نقلاً عن جريدة “المصري اليوم” بتاريخ الإثنين الموافق 31 يوليو 2017 (بدون تعليق)
كان لافتا وبشدة شكر أساقفة المجمع المقدس للبابا تواضروس الثانى فى بيان المجمع الأخير، سابقة كنسية تشى بأن وراء الأكمة ما وراءها، وتؤشر بأن البابا كسب جولة صعبة فى مواجهة الحرس القديم فاستحق الشكر، ولكنها ليست آخر الجولات، ولم يسلم الحرس القديم بالأمر، لا يزال فى جعبتهم الكثير.
قبل وبعد فليكتب الله لكنيسة الوطن السلامة، ولكن الحملة على البابا لا تزال مستعرة، والهجمة جد ضارية، واللعب على وتر الشباب على أشده، البابا يواجه حملة كراهية ممنهجة، تؤشر عليها كتابات فيسبوكية عقورة لا ترعوى أدبا، ولا تستحى لفظا، متجاوزة المقام البابوى على نحو محزن، مدفوعة بدعايات وشائعات ووشايات يثيرها، ويغذيها نفر ممسوس نافذ فى قلب الكنيسة كخنجر مسموم.
مفضوحون، والكل يعلم بأمرهم، والبابا يعلم بأمرهم، ولكن فى الفم ماء، ويرى ويسمع ويحزن، ولكنه صموت لا يتكلم، ولا يصرح، خشية على الكنيسة، لا تحتمل الكنيسة هزات، الكنيسة تلملم جراحها وتدفن شهداءها، وتعزى الوطن، والبابا فضلا عن آلام عموده الفقرى، يعانى حزنا دفينا من جراء أفعالهم التى لا ترعوى لما استقامت عليه الكنيسة، إكليروس وشعبا.
للأسف العدو جوه البلد، وجوه الكنيسة التى هى مستهدفة أصلا من خارجها، الكنيسة كالوطن مستهدفة من الإخوان والتابعين، لن ينسوا موقف المسيحيين فى قلب الموج البشرى الذى أطاحهم من فوق جبل المقطم يوم 30 يونيو، ولن يغفروا للبابا تواضروس صورته فى منصة 3 يوليو، البابا مستهدف كالرئيس كالإمام الأكبر وقبلهم الشعب المصرى وفى قلبه المسيحيون، مصر مستهدفة برموزها وشعبها.
فى الحالة البابوية الاستهداف بلغ درجة يصبح معها صمت البابا مستجلبا المزيد من الحملات البذيئة، وترفعه عن الإشارة إلى هؤلاء ويشهد عليهم شعب الكنيسة يطمعهم فى لحمه، إن ذاقوا لحمه أكلوه، والصبر عليهم لأسباب كهنوتية يمكنهم من قلب الكنيسة، هؤلاء لا يبغون خيرا للكنيسة أن يعوقوا سعى البابا إصلاحا، ولا يرومون صلاحا إذ هم يقوضون بناية الرب، ولا يذهبون إلى حوار إلا وهم يؤججون الكراهية فى نفوس الشباب على نحو جد خطير.
البابا الذى بدأ حلقات حوارية مع شباب الكنيسة قاهرياً للتواصل وإحداث الفارق بين ما هو حق صامت وما هو باطل مذاع، عليه أولا أن يعرف حجم الاستهداف لأنه بات خطيرا، ويحدد مصادره داخل وخارج الكنيسة لأن ما هو خارجها يرتوى من آبار الكراهية داخلها، وعليه أن يغير أساليبه التى انتهجها خلال السنوات الأربع على تنصيبه.
البابا لديه شواغل رعوية أخشى أن تكون صرفته قليلا عن الشعب، فاقتنصها الحرس القديم كل فى إبرشيته، فنحى البابا جانبا، وحل كل منهم بديلا عن البابا فى شعبه، فصارت ثمة فجوة رعوية بين البابا فى القاهرة وشعبه فى الإبرشيات عليه أن يسدها من فوره، ويتمدد فى مساحاته الرعوية الطبيعية، فى حيزه الكنسى بالكامل.
شباب الكنيسة يحتاج إلى معرفة البابا بشكل أوضح، شخصيا وكنسيا، وفى غيبة المعلومات اليقينية، الشباب عرضة لشائعات مدمرة، هناك من يغذى بدعايات كاذبة، ولكنها تجد تصديقا لأنه ليس هناك ما يدحضها، تقريبا نفس مشكلة الدولة المصرية، لا تجد من يعبر عنها قويا صريحا قاطعا حاسما حازما، لسان الكنيسة ليس زربا، وبيان الكنيسة ليس واضحا، وموقفها ليس قاطعا، وهذا نقص يستلزم تحركا سريعا وموقوتا من قداسة البابا.