لم يكن لك عيدُ ميلادٍ

لعل الباحث المدقق يدرك أن ما يُعرَف بعيد الميلاد هو عيد تجسد ابن الله، أي اتحاد الألوهة بنا، بالناسوت. هذا الاتحاد الأبدي الذي تأكد بالقيامة من الأموات. فلماذا إذن نقف أمام ما ساد في ثقافةٍ شعبية احتوت على الكثير مما هو أوربي وما نلمحه في احتفالات الأخوة الكاثوليك والإنجيليين؟ التراتيل وشجرة عيد الميلاد، والشكل الممسوخ للقديس نيقولاوس محب الفقراء والأطفال، وكيف تحول إلى بابا نويل؟

أسكن في منطقة هادئة في انديانا، وكل الجيران من حولي أضاءوا الأنوار بأشكال وأنواع جميلة. وإن كنا لم نر الثلج بعد، ولكنك تسمع الموسيقى والترتيل في تجمعات ودكاكين تسعى وراء ما في جيبك من نقود …

          أين اتحاد اللاهوت بالناسوت؟ أين إخلاء الذات (فيلبي 2: 6)، وانسكاب محبة الله للبشر إلى حد قبول اللحم والدم البشري لاستعلان محبته؟

إن قبول أو رفض تاريخ عيد تجسد الرب، لا أساس إيماني له، ولا يجب الاندفاع نحو شق وحدة الكنيسة، بل على المهاجرين الأقباط أن يقبلوا تحدى سكنى جارٍ لهم لا يتكلم العربية ويحتفل بالعيد بطريقة غير مصرية، وبالتالي عدم الاستجابة إلى دعوات الانعزال التي يثيرها بعض الإكليروس الأقباط، فقد سمعت بنفسي قسًّا قبطيًّا أرثوذكسيًّا طلب من الحاضرين في عُرسٍ قبطي أن لا يسمحوا بالزواج من الأمريكيين. لم أناقش القس فيما قال، لأن قواعد التفضيل التي أبداها كانت قواعد عِرقية، وبالتالي لا مجال لبحث الجوانب الإنسانية الجيدة في حياة شعبٍ اختار الأقباط أن يسكنوا معه ويحملوا جواز سفر هذا الشعب، فهم ليسوا أكثر شرًّا منا ونحن لسنا أكثر قداسةً منهم. نحن نختار ما نحب، ويجب أن يكون الاختيار بحكمة الإنجيل لا بحكمة أي دهر أو شعب.

لقد زاد الصراخ حول تاريخ عيد الميلاد، ولكني لا أفهم أن يكون بين الصارخين أسقفاً أو قسًا يحمل بين يديه في صينية سر الشكر “الجسد المحيي الذي أخذه الرب من والدة الإله”، مؤكدًا ذلك بعبارةٍ تتوهج مثل شرارة نار: “أعترف إلى النفس الأخير …”، فهل يجوز له بعد هذا أن يرفع صوته شاكيًا مُتَّهِمًا قاضيًا على غيره؟

كل سنة وأنتم جميعًا بخير متَّحدين بيسوع

دكتور

جورج حبيب بباوي

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة