في هذه المحاضرة يعلق الدكتور جورج حبيب بباوي على الأحداث الجارية حالياً في مصر، ويبين مدى صحة موقف قيادة الكنيسة القبطية بتوجيه الشعب القبطي بعدم المشاركة فيها انطلاقاً من نص رو 13: 1- 7. كما يجيب عن سؤال عن وسائل الاحتجاج في الكنيسة طبقاً للقانون الكنسي.
تعليق الدكتور جورج حبيب بباوي على الأحداث الجارية في مصر
التعليقات
مواضيع ذات صلة
Related Posts
- حرمان جورج بباوي نكسة للفكر في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
قامت القيادة الكنسية القبطية في الآونة الأخيرة بفصل (حرم – قطع) د. جورج حبيب بباوي…
- ما هي طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة في الزيجة المسيحية، وكيف يمكن أن نحافظ على الأسرة القبطية في مواجهة الأخطار التي تهددها
ملف صوتي يتحدث فيه الدكتور جورج حبيب عن ما هي طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة…
- تأملات في الصوم
صوم النفس، أو صوم العقل، أو صوم القلب هو صوم الحياة العقلية والنفسية، صوم الفكر…
11 تعليق
نشكر لك يا دكتور جورج مجهودكم – بالرغم من كل مسؤلياتكم الكثيرة التى تثقل كاهلكم – ومشاركتكم الفعالة لكل أختبارات الشعب القبطى للأحداث الجارية بمصرنا الحبيبة ……
وأود أن أشارككم ببعض الأفكار التى ربما كانت ضرورية وملحة فى تلك الظروف الراهنة.
أولاً: بالفعل يجب على الكنيسة عدم التدخل في خروج المتظاهرين سواء بالسماح أو بالمنع, لأنه بالحق يجب الفصل بين الكنيسة والدولة – كما تفضلتم وذكرتم مراراً وتكراراً.
وحتى أنه كان من الضرورى تغيير صياغه التأييد الباباوى للرئيس – الذى خرج ألينا ذات صباح – الى صياغة صلاة من أجل سلامة الرئيس مبارك. لأن الكنيسة تصلى من أجل الرؤساء ( فأطلب أول كل شئ أن تقام طلبات وصلوات وأبتهالات وتشكرات لأجل جميع الناس. لأجل الملوك وجميع الذين هم فى منصب لكى نقضى حياة مطمئنة هادئة فى كل تقوى ووقار.) ١تيمو ٢: ٢,١ فبولس الرسول هنا يؤكد أن الكنيسة تطلب وتصلى وتبتهل وتشكر من أجل الرؤساء. ولكنها لا تؤيد. حتى لا تتحول الكنيسة الى مؤسسة سياسية من مؤسسات الدولة. وهذه هى الحرية التى أرادتها الكنيسة لنفسها, أن لا يحتكم فيها من أحد.
ثانياً: خروج الشباب إلى المظاهرات جاء خروجاً عاطفياً غير مدروساَ وغير مستند على أساسات ورواسخ فكرية ذات رؤية مستقبلية لما يمكن أن يحدث, لذلك أطالب بتوفير مجالس للحكماء السياسيين العلمانيين – بعيداً عن العمل الكهنوتى تماماً – فى الكنيسة من أجل توفير وتقديم النصيحة السياسية المناسبة لشبابنا بدون تحديد مسارات واتجاهات أجبارية, عن طريق تقديم تحليلات سياسية رفيعة المستوى لتربط كل الأحداث الراهنة ببعضها البعض, ليتثنى سهولة الرؤية الأستقرائية للأحداث. ليكون شبابنا حراً وقادراً بعد ذلك فى أختيار ما يناسبه ويناسب تطلعاته المستقبلية, سواء ان خرج للتظاهر أو فضل السكون لعدم توافر رؤية مستقبلية واضحة لشعبه, ليتحدد مصير الشعب القبطى بأزدياد الأدراك الفكرى لرؤية الهدف, وليس بأزدياد عدد المتظاهريين وحسب.
ومؤقتاً سلام ونعمة إلى حين نلتقى فى نقاط أخرى.
سوستانيس
Thanks for this speach god bless you it needs mature believers and I think we are on the track to wake up but we need to pray for the non believer christians – that were made ignorant by their shepards – lord have mercy Nagui
الكنيسة تمشي مع المثل العالمي
اللي نعرفه احسن من اللي منعرفوش
وهذا توجه غير-ايماني – على الاطلاق
فنحن نؤمن اننا لابد ان نسعى للعدالة والحق وان نكون في
المقدمة لطلب هذا الامر لاننا بطبيعة الحال نور العالم
لكننا ان لم نكن نحن نور العالم فالظلام كم يكون؟
ايضا كان تخوف الاقباط هو من سيطرة الاسلاميين المتطرفين
للحكم في مصر
فالسئوال اذن الان
هل نرحب بشر موجود على اساس ان المجهول قد يكون اشر
الاجابة على هذا السئوال ستعتمد على مدى ايماننا
هل نؤمن بوجود الله وانه معنا ويساندنا في مطالبنا بالحرية والعدالة
وهل المستقبل يتشكل بدون سماح الله وخارج نطاق سيطرته؟
وهل طريقة تفكيرنا هي مجرد الهروب من الاضطهاد الديني والضيقة
ام انه يجب ان نتشجع ونترك الخوف عننا ونتقبل اي اضطهاد بصدر رحب
فهذه هي الشهادة التي نشهد بها للمسيح في العالم
ثالثاً: أود أن أؤكد ذى بدئ ماقلناه سابقاً بأنه لا يجب منع الشباب أبداً من حقه الوطنى فى التظاهر من أجل مصلحة ورقى الوطن. ولكن يجب على خبراء الكنيسة السياسيين تقديم الرؤية السياسية التاريخية لشبابنا, والتى تتعذر على كثيرين, ليقوم الشباب بأنفسهم توجيهه تظاهراتهم من أجل هدف مستقبلى واضح, حتى لا يكون خروجهم مجرد كمالة عدد لآخرين لأهداف أخرى لا تشملها رؤيتهم للمستقبل.أما أن تعذرت الرؤية المستقبلية الأستقرائية للأحداث, فالسكون هو الأفضل, لأن العاقل هو الذى يصمت فى الزمن الردئ. عا ١٣:٥
أذن فمن أين نبدأ …. هل نبدأ من التحليلات السياسية التى تأتى مختلفة, بل فى كثير من الأحيان تأتى متضادة تماماً فى أتجاهاتها؟ أم نبدأ من التاريخ السياسى المستند على وقائع وخبرات طويلة لأبائنا الذين سجلوا سطوره بعرقهم ودمائهم. وإن بدأنا من التاريخ نجد أن الدرس الأول فى كيفية الديمقراطية, هو التفرقة بين حرية التصرف كمطلب شعبى, وبين فحوى الحرية من أساسيات أهمها الأدراك والوعى الديمقراطى. أذن فما هى الفائدة من حرية فارغة المحتوى؟ فحرية التصرف التى لا يساندها ويدعمها فكر أدراكى ديمقراطى هى هى الفوضى بعينها. بل هى الديكتاتورية التى غيرت ثيابها الخارجية فقط لتظهر بعد قليل على حقيقتها النرجسية. وهذا هو ما قصده الشاعر نزار قبانى حينما قال:
خلاصة القضيه توجز فى عباره
لقد لبسنا قشرة الحضاره , والروح جاهليه !
ونأتى هنا للسؤال التطبيقى: هل هناك جدوى من حرية وديمقراطية منتهاها فقد الأمان وترويع البشر الأملين فى غد أفضل؟ ولهذا السبب عينه فالأمان قبل الديمقراطية. فأن أردت أن أرفع صوتى مطالباً بحريتى, علىّ أن أأكل خبزاً أولاً وإلا خارت جميع قواى. والله هو المعين والمستعان.
تجلت الازمة القبطية في الاحداث الاخيرة
بشدة فانعزال الاقباط واتخاذهم الكنيسة بديلا عن الوطن
والدولة انشأ حالة فراغ كبيرة على المستوى الوطني والكنسي
فاصبحت الكنيسة بديلا عن الوطن وتباعا تضخم دور الاكليروس
فاصبح الاسقف وزيرا والبابا رئيس جمهورية الاقباط!!!
وعلى الناحية الوطنية ترك الاقباط الساحة السياسية خالية
فاولادنا ملهومش في المظاهرات والكلام ده على حد قول احد
رجال الدين المسيحيين وبالتالي فقد ضاعت الحقوق الوطنية
للأقباط تماما فكيف يطالب القبط بحقوقهم كمواطنيين ولا يشاركون
الحياة السياسية
وحتى من تجرأ ودخل العمل السياسي ليجد طريقا ما ليطالب
بحقه كمواطن اصبح رؤيته مشوهة تماما
وهذا يفسر رد الفعل الخاص باقباط المهجر
الذين انصدموا بالموقف والذين عادة ما يدافعون عن حقوق الانسان و…
الخ فلم يدافعوا عن حق المصريين جميعهم في حياة ديموقراطية سليمه
وهذا حال الكنيسة ايضا فهناك مساحة شاسعة جدا بين الايمان
النظري وبين الواقع العملي
نقول في القداس “بموتك يا رب نبشر وبقيامتك المقدسة نعترف ”
لكننا في الحياة العملية لا نبشر طلبا لسلام زائف لم يحمنا من
القتل والاضطهاد
وداخل الكنيسة نرى اشياء لا يمكن ان تتوافق مع المحبة والعدل والقداسة
التي نسمع عنها كثيرا
بل واصبح والمؤمنيين مثلهم مثل اي حد اخر
اجمالا اصبحنا نعيش مسيحية اخرى غير موجودة في الانجيل
وذلك طلبا للسلام والامان فلا مانع ان يستمر ديكتاتور في حكمه
الى الابد طالما هناك امان وسلام
ونسينا ان الايمان والسلام هم عطية الله بالروح القدس وهم شيئا
لا يستطيع احد منحه سوى الله
اقولها بكل ثقة اذا كانت الكنيسة الاولى تتعامل بنفس حكمتنا
البشرية لما كانت هناك مسيحية الان على الاطلاق
هنا فقط يربض عدو القبط اقرب كثيرا مما قد يظن
انه يقبع داخلنا
الديمقراطية ليست هى ما نحتاجه !
فأن قلنا بأن الديمقراطية هى الحكم الحر الذى فيه يتداول الشعب والحكومة مجريات السلطة فهذا وللأسف يدل على الشكل الديمقراطى والشكل فقط, وأعيدها مرة أخرى هذا هو الشكل أو الأطار الديمقراطى فقط, أما المحتوى الديمقراطى فأنه مفقود ولا يوجد بغياب الفكر الحر الذى ينمو رويداً رويداً ليملأ كل الأطار الديمقراطى, فهو كالنباتات لابد له من جذور, فالديمقراطية لا تولد فجأة بل لابد أن يُحمل بها أولاً وقتاً طويلاً قبل أن تولد وتخرج للنور.
ولابد أن نعى بأن الفكر الحر فى عداء تام مع الفكر الغيبى, بل ولا يمكن أن يجتمعا معاً, فكل المجتمعات الغيبيه هى مجتمعات غير ديمقراطية لأنها تحكم بقواعد ثابتة لا يمكن تغييرها ولا تطويرها ولا تقبل أى نقاش تطويرى, فكيف أذن ينمو الفكر إلى ديمقراطية بلا تطوير؟!
ولهذا فنحن لا نحتاج لتلك الديمقراطية غائبة المحتوى, المعلنة فى أطار فارغ, وأنما ما نحتاجه هو الأمان والأستقرار, ولننتبه حتى لا ننخدع بكثرة التغييرات المعلنة فى مجريات الأحداث الراهنة, فكل هذة التغييرات للأسف لا تشكل أى تغيير حقيقى فى الفكر والمحتوى, فهو مازال قائماً المحتوى القديم جداً ليطل علينا بأطلالته القديمة الذى يمكن أن نتعرف على فحواه من خلال دراسة واعية للتاريخ السياسى. أذن حل اللغز لا يوجد فى مقدرتنا على تحليل الأحداث تحليلاً سياسياً يافعاً بل فى مقدرتنا على فهم الأحداث فى ضوء التاريخ السياسى. فهذا بالضبط كمن يقوم بترتيب أوراقه على مكتبه, لتظل هذه الأوراق قديمة كما كانت هكذا تظل تحمل ذات الأفكار العتيقة.
وهذه الحكمة أدركتها أمثالنا الشعبية – التى اعتز بها جداً – فقالت:
تتفها لفوق, تتفها لتحت, نازله فى عبك !
الديموقراطية ليست حلا سحريا لجميع مشكلات العصر
وهي في ابسط صورها حكم الشعب لنفسه
فالشعوب ليست قاصرة وليست مسلوبة الارادة وهذه هي حرية
الارادة التي قررها الله للناس ولا يستطيع احد منع هذه العطية عن
الناس وايام السيد المسيح كان رؤساء الدين يحاولون
نزع هذه الهبه عن الناس واصفين اياهم انهم ملعونين
ولكن هذا الشعب الذي لا يفهم الناموس هو ملعون
يوحنا 7:49
لكن الشعب ليس قاصرا او مسلوب الارادة ليعرف الصواب من الخطأ
ومجرد طرح عدم جاهزية الشعب لقبول الديموقراطية هو في حد ذاته
نوع مشابهة لأطروحات متطرفة اخرى عانت منها الكنيسة كالاسلام السياسي
الذي يكره الديموقراطية ليحل محلها الثيوقراطية وايضا الشيوعية والتي
تعترف بالديموقراطية في نطاق ضيق جدا بين طبقة معينه هي ديموقراطية
البولتاريا
هذا من جهة ومن جهة اخرى
الامان والسلام لا يعطيهم الا رب المجد وحده هو الوحيد
الذي يقرر السلام وليس الولايات المتحدة وليس مبارك ولا غيره
والتضحية بالحرية والعداله مقابل السلام والامن الوقتي ليس
الا نوعا من البرجماتيه السيئة التي لا تليق ببنو الله وكنيستهم
فالكنيسة اذا تخلت عن مبادئها مقابل بعض النفع
لا نستطيع ان نطلق عليها سوى انها حزب سياسي
فالكنيسة يجب ان تقدم نفسها مصلوبة للعالم مثل سيدها
لتصبح شهادة للعالم كله
وهذه هي المشكلة فنحن فقدنا ريادتنا عدما تركنا الصليب
الذي اضعناه في سياسيه فاشلة طيلة قرون لينتهي حالنا
الى ما نحن فيه من كنيسة ليس لديها ما تعطيه للعالم
غير بعض الكلمات الجوفاء
لاهوت الثورة
كيف لنا أن نفهم تسونامي الخامس والعشرين من يناير الذي انطلق من ميدان التحرير ليعيد تشكيل الشرق الأوسط ؟ ثم كيف لنا أيضا ، أن نفسر ذلك الموقف المتخازل لقيادة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من حدث هو الأعظم في تاريخ مصر؟
إن رؤية تشريحية فاحصة لمشهد ميدان التحرير لكافية لأن تجعلنا ندرك أن للثورة – بصفة عامة ، والمصرية بصفة خاصة – مفهوما طوباويا يتجلى في انصهار ” الأنا ” ليتم تجاوزها نحو الآخر ليصير للكل مفهوم هو الوطن ؛ فتبدد شبح الطائفية والتعصب وتعالت قيمة الإنسانية التي لاتنشد غير الحرية .
هذا هو مدلول صورة التحرير وهذه هي دلالة صورة الثورة . فالثورة قبل أن تكون مفهوما لتغيير نظام قمعي نحو التحرر الوطني ، هي تغيير ثقافي إنساني نحو تكريس واقع للوطن يستوعب جميع الأحرار الذين قد تحرروا بالفعل من الأنانية والعنصرية ، هكذا وبهذه الصيغة يعتلن نجاح الثورة ، أي ثورة .
أما إذا أردنا أن نعمق المفهوم ونرده إلى أصله فقد يكون مفاجئا أن أقول بأن مفهوم الثورة – كتغيير – لم يبلغ علوا يضاهي ماقد قدمه اللاهوت المسيحي ، فيسوع
هو الثائر الأعظم في تاريخ الكون . والكلمة بتجسده قد ثار على الموت الطبيعي وغير الواقع الإنساني إلى الخلود وعدم الفساد .
وحتى على المستوى التاريخي ، كان يسوع الثائر هو الشخص الذي ثار على الناموس بمفهومه العتيق مكرسا ناموس ذاته ، ناموس المسيح .
ثار يسوع على طبقة الإكليروس العتيقة من الكتبة والفريسيين ، وكشفهم بخطاب إيجابي تحمله كلمات جديدة ووصية جديدة مضومنها المحبة والحرية .
في هذا السياق نستطيع أن ندرك أن تعاطي القيادة الكنسية لم يكن الأمثل ، لا لشيء إلا لأن الوعي السائد – للأسف – مايزال يتعاطى مع يسوع على أنه مجرد شخص تاريخي وليس الشخص الثائر الذي غير التاريخ وغير الجميع فيه ، وبالتالي كان ينبغي أن يكون المسيحيون ، وعلى رأسهم قيادتهم ، أول من يساهمون في تغيير الوطن .
إن المدلول الحقيقي لكون أن ” الوطن يعيش فينا “، ليس مجرد كلمات رومانسية ، ولكنه يتخطى ذلك إلى أن الوطن هو صورة الرب ، المسيح ذاته ، ذلك الذي نغادر طبيعتنا العتيقة إليه ” لنستوطن فيه “. والكنيسة كجسد للمسيح هي الوطن السماوي الذي رأسه وملكه هو الرب يسوع المسيح ذاته .
زهور بلا جذور !
(يشبه إنساناً بنى ييتاً وحفر وعمق ووضع الأساس على الصخر, فلما حدث سيل صدم النهر ذلك البيت, فلم يقدر أن يزعزعه لأنه كان مؤسساً على الصخر. ………فيشبه أنساناً بنى بيته على الأرض من دون اساس, فسقط حالاً وكان خراب ذلك البيت عظيماً.) لو ٦: ٤٩,٤٨
ببساطة شديدة ووضوح وعمق يضع رب المجد القاعدة الكاشفة لكل بناءً كاذباً لا يتحول إلى حقيقة وواقع معاش.
فكل مطالبة بحرية أو ديمقراطية بلا أساس تسقط حتى ولو كانت من جمهور غفير, لأنها لا تستطيع أن تثبت أمام التيارات المتوارثة السلفية التى تعارض كل تغيير حقيقى. وهذه ليست مجرد فكره بل حقيقة واقعة حدثت على مدار تاريخنا الطويل. فمن يخلص البحث والتنقيب فى الأصول الناريخية الدينية لدولتنا, يجد أنه تأتى فترات ركود فكرى وظلام دامس للعقل يعقبها فترة أخرى فكرية مشرقة لقائد ما, ولكن سرعان ما تنقشع كالضباب ليعود الظلام مرة أخرى, وهكذا دواليك على مدار تاريخنا الطويل. بل وتصير بعد ذلك تلك الفترات القصيرة المشرقة مدعاة التغنى من قبل المهللين, فيهللون بأنه لا تعارض بين قديمنا وحديثنا وبأنه قد وصل الغيث وتحقق التطور والرقى ونحن مازلنا نكمم الأفواه ونصادر الكتب ونحرقها فى الميادين العامة!
وهذا يدعوا للعجب حقاً …. لماذا هذه السلسلة الطويلة من الأنتكاسات التاريخية المتلاحقة؟ بدون أن يجود علينا الزمان بمصلح يكتشف السبب !
وإلى هذة النقطة يجب علينا أن نستعين بكلمات الرب مرة اخرى لأنها الوحيدة القادرة على كشف سر هذة الحلقة المفرغة التى ندور فيها من أجيال وربنا العالم إلى كم جيل ستستمر؟ (هؤلاء ليس لهم أصل فيؤمنون إلى حين وفى وقت التجربة يرتدون.) لو ١٣:٨
فها هى وقد نبتت زهور بلا جذور بلا أصل. فلنصبر قليلاً أذن, فسرعان ما تنحصر, وستختفى كما أختفت من قبلها الكثير من حركات التنوير, لنتأكد بأن الحضارة لا يمكن أن تأتى من التغييرات الرئاسية بل من الأستنارات الفكرية.
فهل علينا الأن أن نتأكد من أن أى تحليلات سياسية للموقف ستبعد بنا كثيراً عن الحق والحقيقة. بل وستضللنا وتعمى عيوننا عن التفكير فى كيفية كسر هذة الحلقة المفرغة؟ ولهذا فأن حل اللغز يكمن فى دراسة تاريخنا الدينى السياسى الطويل دراسة مستنيرة, لنفهم كيف ولماذا رفضنا كل حركات التنوير والتغيير إلى الأفضل؟ لنتأكد من إمكانية تواجد الكثير من الأمال والتطلعات المستقبلية التى لا أساس ولا أصل لها, لندرك صدق الحكمة القائلة:
( إن أردت يوماً أن تصعد جبل, فلتتمسك بالفروع لا بالزهور)!
البديل عن الديمقراطية ماهو الا استبعاد واستعباد الشعب
فالشعب هنا مسلوب الارادة وهو عادة ما ينظر اليه كأنه طفل غير
ناضج لا ينبغي له ان لا يتكلم الا فيما يفهمها
هذه الصورة القاتمة القت ظلالها على الكنيسة
فاصبحت الكنيسة ذاتها معزولة عن الشعب تماما
تلك الصورة اصبحت جلية تماما للعيان فمن يتابع
القنوات الرسمية للكنيسة يلاحظ انها تشبه الى حد كبير
القنوات الحكومية المصرية
فالرئيس استبدل بالبابا والوزراء بالاساقفة ورجال الحكم بالاكليروس
ورجعت كنيستنا الى مستنقع القرون الوسطى
في اوربا عندما كان بابا رومه يحكم عدة مقطاعات ايطالية
وكانت الشعب محصور بين سلطة رجال الدين وسلطة النبلاء
وبقية التاريخ الجميع يعرفها
لعل اكبر الفواجع نسبيا ما حدث في روسيا
عندما انعزلت الكنيسة عن شعبها فادى ذلك
الى تبني الشعب اتجاه مضاد للمسيحية وللدين عموما
فالمسيح اتى ليكون لنا افضل
فان كنا نحاكي العالم من حولنا فما نفعنا اذن؟
لا شيئ غير بضع ديكور خارجي
كنت اتخيل مرارا انحياز الكنيسة القبطية للثورة
لكان الشعب بميدان التحرير ينادي بحياة البابا
والبابا هنا ليس رمزا للمسيحية والمسيحيين(على الاقل عند بقية الشعب)
لكننا راهنا خطأ وتصرفنا بغرابة شديدة تنم عما يدور داخل الكنيسة
فالكنيسة تحب ان تستمر الحياة كما تسير ومعنى ان تتغير الحياة والنظام
ان تتغير هي تباعا وهذا ما لاتريده
ان موضوع الديمقراطية واساسها الصلب فالشعوب تتعلم دائما من اخطائها
ولابد من بذل التضحيات واقول واشدد على بذل التضحيات
فهي ليست تيك اوواي او احد وجبات كنتاكي
أنطلاقاً من التاريخ !
ومن التاريخ وحده نتأكد بأن ما يناسب بلادنا هو نوعاً خاصاً من الديمقراطية التى تحرسها القوة العسكرية. ومن لطف الله ورحمته بشعبه أنه لا يمكن أستبدالها بأخرى. أما عن تلك الديمقراطية الغير محروسة التى نراها فى بلاد الفرنجة, فهى لا تناسبنا مطلقاً. أما من يحاول إيقاظ ذلك المارد النائم بين دفتى الكتب لأطلاق العنان الكامل للديمقراطية هو هو الهرج والمرج والفوضى بعينها. وهذا لا يعيبنا أطلاقاً, لأنه ما من دولتين فى العالم تطبق الديمقراطية بنفس الطريقة والأسلوب. فمن اساسيات الديمقراطية أن تحترم الخصوصية وأن لا تمحوها لصالح الأغلبية. وفى بعض بلدان العالم يجب حماية الخصوصية بالعسكر وإلا صارت الديمقراطية هى ديمقراطية الأغلبية لمحو خصوصية الأقليات. أما عن تلك الديمقراطية الغير محروسة بالجيش, فهى أملنا جميعاً. ويجب هنا أن ننمو إليها ولا أن تظهر فجأة بين ليلة وظهاها فى حياتنا. وإلا دفعنا ثمناً دموياً باهظاً لذلك.
ولنلاحظ هنا بأن فكرة وجود السجون هى فكرة تضاد فكرة الديمقراطية فى معناها الأصيل, إلا إنها موجودة بالفعل فى كل بلدان العالم, لندرك بأنه فى كل وقت سيظل موجوداً مواطنون لا يحترمون ولا يفهمون ولا يقدرون الحرية والديمقراطية. ودائرة هؤلاء تضيق وتتسع من بلد إلى أخر بحسب درجة نمو الوعى الديمقراطى لدى الشعب. وربما أتسعت جداً فى بلادنا لدرجة أحتياجنا للجيش كحامى للديمقراطية. أذن فلنوقف شعارات الديمقراطية ولنعمل بكل جد لتحقيق الديمقراطية. فيجب أن ننمو إليها ولا أن نحصل عليها من شعارات وإلا كانت فارغة لا تحتوى على أى حرية ولا ديمقراطية. والأمثلة هنا كثيرة جداً فهناك الكثير من الثورات الشعبية التى قامت ولم تحقق مكسب ديمقراطى. فالثورة الشعبية الفرنسية مثلاً قبلت بنابليون ديكتاتوراً, والثورة الشعبية الايرانية قبلت بالخمينى ديكتاتوراً. أذن أكرر مرة أخرى الديمقراطية ينما إليها نمواً ولا يشعر بها بشعارات, وإلا كانت خربه وخالية.
أما عن ثورة ٢٥ يناير فهى ثورة حقيقية, ولكن يجب علينا أن نعمل كثيراً جداً على تحقيق ما نأمله من هذة الثورة وإلا سرقت لأهداف أخرى.
أما دعوى بأن الشعوب لا تعاب فهذا كلام للاستهلاك الاعلامى فقط لا يمس الواقع لا من قريب ولا من بعيد. فوجود الشعوب القاصره والجاهله التى تجلب العار واللعنة والموت حقيقة واقعة. لذلك يجب علينا بأن نبدأ بتثقيف شعوبنا ونصبر لينمو الوعى والادراك لتقليل الضريبة الدموية المصاحبة دائماً للتغيير الديمقراطى المفاجئ.
وصدق فاروق جويده حينما قال:
ضيعتُ عمرى اغنى الحب فى زمنٍ
شيئان ماتا عليه ……. الحب والأملُ
ضيعتُ عمرى ابيع الحلم فى وطنٍ
شيئان عاشا عليه … الزيفُ والدجلُ