على المستوى الوطني، طويلةٌ هي قائمة الكتب، بل والروايات والأغاني التي مُنعت. وبالرغم من نشر أهرام الجمعة لرواية نجيب محفوظ “أولاد حارتنا”، فقد تم منع الكتاب بعد ذلك في مصر إلى أن تسرَّبت بعضُ نسخٍ من الطبعة اللبنانية.
وسرت العدوى لبعض الإكليروس القبطي، فصدرت قرارات منع كتاب “أقوال مضيئة”، والترجمات العربية لكتب عالمية للأب كونيارس، ومنع كتب الأب متى المسكين من معرض الكتاب القبطي بعد أن حُرِقت في فناء الأنبا رويس، وطبعاً مُنعت كتب كاتب هذه السطور.
نحن إذن أمام حركة لانهيار حرية الفكر واحترام الرأي الآخر، وهو أمر يفتح الباب للقضاء على الحياة في مرحلة تالية، ولا يخلو التاريخ من حوادث تؤكد هذا التسلسل. يكفي أن نشير في التاريخ الحديث إلى ما فعله حرس هتلر الحديدي عندما أشعل النار في الكتب، فكان ذلك بمثابة مقدمة لحرق البشر الذي حدث بعد ذلك بقليل في معسكرات الاعتقال، وكنا قد أشرنا إلى حوادث قتل الشيخ الذهبي ود. فرج فودة، ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ. على أنه وإن كان حرقُ البشر جسدياً عندنا غير وارد، إلا أن حرقهم معنوياً ممكنٌ، وهو ما يُمارَس باسم الهرطقة ومخالفة تعليم الكنيسة عملاً بالشعار القديم: “أنت عدو نظام الحكم” في صورته الحديثة: “أنت مخالف لتعليم الكنيسة”.