طلبتَ من تلاميذك “حجد الذات”. وفي مساء ذلك اليوم في العلية سلَّمتَ ذاتكَ في سر قربان جحد ذاتك، أعظم ما تجود به المحبة. قبل ذلك الحدث الجليل، أنذرت بطرس بأنه سوف ينكرك، ليس مرةً واحدةً، بل ثلاث مرات، ورغم ذلك -عند العشاء- لم تحتكم إلى معرفتك، بل إلى محبتك.
كان أبي الروحي يقول: إن المحبة تسبق المعرفة عند الناضجين، وعند الله، تحكم المحبة قبل المعرفة. ورغم أنك حذَّرت بطرس، إلا أنه سقط، وقبل سقوطه الذي كنت تعرفه، قدَّمت له جسدك ودمك، لذلك علَّمتنا أُم الشهداء أن نصرخ: “كرحمتك يارب وليس كخطايانا”. وكان شيوخ البراموس قد أضافوا عبارة “في يوم الدينونة” إلى كلمات الرسول يعقوب: “الرحمة تفتخر على الحكم”.