كل عام وأنتم بخير 2020

تهنئة صادقة لكل قارئ وقارئة. العام الجديد هو بشارة سعيدة بتقدم معرفتنا بما نملك من ثروة عالمية كانت هي الوقود الذي أنار حياة كنائس العالم. تلك الثروة التي ضمت بين لآلئها حياة أنطونيوس التي سجلها أثناسيوس، والتي جعلت يوحنا كاسيان يجيء إلى البرية لكي يجمع أخبار وتعليم الآباء عن الحياة المسيحية، الأمر الذي انعكس إيجابيًّا على الحياة الروحية في كل أوربا حتى وقتنا الحاضر. ولا ننسى أن مصر كانت قبلةً لعدد غير قليل من مختلف بقاع الأرض يأتي إما ليدرس في الإسكندرية، أو يدرس في برية شيهيت وفي أماكن أخرى. ولعل جامعات أوربا وأمريكا تشهد عن ضخامة الإرث الذي تركه لنا الآباء، والذي نقله إلى الخارج كثيرٌ من الآثاريين والمغامرين أيضًا.

          وإن كانت حركة استرداد هذه الثروة بدأت في أواخر الخمسينات من القرن الماضي بمبادرات شخصية من بعض العصاميين والنساك، إلا أنها تحتاج إلى مزيد من قوة الدفع المنظمة. ولعل إنشاء المكتبة البابوية يكون عنصرًا فعالاً في هذه الحركة.

ولأن المبادرات الشخصية ما تزال سيدة الموقف في هذا الشأن، فنشير بالبنان إلى كتاب ثمين جدًا صدر في العام الماضي: “قصد الدهور”، وتلاه في نهاية العام كتاب ثمين أيضًا: “عقيدة التأله في الأدب الآبائي”، وهو ترجمة للبحث الذي قُدِّم رسالة دكتوراه في جامعة أكسفورد، ولم تكن ترجمة هذه الدراسة إلى العربية سهلةً، بل احتاجت إلى جهد عقلي كبير، ولذلك يجب تهنئة الأخوة الذي أصدروا هذه الدراسة.

المعرفة مثل المطر، ينزل مثل الرزاز، ولكن سرعان ما يتكون نهر يحمل الحياة إلى كل كائن يحتاج إلى مياه الحياة.

المستقبل هو للمعرفة، ولا سبيل آخر للمستقبل إلا بالمعرفة. فقد أصبحت المعلومات أهم من البترول، وتأتي في المرتبة الثانية بعد الماء. المعرفة سلاحٌ لا يمكن قهره. قد لا نحسن استخدامه، ولكن سيأتي مِن بعدنا مَن يتمكن من فتح الملفات وإعادة نشرها.

وإن كان يمكن للشر أن يحاصر المعرفة، إلا أن معركة الشر مع المعرفة طالت أم قصرت، سوف تنتهي حتمًا لصالح المعرفة. وقد يلتقي الشر بالمعرفة ويخدع الفكر، ولكن الخسارة سوف تكشف ضعف وعجز الشر في نهايته التي بلا مكسب.

تحية شخصية لقراء موقع الدراسات القبطية والأرثوذكسية الذين تجاوز عددهم حسب جوجل، المليون قارئ. هؤلاء هم عتاد المستقبل.

تحية شخصية لمؤسسة جذور للنشر، وللصديق مجدي بباوي الذي خاطر بنشر كتبي وأبحاثي في زمنٍ كان مجرد ذِكر اسمي يثير حنق وغضب البعض، لكنه كان مثالاً للإيمان بأن المستقبل هو مِلك المعرفة، وأن أي سلطة في الأرض لا تقوى على أن تسجن أو تقتل المعرفة، وها ما يُكتب أو يقال يعبر قارات العالم في شبكة المعلومات.

كل عام ومصر وسيادة الرئيس بخير. تحية للسيد رئيس الوزراء والوزراء، والقوات المسلحة والشرطة الساهرة على الأمان. تحية لشعب مصر العظيم في العام الجديد.

كل عام وقداسة البابا تواضروس بخير، وتحية صادقة لقراره بناء المكتبة البابوية، فهي بناء للمستقبل.

تحية صادقة للآباء المطارنة والأساقفة ورهبان وراهبات الأديرة العامرة شموع الكنيسة وقربان الصلاة.

دكتور

جورج حبيب بباوي

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة