تعيش كنيستنا بين حقبةٍ امتد فيها تعليم الإرساليات الإنجيلية مع بقايا تعليم الإرساليات الكاثوليكية، وحقبةٍ نشأت داخل الحقبة الأولى، حيث بدأت بواكير دراسات الآباء تدخل حياتنا في دائرة محصورة في حياة الذين شُغِفوا بدراسة تراثنا الأرثوذكسي الذي أفاق بظهور كتاب “حياة الصلاة الأرثوذكسية” للأب متى المسكين، ثم بالترجمات العربية للآباء، وبالذات أثناسيوس وكيرلس الكبير.
والمراقب لواقع كنيستنا لا بد وأن يكون قد لاحظ دخول عناصر غير مسيحية، بعضها عن الفقه الإسلامي، وبعضها من تقليد الجماعات الإسلامية، وصار بعض الأساقفة والكهنة أمراء عوضاً عن أن يكونوا آباء.
دخل أيضاً التعليم الإنجيلي: دفع ثمن الخطية – معاقبة الابن على الصليب.
ولمَّا كان التعليم الإنجيلي يصطدم بالاختبار الليتورجي، وتعذَّر التوافق، ولما كان هذا التعليم يصطدم بما نُشر من كتابات الآباء، كان حرص الزعامة على مكانتها هو المحرك الأول، وليس البحث عن الحقيقة، لذا بات الصدام محتماً لكل من عرف سير الأحداث، وتم تسليط سيوف الاتهام:
أولاً: الاتهام بعدم دقة الترجمة من اليونانية.
ثانياً: الاتهام بالبروتستانتية.
ثالثاً: وهذه أكبر كذبة في التاريخ القبطي المعاصر، إشاعة القول بأن هناك تعليم للأب متى المسكين، أو جورج بباوي، وكأن لأيهما تعليمٌ خاص يختلف عن التسليم الكنسي المدون في مصادر المسيحية الأرثوذكسية. ونقول إن هذه أكبر كذبة في التاريخ القبطي المعاصر لأن الكذابين صدَّقوا أنفسهم ووقعوا في شَرَكِ كذبتهم عندما رفعوا راية الدفاع عن “تعليم قداسة البابا شنودة الثالث” في مؤتمر Dogma 4 الذي نظمته لجنة العقيدة القبطية الأرثوذكسية بأسقفية الشباب بالمركز الثقافي القبطي بالأنبا رويس بالعباسية 18 مارس 2017 بعنوان: “التأصيل الآبائي في تعليم قداسة البابا شنودة الثالث”!!!
هنا يكون السؤال الذي يفرض نفسه: ما هو الحل؟
والجواب: لا يوجد حلٌّ واحد، بل عدة حلول. من هذه الحلول:
1- المثابرة على نشر كتابات الآباء.
2- إعادة تأصيل التعليم على الأساس الأرثوذكسي، وهو الممارسة؛ إذ لا يمكن أن يكون الصَّلبُ دفعَ ثمن الخطايا، ثم نقوم نحن برشم الصليب، بل ورشم الصليب أثناء استدعاء الروح القدس، بل وضع 36 صليباً أو رشماً في مسحة الميرون، فلا يمكن أن يتفق رشم الصليب في الطقوس الكنسية مع فكرة أنه أداة للعقاب ودفع الثمن.
3- إعادة تأصيل أساس المسيحية الأرثوذكسية، وهو المحبة الثالوثية؛ لأن تناول الناسوت وحده في سر الشكر، يعني شركة في محبة المسيح الإنسانية فقط، وحرمان المؤمن من الشركة في المحبة الإلهية. كما أن الادعاء الكاذب بأننا نأخذ طاقةً، لا الروح القدس نفسه، يدعونا إلى إعادة كتابة أسفار العهد الجديد؛ لأن الرب يسوع لم يقل إن الآب سوف يرسل طاقةً، بل الباركليت. ونحن لسنا هياكل طاقة، بل هيكل الروح القدس.
يجب أن نثابر على كشف الخسارة الفادحة التي تحل بنا، إذا قبلنا التعليم السائد الشعبي الذي لا علاقة له بالمسيحية.