في مصر معادلة سياسية ظاهرة، فالأقباط ليسوا أقليةً عرقية تنتمي إلى جماعاتٍ استوطنت وادي النيل، بل هم جزء لا يتجزأ من شعب مصر. هم أقلية دينية، نعم وهذا لا يحتاج إلى برهان، ولكن التحام الأقلية، أيِّ أقلية، في أي مكان في العالم، بالحراك الوطني كفيلٌ بدمجهم في الأكثرية، بحيث لا يمكن تمييز من منهم ينتمي إلى الأغلبية، ومن منهم الذي ينتمي إلى الأقلية. وهذا هو ما حدث في أكثر من لحظة تاريخية في حياة الشعب المصري، أقربها ما حدث في 30 يونيه 2013.
في هذا الإطار، يجب أن نفهم القرار الجمهوري الصادر أخيراً بتشكيل اللجنة المركزية العليا لمواجهة الأحداث الطائفية، باعتباره قرارٌ من أجل مصر لا من أجل الأقباط.
وفي ذات الإطار أيضاً، أقول للأقباط المسيحيين إن الانكفاء على الذات والاحتماء بالكنيسة وقيادتها الدينية، خطرٌ يقلِّصُ دور الحراك الوطني في مواجهة معركة البناء والحرية والتقدم.
بدايةً، الشكر واجب لرجلٍ صادقٍ مصريٍّ مسلم أمين هو السيد رئيس الجمهورية، فقد عبَّر عما يجيش في قلوب الغالبية من المصريين من قلق صحيح على مستقبل هذا الوطن، نتيجة ما مر به من أحداث، سواء في محافظة المنيا، أو سيناء، فقد فيها هذا الوطن بعض أبنائه الغوالي من المدنيين ومن أفراد القوات المسلحة أو الشرطة.
غير أن هذا القرار الحكيم، يثير بعض أسئلةٍ فيما له شأن بكيفية تفعيله: هل سوف تتعقب هذه اللجنة كل يد تسهم في صنع حدثٍ من هذه الأحداث، أياً كان صاحب هذه اليد؟ وهل سوف تلاحق المقصرين فيما يجب اتخاذه من إجراءات تمنع مثل هذه الأحداث؟ هل يحق لأيٍّ كان التقدم لهذه اللجنة بشكوى أو مظلمة بخصوص أي حادث من هذه الحوادث؟ لذا، نحن ننتظر شيئاً ما من قبيل بعض القواعد التي تضع هذا القرار موضوع التنفيذ. وهنا أقدم للسيد الرئيس وكل من يحمل مسئولية أمن مصر، اقتراحاً، وإن جاء في صورة سؤال: هل هناك ضرورة إلى عودة ما كان يسمى “الحرس الوطني”، الذي كان له دور معروف حتى 1956 ولكنه ذاب في تاريخ التحول الاجتماعي والعسكري في أعقاب حرب السويس؟
أن يتولى الحرس الوطني، أو المقاومة الشعبية، أياً كانت التسمية، دعم رجال الأمن الوطني في حرب مصر على الإرهاب، أمر أرى أنه جديرٌ بالدراسة، والله الموفق.