أولا: مسيحنا علّمنا أن الردع للخاطئ تحذير مطلوب، وأما التشفي والعنف فهو شر مرفوض.
أثارت بعض التعليقات على حكم قضية شهداء نجع حمادي من بعض الأخوة والآباء، ومنهم قيادات كنسية، ألماً كبيراً وحسرة فيَّ. وذلك لأنه تُشتَم من بعض هذه التعليقات رائحة “تشفى” و”شماتة” في القاتل، وهذا غريب عن روح المسيح وكنيسته. البعض عبّر عن ارتياحه وارتياح أهل الشهداء أساساً؛ لأن حكم الإعدام يحقق قصاص الموت في القاتل، وهذا يشفى الغليل، معللين ذلك أن أمر الرب (حتى في العهد الجديد) هو أن القاتل يُقتل، وسافك دم إنسان يُسفك دمه، كما في العهد القديم!!! و أيضا يقولون: لأن الرب قد قال: “كل من يأخذ بالسيف بالسيف يؤخذ”. مع أنه واضح أن هذا التعليم من الرب كان ليمنعنا نحن من استعمال السيف والعنف مع أي إنسان، وليس لكي “نستريح و نتشفى” ويرتوي غليلنا عندما يؤخذ من يعادينا من البشر بالسيف، فليس هذا هو العدل عند الله كما سنرى!!! الإنسان الذي يؤذيني أو يقتلني ليس هو عدوى الحقيقي، بل هو في الحقيقة “مجنيٌ عليه بالإضافة” معي من العدو الشرير الوحيد لنا كلينا، بحسب تعليم الرب لنا. وهذا العدو هو إبليس فقط، والذي يستعمل البشر كأداة لشره. نحن شعب المسيح وملكوت الله، ليس لنا أعداء من البَشَر، فأعدائنا هم أجناد الشر الروحية فقط. فالرب لم يتشف ولم يشمت في أيٍ من أعداءه، حاشا. وقديسي الكنيسة الشهداء أتباع المسيح في تاريخنا الطويل كانوا يطلبون الرحمة والمغفرة لقاتليهم، كما فعل إستفانوس أول الشهداء، وليس الرب وحده على الصليب هو الذي غفر لقاتليه لكونه الله.
إن كان هناك قبول ورضا على حكم المحكمة، فيجب أن يكون من باب أننا نوافق على الحكم لأنه سيكون رادعا في المستقبل لمن تسول له نفسه أو فكره أن يقتل الأبرياء لكي – كما يظن مخدوعاً من إبليس – أنه يقدم خدمة لله، كما لو أن الله يحتاج لمن ينقذه!!! وليس الرضا المسيحي أبدا من باب التشفي بأن إعدام أي إنسان سوف يقيم عدلاً. أيُ عدلٍ خيالي هذا الذي يضيف إلى القتيل الواحد قتيلاً آخر (بإعدام القاتل)، ويقولون عنه إنه عدل الله وأمر الله؟؟؟ هذا عدل البشر. الرب يسوع المسيح لم يطلب موت أحد أبداً، بل حياة الكل، ولم يقتص بإرادته من أحد. الشرير يموت بشره “الخطية هي التي متى كمُلت تنتج موتاً. لا تضلوا يا أخوتي الأحباء” يقول يعقوب الرسول (يع 1: 15 – 16).
الموت الروحي بانفصال الخاطي غير التائب عن الله يتم بحرية الخاطي وحده، وليس بإرادة الله، محب البشر ومعطى الحياة. ثم أتساءل: أي عدل يمكنني أن أحققه بأن أكسر ذراع أخي الذي كسر ذراعي، أو أن أكسر سِنّه كما كسر سني، أو أصيب عينه إن أصاب عيني؟؟؟ فيكون الناتج الواضح عندنا: قتيلين وذراعين مكسورين وسِنَّين مكسورين وعينين قد أعمتهما عدالة البشر القبيحة في عيني الله؟؟!!! قال المهاتما غاندي: “العين بالعين نظام يجعل العالم كله أعمى!!!”.
إنما العدل حقا هو أن يُصلَحَ ذراعي وسني وعيني ويُصلَحَ قلب وفكر من آذاني، ويعود لصواب المحبة والإنسانية الحقة ويرجع إلى الله بكل قلبه، وأن يُحيى الله القتيل والقاتل كلاهما، وهذا قطعاً سوف يعمله الله في التجديد والقيامة قريباً، وهو يُحيى السلام والمغفرة في قلوب المؤمنين من أهل الشهداء بالعزاء على الأرض مؤقتاً الآن، حتى نكمّل جميعنا في الملكوت، إن كنا نؤمن حقاً بوعود المسيح لنا. أعتقد أن شهدائنا الجدد أنفسهم و الرب يسوع المسيح المخلص الذي رفض تعليم العنف بجميع أشكاله يوافقونني على ندائي: الردع مطلوب ولكن التشفي والعنف شر مرفوض.
ثانيا: ما هو بالضبط الذي قد “كمّله” الرب من ناموس العهد القديم، وما قد “حررنا منه” كما تُعلِّمنا عبارات بولس الرسول (كولوسى 2: 22 – 21)، ودسقولية الآباء الرسل الأطهار؟؟
نحن نعلم أن الرب عندما قال: “ما جئت لأنقض بل لأكمل” أنه أيضا رفض عنف الناموس وحررنا من عبودية ما أسمته دسقولية الآباء الرسل “أثقال – رباطات – أو كتافات الناموس” والتي شرحتها الدسقولية في الفصل 33، كما قدمها لنا المستشار د. وليم سليمان قلادة. وأقتبس منها هذه الفقرة الرائعة جداً: “فلأجل قساوة قلوبهم (شعب إسرائيل) ربطهم بهذا: الذبيحة و الامتناع (لا تمس ولا تذق ولا تستعمل أو تجس – أنظر أدناه مرجع الدسقولية هنا من: كولوسى 2 عدد 22 – 21) والتطهير …. فأما أنتم أيها المؤمنون الذين آمنوا بإله واحد … فقد حلكم من هذه الرباطات وجعلكم أحرارا من العبودية … لأن المسيح ابن الله لما جاء حقق الناموس وكمّله، وحمل الأثقال [رباطات أو كتافات ناموس موسى] التي كانت عليهم وبطّلها بالكمال، و الناموس الطبيعي ثبّته [الذي عاش به الآباء بدون وصية مكتوبة قبل موسى] و جعل سلطان الناس حرا.” (صفحة 727 من الطبعة الأولى عام 1979).
الرب إذن لم يُصدّق على، أو يوافق ويقبل أو يُثبّت، ما وصفه الرسل في الدسقولية على أنه “الأثقال”، بل على العكس تماما تؤكد الدسقولية أن هذه الأثقال قد “حررنا منها الرب بالكمال”. أما الذي ثبَّته وأكمله الرب، فهو “ناموس المحبة” وليس ناموس الذبائح والامتناعات الطقسية والنجاسات والتطهيرات والعنف ورجم القاتل والزاني والمُجدّف، وقطع اليد، وقتل وتحريم المدن بكل من فيها حتى الأطفال والرضّع، ونظام بيع الناس عبيداً، وأخذ النساء سبايا حرب … إلخ، ذلك العنف الذي أوصى به كله موسى في الناموس “لغلاظة قلوبهم”، وقد حررنا منه كله الرب المتجسد (إقرأوا بدقة الأسفار الخمسة – التوراة).
والقطعة السابقة من أقوال الرسل، في الدسقولية، هي جوهرة ثمينة جدا وهامة جداً؛ لأنها تشكل إجابة يسأل عنها الجميع و لا يجروء على مناقشتها إلا القليلون جدا منا: ما هو بالضبط ما كمّله الرب من الناموس، وما هو ما حررنا منه في العهد الجديد؟ هذه الفقرة من الدسقولية تجيب بكل دقة، فهي ميزان حساس ودقيق للتمييز بين ما قد ثبته وكمّله الرب في قوله “ما جئت لأنقض بل لأكمل”، وبين ما قد ألغاه نهائيا وحررنا منه بالكمال والتمام من أثقال وعنف التعليم القديم.
هناك أيضا مقياس آخر سهل جدا للتأكد مما هو تعليم إلهي مائة في المائة وما هو “وصايا وتعاليم الناس”، في العهد القديم، كما سمّاها بولس الرسول في رسالته لأهل كولوسي. هذا المقياس السهل والجميل هو: إن كانت الفقرة أو التعليم الذي تقرأه في العهد القديم يتطابق ويتناغم بكل دقة مع تعليم وشخص وأسلوب حياة ومحبة الرب يسوع المسيح في العهد الجديد (مثل كل ما يدعو للمحبة والمغفرة)، فهذا بلا أدنى شك تعليم إلهي؛ أما إن كان النص التعليمي لا يتفق ويتطابق مع تعليم الرب في العهد الجديد (مثل كراهية العدو أو أي قتل أو عنف كما ذكرت سابقا)، فهذا يكون غالباً تعليماً ينتمي إلى ما أسماه بولس الرسول “وصايا وتعاليم الناس” وهو أيضا ما أسمته الدسقولية “رباطات” أو “أثقال” أو “كتافات” الناموس. وهذه الرباطات، بما أن الدسقولية تؤكد أن المسيح قد حررنا منها، تكون بالتبعية وصايا وتعاليم الناس، وإلاَّ لماذا يحررنا منها الله إن كان هو معطيها، وبهذا تكون مطلقة الكمال؟؟؟!!! وأقول هذا لأن البعض يسيئون فهم قول الرب: “ما جئت لأنقض بل لأكمل” (عن جهل أو قصد، الله وحده يعلم)، فينسبون إلى الله ما لا ينسب لإنسان صاحب أخلاق معتدلة في أيامنا، ظانين أن الدفاع عن مصداقية الكتاب المقدس لا يتحقق إلاَّ بأن ننسب كل ما علّم به العهد القديم من عنف لله نفسه، وأن كل كلمة وحرف في الكتاب المقدس هي إرادة الله المؤكدة، مهما كانت عنيفة ولا يليق نسبها لله. هذا وإلاَّ نُتهم بالتشكيك في مصداقية الكتاب المقدس!!!
هؤلاء المسيئون لمحبة الله، بدافع الدفاع عن مصداقية الكتاب المقدس، يقتبسون ما يحلو لهم من قسوة العهد القديم على أنه لم يُنقض بعد، مثل العنف المذكور، أو قوانين النجاسات و الطهارات خاصة للمرأة!!! و هنا قد يتساءل القارئ متخوفا: أليس كل ما كتبه وعلَّمه موسى إذن هو من الله ذاته ومن الله مباشرةً، وفقط من الله؟؟؟!!! كيف تصف الدسقولية أجزاء من ناموس موسى أنه “أثقال” وقد حررنا منها ابن الله؟؟؟ هذا أمر غريب، بل ويدعوا للشك والريبة قطعاً، فالله في الكتاب المقدس لا “ينسخ” أقواله وتعاليمه، فهي كلها تعاليم مطلقة الصحة وكاملة، إن كانت من الله ذاته. ولكن ها هو القديس بولس الرسول بشخصه يقول ما هو أشد جرأةً من الدسقولية، في الرسالة لأهل كولوسى الإصحاح الثاني عدد 21 – 22، ويبدو أن قوله هذا هو مرجع الدسقولية للاقتباس المذكور سابقاً، فهو يؤكد أن تعاليم ناموس موسى عن “الامتناع”، والتي حسب الدسقولية قد حررنا منها المسيح، وهي جزء ليس بقليل من حجم الناموس الموسوي، هي حقيقةً وصايا وتعاليم الناس وليس الله: “تفرض عليكم فرائض، لا تمس ولا تذق ولا تجس التي هي جميعها للفناء في الاستعمال حسب وصايا و تعاليم الناس”!!!!!!! [وليس الله].
ونحن أيضا نذكر جميعا أن الرب في (لو 9 أعداد 54 – 56) قد وبخ تلميذيه وانتهرهما بشدة عندما اقترحا عليه أن يطلبا (هما وليس هو!!! يا للجرأة) أن يرسل الله نارا من السماء لتحرق من لم يقبلوا المسيح، كما فعل إيليا في الماضي!!! فإن كان الله ذاته هو فعلاً و حقاً من حرّض على العنف في القديم، وهو الذي أمر أن يقتل صموئيل النبي وإيليا النبي الكثيرين بالسيف والنار، فلماذا إذن ينتهر الرب تلميذيه بشدة عندما اقترحا (مجرد اقتراح!!!) أن يقتل ويحرق الرب أعداءة، مجرد “كما فعل إيليا”؟؟ لماذا وكيف حسب الرب التلاميذ أنهم يستحقون الانتهار: “لأنهما لا يعلمان من أي روح هما” ؟؟ الظاهر جدا هنا أن التلاميذ لم يخطئوا أبدا في هذا الطلب، إن كان الله هو الفاعل الحقيقي في هذا الأمر أيام إيليا!!! ألا يدل هذا الانتهار وعدم رضا الرب يسوع بموقف التلاميذ، المُطالب بالعنف والقتل للأعداء، على أن هذا العنف هو ليس من روح المسيح، بل من فكر وحضارة أنبياء العهد القديم، لضرورات حضارية وليس لمطلب إلهي من الله نفسه، وأن هذا العنف كله يُدرج ويُفهم في قول الرسول بولس: “وصايا و تعاليم الناس”؟؟ والتي تشهد عنها الدسقولية أيضا أنها ليست تعاليم إلهية، ولذلك تجرأ الرسل وكتبوا أن المسيح قد حررنا منها بالكمال؟؟؟ وقطعا ما كان يمكن أبدا أن يكتب لنا بولس الرسول وبقية الرسل الأطهار هذا التعليم لو كان الله هو مصدر هذه “الأثقال” و”الرباطات” التي في ناموس موسى!!!
وإن كان الله هو الذي قال في القديم “تحب قريبك و تكره عدوك”، فكيف يكون هو نفسه قائل ومعلم “أحبوا أعدائكم …”؟ أمن الفم الإلهي الواحد تخرج اللعنة والكراهية وتنبع المحبة والمغفرة؟؟؟ حاشا لله. وإن كان الرب حقيقةً هو الذي أوصى موسى أن “يأذن لكم بالطلاق لأجل غلاظة قلوبكم” وليس أن موسى هو الذي أذن بالطلاق قديما، فلماذا قدَّم الرب يسوع تعليما عن الطلاق يرفض ما قد أذن به موسى قبلا، إن كان الله هو الآمر في القديم بذلك ؟؟
فكروا بعمق أيها القراء حتى لا يُجدّف على الاسم الحسن بسبب تفسيراتنا، العنيفة الغير مسيحية قطعا، التي تحتاج إلى مراجعة.
هناك احتمالان إذن لتفسير العنف في العهد القديم: إما أن الرب المسيح كان “ينسخ” ما قد قاله هو بنفسه في القديم (حاشا لله)، وإما أن بعض مما “قيل للقدماء” هو فعلا كما وصفه القديس بولس: “وصايا و تعاليم الناس” لضرورة حضارية، نعم، وسمح الله بها، نعم، ولكن لم يكن هذا السماح أبدا بأمر من مشيئته هو أو برضاه على قواعد الإنسان الأخلاقية قديما، بل كان سماحه لأن الله يترك لحرية الإنسان تدابيره السياسية والاجتماعية والقانونية بحسب تخلف أو تقدم ظروف الإنسان الحضارية.
لنا خيار من اثنين فقط، وبناء على الخيار المختار علينا أن نراجع أنفسنا قبل أن يراجعنا منتقدونا يوميا ويكوُّون ظهور أبنائنا في المدارس وعلى الفضائيات، بأن إلهنا هو إله لا يختلف أبدا عن الإله الذي يحُض تابعيه أن يقتلوا من يختلف معهم في الفكر، حتى ولو كانوا من دينهم ذاته، لكي يقدموا خدمة لله!!!
علينا أن نجاوب من روح المسيح، وليس من روح العهد القديم وفلسفات أخرى. علينا أن نحكم بروح المسيح الذي هو وحده قادر أن يحكم على العهد القديم وليس أن العهد القديم يحكم في تعليم المسيح – هذا مبدأ غاية في الأهمية لغسل أفكار مريضة كثيرة ورثناها ممن يساوون عهد النعمة بالعهد القديم، على مبدأ أن “الله هو هو أمس واليوم وغداً”، بلا تغيير في مواقفه من العنف والقصاص قديماً وحديثاً، وكأن المسيح لم يتجسد ولم يعلمنا أي جديد يستحق الذكر مادمنا نُعلّم ونطالب بأننا لن نستريح إلاَّ بإعدام أعدائنا لكي نرى عدلاً؛ لأنه كما قيل للقدماء “سافك دم الإنسان يُسفك دمه”، يبدو أن هذا هو تعليم الله أمس واليوم وغداً، عند البعض … فهل هذا هو إنجيل المسيح كما تعلَّمناه يا أهل بيت الله؟؟؟!!! أم يكفينا موسى والناموس للكرازة بالخلاص؟؟!!!!
العهد القديم أسماه بولس الرسول “العهد القديم، خدمة الموت، خدمة الدينونة” (2 كو 3 أعداد 7 – 9)، بالمقارنة مع العهد الجديد “العهد الأفضل” (عب 7 عدد 22). فهل لنا أن نراجع الخطاب الديني (أي التفسير) في هذا الأمر؟؟ هل حقا إلهنا يختلف في موقفه من العنف عن آلهة أخرى، أم أنه ذات الإله العنيف … فما الداعي والجاذبية فيه لأن يأتي إليه ويتبعه غير المسيحيين إذن، إن لم يجدوا فيه إلاَّ العنف البشرى ذاته؟؟؟
الرب إذن قد كمّل وثبت “ناموس المحبة” فقط (وليس تعاليم عنف ناموس موسى ولا طقوس الامتناع والذبائح والطهارات والنجاسات … إلخ). الرب ثبت الناموس القلبي الطبيعي الذي عاش به الآباء كلهم، وبدون وصية مكتوبة، مئات السنين قبل موسى، بل وعاشت به حضارات أخرى مثل مصر الفرعونية – راجع موقف فرعون مع إبراهيم وسارة عندما كذب إبراهيم قائلا إن سارة أخته، ولكن فرعون خاف ناموس الله في قلبه وأرجع سارة بدون أن يأخذها لحريمه!!!
الرب نفسه صاحب ناموس المحبة والمغفرة قد رفض بكل حزم وشدة كل تعليم القسوة والعنف والرجم والضرب بالسيف وتحريم المدن وقتل الأطفال والرضع، والتشفي في الأعداء، وسبى النساء في الحرب و بيع الناس كعبيد … إلخ، والذي إتبعة اليهود والبشر القدماء (قيل للقدماء … أما أنا فأقول لكم …). بل وكما تؤكد الدسقولية، كما رأينا، أن جزءً ليس بقليل من ناموس موسى هو من تعليم موسى والناس (كولوسى 2 عدد 21 – 22)، وليس الله، حتى وإن كان الله قد سمح لموسى والأنبياء بتقديم هذا التعليم باسمه مؤقتاً لتفعيل حريتهم هم أيضا في إدارة شئون حياتهم، على مضض وليس عن موافقة (كما يسمح الله لنا جميعا أن نخطئ بحريتنا وهو غير راض ولا موافق). وقد يكون هذا العنف قديما لترتيب قيادة شعب غليظ الرقبة في عصر ساده العنف الحضاري. وهذا ما يؤكده بولس الرسول في تعليمه أيضا.
أعرف أن البعض سوف يضطرب جداً من هذا الحديث، للجرأة الغير مألوفة في المناقشة الصريحة، والضرورية جداً في أيامنا. وذلك لأن هذا الحديث معناه أن الكتاب المقدس ليس تنزيلا من الله ذاته (كما يود ويعتقد الكثيرون لتسهيل المناقشة والحوار مع آخرين!)، والحقيقة أن كتابنا المقدس هو مقدس جداً، و ليس بـ “مكدس” كما أدعى غير العارفين. ولكن قداسة الكتاب ليست مرهونة ومثبتة بكونه “منزّل” وذلك لأن بطرس الرسول يقول إن الوحي عندنا ليس تنزيلاً، بل “إلهاما” لا يلغى حضارة الإنسان ولا لغته أو حرية إدراكه بحسب عصره لذا كتب: “تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس.” 2 بط 1 عدد31. هذا معناه اشتراك الله والإنسان معاً في كتابة الكتاب المقدس. فليس الله وحده كاتب الكتاب المقدس ولا الإنسان وحده. ولكن الله هو الذي أوحى لكتّابه بسرد ما جاء فيه من تاريخ الإنسان الساقط ومعاناته بعيداً عن الله وفرحه مع الله – قصة الحب الإلهي منه لنا، والخيانة البشرية مِنَّا لله، والأمانة الإلهية المذهلة والعجيبة للإنسان بحسب العهد الذي أعطاه الله للإنسان. ولا يتغير الله في عهده بسبب خيانة الإنسان لأنه أبٌ بالحقيقة. وهو أمين وعادل ويعدل معنا ويوفينا حقنا بأن يحقق كل وعوده لنا وفينا وبنا، بأن تجسد في بشريتنا وكرّمها وافتداها من الموت للحياة ومن الضلال للوجود الأبدي، لمجد اسمه العظيم القدوس.
الكتاب المقدس مقدس إذن لأنه قصة الله القدوس معنا، وإن كنا غير قديسين، وليس لأنه منزّل تنزيلاً، ولا لأنه يخلو من أخطاء البشر في رحلتهم نحو الكمال المُعد للمؤمنين. والكتاب المقدس مقدس وصالح لتعليمنا ونموَّنا في معرفة نقائصنا وخطايانا وتخلفنا الروحي والإنساني لنكافح بمؤازرة الله للنمو في كل ما هو إنساني وروحي.
هذا كله يؤكده شرح أستاذ اللاهوت الكتابي د. موريس تاوضروس في كلية اللاهوت القبطية، في كتابه “الوحي والتقليد” صفحة 38، أن “الوحي المقدس لم يكن بالإملاء بل قُدم لنا بأسلوب كتابه (الوعاء الخزفي) والروح القدس الموحِى لهم لم يلغ شخصية الكاتب ولا أثر حضارته المعاصرة”.
خاتمة
إذن الآن، وحتى استعلان مجد الرب بكامله، نُعزِّى أنفسنا بمجد أبنائنا الشهداء، ونستعد لمشاركتهم في أي لحظة الآن إن كنا حقا مستحقين معهم لهذا النصيب المكرّم جدا في أحضان الرب المجيد. وفي الآن ذاته، نطالب بالعدل الحقيقي بـ “الإصلاح التعليمي والتشريعي” في كافة المجالات، لإصلاح المخدوع من ينصت لشيطان القتل متخفياً ومخادعاً، كما لو كان هو الله نفسه. ونطالب بإعدام روح التمييز بين البشر والتعصب والشر من قلوب البشر جميعا بالحسنى. و نطالب بردع من لا يريد أن يتعلم، بـالنصيحة الحسنى ويتوب. ولكن يكون هذا المطلب بحسب وباسم قوانين المجتمع الوضعية. ولا يصح أبداً أن نطالب بإعدام القاتل باسم المسيح أو أقوال العهد القديم (عهد خدمة الموت وخدمة الدينونة) التي لا تتفق مع تعليم العهد الجديد (العهد الأفضل).
وأبناء المسيح لا يتشفون في قاتليهم، حاشا. بل نغفر لقاتلينا في قلوبنا، ونطلب لهم الرحمة من الله ونصلى لهم للعودة للحق والسلامة العقلية والروحية. آمين
16 تعليق
الرب يبارك حياتك ومفهومك الابائى الارثوذوكسى الذى جاء كماء بارد على زوبعه الانتقام والتشفى التى قادها اساقفه للاسف ولكن كل هذا يصرخ بشده علينا ان نرجع وباقصى سرعه الى المنابع وتعاليم الاباء وان نفطن الى اى درجه وصلنا بسبب التعاليم التى تقدم فى الكنائس و قنواتنا التليفزيونيه مصطبغه تماما اما بالصبغه الاسلاميه او الغير ارثوذوكسيه او بالاجتهاد الشخصى المستند الى مايوجد من كتب هي صدى للكتب المترجمه عن الغرب فى القرن العشرين التى تعكس وجهات نظر بروتستانتيه وبذا صرنا متغربين عن تعاليم ابائنا كانه ماكان يكفى غربتنا عنها بسبب حاجز اللغه الذى اصطنعه العرب بل الطامه ان تعاليم الاباء هذه صارت مدانه فى احيان كثيره . انى اشعر اننا,اكليروس وشعب محتاجين الى اعاده برمجه لننضبط على موجه الاباء
اولا : د. هانى ارجو من سيادتك ان تتخبل معى انك اب او اخ احد هؤلاء الشهداء هل سيكون رايك كما كتبته ؟؟ ثانيا :انا لا افهم هذه الجمله المكتوبه فى مقال حضرتك ( الإنسان الذي يؤذيني أو يقتلني ليس هو عدوى الحقيقي، بل هو في الحقيقة “مجنيٌ عليه) يا حرام مجنى عليه !!!!!!!!!!! المفروض بقى نطبطب عليه وان الدولة تديله وسام عشان هو مجنى عليه ثالثا :مبدا العقوبة موجود فى المسيحية والامثلة كثيره جدا ارجوك د. هانى لاتتذكر فقط رحمة الله وتنسى عدله فالله عدله رحيم ورحمتة عادلة وبصراحة اللى خد حكم الاعدام ده المفروض يتعدم فى ميدان عام ويتعدم 1000000 مره .
حبيبنا فى الرب د. هانى
مقالكم مقالاً رائعاً يعكس رأى أبائنا القديسين الأرثوذكسيين فى مواجهة الموت بشجاعة الشهداء. فهو يؤكد على أتجاهات أباءنا تجاه ظالميهم بل وقاتليهم ايضاً. وهى نظرة يجب علينا ان نؤكدها بل ونعمل على تثبيتها فى حياتنا, لتثمر ثلاثين وستين ومائه مثلما اثمرت قبلاً, فهكذا كما كان هكذا يكون لنا نحن أيضاً.
ولكن اسمح لى فى ذات الوقت أن أوضح بعضاً من النقاط التى ادرك أنها قد أختلطت – بدون قصد – بأمور أخرى لا تتجانس بل ولا يمكن أن تتفق سوياً, لأنها متضاده وستظل متضاده الى قيام الساعة, وهى بأيجاز :
أولاً: الكنيسة ليس لها منهج سياسى لأن طبيعتها لا تتفق مع المناهج السياسية, التى لا اخلاق لها. ولهذا يجب علينا نحن ككنسيين أن ندرك أهمية الفصل بين الكنيسة والدولة. والمختارين فى كنيسة المسيح لا يتدخلون بأى شكل من الاشكال فى القوانين والاحكام – ولا حتى بالنيه – لأنهم ليسوا من هذا العالم.
وهذا بالضبط ما قصده بولس الرسول حينما أكد ( أنه ماذا لى أن أدين الذين من خارج. ألستم أنتم تدينون الذين من داخل. ) ١كو ١٢:٥ , ويتضح بوضوح وجلاء أنه لم يوهب لنا ان نحكم ولا أن نقيم موازين لأفعال الخارجين عن الكنيسة, لأنه بحسب ميزان الروح يلزمنا ان نخرج من هذا العالم ١كو ١٠:٥ , لأن أفعال وتصرفات هذا العالم شريرة وناقصة بالضرورة بل وغير عادلة وغير نقية أمام عينى الرب.
فأن أردنا أن نحكم على العالم بقوانينه وتصرفاته بميزان كمال عطية الروح القدس, يلزمنا تباعاً أولاً الخروج من هذا العالم, لأنه لايليق ولا يتفق مع فكر عطية السماء. فدينونته واقعه لا محاله.
ثانياً: أن الحكم بأعدام مدبر جريمة نجع حمادى الذى قدم للكنيسة ستة شهداء ومجموعة مباركة من المعترفين, ليس لهم ذنب سوى تواجدهم فى هذا المكان والوقت المختارين بعنايه من قبل المجرم وشركائه , لهو لجريمة سياسية بالدرجة الأولى . لأنها لا تستهدف افراداً بل شعباً ولا تعكر صفو تلك الأسر فقط بل تتعمد تعكير أمن الوطن كله. أذنً نحن أمام جريمة سياسية, وليست مجرد أعمال أضطهاد فرديه, لهذا فالحكم جاء من قلب المتضرر , ألا وهو الوطن, اذنً فليطمئن قلب القارئ بأن مثل هذه الأحكام لا تخرج من قلب الكنيسة لأن الله يريد للكل أن يخلصون والى معرفة الحق يقبلون.
فالقانون المدني الذى يحكم مصرنا الحبيبة هو الذى نطق بالحكم, ولا يجب هنا أقحامنا فى رفض او عدم رضا او عدم أرتياح او اى عملية اخرى يكون مؤداها اضعاف تلك الأحكام, التى يؤدى أضعافها فى النهاية لأراقة المزيد من الدماء البريئة, ليقع المتسبب فيها تحت طائلة قوانين البابا بطرس خاتم الشهداء بافراز كل من يجلب اضطهاداً على كنيسة المسيح. لهذا يجب علينا نحن كوطنين مخلصين ان نقبل ونبارك أحكام بلدنا الحبيب, لنحافظ على وحدته ونقائه وأستمراريته بين البلدان والحضارات بمنهجية متقدمة. ويجب علينا أن لا نثير قلاقل فكرية لا داعى لها امام قارئينا الأعزاء لتكتمل وحدة الوطن واستقراره وتمتعه بالعدل والرخاء والأمان.
حفظ الله مصرنا الحبيبة من كل سوء ليحيا فيها الجميع ليتحقق الجميع من انه مبارك شعبي مصر.
وهذا العرض كان بأختصار شديد وبدون أسهاب بالرغم من أن تلك الأفكار تحتاج للمزيد. وإلى هنا أعاننا الرب.
تكمله لما سبق:
ثالثاً: يجب علينا هنا التفرقة بين أحداث الأضطهادات الفردية -التى أمرنى ربنا يسوع المسيح بأن أكون شجاعاً فيها وأحمل صليبى وأتبعه- وبين جرائم الأضطهادات السياسية التى لها طابع سياسى, مثل مثلاً جرائم الأباده أو التطهير العرقى. وذاكرة التاريخ هنا تحفظ لنا الكثير من تلك الجرائم الشنيعة التى بها أبيدت شعوباً مسيحيةً بالكامل (التى لا يتسع المجال هنا للخوض فيها).
والى هنا نصل الى السؤال الهام:
هل نقبل نحن كروحيين وكأنجيليين تلك الجرائم بأعلانات الفرح والسرور؟
على العموم نحن متأكدون بأن الشهيد, مهما أختلفت موقعة شهادته سواء استشهد فى حدث اضطهاد فردى أو موقعة سياسية , كان يستقبل دائماً الموت بفرح وتهليل, لأنه مع المسيح أفضل جداً.
ولكن نعود للسؤال مرة اخرى هل الكنيسة عليها أن تستسلم لتلك الجرائم السياسية بأعتبارها صلبان جماعية؟!!
ولنلحظ هنا بأن المسيح قال أحمل صليبك واتبعنى, ولم يقل أحملوا صلبانكم واتبعونى.
وهذا الفكر الأستشهادى الفردى يتضح تمام الوضوح فى أحداث الصلب حينما سألهم الرب ( من تطلبون. فقالوا يسوع الناصرى. أجاب يسوع قد قلت لكم أنى أنا هو. فأن كنتم تطلبوننى فدعوا هؤلاء يذهبون. ليتم القول الذى قاله إن الذين أعطيتنى لم أهلك منهم أحد.) يو ١٨ وهكذا قام المسيح بحماية تلاميذه
ليتأكد لنا بأن الرب قد خاض الصليب بمفرده, لأن شريعة الصليب شريعة كيانية خاصة لكل كيان على حده, فعملية القبول هنا على المستوى الكيانى, ولا يمكن ابداً أن تكون على المستوى الأجتماعى وإلا صارت مذبحة او أنتحار جماعى إن أستسلمنا لها !!
وأحقاقاً للحق نقول بأن الدور الكنسى يتلخص فى الدور الروحى فقط فى تثبيت المعترفين والمضطهدين حتى ينالون الشهادة بفرح وسلام.
ولا يجب على الكنيسة مطلقاً اعلان فرحها بتلك الجرائم واعتبارها وسيلة جماعية للعبور الى الملكوت, مع انها بالحق وسيلة فردية الى الملكوت لأن الشهادة شريعة كيانية خاصة جداً. فهل للكنيسة أن تكون امينة كسيدها ( دعوا هؤلاء يذهبون ) حتى تحمى اولادها من الذبح بتخليها عن تزين وتجميل الجريمة بدعاوى الأستشهاد, وترك المجال مفتوحاً للساسة لأقتراح الحلول السياسية المناسبة لحماية الشعب.
وهكذا يتحقق المبدأ الأول وهو الفصل التام بين الكنيسة والدولة. وهنا يجب على الكنيسة أن تتنحى برأيها جانباً فى مواجهه الأحداث السياسية, لأنها إن تدخلت فهذا خلطاً جديداً بين الكنيسة والدولة. فأن واجهت الكنيسة مشاكل سياسية عليها ان تبتعد تماماً وتستمع لنصائح الساسه الغيورين على مصالحها, بعيداً عن الأنجيل ومتطلبات الحياة الروحية, لأنه لا سياسة فى الأنجيل ولا أنجيل فى السياسة.
وهكذا يتأكد لنا بأن الصليب دعوة كيانية شخصية لكل فرد على حده عليه أن يقبلها بفرح وسلام ليخوض الموت مع المسيح, ليحيا فى أسمه للأبد.
رابعاً: عدالة الله وعدالة البشر : ـــ
لقد ذكرتم بأنه ( أى عدل خيالى هذا الذى يضيف الى القتيل الواحد قتيلاً آخرـــ بأعدام القاتل ـــ ويقولون عنه أنه عدل الله وأمر الله ؟؟؟ هذا عدل البشر …………… عدالة البشر القبيحة فى عينى الله ؟؟!!! )
ومن تلك الفقرة السابقة نستخلص بأن عدالة الله تختلف أختلافاً جذرياً عن عدالة البشر القبيحة إن حكمت بأعدام القاتل. وما أكثر أحكام الأعدام فى التاريخ الأنسانى, لنتحقق من وقوع الأنفصال بين عدالة الله وعدالة الأنسان منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا. وإلى هنا نصل إلى مفترق الطرق بين السماء والأرض. لتحيا الأرض فى ظلمها الدامس منعزلة ومسجونة فى ظلم ذاتها النرجسية حتى يوم انتهائها وتدميرها التام وزوالها.
ـــ فهل تصح هذه الرؤية كرؤية صحيحة لحياة البشر البعدين عن أختبارات النعمة والمحبة؟
ـــ هل يمكن تقديم هذه الرؤية للعالم المتغرب عن المسيح لأجل البشارة لتفعيل خلاص كل العالم كما يريد الله ؟
* بالطبع لا
فللأسف لا تصلح هذه الرؤية ـــــ رؤية الأضداد والأختلاف بين عدالة الله وعدالة البشرـــــ لتفعيل البشارة, التى تعمل فى كنيسته لأجتذاب كل أحد مهما كان حال قلبه الحجرى !!!
أذن فلنردد ما قاله الروح للكنيسة : ـــ
( لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة. لأنه ليس سلطان إلا من الله والسلاطين الكائنة هى مرتبة من الله. حتى إن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة. فإن الحكام ليسوا خوفاً للأعمال الصالحة بل للشريرة. أفتريد أن لا تخاف السلطان. أفعل الصلاح فيكون لك مدح منه. لأنه خادم الله للصلاح . ولكن إن فعلت الشر فخف. لأنه لا يحمل السيف عبثاً إذا هو خادم الله منتقم للغضب من الذى يفعل الشر.) رو ١٣: ١ـــ٤
ـــ كيف أستطاع بولس الرسول أن يدعوا الحاكم بأنه خادم الله للصلاح؟
يالها من جرأة غير متوقعة. ليضيف بأنه لا يحمل السيف عبثاً, أذن علينا أن نهابه ونحترمه بل ونخافه لأجل سيفه, لأنه منتقم للغضب من الذى يفعل الشر. يالها من حكمة تضع الكنيسة فى مكانها البشارى الصحيح لخلاص كل العالم. من خلال فهم الكنيسة الدقيق لطبيعة العالم وطبيعة النظام والترتيب الذى أراده الله للعالم.
وإلى هنا لربما أعترض معترضاً قائلاً : (أننى أجِلُ وأحترم وأخضع لشخص الحاكم أو القاضى كخادم لله لأجل صلاح المجتمع . ولكننى لا اقدر ولا أدرك أحكام القضاء روحياً.)
ـــ فهل علىّ أنا كمسيحى أن أقبل تلك الأحكام مهما كانت قاسية فى مظهرها؟
ـــ والأجابة هنا بالإيجاب نعم. ولكى نفهم لماذا ؟ علينا ان نعود مرة أخرى لبولس الرسول ليؤكد لنا بأنه ( …. عادل عند الله ان الذين يضايقونكم يجازيهم ضيقاً ) ٢تس ٦:١
أذن من لا يقبل تلك الأحكام , فهو مقاوم لترتيب الله العادل, الذى يجازى الذين يضايقوننا ضيقاً. أذنً تلك الأحكام هى ترتيب الله للعالم.
ـــ هل الله يجازى البشر الظالمين ضيقاً؟
ـــ نعم
ـــ لأنه هكذا أحب الله العالم. فأعد له نظاماً وترتيباً وصلاحاً مناسباً له تماماً. ليحفظه من الهلاك والدمار التام. حتى استعلان وقبول أبنه فى كل أحد فى العالم. ليكتمل وقتها استعلان التجديد المذخر لنا جميعاً فى المسيح يسوع. فعلينا أذن نحن الروحيين القبول التام لهذا الترتيب الألهى المعلن فى تلك الأحكام التى بها أراد الله أن يحفظ العالم لأنه أحبه جداً.
سوستانيس
الأخ المحترم سوستانيس :-
ـــ هل الله يجازى البشر الظالمين ضيقاً؟
لا.والف لا لأنه فى هذه الحالة سيكون الله يرد الشر بالشر.انى اؤمن ان البشر الظالمين قد خرجوا بكامل ارادتهم عن دائرة نعمة الله وبالتالى اصبحوا لقمة سائغة فى يد الشيطان الذى بالتأكيد سيسبب لهم كل الضيق.ولن يكون الله هو المتسبب فى الضيق
الأخ الحبيب فى الرب عماد نبيل.
أولاً: لستُ أنا القائل بأن الله هو الذى يجازى الظالمين ضيقاً, بل الأنجيل.
ثانياً: نحن نؤمن بأن الله يضبط الكل الظالم والمظلوم.
ثالثاً: الله لا يترك العالم لقانون الطبيعة والقصور الذاتى, لأن الله قد احب العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به يو٣
وهذا يؤكد بأن الله لا يقف موقف المتفرج من أحكام القضاة وحياة البشر المليئة بالشرور أيضاً. فأن أشترك الله فى حياة البشر, فهل يشترك فى شرورهم أيضاً؟ لا… لأنه قد شابهنا فى كل شئ فيما عدا الخطية وحدها.
رابعاً: لا يوجد لهذا الكون إله صالح وخير, وآخر إله شرير ينتقم بالشرور. لأنه لا يوجد سوى إله واحد صالح وكامل الصلاح , وبيده يضبط الأخيار والأشرار معاً.
خامساً: الله ليس مصدراً للشر. فالشر من أختراع البشر, كما يؤكد ذلك القديس اثناسيوس الرسولى فى كتاب تجسد الكلمة.
سادساً: التعبير الأنجيلى يجازيهم ضيقاً, لا يعنى أبداً بأن الله هو مصدر الضيق, ولكنه يعنى بأن الله لا يعطل عدالة البشر التى أرادها الله فى ذات الوقت لحفظ هذا العالم البعيد بأرادته – أى بأرادة العالم- عن النعمة والخلاص , حتى يعود إلى حضن أبيه.
ولاحظ أيضاً أن الأنجيل لم يقل بأنه يجازيهم ضيقاً من لدنه أي من عنده. فالله ليس عنده ضيقاً يرسله للبشر. ولكنه تدبير الله لحفظ العالم. أذن الحديث هنا عن تدبير الله لخلاص البشر وليس عن ذات الله. وهكذا يجازى الله ظالمينا ضيقاً لأنه إله صالح وعادل ويضبط الكل بيمينه العاليه التى لا يعلوها يد ظالم.
سابعاً: الضيق هنا الواقع على الأشرار هو النتاج العادل من أجل الذى يتسببون فيه للآخرين. وهذه هى عدالة البشر الخاضعة للزمن والتى ارتضاها الله للعالم , فهى عدالة زمنية تناسب زمنية هذا العالم.
– أما أن سألت عن عدالة الله المطلقة؟
– أجيبكَ … بأنه يجب تعطيل الزمن اولاً لنتدارك حكمتهُ وعدالتهُ التى فاقت كل خيال وتصور. ما أبعد أحكامهُ عن الفحص وطرقهُ عن الأستقصاء. رو ٣٣:١١
ثامناً: أما عن كيفية مجازاة الله لهؤلاء الأشرار؟
أجيب … بأن الله يستخدم المحاكم البشرية والقوانين والدستور والاعراف واللوائح التى ينشأها البشر بأنفسهم ليجازى هؤلاء ضيقاً جزاءً عادلاً لأفعالهم الشريرة, وإلا أفنى العالم بعضه البعض.
وهكذا يضبط الله العالم حتى كمال أستعلان التجديد فى كل بشرى إن أراد ذلك… لأنه إله صالح يريد أن الكل يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون.
أأمل أن أكون قد أجبتكَ عزيزى عماد.
وإلا عاود الكَرة مرة أُخرى . وأكتب النقاط التى ترى أنها قد سقطت من أجابتى اليكم. وليبارك الرب نشاطكم وغيرتكم من أجل مجد أسمه.
الأخ الحبيب فى الرب سوستانيس
انا اختلف معك فى نقطتين
(1) ليس كل ما ذكر عن الرب يؤخد بالنص الحرفى والا سيكون الله كلى القدرة والقداسة يندم وينعس وينام فأذا قيل انه يجازى الظالمين ضيقا فأنا اثق وهذا مستند الى اراء الأباء انه معناها كما شرحت انا سابقا
(2)انا اؤمن ان الله وهو كلى القدرة يترك العالم لقوانينه الطبيعية ولا يتدخل فيها ولكن ارجو ان لا تفهمنى انى اقول انه لا يستطيع التدخل- حاشا – بل لا يتدخل الا بطلب البشر ولكنه لا يفرض التدخل وانى مؤمن تماما ان عدالة الله تختلف تماما عن عدالة البشر واعتقد ان هذا يتضح من مثل فعلة الكرم والأبن الضال
Dear Dr Bebawy,
Peace and Grace of Our Lord Jesus be with you. I respect your view.
Having said that, let me please discuss this very point about Stephen forgiving his persecutors.
Stephen forgave those who persecuted him…and he had every right o do that. Its was his own life..
Now, you are suggesting that me, you and other forgive the killers of the youth who were killed cowardly in Naga Hamadi…
Let me ask, are we in a position to forgive here? Did we have anything to do with the lives of those who were killed? Are we sitting in the Judges seat and absolving the killers of others?
Let me disagree wit you this very time.
I can only forgive a person who sinned against me. I am not in a position to forgive a person who sinned against you…or others..
Once, prophet Jeremiah cried to the Lord – Jeremiah 11:20 But, O Lord of hosts, You who judge righteously, Testing the mind and the heart, Let me see Your vengeance on them, For to You I have revealed my cause.
If I am the mother or the father of the young youth who were killed in Naga Hamadi, Alexandria, Omrania or Samalout, I will be crying with Jeremiah to show God’s jealousy regarding His church, His own body…
I wish you well.
Faith
أخى الحبيب فى الرب عماد
أولاً: لم تفرق فى ردك الأخير بين ما هو من ذات الله, وما هو من تدبير الله لخلاص البشر!!
فالله لا يندم ولا ينعس ولا ينام لأنه ليس من صفات ذات الله الندم والنعاس والنوم . ولكنها من صفات الأنسان الواقع تحت ظروف الزمان والمكان, ولكن فى ذات الوقت الله ينام ويتعب ويجوع فى الأستعلانات التدبيرية المعدة لخلاص البشر, لأن الله هو مدبر الخلاص, فهو الهدف والطريق فى ذات الوقت. وبهذة الطريقة دخل الله لعالم الأنسان ليكون له الطريق والحق والحياة.
فهل أدركت الأن عمق الفرق بين الأثنين؟!
فهل أردت أن تتكلم عن صفات ذات الله؟ أم عن تدبير الله لخلاص البشر؟
وهذا الخلط للأسف وقع فيه العلامة أورجينوس, ولكن القديس أثناسيوس الرسولى قد أعاد ضبط المفاهيم العقائدية مرة أخرى على أساس أرثوذكسى حياتى واقعى, بعيداً عن الأنتهاج الفلسفى الذى أنتهجه العلامة أورجينوس والذى مهد لظهور الأريوسية.
وعلى ماسبق يكون:
١- لا يمكن لله أن يجازى الظالمين ضيقاً, لأنه ليس من صفات الله أن يجازى الظلم بالضيق, لأنه كلىّ المحبة والرحمة واللطف, فهل صار الله ظالماً ليجازى الظالمين ضيقاً؟ حاشا ( ليس الله إنساناً فيكذب. ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل. أو يتكلم ولا يفى.) عدد ١٩:٢٣
٢- ولكن فى ذات الوقت الله يجازى الظالمين ضيقاً بالفعل لأن هذة المجازاة من أساسيات خطة الله لخلاص البشر, فالله هو مدبر الخلاص ولا أحد غيره, فهو الأب المعتنى والمهتم والحارس لأولاده فى كل مراحل استعلان خلاصهم , ولا يتركهم أبداً, مهما حدث بل ويدافع عنهم وهم صامتون ويحميهم وهم نائمون, ويدبر لهم كل صلاح فى العالم ليسلكوا فيه. أف ١٠:٢ فلا يستطيع أحد أن يأخذهم من يده.
فأى خلاص هذا الذى فيه يترك الله العالم للظالمين يعثوا فيه فساداً بلا ضابط ولا رقيب. وهذا يذكرنى بصلاة وطلبة قديمة سمعتها مراراً وتكراراً من أجدادى ( يحفظك حارس اسرائيل الذى لا يغفل ولا ينام.) فالله هو حارس اسرائيل, واسرائيل هو الإنسان المجدد لحساب تدبير الخلاص. فالله هو ضابط الكل وهذا إيماننا كما يقرر ذلك قانون الأيمان. فلاشئ فى العالم يحدث بدون أذنه, فيمين الله ممسكة بكل شئ فى العالم.
ثانياً: أما أن صحت مقولتكم ( بأن الله يترك العالم لقوانين الطبيعة….. ولا يتدخل إلا بطلب البشر.) فهذا يعنى بأن الطبيعة هى الأله الحقيقى لهذا العالم وللأسف هذا إيمان الكثيرين من البشر الملحديين.
أذن صديقى يجب علينا أولاً أن نتأكد من أن الله لا يترك العالم بل يضبط كل شئ بيمينه العالية.
– فهل تستطيع أن تقبل قانون الطبيعة الذى لا يعرف المحبة ولا الرحمة قانوناً لحياتك؟
أذن يمكن لنا أن نهلك بقانون الطبيعة قبل أن نفكر فى طلب الله ليتدخل ليحمينا من الهلاك والعودة إلى العدم. ولكن ثقتى بأن الله يضبط كل شئ بمحبته, وها يا صديقى فى حياتى وحياتك وحياة الكثيريين, الكثير من الأمور التى تفوق الطبيعة وقوانينها. والتى لا تكشف عن شئ سوى محبة الرب لنا ضابط الكل.
لذلك أرجوا منك أن تقرأ الأنجيل من هذا المنطلق, لينكشف لك محبة الرب التى تكسر قوانين الطبيعة والمنطق, ليتأكد لى ولك عمق وأصالة محبته للبشر. وهو فى ذلك لا ينتظر ليطلب البشر منه التدخل, لأن أرادة الله فوق أرادة البشر, وليس العكس. فالله لا ينتظر أذناً من أحد ليتدخل, فلا أرادة لنا فى ذلك مطلقاً. ( لأن من عرف فكر الرب أو من صار له مشيراَ …. لأن منه وبه وله كل الأشياء.) رو ٣٤:١٣-٣٦
ثالثاً: إن إيمانك بأن عدالة الله تختلف إختلافاَ تاماً عن عدالة البشر, تخلق مشاكل وأسئلة كثيرة يجب عليكم الأجتهاد لأيجاد حلول لها :
١- أذا اقرينا بالأختلاف التام بين العدالتين, وبناءً عليه يكون العدل البشرى هو الحاكم للعالم أو هو العدل المفعل لحكم العالم منذ خلقته حتى يومنا هذا, لأن نسبية العالم الشرير تقف مانعاً لتمتعه بعدالة الله المطلقة . فهل تقبل هذا؟ بل هل يقبل الأنجيل هذا؟
٢- فعلى أى أساس تحيا الكنيسة اليوم أسرارها ؟ هل بحسب عدالة البشر أم بحسب عدالة الله المطلقة والتى للأسف لا يمكن تطبيقها بسبب واقع العالم النسبى المتعارض تماماً مع المطلق؟
فكيف أذن يخلص هذا العالم بعدالته أم بعدالة الله الغير محققة فى الواقع؟!
٣- وبهذا الفصل بين العدالتين يتحول الله إلى خيال ووهم, يحيا فى عزلة المطلق. فهل تقبل هذة النتيجة ايضاً؟
٤- فأن كان هذا هو الحال, فبأى من العدالتين تجسد ابن إلانسان؟ أبحسب العدالة الناقصة ؟ أم بحسب العدالة الغير محققة فى هذا العالم لشروره؟ فالجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله!
٥- يوحنا الحبيب يؤكد بأن الله ( كان فى العالم وكون العالم به ولم يعرفه العالم ) يو ١٠:١ فالله لم يترك العالم بحسب هذا النص الأنجيلى, فعلى أى اساس كان الله فى العالم؟ فإلى أى من العدالتين خضع وجود الله فى العالم؟
٦- فهل لكم ان تشرحوا النص الأنجيلى ١بط ٢٣:٢ ( الذى إذا شتم لم يكن يشتم عوضاً, وإذا تألم لم يكن يهدد, بل كان يسلم لمن يقضى بعدل.)! فالمسيح هنا سلم لمن يقضى بعدل! فأى عدل هذا الذى قبله الرب يسوع ليسمى عدلاً ! فهل نرفض نحن عدالة قبلها المسيح؟ بل ودعاها الأنجيل قضاءً عادلاً !!
كم أأمل أن نكون نحن متيقظين لأن الفصل بين العدالتين ينشأ مشاكل لاهوتية كثيرة أكثر بكثير مما ذكرت, ولكننى أكتفى بهذا القدر لضيق الزمان والمكان, لكى اعطى الفرصة للصلاة بالذهن وبالروح والحق, حتى لا ينفصل واقعنا المعاش عن ما نؤمن به. وإلا دخلنا كلنا إلى حالة هيلولية لا تمس واقعنا بشئ. فتنحسر المادة بعيدةً عن الله, ليهلك الجسد وإلانسان بقوانين الطبيعة والنسبية, وينتهى وجود الله إلى حالة خيالية ليكون هو اللاموجود لنسبيتنا, ليدعى بعد ذلك الحاضر الغائب!
أخى الحبيب فى الرب سوستانيس
فهل أدركت الأن عمق الفرق بين الأثنين؟!
أنا شايف إن الكلام متناقض جدا لأن حسب ما تعلمتوا إن مايصنعهوا الله لا يتناقض مع ذاته ( ارجو الرجوع لكتاب كوستا بندلي الله و الانسان و المصير
وكتاب دكتور هاني مينا الله والانسان والكون المادي )
ثالثاً: إن إيمانك بأن عدالة الله تختلف إختلافاَ تاماً عن عدالة البشر, تخلق مشاكل وأسئلة كثيرة يجب عليكم الأجتهاد لأيجاد حلول له
ارجو الرجوع لكتاب دكتور هاني السابق الواضح فيه الفرق بين عادلة الله و عدالة البشر الواضح في مثل الابن الضال ومثل الفعله وصاحب
الكرم وارجو التركيزعلى مفهوم العدل بمعنى يعدل أي يرجع الشيء إلى اصله وليس بمعنى الانتقام الواضح فكلامك
اسف لتأخرى عن الحوار, وهذا لأننى قد عملتُ بنصيحتك لى , وقمتُ بقراءة كتاب الله والشر والمصير لكوستى بندلى, ولم يسعدنى الحظ لأجد كتاب الله والأنسان والكون المادى ل د. هانى, ولكننى وجدت كتاب آخر له وهو العدالة الألهية. وأسمح لى هنا ان أقوم بعرض بعض النصوص منها للأهمية, وأنا هنا مجرد ناقل أمين لهذه النصوص الهامة وهى:
١- ولكن الله, لكونه الخير المطلق والمحبة المطلقة, لا يمكنه أن يكون حياديًا حيال الشر الناتج عن محدودية مخلوقاته, كما توحى العبارة القائلة بأنه ” يسمح” بهذا الشرّ …
كلا, فالشر نقيض الله ولا يمكن أن يقف منه الله موقف الحياد, إنه طعنة له فى الصميم …
٢- لكن الله ليس معاديًا للشر فحسب, إنه مقاوم له أيضًا, هذا ما يشير إليه وجهـا السرّ الفصحىّ: صليب وقيامة …
٣- إن احتجاب الله الظاهرى عن الخليقة ( كى يدعها تكون, كى لا يذيبها ذاته ) مقرون بحضور خفىّ فى قلبها, حضور لولاه لما كانت أصلاً ولما استمرت فى الوجود…
٤- هناك مبدأ واحد للوجود:
ليس من مبدأين للوجود, إنما هناك مبدأ واحد, وهو الله الذى هو بطبيعته ملء الخير والصلاح. فى النظرة الكتابية, ليس الشيطان صنوًا لله, ليس إلهًا بل مخلوقًا.
٥- الخليقة, من حيث أنها تستمد وجودها من الله, إنما صالحة فى الأساس.
٦- الشياطين هى أيضًا ليست بطبيعتها شريرة, كتب القديس مكسيموس المعترف, ولكنها صارت هكذا باستعمالها الردئ لملكاتها الطبيعة.
٧- أن السلوك المنحرف نفسه يوظف طاقات إيجابية ينبغى تحريرها من انحرافها وتوجيهها فى طريق الخير والبنيان.
٨- وقد كتب القديس يوحنا السلّمى بهذا الصدد:
{ رأيت نفوسًا نجسة هائمة هيامًا شديدًا بعشق الأجسام. ولما أخذت تحفظ التوبة استفادت من تجربة العشق إذ نقلت غرامها على الرب وعلت فوق كل خوف وذاقت حب الله ذوقًا لا يشبع. ولهذا لم يقل ربنا للزانية أنك خشيت كثيرًا بل أحببت كثيرًا. وهكذا تمكنت أن تدفع عشقًا بعشق }.
٩- نرى أن الشر, على فداحة واقعه المدمرّ, ليس جوهريًا…
١٠- إنه مجرد كيان طفيلى يعطّل الخير ويشوهه وينحرف به عن مساره …
ولكنه لا يحيا إلا من زخمه …هذه الرؤية تتطلب منا يقظة حادة وحذرًا وتمييزًا …
١١- بأن محبـة الله ليست أمـرًا يمكـن للإنسان أن يستخـف به دون أن يلحقـه ضرر, وكأنهـا من باب الترف والكمـاليات…
١٢- أمـا إذا رفـض الإنسان التجـاوب مـع الحب الإلهـى, فيعـتـرى الله حينـذاك ما يشبـه الحـزن البشرى.
١٣- الله يعـلو على اقتـداره هـذا لأنـه محبـة تحتـرم بصـورة مذهلـة, حـرية المحبـوب, إلى حـدّ القبـول بمعاناة رفضـه الكامـل, القاتـل, لهـا…
١٤- من لا يؤمن به فقـد دين… وكـأن الله قـد حكـم عليـه, لأن صيغـة المجهـول هنـا, كما فى مواضـع أخـرى من الإنجيـل, تشير إلى الله…
١٥- ليس المقصـود بـ” غضـب الله” أن محبّـة الله تتحـوّل فى وقت من الأوقـات إلى رغبـة فى الانتـقـام ممن يخـالف…
١٦- إن رفضـهـم لهـذا الحب, ورفضـهـم فقـط يحـوّله بالنسبـة إليهـم من نـدى منعش إلى نـار لاهبـة شبيهـة بتلك التى أحـرقت سدوم…
١٧- أن الله لا يقتـل فى سبيـل التـأديب.
بالطبع هناك من نقاط أخرى كثيرة ولكنها لا تشكل محل خلاف, وهذا البحث يحتاج إلى تكميل , فأننى اقترح أضافة كتاب القديس أثناسيوس الرسولى لأبونا متى المسكين, وهذا الكتاب يعتبر من أمهات الكتب الأرثوذكسية. وربما اضفنا كتب أخرى فى المستقبل لتكميل البحث على الوجه الأكمل. وسوف نهتم بالفصل السابع من هذا الكتاب المعنون ب معرفة الله فى ذاته, ومعرفة الله فى الخليقة. فإلى لقاء قريب مع القديس اثناسيوس الرسولى فى هذة النقطة الهامة.
الاخ الحبيب سوستانيس
اولا لا تتناقض صفات ذات الله لا تتناقض مع تدبيره الخلاصي ومع افعاله وما يصنعه قد تتناقض ظاهريا لا جوهريا في العهد القديم من احداث العنف لكن هذا الى حين حيث اتى السيد المسيح في العهد الجديد و اعلمنا في افعاله و في مشاعره حتى في حزمه مع الباعة في الهيكل وعدم اذاهم بصفات قلب وذات الله كاملة و عدم تناقضها مع افعاله و محبته الشديدة للبشر الفاعلة فيهم التي تغيرهم لينموا في النعمة ليكونوا على مثاله حتى لاعتى المجرمين والخطاة الذين يمكن ردهم لكن هنا تختلف النظرة و المشاعر حيث نظرة المسيح و المسيحية والمسيحيين الحقيين انهم مرضى يعانون هم ومن يدفعهم لارتكاب جرائمهم ينبغي تأديبهم تأديب محبة انسانية لهم و النضال الانساني اللاعنفي ضد من دفعهم كما حدث من قبل المسيح مع من لطمه من انتهار و مع رؤساء الكهنة من نضال و توبيخ لافعالهم علانية
ثانيا الله يضبط امور على المستوى العام والنهائي لكنه يسمح للاشرار بارتكاب شرورهم الى حين وكذلك يسمح لنا باخيار طريقنا و تفصيلات حياتنا و كذلك لا يرضيه العدل البشري القصير الرؤية الناتج عن تقصير البشر و ظلمهم و غنى البعض الفاحش و فقر الاخر المدقع و عدم تعليمهم لينشأوا في جو يساعد على الجريمة حتى بعد محاكمته لا يلتفتون الى تقويمه روحيا أو نفسيا فقط على الاقل بل يلتفتون الى نتيجة افعاله و يتجاهلون سببها و مصدرها الداخلي و يريحون انفسه بتعذيبه بقسوة وانتهاك كرامته و اعدامه بوحشية نحن لا نطالب ان يأخذوا اوسمة ونياشين كما قال احد الاخوة الكرام بل ان يتم اصلاحهم و تأديبهم و تقويمهم هم ومن دفعهم لذلك
ثالثا ليس معنى عدم تحقيق عدل الله الانساني على الأرض اننا نعيش في عالم خيالي غير واقعي منفصلين عن العالم الواقعي او ارض الواقع فالمسيح جاء ليعيش و ينادي بمبادئ سامية غاية في الرقي و الانسانية ليعلمنا ان انحيا مثله او على الاقل نحاول بنعمة روحه القدوس و نرجو تحقيقها على ارض الواقع و ندعو لذلك حتى لو رفض البشر او قالوا انها غير واقعية او مستحيلة لأنهم لم يذوقوا حلاوتها أو اختبروها كما حدث مع المسيح نفسه حتى ان كثيرين من تلاميذه رجعوا الى الوراء
رابعا مسألة فصل الدين عن الدولة هذا شئ ينبغي ان يتم لكن ينبغي ايضا الا نقع في خطأ فصله عن المجتمع و الاخر و الوطن والانسانية وعزله في اطار ضيق مبتور من عقيدة ذهنية تدفعنا للسلبية والتواكل و الايمان بنظرية القضاء و القدر في كل الاشياء
نحن نصلي ان يتعذى اهل الشهداء فهم في فردوس النعيم مع حبيبهم المسيح و ان يقتح الله ذهن قاتليهم ليتوبوا و يرجعوا عن طريقهم نعم نطالب بردعهم ليعتبر غيرهم لكن في اطار نظرتنا الانسانية العميقة البعيدة المختلفة عن نظرة العالم كما قلت من قبل على انهم مرضى ينبغي الحد من شرهم و تكيف العلاج لهم و مكافحة اسباب الجريمة في المجتمع و توعيته وتعليمه و رفع مستواه المادي و النضال ضد الفساد السياسي
حبيبنا فى الرب.. الأخ كيرلس غطاس
أولاً
لك كل الحق فى مقولتك الصائبة … بأنه لا تناقض بين صفات الله وبين تدبيره الخلاصى وأفعاله.
ونكمل فنقول بأنه ليس بتناقض ولكنه تمايز, فعقيدة الثالوث أساساً قائمة على اقرار التمايز, ونفى التناقض, ففى الثالوث لا تناقض البتة لا فى صفاته ولا فى أعماله.
ولكن من الطبيعى أن تكون صفات ذات الله متمايزة عن أقرارات تدبير الله لخلاص البشر الزمانيين والمكانيين, ومن أجل الأضطرار الزمنى والمكانى فالتمايز واقع لا محالة.
وهذا العرض بالطبع ليس من أفكارى الخاصة فى شئ, ولكنه من أساسيات وضعها المعلم العظيم القديس أثناسيوس الرسولى, أثناء معالجته لخطأ فادح أرتكبه أريوس. فقد أستخدم بعض عبارات وأفكار مبتورة لأوريجانوس, لم يعنى نتائجها ولم يبلغ مداها أوريجانوس نفسه.
فحقاً ثغرات القانون الوضعى .. لم يقصدها ولم يعنيها المشرع ذاته.فأن أردت يوماً التهرب من جزاء عقوبة القانون, فأنت لا تحتاج إلى تغييره, بل تحتاج لدراسته وللألتفاف حوله, والبحث عن ثغرات لم يعالجها المشرع بجزاء.
ومن أجل منفعة أكبر وأعمق فلنقرأ أذن الفصل السابع من كتاب أثناسيوس الرسولى لأبونا متى المسكين, وهو بعنوان معرفة الله فى ذاته ومعرفة الله فى الخليقة, قراءة متمهلة متأملة لندرك سوياً بأن أثناسيوس الرسولى قد ميز تميزاً واضحاً بين صفات الله فى ذاته, وبين تدبيره الخلاصى من أجل البشر, لأننا مخلوقين من أرادة الله وليس من جوهره. وبهذا التميز الرائع الأختبارى عالج أثناسيوس مشكلة أنشئها سوء فهم وخلط أريوس بين الأثنيين.
ولهذا كان لازاماً على أريوس أن يقر بأزلية الخليقة, كما أقرها من قبله أوريجانوس. لأنه لا يمكن أن تظهر صفة الخلق فى الله فجأة تحت الأضطرار الزمنى, أما أثناسيوس فقد عالج هذا الخلط بحكمة أختبارية, وليس بأتباع مناهج فلسفية كما فعل أريوس, فميز بين معرفة الله فى ذاته .. معرفة تفوق الزمن, وبين معرفة الله فى الخليقة .. معرفة عبر الزمان, وإلا صار الأختبار نفسه مستحيلاً.
ويذكر أبونا متى المسكين.. بأن هذا الموضوع من أهم وأخطر المواضيع التى خاضها القديس أثناسيوس.
وأما من ناحية أعتقاد أريوس فهو يؤمن بأنه لا يمكن أدراك الله بدون أدراك صفاته, ومن أهم صفات الله الخلق, فصفة الخلق ملازمة لله, لا يمكن أدراكه بدونها, فأنها أمر حتمى لمعرفته, وبهذا يكون العالم مستمداً لوجوده من وجود الله وأزليته, أى يصير بالتساوى فى ذات جوهر الله.
ومن قبله وقع أوريجانوس فى ذات المحظور- دون قصد ودون هرطقة- ليقول بأن الخليقة هى أيضاً أزليةً بأزلية الله.
ويتشكل خطأ أوريجانوس بأنه حصر الله فى مجرد وجود أى فى طبيعة موجودة لا تعمل عملاً سوى وجودها.
وبهذا فقد ألغى أوريجانوس إرادة الله وفعل كلمته المؤثرة فى خلق موجودات أخرى من العدم, لأن الزمن قد بدأ, ولا عودة لنقطة اللازمن, أى نقطة البداية.
وحينما جاء أريوس أستخدم – مقولات أوريجانوس الغير هادفة لهرطقة ما – وقام بتوظيفها بسوء نية لتفتيت الثالوث عن ذات الجوهر الواحد.
وللحديث بقية.
الرب يباركك. مقال رائع
مقال رائع الكل يستاءل عن العنف في العهد القديم و ذلك الجواب افادني و انار لي بصيرتي اؤيدك بشدة ربنا لا يناقض صفاته واؤيد انه ترك للناس التصرف تحت ظروفهم الحياتية اشكرك و الرب يباركك