عندما ظهرت أول طبعة من كتاب حياة الصلاة الأرثوذكسية في الخمسينات من القرن الماضي، أحدث ظهور ودراسة الكتاب تحولا هائلا، تمثَّل في طلب الحياة الأرثوذكسية في الصلاة والهذيذ ورؤية الله نفسه، وهكذا جاء التحول إلى الله وطلب الاتحاد به، وواكب كتاب حياة الصلاة العودة إلى كتابات الآباء، وفتح هذا الاكتشاف بابا للرهبنة القبطية وجاء جيل يُعرف باسم رهبنة الجامعيين وكان الراهب متى المسكين والراهب مكاري السرياني في طليعة هؤلاء.
لكن الحياة الروحية -رغم المدد الذي جاء به كتاب حياة الصلاة- كانت جافةً، وذلك لأن الاحساس اللاهوتي الذي منه أخذت الحياة الرهبانية هذا الزخم كان غير موثَّقٍ وغير مدروس إلا في دراسات شخصية، وكان لكل شخص المنهج الخاص به، لذلك انقسمت حركة الرهبان الجامعيين، وإن لم تخرج إلى العلن أية خلافات عقائدية. وهكذا لم يستطع الأب متى المسكين أن يحفظ الشكل البدائي النسكي، ولذلك اضطُّر إلى مغادرة دير السريان إلى صحراء القلمون، وخرج معه الرهبان الذين كانوا على قناعةٍ بالعودة إلى الحياة الرهبانية الإسقيطية.