يقول القديس سمعان اللاهوتي الحديث المنتقل السنة الـ 1022 كما إن حواء أصبحت بعصيانها سببا للموت ووقعت في الخطيئة، وكما بخطيئة واحدة صار الحكم على جميع الناس للدينونة، هكذا بطاعة العذراء ابنة داود صارت الحياة إلى جميع الناس. وهي بالتالي كلية القداسة، حواء الجديدة، أمنا للحياة بالذي قدسها أي الكلمة المتجسد منها”.
والدة الإله
التعليقات
مواضيع ذات صلة
Related Posts
- عن التجسد
التجسُّد يمثل قلب وجوهر الديانة المسيحية. ولأن الله قد أعلن عن نفسه في الطبيعة الإنسانية،…
- صعود المسيح
صعود ربنا يسوع بالجسد الذي جاز به الولادةَ الناسوتية، والذي به ذاق الربُ الموتَ، ثم…
- الظهور الإلهي
يُسَمّى حدث معمودية المسيح على يد يوحنا السابق في نهر الأردن الظهور الإلهي (Theophany -…
تعليق واحد
الثيئوتوكوس ( Theotokos )
1- سؤال مشروع
. بالتأكيد إن مضمون المصطلح هو أن أمنا العذراء مريم هي والدة الإله المتجسد ، هي أم الرب ، هي أم يسوع المسيح ، ولكن هناك سؤال – أعتقد بمشروعيته – قد راودني كثيرا : ألم يكن من دواعي دقة الصياغة اللاهوتية أن يكون المصطلح في هذه الصيغة البديهية ” والدة الإله المتجسد ” ؟ أو أن يكتفى بالصيغة الإنجيلية الواردة على لسان القديسة أليصابات ، صيغة ” أم الرب “؟ ، أو صيغة ” أم المسيح ” .
. وبالتأكيد ، أيضا ، لم يكن في ضمير القديس كيرلس الأول عامود الدين ، الذي كرس هذا المصطلح في ملابسات مجمع أفسس – ومن قبله كثيرون قالوا به مثل أوريجينوس و أثناسيوس ويوحنا ذهبي الفم ، وغيرهم – غير هذا المضمون . إذن ، فلماذا كان من الضروري التشبث بهذا المصطلح الذي – شئنا أم أبينا – هو مثير للجدل ؟
2- المشكلة
. اقتطاع ” الحدث ” من سياقه التاريخي الأشمل وتأويله بما يتفق مع الهوى ، هو تدليس فكري يصل إلى حد الجريمة ، وأما اقتطاع ” مصطلح ” من سياقه التاريخي فهو جريمة أعظم . هذا هو ماقد يحدث مع مصطلح ” الثيئوتوكوس ” .
. نتيجة عزل المصطلح عن نشأته التاريخية ، هي أمران يمثلان موقفين غير موضوعيين ، وهما في الواقع متناقضان :
1- موقف محبي العذراء مريم ومريديها ، وهم كثر ، الذين وجدوا في ” الثيئوتوكوس ” ضوءا أخضرا لمزيد من التكريم والتعظيم لشخصية لايختلف على تطويبها إثنان . رومانسية الحب المريمي ( إن جاز التعبير ) أطلقت العنان للغة التمجيد الشعري وللغة المديح . ولأن للشاعرية قانونها وفقها فقد وصلت الرومانسية إلى خطوط بعيدة تكاد يرى من بين موجاتها ” مركزية مريمية ” ( إن جاز التعبير ) فوضعت العذراء – أحيانا في موضع – تأويلي للنص الكتابي – لاينبغي أن يتموقع فيه غير المسيح .
2- موقف الرافضين الذين يجدون في ” الثيئوتوكوس ” والدة الإله ” مايوحي بلاهوت مريمي ، أو بعبادة العذراء ، أو على أقل تقدير ، مايوحي بنوع خفي من الشرك الذي يجعل من العذراء بداية للوغوس .
3- السياق التاريخي
. ولكن بالعودة إلى السياق التاريخي ، نكتشف حقيقة هامة جدا وهي أن تكريس ” الثيئوتوكوس ” من قبل البابا كيرلس ، على خلفية مجمع أفسس ، لم يكن في سياق مركزية الحديث عن العذراء ، فلم يكن صراع القديس السكندري مع نسطور قائما بخصوص شخص القديسة مريم ولكن بخصوص شخص ” المسيح ” ، فقد كان المضمون الخريستولوجي لدى نسطور ، مشوها بل خاطئا وهرطوقيا بالمطلق .لم يكن مفهوم ” الشخص ” متبلورا لديه ، فبدت الطبيعة البشرية في عزلة عن اللاهوت .
. لذلك فإن ماحاجج به نسطور بأن العذراء هي ” أم المسيح ” ( Christotokos ) هو ” قولة حق ، يراد بها باطل ” ، فلم يكن مقصد نسطور سوى أن العذراء هي أم للإنسان يسوع المنعزل عن اللاهوت ، بمعنى آخر ، أكثر وضوحا : هي أم لأحد الطبيعتين المتصاحبتين ، وليست أما لشخص مركزي واحد .
4- عبقرية المصطلح
. تكمن عبقرية المصطلح في كونه تحديدا عمليا ، كاشفا لعمق مفهوم ” الاتحاد الأقنومي ” ( Hypostatic Union ) ، الذي يكرس وجود شخص الرب يسوع ، المحقق من عنصرين : الله الكلمة ، والإنسان الكامل .
. مايعنيه الاتحاد الأقنومي المعلن في شخص الرب هو أن الله قد ظهر في الإنسان بالقدر الذي ظهر به الإنسان في الله ، بدون أن يفقد الله ألوهته لحساب الإنسان أو أن يفقد الإنسان إنسانيته لحساب الله .حالة من الضمنية المتبادلة والاحتواء ( التواجد ) المتبادل بين لاهوت الكلمة المتجسد ، وناسوت الكلمة المتجسد .
. قدم القديس كيرلس عامود الدين نموذجا تمثيليا – عبقريا أيضا – لمفهوم الاتحاد الأقنومي ، إذ استعان بالشخصية الإنسانية كمثال ، فالشخص الإنساني قائم بفضل الاتحاد الأقنومي بين عنصرين : النفس والجسد . ولاوجود لأي منهما مستقلا عن الآخر ، فالفصل هو الموت . النفس هي التعبير المعنوي عن الإنسان أما الجسد فهو التعبير البيولوجي عن الإنسان .
. وإذا أردنا أن نبني على النموذج الذي قدمه القديس السكندري ، فإننا نستطيع أن نقول بأنه في لغة الكتاب المقدس ، في أحيان كثيرة ، يجوز الحديث عن الشخص الإنساني باستعمال الإشارة إلى أحد العنصرين فقط ، فالإنسان كتابيا هو جسد ، ” فالكلمة قد صار جسدا “( يو1 : 14 ) أي صار ” لحما ودما “( sarx ) ، صار إنسانا . وكتابيا أيضا ، الإنسان هو ” نفس ” ، ” فقد صار آدم نفسا حية “( تك2 : 7 ) ، أي صار إنسانا .
. إذن ، مفهوم الشخص يعني أن أي عنصر من العنصرين اللذين يحققان وجود الشخص – من خلال الاتحاد الأقنومي ( الشخصي ) – هو – من الوجهة اللاهوتية الإنجيلية – قادر على استعلان الشخص كاملا ( بعنصريه ).
. وإذا كان الرب يسوع هو إله كامل وإنسان كامل بآن ، في اتحاد شخصي، فهذا يعني ببساطة أن وليد العذراء هو الله الكلمة ، وهو الإنسان الكامل ، بآن واحد . ويعني أيضا أن النقطة الحاكمة ، الكاشفة لحقيقة وجود اتحاد اقنومي بين الله والإنسان ، من عدمه ، هي قدرتنا على التعبير عن الشخص باستعمال أحد العنصرين فقط ، هي قدرتنا أن نقول أن العذراء هي ” والدة الإله ” . هذه هي عبقرية مصطلح ” الثيئوتوكوس ” .