أخبرني يا مَن تفتش بلهفةٍ عن تناقضات في كلمات الرب. هل أنت تفتش بقدرة الشريعة أو تفتش بروح العطية؟. لقد صرنا في المسيح شركاء الطبيعة الإلهية فكيف يعبِّر من تألَّه بالنعمة ونال استنارة الروح عن عطية الحياة بدون تناقضات الحياة. ألا تفهم أن العطية ليست شريعة مثل شريعة موسى، بل شريعة حياة تزيد فيها العطية بمرور الزمان وحسب قوة الشركة. لم نتألَّه في المسيح يسوع نفسه الذي حملنا في أقنومه المتجسد لكي نحيا حسب الشريعة، بل حسب الروح. ولذلك لم يقتل الرب تناقض الحرف والروح، وتناقض الحياة والموت، بل صلب الاثنين معاً لكي يصالح الأضداد.
قيامة الإنسان والكون في المسيح يسوع – المئوية الأولى
التعليقات
مواضيع ذات صلة
Related Posts
- مكانة الإنسان في المسيح يسوع
مكانة الإنسان في المسيح يسوع موضوع من الموضوعات الرئيسية في اللاهوت الأرثوذكسي، لذا يعرض الدكتور…
- الخليقة الجديدة في المسيح يسوع
أتشرف بأن أقدم لك أيها القارئ العزيز الجزء الأول من رسالة الدكتوراه كما قُدِّمَت إلى…
- الأريوسية - 4 المسيح يسوع له المجد في الأريوسية
للا تقف الأريوسية عند مساواة الابن للآب في الجوهر، ولكن هناك أمور أخرى تنطلق منها…
9 تعليقات
سؤال للدكتور جورج حبيب
بالرجوع إلى رقمي 15 و 51 ، من المئوية ، فإنني أرصد تناقضا واضحا بين كون القيامة هي هبة الحياة والبقاء والخلود بالشركة في الطبيعة الإلهية ، أي في الثالوث القدوس ، وبين مفهوم خلود الأشرار وقيامتهم التي بلا مجد .
هل توجد قيامة بمجد وقيامة بلا مجد ؟ هل يوجد نور منير ونور مظلم ؟!
أرجو الإيضاح إذا كان هناك التباس في المعنى أو مشكلة في الترجمة .
ليت الدكتور جورج يجيب على السؤال
مازلت أرجو الإجابة على السؤال .
تعليق على مجدي داود
لا يوجد أي تناقض بين الفقرة 15، والفقرة 51 – 52؛ لأن قيامة الأبرار ليست مثل قيامة الأشرار. قيامة الحياة الأبدية ليست مثل قيامة الدينونة. ولم يتكلم الأب صفرونيوس عن نورٍ يضيء ونورٍ معتم، فهذه العبارة لا وجود لها في النص، ولا يصح أن نستنطق النص ما لم يقله. يقول الرب أنه “عند انقضاء العالم يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم ويطرحونهم في النار. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان. حينئذٍ يضيء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم. من له أذنان للسمع فليسمع” (متى 13: 41 – 43)، والفرق بين قيامة الأبرار وقيامة الأشرار واضح لا يحتاج إلى شرحٍ أو تعليق.
أسرة الموقع
إنني أربأ بكم من أنكم تعتقدون بأن مفهوم القيامة هو مجرد ذلك المفهوم الكلاسيكي القديم – قدم الديانات الوثنية – الذي مفاده هو البعث والحساب ، وليس المفهوم المسيحي الذي يعني القيامة في المسيح التي هي قيامة الحياة ، والتي تبدو كشفا للمصير السلبي للأشرار الذين هم خارج المسيح فتبدو القيامة للذين في المسيح بالنسبة لهم ” قيامة الدينونة ” أي الكشف والافتضاح لواقعهم الذي هو الفناء الأبدي كمصير طبيعي لهم إذ قد رفضوا خلاص المسيح فرفضوا القيامة والحياة فيه . لايوجد قيامة للأشرار بل يوجد افتضاح لموتهم على خلفية قيامة الأبرار في المسيح .
القيامة قيمة إيجابية قد حرم منها الأشرار ، إذ قد انزلقوا إلى قاع السلبية أي العدم .
ملحوظة : لايوجد نص إنجيلي يفيد بمعنى ” قيامة الأشرار ” ، وأما النص الذي استعنتم به فلا يفيد مفهوم القيامة بل يفيد مفهوم إقصاء الأشرار من القيامة ، أي الإقصاء من العضوية في جسد المسيح الذي هو التعبير الأرفع والأعظم عن معنى ملكوت السموات .
الأستاذ مجدي داود
لا يوجد لدينا ذلك المفهوم الذي أشرت إليه، ولم يُكتب على أي صفحة من صفحات الموقع أي شيء عن البعث. أمَّا تعبيرك عن فناء الأشرار فناءً أبدياً، فهو تعبير غير معروف في كتابات الآباء الرسل، بل والآباء جميعاً بدون استثناء، وإذا كان لديك نصٌ واحدٌ، فعليك بتقديمه للفائدة.
أمَّا عبارتك: “لا يوجد نص إنجيلي واحد يفيد قيامة الأشرار”، فيبدو من ظاهرها أنك ترفض ما جاء في تسليم الكنيسة، وهذا شأنك. ولكن – حسب الاعتراف الإيماني – في قانون الإيمان، نقول: “وننتظر قيامة الأموات”، وهو تعبير عام يشمل الكل، ويرتكز على قول الرب: “فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة” (يو 5: 29). قيامة الأشرار للدينونة حقيقة؛ إذ لا يمكن أن تتم الدينونة بدون قيامة. وتعبير “قيامة الأشرار” تعبيرٌ كاشفٌ عن أن هؤلاء هم الذين فعلوا السيئات، وهؤلاء كما قال الرب نفسه عنهم: “فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياةٍ أبديةٍ” (مت 25: 46).
الإيمان لا يؤخذ من عبارة واحدة أو من نصٍ واحدٍ، أو آيةٍ واحدةٍ، لأن كل محتوى العهد الجديد يسير نحو أن قيامة الدينونة ليست مثل قيامة الحياة الأبدية، حتى دون أن يكون الفرق بين القيامتين، محلاً للتفصيل في العهد الجديد، ولا كتابات الآباء، لكن قيامة الذين فعلوا السيئات للدينونة تنفي الفناء الأبدي لأن هذه الكلمة بالذات لم ترد في العهد الجديد.
الله يشملنا جميعاً بالرحمة.
أسرة الموقع
الكنيسة – بالفعل – تنتظر قيامة الأموات ، ولكنه انتظار لأمر إيجابي – هو جوهر البشارة المسيحية – وهو ما أكده نص قانون الإيمان في العبارة التالية مباشرة :” وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي “
المنتظرون – هنا – هم أفراد الكنيسة ” جسد المسيح ” وليس من بينهم – بطبيعة الحال – أي أحد من الأشرار المقصيين عن جسد المسيح ، والذين ارتضوا مصيرا سلبيا هو الفناء ، لأن البشر بالطبيعة فانون ( بحسب أثناسيوس ) ، هل تريدون نصا أوضح من هذا ؟
هل هناك من رجاء في قيامة الحياة والخلود لمن هم بالطبيعة فانون ، وقد حرصوا أن يحتفظوا بهذا المصير الطبيعي ، حينما رفضوا العضوية في المسيح ، الذي هو القيامة والحياة ؟وإن كان من الممكن أ ن يقوموا من الموت فبأي قوة يقومون ؟ هل يستطيع أحد أن يقوم من الموت بغير الشركة في المسيح ؟ وإن كان الأمر هكذا فما الفرق إذن بين الذين في المسيح والذين في الجحيم ؟
الأستاذ مجدى داود
حضرتك لم ترد بعد على سؤال الأدمن لك وهو:
يو ٢٩:٥ ” فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة, والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة ” أذن هناك قيامة للدينونة وأخرى للحياة. فهل يمكنك انكار تلك القيامة التى للدينونة؟
ولتلاحظ ايضا أع ٦:٢٣” …….. انا فريسى ابن فريسى. على رجاء قيامة الاموات انا احاكم ” يتضح لك بان الرسول استخدم تعبير قيامة الاموات بدون تميز بين الاشرار والابرار كما كانت بالضبط عند الفريسيين. فلا فارق بين اعتقاد بولس الرسول وبين الفريسيين عن القيامة.
واما عن استخدامكم لتعبيرات جديدة كالقيامة كامر ايجابى للابرار, والمصير السلبى للاشرار, فهذا لا يخرج عن كونه الفاظ فلسفية لم توجد فى الأنجيل. ويجب علينا ان لا نحمل النص بما ليس فيه.
فعليك اذن ان تؤيد الفكرة المطروحة من جهتكم بايات من الانجيل صراحةً, تؤكد عدم قيامة الاشرار للدينونة والاكتفاء بمصيرهم السلبى. مع اننى لا اتفق معك فى استخدام تعبيرات جديدة تضاف لمفاهيم الانجيل.
وكم اود ان لا ننتهج منهجاً فكرياً فلسفياً, حتى ولو بدا مضبوطيته العقلية والمنطقية, لان هذا المسلك يضير بالحياة المسيحية, ليحولها لفكر فلسفى متناسق بحسب حكمة الناس والعقل الانسانى, لتضمر وتتلاشى كما تلاشت من قبلها الشيوعية مثلاً, بالرغم من المجهود الفلسفى الهائل الذى بذله سارتر وغيره على مدار سنوات كثيرة, فى محاولة الحفاظ على بقائها, إلا أن زوالها يؤكد ان البقاء للحياة المعبر عنها بكلمات, لندرك بان الكلمات لا يمكن لها ان تنشأ حياة.
الأخ مجدي داود.
لعلك تعرف أن الهرطقات جميعاً بدأت بعبارة واحدة، أو آية واحدة، ثم صارت هذه الآية الواحدة هي السكين الذي يفصل ويقطع وحدة التعليم.
القديس اثناسيوس لم يذكر مطلقاً “فناء الأشرار”، وإذا كان الشر يجلب الفناء؛ لتعذر فداء آدم، وتعذر فداء أسرى الجحيم.
إذا أخذت بكل ما جاء في كتاب تجسد الكلمة، وجدت الآتي: “أما إذا تعدوا الوصية وارتدوا عن (الصورة الالهية وهي الخير) وصاروا أشراراً فليعلموا أنهم سيجلبون الموت على أنفسهم ويبقون في الموت والفساد إلى الأبد .. موتاً تموت .. البقاء في فساد الموت إلى الأبد (تجسد الكلمة 3: 4 – 5 ص 8 – 9 ترجمة د. جوزيف فلتس). وبعد هذه المقدمة يؤكد القديس أثناسيوس أن الرب “تجسد لكي يخلصنا ..”. “خلق الله الإنسان وكان قصده (الله) أن يبقى في غير فساد .. أمَّا البشر .. فكروا في الشر وابتدعوه .. فقد حكم عليهم بحكم الموت .. وملك الموت عليهم. لأن تعدي الوصية أعادهم إلى حالتهم الطبيعية، حتى أنهم كما وُجدوا من العدم هكذا أيضاً بالضرورة يلحقهم الفناء بمرور الزمن .. دعوا إلى الوجود بقوة الكلمة وتحننه، كان طبيعياً أن يرجعوا إلى ما هو غير موجود .. الإنسان فانٍ بطبيعته لأنه خلق من العدم إلَّا أنه بسبب خلقته على صورة الله الكائن كان ممكناً أن يقاوم قوة الفناء ..” (تجسد الكلمة 4: 3 – 6).
ولكن، كما يظهر بعد ذلك من الفصلين الخامس والسادس أن آدم والجنس البشري لم يعد إلى الفناء، بل ساد عليه الفناء، وهو ما جعل القديس اثناسيوس يقول ان الوجه الأول هو الموت. أمَّا الوجه الثاني فهو “كان الإنسان العاقل والمخلوق على صورة الله آخذاً في التلاشي وكانت خليقة الله آخذة في الإنحلال” (تجسد الكلمة 6 : 1). ولكن “كان من غير اللائق أن تهلك الخليقة وترجع إلى العدم بالفساد، تلك التي خُلِقت عاقلة، وكان لها شركة في الكلمة .. من غير الجدير بصلاح الله أن تفنى خليقته بسبب غواية الشيطان للبشر” (تجسد الكلمة 6: 1 – 5)، ثم يعود ويؤكد عدم فناء الخليقة، مؤكداً أن هذا غير لائق بصلاح الله في الفقرة (6-7) من نفس الفصل، ويسأل القديس أثناسيوس: “أيترك الفساد يسيطر على البشر والموت ليسود عليهم؟ وما المنفعة إذن من خلقتهم منذ البدء؟ لأنه كان الأفضل بالحري ألَّا يُخلقوا بالمرة من أن يُخلقوا وبعد ذلك يُهملوا ويفنوا“.
الفناء لم يمس الجنس البشري بعد آدم، فقد ظل البشر على الأرض، ومن هؤلاء القابعين في “ظلال كورة الموت”، جاء الرب وتجسد، ولذلك يقول القديس أثناسيوس: “أما وقد خلقه (الله) وأتى به من العدم إلى الوجود، فقد كان سيصبح من غير اللائق بالمرة أن تفنى المخلوقات أمام عيني الخالق .. كان يجب أذن أن لا يُترك البشر ينقادوا للفساد لأن هذا يعتبر عملاً غير لائق ويتعارض مع صلاح الله” (تجسد الكلمة 6: 8 – 10).
ولذلك، الذي نُزِعَ لم يكن صورة الله، بل نعمة مماثلة صورة الله، فجاء المسيح الرب لكي يعيد للإنسان تلك النعمة ويرده إلى حالته الأولى .. “هو القادر أن يأتي بالفاسد الى عدم فساد” (7: 4 – 5)، مماثلة صورة الله هي قوام الشركة بين الله والإنسان؛ لأن الصورة هي كيان الإنسان، أمَّا “المثال” فهو طلب حرية الإختيار للإنسان أن يظل كذلك.
تخليد الفناء:
ورد التعبير مرة واحدة في (تجسد الكلمة 8: 2): “الموت قد (خلَّد الفناء) فينا وأنه من غير اللائق أن يبطل الناموس قبل أن ينفذ (يتم) وإذ رأى أيضاً عدم اللياقة فيما هو حادث بالفعل (خلود الفناء) وهو أن الخليقة التي خلقها هو بنفسه قد صارت في طريقها الى الفناء .. فإنه رحم جنسنا وأشفق على ضعفنا وتراءف على فسادنا، وإذ لم يحتمل أن يرى الموت وقد صارت له السيادة علينا لئلا تفنى الخليقة ويتلاشى عمل الله، فقد أخذ لنفسه جسداً” (تجسد الكلمة 8: 2).
كونية عمل المسيح الفادي:
يقول أثناسيوس” “وإذ كان الجميع خاضعين للموت والفساد، فقد بذل جسده عن الجميع .. هذا فعله من أجل محبته للبشر:
أولاً: لكي إذا كان الجميع قد ماتوا فيه (المسيح)، فإنه يبطل عن البشر ناموس الموت والفناء، ذلك لأن سلطان الموت قد استنفذ في جسد الرب فلا يعود للموت سلطان على البشر ..” (8 : 4). فقد رفعت الدينونة والموت عن الجنس البشري ولا يمكن أن يبقى للموت سلطان على البشر، فقد منع الكلمة سلطان الفساد “من أن يسري في جميع البشر بنعمة القيامة من الأموات” (9 : 1) لأن الرب رفع الموت فوراً عن جميع نظرائه البشر” (9 : 1).
ويبقى السؤال الحائر لدى كثيرين: وماذا بعد صلب الرب وقيامته وكونية القيامة لكل الجنس البشري بما فيهم الذين كانوا في الجحيم. ما هو مصير الأشرار؟ الجواب هو أننا لا نملك إزاء رفع حكم الموت وإبادة الفساد أن نعيد للأشرار ما هدمه الرب؛ لأن “الموت الذي دخل إلى العالم هدمته بالظهور المحيي الذي لإبنك الوحيد” (صلاة الصلح). وفي نفس السياق يكتب القديس باسيليوس الكبير: “كيف يمكن الاعتقاد بأن الدينونة تتم بدون الروح القدس، والكلمة الإلهية تشير إليه باعتباره جائزة الأبرار؟ ففي ذلك اليوم ينالونه بالكمال بدلاً من العربون (2كو 1 : 22 – 5 : 5) وبداية الدينونة في ذلك اليوم أيضاً تكون حرمان الخطاة مما أخذوه” (الروح القدس فصل 16: 24).
نحن لا نملك إلَّا أن نتمسك بما لدينا، ولو كان لدينا كلمات تؤكد فناء الأشرار، فليس من الصلاح ولا من المحبة أن نتعمد عدم ذكرها أو الإشارة إليها. وما ذكره القديس أثناسيوس هو عن الإنسان قبل المسيح، وكيف خلصت الانسانية من الفناء. أمَّا ماذا سيحدث في يوم الدينونة، فإن الآباء تركوا الحكم الأخير لمن هو الديان العادل ولم يشرحوا لنا شيئاً، ولا يجب علينا أن نجلس على كرسي الدينونة؛ لأنه خاص بالله وحده.
الموقع يرحب بكل مَن يسأل، ولكن الإجابة على السؤال يجب أن يكون في حدود ما سُلِّم إلينا، ولا يجب أن نكتب نحن أو أي من الأخوة والأخوات أي شيء دون أن يكون له مرجعية. أمَّا القفز على نتائج تُبنى على عبارة واحدة، فهو تصرف غير أرثوذكسي. والصبر والتأني والإلمام الكامل – على قدر المستطاع – هو ما يجب أن يكون الهادي لنا جميعاً.
أسرة الموقع