الروح القدس .. النهر العظيم الذي لا يستطيع أحد أن يسبر غوره، وهو المنظر الذي رآه حزقيال وهو يتنبأ عن هيكل العهد الجديد (حزقيال 47: 1-12). ويحتل اصحاح 47 من حزقيال، مكانةً خاصةً في كتابات الآباء، وتقرأه الكنيسة كنبوة عن اللقان وعن معمودية المسيح. ذلك أن أهم ما جاءت به المسيحية هو سكنى الله في البشر: “ها أيام تأتي يقول الرب وأقطع مع بيت اسرائيل .. عهداً جديدًا، ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم…” (أرميا31: 31-34). ويحتل عيد العنصرة أهمية كبيرة تشير إليها الكنيسة في آخر كل قداس عندما يرشُّ الكاهنُ المياه بعد التناول كرمز للنهر الذي يخرج من تحت عتبة البيت من تحت جانب البيت الأيمن عن جنوب المذبح: “وإذا بنهر لم أستطع عبوره لأن المياه طمَّت، مياه سباحة نهر لا يُعبَر” (حزقيال47: 1-5). ذلك أن رش المياه إشارة إلى تحقيق حلول الروح القدس الذي يغمر الكنيسة والذي لا تستطيع الكنيسة أن تدرك أعماقه.
وفي عيد العنصرة نحن ننضم إلى الرسل القديسين بالشكل الذي تعبِّر عنه الكنيسة في الطِّلبة الثانية في صلوات السجدة: “ليأتِ علينا روحك القدوس. الذي أرسلته على تلاميذك في هذا اليوم الخمسيني .. فامتلأنا نوراً من قبل لهيب روحك القدوس وخلصنا من ضلالة الظلمة باتحادنا بالألسن النارية المتفرقة” (كتاب السجدة 1971 ص 278).