الذين خرجوا من السجون إلى مجلس الشعب، سكروا سريعاً بالسلطة، فخمر السلطة أقوى خمر عرفه الإنسان؛ لأنه يسقي الغباء ويروي بذار الكراهية ويطمس البصيرة.
يفيق سكران الكحول، أما سكران السلطة فلا يفيق إلاَّ على دويٍ هائلٍ لكارثة.
تلك هي سطورٌ من فصلٍ من فصول ما بعد الثورة. لقد فشلت اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور، وهذا الفشل يحفر لتيار الإسلام السياسي قبراً في مصر بيد جماعة الإخوان وما تفرع عنها؛ لأن كل قرار اتخذوه وكان مفتقراً إلى الذكاء محسوبٌ في النهاية على الدين والدين منه براء. لذلك، أرسلت رسالةً إلى د. سعد الكتاتني، رسالة شخصية في سطور قليلة، عنوانها لا تحفروا بأيديكم قبراً للإسلام السياسي، وتمنيت عليه أن يتنازل عن رئاسة لجنة كتابة الدستور لأيٍ من قادة الأحزاب، أو رجال القانون الدستوري، ولكن صوت العقل ضاع وسط ضجيج معارك السلطة.
هذه سطورٌ، وليست فصلاً، بل كلماتٍ في كتابك يا مصر.
من ناحيةٍ أخرى، تبقى الكنيسة بنت مصر التي سكرت أيضاً بصمتٍ دام ما يزيد على ربع قرن، أُخرِسَت فيه الألسنة، وواقعة مجلة مدارس الأحد خير دليل، فقد تم في صمت استبعاد كل المفكرين، ومن ثمَّ تكوين حفنة من أهل الثقة. عُدنا إلى آخر عهد عبد الناصر والسادات ومبارك: الثقة والولاء قبل المعرفة والخبرة .. صحيح – وبكل إعجاب دون ذكر للأسماء – أن بعض أهل الثقة خرجوا على القيادة، ولكن هؤلاء الخوارج ظلوا تحت حراسة أهل الثقة وتهديدهم.
هل تعلَّم المجلس الملي العام شيئاً من تجربة مصر بعد 25 يناير:
لا أريد أن أخاطب المجمع المقدس؛ لأن الذين أطلقنا عليهم اسم العلمانيين، وهم الشعب، هم أجدر الناس بالخطاب وأقربهم الى نبض الشارع المصري والواقع السياسي نفسه .. فهل أدرك هؤلاء أن حاجز الخوف انكسر، وأن الإعلام غير المنظور على شبكة المعلومات وما تفرع عنها، هو النبض الحقيقي لكل ما يجول في داخل الكنيسة، أم أن سكر الذين سكروا بالسلطة، أي سكر الغياب عن معايشة الواقع اليومي لحياة شعب الكنيسة، حال دون التعرف على ما يجيش بداخل صدور شعب الكنيسة؟
تبدو الكنيسة على أعتاب ثورة؛ لأن شرارة الثورة دخلت الحياة الكنسية، ليس فقط بواسطة شباب ماسبيرو، ولكن إلى جوارهم غيرهم من تجمعات شباب أصبحوا يحتفلون بالحرية خارج أسوار الكنيسة، أصبحوا يدرسون التاريخ والآباء واللاهوت، وقد تفوقوا على عدد كبير من الأساقفة، والصدام مع هؤلاء آتٍ لا محالة.
المقولة الأولى الشريرة جداً:
تلك المقولة هي أن البطريرك القادم هو مَن سيقوم بالإصلاح .. تلك جريمةُ قتلٍ لمن سوف يأتي؛ لأنه سوف يدخل على خرابٍ تام لمؤسسة كنسية عمرها 2000 سنة تم تدمير مؤسساتها وفي مقدمتها المجمع المقدس نفسه الذي لا يحترم قانونه، ولا يحترم حتى لائحة المجمع نفسه … وهو أكبر تعبير عن السكر بالسلطة الذي يدفع إلى ذات الغباء السياسي لسكارى السلطة الذين كانوا في غيبةٍ تامة، وظنوا أن تزييف انتخابات مجلس الشعب السابق سوف تعطي لنظام حكم الرئيس السابق مهلة يلتقط فيها أنفاسه، غير أن رياح الثورة لا تزال في مكامنها. والمعضلة الأكبر هي مستقبل مصر وضمانات الحرية، والمواطنة، والدولة المدنية.
رياح الثورة الكنسية الكامنة سوف تضرب بقوة ما صَمَتَ عنه عهد الأنبا شنودة الذي كبَّل نفسه بالإعلام (الكرازة)، ثم بمشروعاتٍ تصب لصالح زعامات الاكليروس وخلق أكبر ماساة في حقل الأحوال الشخصية، وحارب الثقافة الكنسية الأصيلة في شخص القمص متى المسكين، وحاصر نفسه بأهل الثقة على أمل أن يأتي واحد من هؤلاء لكي يبقى الحال على ما هو عليه.
أنتم يا رجال الكنيسة تحفرون قبراً للكهنوت، ولرسالة المسيح نفسه، تماماً بنفس أدوات الحفر التي صارت في يد سكارى السلطة.
كيف يمكن أن يتولى حكم البلاد والعباد مَن لا يحترم القانون، وكيف يمكن أن يأتي بطريرك من أهل الثقة لا يعرف عن القانون الكنسي أي شيء حتى يحترمه.
أقول لنيافة الأنبا باخوميوس القائمقام، وهو إنسان تقي طاهر لو كنت مكانك لفعلت الآتي:
أولاً: تكوين لجنة استماع للشباب – للآمال والطموح.
ثانياً: تكوين لجنة من رجال القانون لوضع دستور وقانون داخلي ينظم الحياة الكنسية – التعليم – النظام المالي – العضوية الكنسية – القضاء الكنسي – المعاهد.
ثالثاً: أن يطلب المجمع المقدس من الذي يرشِّح نفسه بأن يتقدم ببرنامج عمل يتعهد به إذا فاز بأعلى الأصوات.
رابعاً: تنظيم السكرتارية في المقر البابوي ووضع أهل الخبرة قبل أهل الثقة.
خامساً: إقامة صلاة جناز للذين حُرِموا منها: د. نظمي لوقا – القس دانيال وديع – القس ابراهيم عبد السيد – الأستاذ موسى صبري، وغيرهم.
سادساً: عودة الأساقفة الذين أُبعدوا عن كراسيهم والتحقيق في أسباب إبعاد هؤلاء.
لكن قبل كل هذا يا نيافة الأسقف الفاضل عليك أن ترسم معالم المستقبل لأقدم وأكبر كنيسة مسيحية في الشرق الوسط، بذلك فقط تكون أعظم من دخل التاريخ القبطي في العصر الحديث.
5 تعليقات
هذه الفسيفساء الرائعه التى رسمتها كما بريشه فنان بين واقع الوطن وواقع الكنيسه انما تدل على انك شاعر دوما بحال الناس وبانك طبيب تشخص الداء وتكتب الدواء فى تطبيب لمشاكل بل لنقل لامراض مزمنه وحاده فى نفس الوقت والمشكله فى الاذان الصاغيه هل موجوده واذا اصغت هل تقوم بصرف الدواء سريعا لتحسين حال المريض الذى هو نحن جميعا الشعب يئن منذ زمن وهم لا يريدوا التغيير خوفا على مكاسبهم هم يضحون بالام والجنين علشان يعيشوا هم بل يضحون بكل شىء من اجل اماكنهم ومكانتهم علهم يفيقوا من ثباتهم العميق وياخذوا العبر من ثوره يناير ولعل الشباب يفيق هو الاخر ويطالب بحقوقه المسلوبه التى اعطيت له من المسيح ذاته ومن اجل حياه افضل داخل الكنيسه والوطن ونضم صوتنا الى البنود السته التى ذكرتها ونضيف عليها حتى نرفع عنك الحرج كمطلب لكثيريين ان يردوا لك الاعتبار والمكانه الحقيقيه لك كارثوذكسى ولاهوتى اصيل نعلم نحن وكثيريين هنا وفى الخارج مكانتك الاكاديميه والعلميه والتعليميه .. ولعل الوقت حان لان نسمع بعضنا فى ديمقراطيه حقيقيه كانت الكنيسه الاولى اول من طبقتها.. قيامه مجيده
كثيرا جدا ما فكرت وتمنيت ان يتحقق ما قاله اشرف ونجد من يصغى لصوت روح الحق روح القداسة والعدالة ليبحث عن من هم تحت احكام جائرة صادرة عن قلوب حجرية ونفسيات سادية.اننا نبحث عن دماء جديدة تندفع فى شرايين الكنيسة فتكسح ما يعترض طريق بهاء منارة الاقداس المتمثل فى اعضاء جسدها المتقدس على الدوام بارتباطه برئيس الايمان رب المجد
هؤلاء ليسوا بسكارى ولكنهم اموات سواء الذين كانوا من اهل السياسة أم من رجال الكنيسة لذلك لن يسمعك منهم احد فهم كما قال الشاعر فيهم :
لقد اسمعت لو ناديت حيا لكن لاحياة لمن تنادى
وهم من قال عنهم الانجيل ان اذانهم ثقلت واعينهم قد اعميت حتى لايرجعوا فيشفيهم لقد اغلق عليهم فى العصيان والضلال
ياسيدى اين باقى اجزاء كتابك المهم ردا على البدع الحديثة المدعاة لقد توقفت عند الجزء الثانى وكنت وعدتنا بتسعة اجزاء
هل ترانا سوف نلحق بها قبل مجىء الرب ثم اين منافذ البيع فى الصعيد المنيا واسيوط مثلا اجبنا رجاء فى المسيح ولو على البريد الالكترونى ولك كل الشكر
للاسف الشعب القبطي ادمن التخلف وعينه مرضت ولا تستحمل نور الحق.حتي ولو استجاب المجمع او القائم مقام فالشعب يرفض الحق ويرفض ان يخرج من قوقعته وانحصارة في العباده الجسدانيه السهله فالسطحيه والتراخي جميل وومتع…ما هدم في 40 سنه لا ينصلح بقرار ولا بشخص..نحتاج رجال الله وزمن ومعونه وافتقاد الهي.