولا شكّ بـ”المكرسين” لهذا العمل، ولكن كيف نحدّد هذه المعرفة التي تشكّل الهدف الأخير للحياة المسيحّية ؟ إنّ بولس الذّي تحدّث حتىَّ الآن عن السرّ في ألفاظ مأخوذة من عالم الحكمة، يصوّر الآن اتساعه في عبارة تدل على أنّه يتسامى على كلِّ مجهود بشريٍّ ولا يعود في متناولنا. إنّ موضوع هذه المعرفة هو سُّر المسيح نفُسُه الذّي أُعْلنَ ” للقديسين” (راجع أف 3:3-5) هو المسيح نفسه، حكمة الله (راجع1كور 24:1، 30). ففي سِّر الله هذا تختفي كلُّ كنوز الحكمة والمعرفة”…سر الله الآب والمسيح المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم” (كو 3:2).
إنّه سّر لا يدركه الإنسان المتروك إلى نفسه. ولكنّ الحكمة الإلّهية التي تحقّقه، حتىّ بين الوثنيّين في كلّ اتّساع الكون، تستطيع أن تجعل المختارين يعرفونه. وإذ أورد الرّسول الأبعاد الأربعة: العرض، الطول، العلو، العمق، استعاد وطبّق موضوعاً حكيماً نجده في “من يقيس ارتفاع السماء وأتساع الأرض وعُمق البحار؟”(سيراخ 3:1).”أ إلى عمق الله تتصل أم إلى نهاية القدير تنتهي. هو أعلى من السّموات فماذاعساك تفعل. أعمق من الهاوية فماذا تدري. أطول من الأرض طوله وأعرض من البحر” (أي 7:11-9).
نحن لا نستطيع أنّ “نفهم” لا نستطيع أن ندرك عن طريق الحواسِ، سَّر المسيح إلاَّ بواسطة معرفة اختباريّة. بواسطة معرفة محّبة الله لنا. وهي محبّة جعلته يبذل ذاته عنَّا، يقدّم نفَسْه ذبيحةً لأجلنا (راجع أف 2:5). هي محبّة أظهرتها الكنيسة التي “بذل ذاته عنها ليقِّدسها مطهّراً إيَّاها بُغْسِل الماء وبالكلمة” (أف 25:5-26).
إنّها محّبة لا حدود لها، وممارسة المعرفة لا تستطيع أن تستنفد غناها، فالمعرفة المسيحّية تكتشف دوماً غنى جديداً في سرَّ المسيح. غير أنّ هذه المعرفة، الَّتي هي في متناول الجميع تظهر كثمرة الإيمان النّاضج والحبّ الكامل. والّروح هو الذّي ينفخ فينا هذا الوعي الجديد لسرِّ المسيح والكنيسة، ولقد رأى بولس دوماً في هذه المعرفة (أو هذا العلم، في اليونانية: جنوسيس) فضيلة ترافق المحّبة (راجع 2كو 3:6-6؛ 7:8؛ روم 13:15-14).
ملء الله
كتب القديس بولس: “حينئذ تمتلئون من (وتدخلون في) ملء الله” (راجع أف19:3). بهذه الجملة الموجزة كلّ الإيجاز، قدّم لنا بولس ملء النضّج المسيحيّ بعد أن أدخله في التعّليم عن “الملء” الخاصّ برسائل الأسر. ” وأخضع كلّ شيء تحت قدميه، وإياه جعل رأساً فوق كلَّ شيء للكنيسة التيّ هي جسده ملء الذّي يملأُ الكل في الكل” (أف1: 22-23) ” فإنّه فيه يحلُّ ملء اللاهوت جسديُّا. وأنتم مملوؤون فيه الذي هو رأس كل رياسة وسلطان” (كو 9:2-10).
إنّ المسيح القائم من الموت هو ملء الكون. جَمَعَ وْضَعُه الإلهيّ مع وضعه كأخ لكلِّ العالم المخلوق، بواسطة بشرَّيته. وتتركّز قوّة الحياة الإلّهية في المسيح لخير البشريّة. والحياة الجارية من الرأس (عطية الروح) تملأ الذّين يقتربون منها بواسطة المعرفة المسيحيّة. والكنيسة كلّها التي هي امتداد جسد المسيح، تجد نفسها في قلب هذا الملء الذّي فيه جعل بولس أيضاً الملائكة والكون. وتستفيد الكنيسة من هذه الحياة الإلهّية، وتتقّوى بها “إلى أن ننتهي جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله. إلى إنسان كامل. إلى قياس قامة ملء المسيح”( أف 13:4).
إنّ معرفتنا التّي تؤدّي شيئاً فشيئاً إلى حبّ المسيح، تجعلنا نصل إلى هذا الملء. هذا ما يُعَرّفُهْ الرّسول فيعبّر عنه: “نعيش حسب الحقّ، وفي المحّبة فتنمو في كلِّ وجه، نحو ذلك الذّي هو الرّأس، أي المسيح” (أف 15:4). ففي أمانة لالتزام تاّم في حياتنا، نسير نحو الملء، ساعة تتابع عطيّة الله عملَها فتملأ الإنسان وتملأ الكنيسة الَّتي هي خميرة البشرّية والكون. وحين نكتشف الحبَّ نسير نحو ملئنا الذّي هو يسوع المسيح.
نحن نعلم من الخبرة أن التغييرات الهامّة في حياة الإنسان، وشخصيته لا تحدث فجأةً، ولكنَّها تأتي تدريجيَّا وتستغرق وقتاً. وكلَّما كانت التغّييرات جوهريّة وأساسيّة، احتاجت إلى وقت أطول. والحياة المسيحيّة بمطالبها الطّموحة مثل عطاء الذّات بالمحّبة، والنمّو الداّئم في التَّشبّه بالمسيح، ليست أمراً سهلاً على مَنْ يبدأون السّير فيها. ومن اختبارات القديسين والمؤمنين نعرف أنّ مَنْ قطعوا شوطاً في الحياة المسيحيّة – حياة القداسة والنمّو إلى شبه المسيح – احتاجوا إلى زمن طويل، وكلَّما تقدمت بهم الأيام والاختبارات، شعروا بمزيد من الضعف والحاجة. وهنا ينبغي أن نذكر حقيقتين أساسّيتين لشرح الفكرة السّابق ذكرها:
نرجو ملاحظة أنّ التعبير “النمّو إلى شبه المسيح” يختلف عن التعبير “التشبه بالمسيح” لأن هذا التعبير الأخير خطابيّ غالباً دون مضمون عميق، بينما النمّو عمليّة لها أبعاد وأعماق وجهاد.
عندما نقول إنّ التغيّيرات الهامّة في شخصيّة الإنسان، لا تحدث فجأة، لا نُنِكرُ فكرةَ “التجّديد” الذّي يتّم في لحظة معيَّنة بقبول المسيح مخلِّصاً. إلاّ أنّنا يجب أنّ ندرك أنّ ما يحدث لحظةَ التجّديد هو قبول خلاص المسيح، وبذلك يسكن المسيح في القلب ليعمل فيه مدة الحياة كلّها. هذا العمل هو بداية الخلاص، وليس الخلاص كلّه. كالولادة الّتي هي بدء الحياة، لكنَّها ليست الحياة كلّها.
– إنّ ما يحدث عند التجّديد هو حُكْم شرعيّ من الله بالتّبرير مِنْ الخطية، وتغيير في اتّجاه الحياة. بينما عمليّة التّقديس هي استمرار للخلاص، تستغرق كلَّ الحياة.
مظاهر فقدان الهويّة
1- فقدان التوافق والتطابق في حياة المسيحيّ: حيث توجد هوّة بين كلامه وأفعاله، بين مبادئه وتصرفاته، هناك انفصال بين المثالّيات والواقع حيث تظلَّ المبادئ والقيم الرّوحيّة على مستوى التّفكير، والحديث، والحوار فقط كما أنها ليست موضوعاً للتطبيق أو برنامجاً للعمل والتحّقيق. إنّ التباعد بين ما يحمله الإنجيل أي كما جاء به المسيح وبين الحياة العمليّة، صار ملحوظاً بشكل واضح من قبلَ الآخرين ممّا دفع بعضهم- بعد اكتشاف هذه الثغرة في أتباع المسيح – إلى أن ينادوا بالعجز تارةً وبالإفلاس تارةً أخرى. فيقولون: “عجزت المسيحيّة على أن تتحوّل إلى حياة واقعّية تلمس حياةَ الإنسان في شموليتّه وكلّ أبعاده. ويعلنون إفلاساً حقيقيَّا للمسيحّية، لأنَّه لم يَعُدْ لديها ما تقدّمه لتغيير الإنسان وتجديده، والأخذ بيده أينما كان هو لتَرَتَفع به. والبعض الآخر استخلص فكرة أخرى: أن المسيحيّة تعمل على فصل المسيحيّ عن محيطه وواقعه، وتَدُفعُهُ ليعيش في عزلة عن الحياة والوجود، بحجة أنها تساميها، فلم تَعُدْ المسيحيّة في نظرهم إلاّ أيديولوجيّة فلسفّية أو حضاريّة، انتشرت في زمن معّين، وما عليها إلاَّ أن تلحق بالأيديولوجيات الأخرى في أرشّيف الزّمن ليطويها التّاريخ كسابقاتها.
2- عدم فهم أو اختبار شخص المسيح كما هو: حيث يتمّ تقديم شخص المسيح ليس عن اختبار أو اقتراب منه ولكن كمسيح آخر، لا صلة له بالمسيح الحقيقيّ ابن الله المتجسّد. لقد أدرك المسيح أنّ هذه سوف تكون مشكلة المشاكل، لذا وضع خُطة لمَنْ يريد أن يكون له تلميذاً أو رسولاً. وضع منهجيَّة الحياة الّتي تتميّز بالاختبار والعشرة معه شخصيَّا.
منهجيّة الحياة مع المسيح :
” فأقام منهم اثني عشر سمّاهم رسُلاً يرافقونه فيرسلهم مبشرين” (مر 14:3)
“وأقام اثني عشر ليكونوا معه وليرسلهم ليكرزوا” (مر 14:3) ” فعيّن اثني عشر ليلازموه ويرسلهم ليبشروا” (مر 14:3). الكلمات المستخدمة في الترّجمات المختلفة والطّبعات المختلفة هي “يرافقونه” ،” ليكونوا معه” “ليلازموه” وفي بعض الترجمات ” ليقيموا معه”. على كلّ حال نجد أنّ هناك دعوةً للإقامة مع المسيح للحياة معه، ممّا يعني أنّ المسيح أراد أن يُدخِلَ الإنسان في أعماقه، في كيانه، وبالتّالي يدخل هو في أعماق الشخّص حيث تتّم عمليّة التبادل بين المسيح والمدعو، إنّها عمليّة مزدوجة : اختراق وتطبّع بين الشخّصين، عن طريقها(أي العملية)، يقبل المؤمن المسيح، ليُعتبّر المسيح نفسُه، أي أن يقدّم ذاته من خلال حياة المسيحيّ، وبهذا الشّكل يقدّم المسيحيّ المسيحَ بشكل واضح للآخرين، بعيداً عمَّا نلاحظه اليوم من تشويه.
فإن لم تكن هناك خبرة حياة مع يسوع المسيح، فماذا لدي المسيحيّ ليقَّدَمُه للآخر؟ قد يقدِّم تصوراتٍ وأفكاراً عن المسيح ولكن ليس المسيح ذاته، فالاقتراب والعشرة والخبرة والإقامة مع المسيح تسمح بتقديم شخص المسيح بشكل واقعيّ وحقيقيّ. أمّا الابتعاد عنه فيجعلنا نقدّم تصوراتٍ نابعةً من خيالنا عن شخص المسيح. وهنا نلاحظ الفارقَ بين الاثنين أن نسمح للمسيح أن يقدّم ذاته من خلالنا، وأن نقدّم نحن تصوراتنِا وأفكارَنا عنه. و هناك فرق بالطّبع و مسافة كبيرة بين المسيح المعاش كما هو، والمسيح الذّي تبتدعُةُ تصوراتنا.
علينا أن نفهم المسيح كما هو مسيح الوحي، الكائن في حضن الآب، والذّي جاء ليشاركنا حياتنا لكي نشاركه حياته.
3 – التّأرجُحُ ما بين المسيحيّة ووثنية المسيحيّة: عدم فهم شخص المسيح، أدّى إلى خلق واقعٍ مسيحيٍّ أقربَ إلى الوثنيّة، فالابتعاد عن شخصه يسوع المسيح، أعطى للبعض فرصة بالقول أن هناك مسيحيّة وثنّية وليست مسيحيّة حقيقيّة، إذ نقّدم المسيح كما نريد أن نراه وليس كما يريد المسيح، وهذا تحويل للمسيحيّة إلى مسيحية وثنية، حيث يضع الإنسان شخص المسيح في خياله كما يضعه في جيبه، لا فارق لديه في شيء، يستخدم المسيح لخدمة أغراضه، ويصبح المسيح موضوعاً قابلاً للتأويل الإنسانيّ كما يريد و يرغب، بقدر ما يخدم مصالحه وأغراضه واحتياجه، كلّ طائفة، كلّ مفكر، كلّ لاهوتيّ كلّ رجل دين يقدّم المسيح بطريقة ترضيه، ربما يعبّر هذا عن غنى شخص المسيح، ولكنَّ التخّوف في أن نبتعد عن المسيح الحقيقيّ، لنقدّمه بشكل يخدم الآراء والأفكار المتوافقة مع كلٍّ منا بحسب توجهه. ومما يؤثّر على المؤمنين في كلّ طائفة، وكلّ كنيسة. بالتّالي يتحوّل الإيمان بالمسيح إلى الإيمان بمسيح هذه الطاّئفة، أو هذا المفكّر وهذه الكنيسة…الخ. وبالتّدريج نقع في المسيحيّة الوثنية.
4 – المجتمع الاستهلاكيّ: في فكر البعض لم يَعُد للدين أهمّيّة في هذا الزمن، حيث نعيش في عصر يأخذ فيه الاقتصاد المكانة الأولى. فلم يعد للعلم، أو السياسة، أو الدّين من أهّميّة تُذُكر، فالبلد الذي ينعم باقتصاد قوي، ينعم بحياة مُرَفّهَةٍ، وبحياة هادئة، والبلد الذّي لا ينعم باقتصاد منتعش يعيش في فقر وبؤس واحتياج. ما نفع الدّين أو المسيح في مثل هذه الحالة؟ ماذا نفع الكنيسة. وما فائدة الصّلاة أو العبادة في الكنيسة؟ ماذا يعُطي المسيح للعالم في كلّ أزمة ؟ ما جدوى الرّوحانيّة أو غيرها أمام الاحتياجات الصّارخة للإنسان؟
لا نستطيع إنكار هذه حقيقة أننّا نعيش في مجتمع استهلاكي، يسعى وراء رغيف الخبز لسّد جوعه، ووراء المال لتأمين الحياة والمستقبل، لا يوجد وقت لسماع صوت الله ، فهذا الوقت هو وقت السعّي وراء الرّزق لأجل البقاء. لقد صار الدّولار واليورو أشهر من آلهة هذا العصر، وهكذا صار رجال الدّين، ورجال الكنيسة أيضاً في سعي كالآخرين، واقعون تحت تأثير المجتمع الاستهلاكي كسائر البشر، وأصبح منطق الاقتصاد يعلو ويرتفع في حياتنا وفي المجتمع ككلّ، في ظّل هذا التطّور الاجتماعيّ، والاقتصاديّ أين توجد الهويّة الحقيّقية للمؤمن بالمسيح ؟
أريد أن أعبّر عمّا سبق، وعما يجب قوله في الفصول القادمة من خلال هذه القصة: وجد فلاّح في أحد الأيام بيضةً غريبة الشّكل واللّون في وكر داخل صخرة عالية، فأخذها ووضعها تحت بطّة تحتضن بيضها، ليعرف جنس الطّائر الذّي فيها. وفقس البيض، وخرج الصّغار يجرون ويمرحون في كلّ مكان. أمّا صغير البيضة الغريبة، فقد كان ضعيفاً جداً وعينيه مغلقتين، ولا يقوى على السّير. فحنّ قلب البطّة عليه، وبدأت تلقّمه الطّعام بمنقارها المفلطح لكي لا يموت جوعاً.
وبعدَ ثلاثة أسابيع، بدأ الصّغير يسير، وانفتحت عيناه، ونما في جسمه ريش أسمر، وصار يرافق البطّة وصغارها إلى النهر. لكنَّه لم يكن يجيد السِّباحة، ويكره النّزول إلى الماء. وكان أولاد البطّة يسخرون منه وينعتونه بالجبن. فأشفقت البطّة على صغيرها، وطلبت منه ألاّ يقف على ضفّة النَّهر ليتفرّج عليهم، بل ليتسلّ في تسلّق الصُّخور والقفز منها على الأرض. وبدأ صغير البيضة الغريبة يقوم بهذا اللعب حتىّ اكتشف أن جَنَاحيه يصلحان للطيران.
وفي أحد الأيّام، بينما كان صغار البطّ يسخرون منه وهو يلعب على اليابسة، شعر بضيق شديد من الحياة معهم. فطار وحلّق في الفضاء وغاب عن العيون. وعاد صغير البيضة الغريبة عند المساء إلى المزرعة فرحاً، وبدأ يروي للبطّة ما رآه خلال النَّهار، وكيف حلّق عالياً فوق الجبال وتفرّج عليهم يسبحون في النَّهر تحت قدميه. فاستاء صغار البطّ منه واعتبروا كلامه كبرياءَ، وحاولوا تجريحه بالهجاء. أمَّا البطّة،فقد أصغت إلى ما قاله هذا الصّغير بانتباه شديد، وعنفّت صغارها على كلامهم، وقالت لابن البيضة الغريبة: ” مكانك يابنيّ ليس هنا… لقد أتى بك الفلاّح وأنت في البيضة، ووضعك تحتي. فحضنتك ورعيتك كواحد من أولادي. وحين رأيتك اليوم تطير، في المزرعة “، بل على رؤوس الجبال. امكث معنا هذه اللّيلة، وانطلق غداً إلى الأعالي لتعيش وفق طبيعتك ففي ذلك فرحتي، وافتخاري لأني كنت يوماً أماً لصقر.
كما نجد في كتاب تعليم الكنيسة الكاثوليكية الآتي :-
” تطلُّبُ الله رغبةٌ منقوشةٌ في قلب الإنسان، لأنَّ الإنسان خليقةٌ مِنْ الله ولله؛ والله يجتذب الإنسان إليه اجتذاباً متواصلاً، والإنسان لن يَجِدَ الحقيقة والسّعادة اللتّين يسعى إليهما دائماً إلاّ في الله:
” إنّ في دعوة الإنسان هذه إلي الاتّصال بالله لأسمي مظهر من مظاهر الكرامة البشريّة . ودعوة الله هذه التيّ يُوجّهها إلي الإنسان ليُقْيم معه حواراً تبدأ مع بدء الوجود البشريّ. ذلك إن الإنسان إذا وُجد فإن الله خلقه بمحبّة، وهو بمحبّةٍ يمنحه الكينونة علي الدّوام؛ والإنسان لا يحيا حياةً كاملةً بحسب الحقّ إلاّ إذا اعترف اعترافاً حرًّا بهذه المحبّة وسلَّم أمَرُه لخالقه”.
” عمد البشّر، علي مدي تاريخهم وإلي اليوم، إلي طرائق متعدّدة للتعبير عن تطلّبهم الله بعقائدهم وسلوكهم الدّينيّ ( صلوات، ذبائح، عبادات وطقوس، تأمُّلات… الخ). وعلي ما قد يكون في هذه الطَّرائق التّعبيريَّة من ملابسات، فإنّها عامّة إلي حدّ أنّنا نستطيع إن نسميّ الإنسان كائناً متدّيناً :”إن الله “صنع من واحدٍ كلِّ أمّةٍ من البشر، ليسكنوا علي وجه الأرض كلّها، محدّداً [ لهم] مدى الأزمنة وتخوم مساكنهم؛ لكي يطلبوا الله، لعلَّهم يجدونه متلمّسين، مع أنه غيرُ بعيدٍ عن كلّ واحدٍ منّا، إذ به نحيا ونتحرّك ونوجد” ( أع 17 : 26-28 ) .”ولكنّ هذه ” العلاقة الحميمة والحيويّة التيّ تجمع بين الإنسان والله ” قد ينساها الإنسان ويتجاهلها، أوقد يتوصَّل إلي رفضها صريحاً. وقد يكون لمثل هذه المواقف أسبابٌ شديدة التنوّع: الثّورة على الشّرّ في العالم، الجهل أو اللامبالاة في الدّين، هموم العالم وهموم الغنى، سلوك المؤمنين السّيء، التيّارات الفكريّة المعاديّة للدّين، وأخيراً هذا الموقف الذّي يقفه الإنسان الخاطئُ فيختبئُ، خوفاً، من أمام وجه الله، ويهربُ من دُعائهِ”
” الابتهاج لقلوبِ مُلتمسي الله ” ( مز 105 : 3 ). إذا كان بإمكان الإنسان إن ينسي الله أو يرفضهُ، فإنّ الله لا يفتأ يدعو كلّ إنسان إلى التماسه، لكي يحيا ويبلغ السّعادة. إلاّ إن هذا الالتماس يقتضي من الإنسان جهدَ عقله الكامل، واستقامة إرادته، و” قلباً مستقيماً”، كما يقتضي أيضاً شهادة الآخرين الذّين يعلّمونه كيف يلتمس الله”. “إنَّك عظيم يا ربّ، وأهلٌ لأسمى مديح: عظيمةٌ قدرتُكَ وليس لحكمتك حَدّ. والإنسان، هذا الجزء الصّغير من خليقتك، يَدَّعي مَدحَك، هذا الإنسانُ ذاته، في تلبُّس حاله القابلة الموت، يحمل في ذاته شهادةَ أثمه، والشّهادة على أنَّك تقاومُ المتكبرين. مع ذلك كلّه، يريدُ الإنسان- هذا الجزءُ الصّغير من خليقتك – إن يمَدَحَك. أنت نفسُك تحضّه على ذلك، إذ تجعله يجد متعةً في تسبيحكَ، لأنّك خلقتنا لك، ولأن قلبنا لا يجد الرّاحة إلاّ عندما يستقرُ فيك ( اعترافات القديس أغسطينوس 1،1،11)” التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية الأرقام من 27-30 ) .
الله في علاقة تواصل مع الإنسان، وهذا ما نسمّيها “شركة” “Comunione”. وتفضّل القديسة تريزا لغة الصّداقة للتواصل بين الأصدقاء . ويظهر منذ البداية مفهوم الشّركة والتّواصل في كتاب المنازل أو القصر الداخّليّ.
” فكما أنّه لا يضيرنا التّأمل في أمور السَّماء، وما يتمتّع به الطُّوباويون فيها، بل نفرح ونسعى لإدراك ما يتمتّعون به، فلن يضيرنا النّظر ُفي أنَّ إلهاً عظيماً كهذا الإله يمكن أن يتِّصل في هذا المنفي بديدان خبيثةِ الرّيح بهذا القدر، وان نحبَّ صلاحاً خيراً كهذا ورحمةً لاحدّ لها” (1م1: 3 )2 .
.
كتاب المنازل يُعد كتاباً وثائقياًً لعطاء الله لذاته للإنسان، عطّية الكشف عن الحقيقة والحياة الَّتي تحّول الشّخصَ داخل الثّالوث ذاته، وبهذا الشّكل نستطيع أن نصف الثَّالوث القدوس، بأنَّه إله في علاقة وتواصل وشركة 3 .
“…لأن المتعة العظمي الّتي تنعم بها النّفس عندئذٍ إنّما هي رؤيتُها ذاتها بقرب الله. أمّا حين يَقرنها به فلا تفهم شيئاً، لأنّ القوى جميعها تتعطَّل. أمّا هنا فالأمر مختلف، فإن إلهنا الصّالح يريد أن ينزع الحَرشَف(قشر السمك) عن عينيها لتري وتفهم شيئاً من النعّمة التّي يصنعها معها، ولو بطريقة غريبةٍ. فهي، وقد أدخِلت تلك المنزلة برؤيا عقلّية، يُكشَفُ لها بطريقة ما تَمَثِّل الحقيقة، الثّالوث القدوس بأقانيمه الثّلاثة بالتهابٍ يجتاح روحَها أولاً كغمامة وضّاءة، فتعرف، بعلمٍ عجيبٍ يُعطي للنفس، معرفة يقينّية أن هذه الأقانيم المميَّزة هي ثلاثة اقانيم، وجوهر واحد، وقدرةٌ واحدة، وعِلمٌ واحد، وإله واحد، بحيث نستطيع القولَ: إن ما نعتقده بالإيمان تدركه النفّس هنا بالبصر، ولو لم يكن بعيني النّفس، لأنّها ليست رؤيا خياليّة. هنا يتّصل بها الأقانيم الثّلاثة جميعاً، ويخاطبونها، ويتُيحون لها أن تفهم تلك الكلمات الّتي يَرويها الأنجيل عن لسان الرَّبِّ، إنّه يأتي والآب والرّوح القدس، ليسكن في النّفس الّتيّ تحبُّه وتحفظُُ وصاياه”(7م 1: 5-6 )4 ونتيجة للتواصل بين الشّخص والله نجده أن هناك عمليّة تواصل تتمُّ بين الشخّص والقريب، ونجد الشّركة بين الشخّص والقريب والله الثّالوث ( 1م 1:1) 5.
.
ـــــــــــــــــــــ
1- تريزا الأفيلية، المنازل، نقله عن العربية انطوان سعيد خاطر تراث الكرمل بيروت 1991.
2- نفس المرجع ص 71
3- وتكّرر القديسة تريزا بشكل متواتر هذه الفكرة حتى في المنازل السادسّة والسّابعة (6م8: 1،9: 18 ؛10 :1 ؛7م 1:1 ؛ 3: 9 ) .
4- نفس المرجع ص 278
5- نفس المرجع ص 71
.
الخلاصة
الهدف الذّي يجب على كلّ مسيحي أن يتبعه هو مشابهةالله بمعنى أن يكون إلهاً أو بأن يتألَّه، لأنّ كلمة الله صار إنساناً، كي يستطيع البشر أن يصبحوا آلهة وهذه هي الغاية يمكن تحقيقها لا بالابتعاد عن الحياة العامّة والتجّرّد عنها فقط، إنّما أيضاً بكل السّبل الممكنة وأهمّها الصّلاة المستمرة. يصبح الإنسان البشريّ المنظور عابداً لله غير المنظور، الذي خلق كلَّ شيء مِنْ العدم بقدرته الفائقة… يرتفع نحو الله بالمعرفة والحبّ… يتأمّل بإعجاب في الطبّيعة انعكاسات الصفّات الإلهّية والطّبيّعية غير المفهومة التي لله. فاعتداد الإنسان الحقيقيّ بنفسه يعني الاعتراف بالاعتماد على الله: العظائم التي صُنعت لي. فكرامتي الحقيقيَّة في أن أكون أنا مَن أكون، هي كرامةٌ وُهِبتُها. وهذا لا يجعلها أَقلّ قدراً. الوعي بالأصل الإلهيّ هذا يجعلها كلّها أكثر قيمة وأَولى بالثّقة. ثمَّة سلام عميق في هذه الثّقة في الأصل الإلهيّ، ثقة لا يستطيع العالم إعطاءها أبداً.
هذا هو عنوان موقعي على البريد اللاكتروني ومستعد للمناقشة والحوار
سلام ونعمة
……………….
عند بداية بحثي في موضوع التاله كما علم به آباء الكنيسة الجامعة الأرثوذكس عثرت علي هذا الكتاب الذي قدم لي اول الشرح و أتاح لي فرصة التعمق اكثر و اكثر
http://www.a-olaf.com/~olaf/Books/mass_explanation.rar
هذا هو رابط الكتاب ارجو تحميله و قراءة الصفحات من18 إلي 54 لنعرف راي الكنيسة السريانية بخصوص التأله و الأتحاد بالله و هو كلام واضح جدا جدا يكتبه نيافة المطران اسحق ساكا النائب البطريركي السرياني بالعراق مضمنا فيه اقتباسات عديدة من الليتورجيا السريانية
ببساطه شديدة اقرأ الكتاب المقدس!
يوحنا 10
30انا والآب واحد.
31فتناول اليهود ايضا حجارة ليرجموه. 32اجابهم يسوع اعمالا كثيرة حسنة أريتكم من عند ابي. بسبب اي عمل منها ترجمونني. 33اجابه اليهود قائلين لسنا نرجمك لاجل عمل حسن بل لاجل تجديف. فانك وانت انسان تجعل نفسك الها. 34اجابهم يسوع أليس مكتوبا في ناموسكم انا قلت انكم آلهة. 35ان قال آلهة لاولئك الذين صارت اليهم كلمة الله. ولا يمكن ان ينقض المكتوب. 36فالذي قدسه الآب وارسله الى العالم أتقولون له انك تجدف لاني قلت اني ابن الله. 37ان كنت لست اعمل اعمال ابي فلا تؤمنوا بي. 38ولكن ان كنت اعمل فان لم تؤمنوا بي فآمنوا بالاعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا ان الآب فيّ وانا فيه 39فطلبوا ايضا ان يمسكوه فخرج من ايديهم.
يوحنا 17
22وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحد كما اننا نحن واحد. 23انا فيهم وانت فيّ ليكونوا مكملين الى واحد وليعلم العالم انك ارسلتني واحببتهم كما احببتني 24ايها الآب اريد ان هؤلاء الذين اعطيتني يكونون معي حيث اكون انا لينظروا مجدي الذي اعطيتني لانك احببتني قبل انشاء العالم.
ﺭﻭﻣﻴﺔ 8
14لان كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله. 15اذ لم تأخذوا روح العبودية ايضا للخوف بل اخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب. 16الروح نفسه ايضا يشهد لارواحنا اننا اولاد الله. 17فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله ووارثون مع المسيح. ان كنا نتألم معه لكي نتمجد ايضا معه