عندما تسود الكراهية، تتحول أبسط الأمور إلى خلاف قد لا يستدعي فقط الغضب، بل الخصام والقطيعة.
الممارسات ليست عقائد
رشمُ الصليب عندنا ينتهي من الشمال إلى اليمين، ولهذا معنىً جميل، وهو أننا عن يمين الآب. وعند الروم الأرثوذكس ينتهي من اليمين إلى الشمال؛ لأن القلب في شمال الصدر، والروح القدس يسكن في القلب. هذا أيضاً معنى جميل. العقيدة هي رشم الصليب، ولكن الممارسة هي حرية الاختيار.
دخولنا الهيكل حفاة، أمرٌ شاهده يوحنا كاسيان في الإسقيط في القرن الرابع؛ لأن الهيكل هو استعلان الثالوث، كما استُعلن يهوه في العليقة وخلع موسى نعليه؛ لأن خلع النعل هو اعترافٌ بأن الله ملكٌ. عند السريان والأرمن والروم لا توجد هذه الممارسة. ولكن الهيكل عند الكل، هو هيكل رب القوات الذي يسكن في وسط الكنيسة. هذه ممارسة قبطية خاصة تعبِّر عن تقوى عميقة وإحساس قوي بحضور الثالوث. وهذه ليست عقيدة رغم وجود سبب إيماني خلفها.
الصوم قبل التناول هو ممارسة تختلف من كنيسة إلى كنيسة. هذه ممارسة ولكن التناول نفسه عقيدة.
تناول المرأة هو بدوره ممارسة وليس عقيدة. إذا تحول إلى عقيدة، فجَّر هذا التحول تلك الانفجارات الشيطانية، التي لم يدرك الذين أشعلوها أنهم يهدمون السرائر .. سر المعمودية – سر الميرون – سر الإفخارستيا؛ لأننا نتقدس جسداً وروحاً رجالاً ونساءً بهذه السرائر.
متى نفيق من هذه الضربة الشيطانية لكي نميَّز بين ممارسة وعقيدة. الإيمان ثابت والممارسات هي التي تتغير. لم يكن لدينا صوم يونان حتى جاء بطريرك سرياني هو إفرام بن زرعه وجلس على كرسي مار مرقس، وأدخل الصوم الذي أبطله البطريرك أغناطيوس يعقوب الثالث في كنيسة السريان.
الصوم ليس عقيدة، بل ممارسة؛ لأننا عندما لا نصوم في أيام الخماسين، هل نكون قد تركنا الايمان، أو نعيش بلا عقيدة.
الرب ينزع البغضة من قلوب حافظي البغضة.
د. جورج حبيب بباوي
2 تعليقان
إيضاح لهدف نبتغيه جميعاً
———————————–
ولذا نسأل … هل القصد من المقال .. هو التقارب الكرازي التنظيمي الواجب بين الكنائس المختلفة, على أساس من العقيدة الصحيحة المشتركة التي لجميعها, والتي لا يسيئها ولا يفرقها أختلاف الممارسات والطقوس الكنيسة فيما بينها؟؟! فإن كان هذا هو الهدف فهو محمود بل ومرغوب أيضاً لحل الإشتباك الذي حدث بكثرة تراكم الحرومات بين الكنائس متحدي العقيدة مختلفي الممارسات والطقوس, لأن الإختلاف في الممارسات الطقسية لا يحرم من الخلاص, إن كانت العقيدة صحيحة راسخة بيسوع المسيح وبالحياة الاخرى التي لنا فيه, ليصرخ الجميع برجاء واحد, “لا مكان لبولس أو لابلوس أو لصفا, فحقاً نحن جميعاً للمسيح.” وبهذا يكون المقال خطوة محببة لكل النفوس المخلصة في طريق الوحدة.
أما إن كان المقصود تصحيحاً لاهوتياً … لتثبيت الفصل اللاهوتي بين العقيدة والممارسات, وبين عقيدة الجماعة الواحدة وممارساتها الطقسية, فهذا أمر يحتاج للمراجعة اللاهوتية الدقيقة, لأن تباين طبيعة الأشياء وأختلافها, لا يفصل وحدة عملها المشترك معاً!! فمن المؤكد بأن طبيعة العقيدة تختلف تماماً عن طبيعة الممارسات والطقوس الكنسية, بل قل بأن كل شئ في الكنيسة يختلف في طبيعته عن بعضه البعض. إلا أن هذا لا يكون مدعاه للفصل والتمييز المفرق لوحدة المجتمع الكرازي الواحد في المكان الثقافي الواحد, لأن العقيدة والطقس المعبر عنها في وحدة عمل مشترك مع بعضهما البعض ولا يمكن فصلهما على الإطلاق!
ولذا فالجماعة الواحدة في البيئة الثقافية الواحدة, تتميز بممارسات وطقوس خاصة بها, تتحد في وحدة العمل الواحد مع عقيدتها!! وهذا يؤكده التباين الواضح للعادات والتقاليد التي للأفراد في البلدان المختلفة, بحسب التنوع الثقافي من بلد إلى آخر, فلكل بلد له مقومات ثقافية خاصة به, تفرزها ترجمات العقيدة المنصهرة في حياة المؤمنين, لتخلق الممارسات الطقسية المعبرة تماماً عن أعماق قلب وعقل شعب المسيح في هذا البلد المعين, وهذا التنوع الإختلافي لا يعيب الممارسات الطقسية بين الكنائس المختلفة, ولا يعيبها أيضاً تبعيتها ـ بصورة ما ـ للبيئة الثقافية الخاصة المفرزة لتلك الممارسة الكنسية, لأن جميعها تصب في ذات المحتوى العقيدي الواحد الذي خرجت منه, بغليانها في بوتقة حياة شعب الكنيسة, الذي بأرشاد الروح القدس نظم طقوسه المعبرة عن مكنون قلبه, لتعمل مع أعتقاده بلا أفتراق في وحدة العمل والهدف الواحد, لذا لايمكن أن تكون أختيار وممارسة الطقوس بحرية الأختيار الشخصي, بل هي مسؤلية المجمع المقدس وحده لتقرير أنظمة ومحتوى الممارسة الكنسية النابعة من عقيدة الكنيسة وتاريخها المحلي, والمنسجمة في ذات الوقت مع ثقافة المجتمع العام وثقافة أفراد الجماعة, ولذا فالجماعة الكنسية الواحدة لا يسعها سوى الأنصياع التام للممارسة الكنسية المقررة, فتلتزم بها أشد الألتزام, ولا يسعها تغييرها أو تبديلها بممارسة أخري مهما كان التفسير اللاهوتي لها, لأنه في النهاية … فجميع التفسيرات اللاهوتية للطقوس كلها صحيحة وجميلة ومقبولة, إلا إنه ليس لجميعها ذات وحدة العمل والهدف مع عقيدة الجماعة المحلية, لأختلاف الثقافات والعادات التي لشعوب الأرض المختلفة, لذا لا يمكن على الإطلاق الفصل بين العقيدة وممارسة الطقوس بالنسبة للجماعة الكرازية الواحدة في البيئة الثقافية الواحدة, لأن وحدة العمل والهدف المشترك بين العقيدة والطقوس تمنع ذلك تماماً, وإلا إنهارت المنظومة الكنسية العاملة في الوسط الكرازي.
فالفرد الواحد يعمل ما يعتقده بممارسات قناعات حياته المتنوعة, ولا يجوز فصل معتقد الفرد عن ما يعمله من ممارسات حياتية, لأن هناك من وحدة عمل قائمة بين الممارسات وبين الأعتقاد!! وهذا قائم بلا شك بالرغم من أختلاف طبيعة الممارسة مع طبيعة الأعتقاد, فالأثنان على أختلاف تام في الطبائع, إلا إنه لا يمكن على الإطلاق فصلهما عن بعضهما البعض, فما يعمله الإنسان من ممارسات هو في وحده تامة مع ما يعتقده! ولا يمكن التفريق فيما بينهما على أساس أختلاف طبيعتهما, فوحدة العمل والهدف تجمع الممارسات مع العقيدة بلا أي فاصل وبلا إفتراق بالرغم من أختلافهما المنطقي الفلسفي!
الأخ سوستانيس
أنتظر دائماً أن تكتب لأن الرصانة والأمانة والمحبة طابع يميز ما تكتبه.
أولاً: كان ولا زال لدينا كم من المهاترات الأسبوعية حول ممارسات مثل المرأة الطامث. يحاول الذين يكتبون أن يجعلوها عقائد ونشط إعلام الفضائيات في الهجوم على الأب يوئيل المقاري وكان لي بعص النصيب. ما يحدده أي قانون كنسي عن أي ممارسة يجب أن تستند الى الإيمان والى العقيدة فإذا تعارضت الممارسة مع الإيمان وجب علينا الحكم عليها بالخطأ. أمس نشرت مسيحيو مصر طعناً في رسامة قداسة البابا تواضروس الثاني بدعوة أنه رسم مرتين. ومنع رسامة قس أو أسقف مرتين له سبب خاص باستيلاء على ايبارشيات ونزاع حول حدود الايبارشيات كما هو معروف في مصادر التاريخ الكنسي ورسامة قداسة البابا شرعية ولكن مسيحيو مصر عن عمد تجاهلت أن ذات طقس تجليس البابا شنودة هو نفسه طقس تجليس البابا تواضروس الثاني ولكن خلق حالة من البلبلة والشك والريبة يحركها ثلاثة من المطارنة – بكل أسف – أصبحت تحتاج الى وقفة معهم ومع واحد منهم هو المسئول عن كل هذه الزوابع وقد نسى الذين طعنوا أن النية والإرادة وعزم القلب هو ما يعطي لكل الطقوس شرعيتها وأن هدف الصلاة كان هو تجليس الأنبا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية ولكن تجاسر كاتب الخبر على أن يصدر حرمان من فم الثالوث على البابا وعلى نيافة الأنبا باخوميوس فصار الكاتب هو مجمع واختلس لنفسه الحق الذي لا يملكه سوى المجمع لمجرد أنه توهم أن خطأ ما جعل تجليس البابا تواضروس الثاني هو رسامة .. هذا هو مستنقع العصر الوسيط الذي يريد الذين ملأهم الشيطان بالعداوة زج الكنيسة فيه.
د. جورج حبيب بباوي